عادل حمودة يكتب:
الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً
شيخ إغواء النساء يصلي بهن مقابل 250 ألف جنيه في ساحة سوبر ماركت
نحن في زمن باع أنبياءه ليشتري جهاز تكييف.. وتاجر بكلمات الله من أجل شريحة تليفون محمول.. واستغل الفرصة ليضارب بإيمان الناس في البورصة.
نحن في زمن يحتاج الدين فيه إلي مليون رجل يمثله ويرتدي ثيابه ويعمل بكلماته حتي يكتشفوا في أنفسهم إبرة ضمير واحدة!
إن العاصي منهم لا يعتذر عن فتوي خاطئة روجها.. أو امرأة عابرة راوضها.. أو أخطاء فاحشة كررها.. فهو ظل الله علي الأرض.. وحصانته جزء من خديعته.. وخطيئته يبررها بشريعته.
كان موهوبا في قراءة القرآن.. يجيد العزف علي حباله الصوتية.. يبرع في تمثيل دور الزاهد.. العارف.. التائب.. الخاشع.. فتبكي النساء خلفه.. تغسلهن دموع ندم علي أخطاء لم يرتكبنها.. تطلب للقلب صبرا علي زوج غائب.. خائن.. يبحث عن جارية أصغر.. وأحلي.. لا تكلفه سوي " زوجتك نفسي علي السيارة المنتظرة أمام الفيللا ".
لكن.. ما أن يغادر المسجد أو النادي أو المسرح حتي تلاحقه النساء ملاحقة النجوم.. وهو يستمتع ويستلقي ويستمني.. فصوت المرأة لو كان عورة فليس علي شيخها.. فالتفويض السماوي الذي منحه لنفسه يبيح له ما يحرمه علي غيره.. فهو من عجينة " بسكويت " وباقي الرجال من زفت وقطران وطين.
لقد أعاد المرأة إلي العصر الجاهلي.. أهان عقلها.. حاصر جسدها.. استنزف أنوثتها.. همش ثقافتها.. وألغي من ذاكرتها أنها تعيش في عصر الأقمار الصناعية والخلايا الجذعية والهندسة الوراثية.. ولم يتعب في إقناعها بأنه مثل الجن بارع في المعاشرة الجنسية.. وكل ما عليها أن تؤمن بالهبة.. أو الوصية.. او الخلعة الشرعية.
لم يكن من الصعب أن تقع في شباكه.. طلب منها الحجاب تحجبت.. وقلب الأمر إلي النقاب.. فتنقبت.. دعاها إلي فراشه.. فجاءت زاحفة.. عجنها عارية فنضجت بسخونتها.. لم تسأله عما يفعل بها في فراشه.. حلال أم حرام؟.. كيف تسأل شيخا يعرف الله عما يفعل؟.. نامت في أحضانه مطمئنة بأن الله يرعي ما بينهما.. لم تصنع وسائد محشوة بالأعاصير ودبابيس القلق وسكاكين الأسئلة.. فالمرأة الصالحة تشنق نفسها في سبيل زوجها.
لكنه.. فجاة.. هجرها.. وضع بينه وبينها سترة واقية من الرغبة.. وختم علي جسمه بالشمع الأحمر.. وعندما أكلها اللهب.. عرفت أنه لم يكن شيخا حقيقيا وإنما شيخ درامي.. اكتشفت أنه أبو لهب.
قالت لي وهي غاضبة لقد تناول الشيطان جسدي.. كذبت حواسي.. وصدقت لحيته.. ولم أكن أتصور أن يرميني عظما وألما.. أن يقول لي : " لم يكن ما بيننا زواجا.. كان مزاحا ".
سقطت مملكة العشق التي صنعها لها.. أصبحت علي المسرح وحدها.. لم يعد يتسلي بكلماته المعدنية.. لم يعد جسمها عنوانا كبيرا يقرأ كلماته.. لم يعد يسكره.. أو يطربه.. أو يدهشه.. ضعفت ذاكرة الشهوة تجاهه.. وخلط بين اسمها واسم الضحية القادمة.
تساءلت : من تكون المرأة الأخري؟.. ما أوصافها؟.. هل ستصدق إيمانه مثلي؟.. هل ستثق فيه كما وثقت؟.. إنني لم أخطئ.. فالمريض ليس من حقه مناقشة الطبيب فيما كتب من دواء.. والمريد ليس من حقه مراجعة الشيخ فيما نطق من فتواه.. لا أحد يجرؤ علي أن يسأل رجلا مثله عن صدق صلواته ومدي حرصه علي إسلامه؟.
سجلت شهادتها بالصوت والصورة.. وأبلغت عنه النيابة.. ومباحث أمن الدولة.. وطلبت نشر قصتها بشجاعة لم أعهدها في مثلها.. ووقعت علي أوراق قانونية تحمّلها كل مسئولية.. كل ما تريده أن تجبره علي الزواج منها ولو لمدة نصف ساعة.. ليدفع ثمن جريمته.. ليتوب عن خطيئته.. كي لا تشعر أنها زانية.. كي تتقيأ الزجاج المكسور والمسامير التي أكلتها من يديه علي أنها شيكولاتة.
لم ترتعش أصابعها وهي تكتب.. ولم يهتز قلبها وهي تروي.. ولم ينهمر الكحل من عينيها وهي تقاتل في معركتها.. ولم تمل من البقاء في غرف الانتظار أو تكرار ما تقول عشرات المرات.. إن المرأة الجريحة في كرامتها ودينها وشرفها يحق لها القتل دفاعا عن العرض ولو كان القتيل رجلا يقول حسبنا الله.
