جوان صديق كردى شيعى متزوج من سيدة مسلمة سنية صومالية؟!طبعا الغربة تجمع المشارق والمغارب بشكل يثير الابتسام,التقى الأثنان على ارض دولة اوربية فى أحدى معسكرات طالبى اللجوء هو هاربا من صدام وهى هاربة من صومال,تزوجا وأنجبا اطفالا,تعرض جوان لأزمة ما جعلته يبحث عن تطمينات روحانية ,سلام داخلى, ذهب صاحبنا الى المركز الأسلامى فى المدينة التى يعيش بها بحثا عن كتاب لتعليم الصلاة فجوان لايعرف كيف يصلى ويخجل ان يسال زوجته,دخل جوان برجله اليمين الى مكتب مدير المركز,كانت مفاجأة كادت أن تطير صوابه,فالرجل النحيف الملتحى ذو الجلباب القصير مدير المركز معرفة قديمة!
تعود معرفة جوان بمدير المركز ذو الاصل الجزائرى الى أيام معسكر طالبى اللجوء ,فلقد كان سماحة الامام لصا مشهورا على سن ورمح,متخصص بسرقة الهواتف النقالة الملابس الحلى الذهبية,بالواقع كان اشبه لمندوب مبيعات يذهب اليه الزبون ويطلب منه بغيته,فتأتيه بعد عدة ايام بنصف الثمن,عرف سماحة الامام ظلم السجون الاوربية وبرودة زنازينها,ولا أحد يعلم اذا كان تاب الله عليه أم انه حول السرقة الى جهاد فى سبيل الله والمسروقات الى غنائم .
لحسن حظ جوان لم يتعرف عليه الامام القدوة ,وعندما اسرى له بسر مجيئه,غلظ عليه سماحته بالقول وطالبه ان يتحدث العربية التى لايعرف جوان منها الا عبارات قليلة من نوعية الله بالخير وكيفك يا ابا الخ,ارتبك صاحبنا وقال انه لايجيد العربية فسأله صاحب السماحة من اى بلد ومامذهبك فكانت الكارثة اسرى له جوان بفضيحته انه كردى شيعى,فأستغفر الأمام وحوقل وصرفه بغلاظة من مكتبه,قلت له أحمد ربنا أنك خرجت على رجليك حيا ترزق.
ذكرتنى قصة جوان بمرحلة منقرضة من تاريخ حياتى ,عندما كنت صبيا مناكفا كثير التساؤل,وصبيا مناكفا كثير التساؤل فى بلد مثل مصر ,تجعلك منذ صباك مسجل خطر!المهم كنت مرة اسأل أمام المسجد الذى نرتاده للصلاة عن مدى موضوعية قصة الشجاع الأفرع ومدى تشابهها مع قصص تان تان ومغامراته فى بيت الأشباح,لم يكن قصدى أى أستهزاء فلصبى صغير السن لايعرف من الأدب العالمى الا روايات تان تان,ليس مستغربا أن يكون الحاضر بذهنه للمقارنة الا هذه النوعية من الأعمال الأدبية الفذة! لم يرحم الشيخ صبوتى البريئة وصب على رأسى لعنات الدنيا والأخرة مع الأشعار ان فى حد لعب فى راسى.
عندما وصلت القصة الى أبى رحمة الله عليه قال للشيخ: ياعم روق ده عيل صغير كبر دماغك ورد عليه بهدوء ,أنفجر الشيخ غاضبا وقال له انننى أستهزأ بتراث الأمة,صراحة أسقط بيدى فلم افهم حتى معنى كلمة تراث الامة ولم أدرى بما يقصده أننى أعبث بتراثها,تخيلت أن تراث الأمة هو الشارع مقابل المسجد الذى كان يتحول فى عصريات الجمعة الى ملعب لكرة القدم!بعد هذه الحادثة تلقيت تحذيرا شديد اللهجة من وزارة الداخلية ببيتنا العامر أن تساؤلاتى ينبغى أن أحتفظ بها لنفسى والا الويل والثبور وعظائم الأمور.
فكرت وقلت لربما كان افضل لجوان الا يسرى لأحدا بسره الدفين انه لايعرف الصلاة وبسره الأدفن أنه شيعى ,لكنى عدلت عن رأييى وقلت له جوان تعالى نشتكى الراجل ده للمسؤولين عنه ,فقال لاعليك خالص موش عاوز أصلى صرفت نظر!قلت :يارجل عيب عليك أن هدور لك على كتاب وسيبك من ألامام الغازى!