نشرت القصة في موسم كان الشيخ المبكي يستعد لبيزنس الحج.. نصف مليون جنيه يتقاضاها من شركات سياحة الأثرياء.. حيث تحملهم علي كفوف الراحة.. كأنهم في فندق خمس نجوم.. مراتب وثيرة.. أطعمة شهية.. وتليفونات جاهزة لتلقي مكالمات العشيقات ولو علي جبل عرفات.
وحدث فيما بعد أن وجدت نفس الرجل يقف إماماً لنصلي خلفه علي جبل عرفات.. فلم أستطع.. أخذت خطوتين إلي الوراء.. وصليت بنفسي.. ورحت أدعو الله أن ينقذ الإسلام من المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون.. ويعلنون غير ما يبطنون.. ويضللون أكثر مما يرشدون.
فقد الرجل توازنه بعد أن قرأ الناس قصته وعرفوا حقيقته.. شعر بالدوار.. لم يهمه أن يبرئ ساحته أمام الله.. كان همه أن يستعيد ثقة شركات السياحة الدينية.. فاللقمة طرية.. والمكاسب هائلة.. فلم يتردد في نشر إعلان يكذبنا ويكذب المرأة التي ادعي أنه لم يعرفها ولم يسمع عنها.
قالت المرأة أمام سلطات التحقيق : " إنه يسكن في شقة فاخرة في حي راق من أحياء القاهرة الثرية.. ويصلي في مسجد بالدور الأرضي من العمارة.. وما ان تنتهي من الصلاة خلفه حتي تصعد إليه شقته سرا بعيدا عن عيون أمن الدور الأرضي ".
ثم راحت تصف الشقة حجرة حجرة.. وقطعة قطعة.. ورسمت صورة واضحة لها.. وذكرت ملامح في جسده.. ومقاس بنطلونه المختلف عن مقاس سترته.. وما الذي يحمله في حافظة نقوده من أوراق وكروت ائتمانية.. وقرأت رسائل العشق والغرام من تليفونه المحمول.. وبريده الإلكتروني الذي صنعته له بنفسها.. واستخدمه في الترويج لتجارته الصوتية.
كانت امرأة شديدة القوة.. استطاعت استخراج الجمر من ثلج برودة أعصابه.. وأجبرت مياهه الجوفية علي الخروج من صدره والاعتراف بها زوجة علي سنة الله ورسوله.. صحح الخطأ في النيابة.. وساعتها قالت لي "لقد احرقته بنار الثلج الذي حاول دفني فيه " هذا الشيخ ومن كثرة علاقاته نسي في هذا الوقت أن علي ذمته «5» زوجات.
اضطر لأن يطلق اثنتين حتي يتمكن من الزواج بهذه المرأة.
واختفي الشيخ الممثل النجم المؤثر بصوته مثل رشدي اباظة ويوسف وهبي وحسين فهمي.. لم يعد قادرا علي مواجهة مريديه بعد أن فضحت عملته.. لكن.. بيزنس الدين لا يترك بسهولة فرصة للربح ولو كان البطل فاجرا.. عاصيا.. والله غفور رحيم.. ومن كان منكم بلا خطيئة يرجمه بحجر.. وذاكرة الناس أسرع نسيانا من ذاكرة الدجاج.. والآية يمكن أن تنقلب علي من نشر باتهامه بمعاداة الإسلام.. ومحاربة أولياء الله.. والنيل من كرامة رجال الدين.. تعاويذ جاهزة.. يسهل ترويجها.. والناس مستعدة لتصديقها.. لأنها قابلة للخديعة ممن يرتدون ثياب النصيحة.
عاد الرجل إلي التجارة بالقرآن بأساليب مبتكرة سهلها له أشخاص طيبون يبتغون مرضاة الله.. دون أن يدركوا أن الطريق إلي جهنم مفروش أحيانا بالنيات الطيبة.
في سوبر ماركت شهير قرأت بجانب الخزينة إعلانا عن قيام الشيخ نفسه بإمامة النساء في صلاة التراويح التي ستقام في موقف السيارات الذي يسع لأكثر من عشرة آلاف شخص.. والسوبر ماركت تملكه ثلاث عائلات شهيرة بالتجارة والصناعات الغذائية.. وسألت ممثلا عن واحدة منها عن المبلغ الذي يدفعونه للرجل مقابل ساعتين من الصلاة في الهواء الطلق.. فأجاب : " خمسون ألف جنيه وغيرنا يدفع مائة ألف ".. و«غيرنا» المقصود بها صاحب شركة للعقارات تبني مجمعات إدارية وسكنية وعلاقتها بالبنوك وبمنح وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان مثل السمن علي العسل. واضاف : " أما العشرة ايام الأخيرة من رمضان فلها حساب آخر.. الليلة فيها يمكن أن تصل إلي 250 ألف جنيه.. والدفع أحيانا بالدولار.. وهو يهدد إذا لم نستجب لطلباته فإنه سيسافر إلي الخارج ليؤم الأثرياء في بيوت الخليج الذين يمنحونه بجانب المال هدايا ثمينة من الساعات والسيارات والمجوهرات.. والمعروف عنه أنه بجانب موهبته الصوتية في التلاوة خفيف الظل.. يحفظ كل ما تيسر من النكات الجنسية التي يضحك بها الأمراء ما بين نهاية التراويح وبداية السحور ".
وسألت : " ألم يكن من الأفضل أن توزع هذه الأموال صداقات علي فقراء يستحقونها؟ ".. وجاءت الإجابة: " نعم وكان ذلك رأي بعض الشركاء.. لكن البعض الآخر وجد في ذلك دعاية مبتكرة للسوبر ماركت.. تخصم من ميزانية الإعلانات التجارية ".
ضعف الطالب والمطلوب.. وخسر البائع والمشتري.. فبئس هذه التجارة.. ولو ولد كل يوم لها مليون تاجر.