( الحلقة الأولى)
غرائب وقعت في رمضان !!
*في رمضان 787هـ حدث في القاهرة أمر غريب، ولدت إمرأة طفلة لها رأسان كاملان على صدر واحد ويدين ومن تحت السرة تنقسم إلى شكل نصفين في كل نصف ساقان كاملتان، وماتت .. ولم تعش .. ولو عاشت لشهد العصر المملوكي نموذجاً للتوأم السيامي قبل أن يعرف العالم أين تقع سيام..
* والحوليات التاريخية كانت تسجل الغريب من أحداث الشارع الشعبي ،كأنما كان المؤرخون يشترطون على الفرد العادي أن يأتي بالشيء المستغرب حتى يستحق شرف التسجيل مع كبا&;ر رجالات العصر .. وإن لم يكن بمقدور الشخص العادي أن يفرض نفسه على صفحات التاريخ فإن غرائب الطبيعة أرغمت المؤرخين على أن يحولوا بصرهم عن السلطان وحاشيته ويلتفوا حولهم يسجلون أخبار ثورات الطبيعة من سيول وأمطار وعواصف وأوبئة وظواهر بلا تفسير .. ونلتقط بعضها مما حدث في رمضان.
* في 24رمضان 707هـ ذكر المؤرخ ابن كثير أن مطراً قوياً شديداً وقع بالشام في أيامه وذكر أن الناس كانوا مشتاقين للمطر منذ مدة ، فاستبشروا بذلك خيراً ورخصت الأسعار،ولم يتمكن الناس من الخروج للصلاة من كثرة المطر ..
*ونفس الحال تقريباً حدث في القاهرة في أيام المقريزي وسجله في أحداث رمضان 838هـ في سلطنة الأشرف برسباي حيث وقع مطر غزير ودلفت المياة إلى سقف البيوت وسالت المياة من جبل المقطم سيلاً عظيماً وظل الماء في الصحراء عدة أيام ،" ويقول المقريزي "وهذا مما يندر وقوعه بأرض مصر" وصدق في هذا..
ومن المطر إلى العاصفة الشديدة التي هبت على القاهرة ليلة الجمعة 5رمضان 770هـ تلك العاصفة التي أسقطت الزروع والنخيل وأعالي البيوت في القاهرة وأغرقت عدداً من السفن ، وتسبب عنها موت جماعة من الناس تحت البيوت التي تهدمت.. يقول المقريزي "وكان أمراً مهولاً عامة تلك الليلة".
*وكل ذلك مفهوم ويحدث ولكن غير المفهوم هو تلك الواقعة الغريبة التي يذكرها المقريزي في حوادث رمضان807هـ يقول "وفي هذا الشهر ظهر في بر الجيزةعلى شاطئ النيل وفي النيل وفي مزارع القليوبية شبه نيران كأنها مشاعل وفتايل سرج تقد ، ونار تشتعل فكان يرى من ذلك عدد كبير جداً مدة ليالٍ متوالية ، ثم اختفى.. " .!!
أي كانت هناك نار تظهر غامضة على شكل مشاعل ومصابيح موقدة ولهيب مشتعل وفي أعداد كبيرة لمدة ليالٍ متتابعة ثم اختفى كل ذلك .. ولو حدث ذلك في عصرنا لكتبت عنه وكالات الأنباء ، ولتحدث عن ذلك المغرمون باخبار الأطباق الطائرة وأهل الكواكب الأخرى .. ويظل هذا الخبر الذي حدث في رمضان 807هـ أحد الأخبار الغامضة التي رآها وسجلتها الحوليات التاريخية مثل الأجرام السماوية التي كانت تمر على مرأى العين وربما كان منها مذنب هالي ، وكانوا يطلقون عليها لفظ النجوم أو الكواكب ، ولعل المغرمين بأخبار الأطباق الطائرة يعتقدون أنها لا تختلف عن الأطباق الأخرى التي رصدتها كتب السابقين .. علم ذلك عند الله وحده.
*وفي يوم الإثنين 27 رمضان 738هـ وفي سلطنة الناصر محمد بن قلاوون حدثت سلسلة من الغرائب كان اجتماعها معاً سلسلة من الغرابة في حد ذاته ..
يقول المقريزي " أنه في ذلك اليوم هبت ريح سوداء معتمة بناحية الغربية ــ وسط الدلتا ــ وأظلم الجو وسقطت دور كثيرة ثم سقط من السماء قطع سوداء طعمها مر جاءت به الريح من نحو البحر حتى ملأت تلك القطع الطرقات ، وكان بعضها يزن قدر بيضة النعامة وبعضها أقل من ذلك ، وكان الزرع قد قارب الحصاد فلما وقعت تلك القطع الغامضة على الزرع أهلكته وأهلكت معه أغناماً كثيرة ، بل وأسقطت شجرة جميز ضخمة سقطت في نصفها احدى تلك القطع فشطرتها نصفين ، كما لو كانت منشاراً ، وسقطت إحدى تلك القطع على ظهر بقرة فشقتها نصفين ، واتلفت تلك "القنابل المجهولة" زروع ثمانية وعشرين بلداً فجمع الفلاحون زرعها وجاءوا به للسلطان الناصر محمد فأمر والي الغربية أن يكشف تلك النواحي وما حدث فيها ويسقط عنها الخراج .
*وجاء الخبر من قوص بأن السماء إحمرت في شهر رمضان هذا حتى ظهرت النجوم متلونة فكانت تحمر ساعة وتسود ساعة وتبيض ساعة إلى ان طلع الفجر فجاء مطر لم يعهد مثله في تلك البلاد، وجاء الخبر أيضاً بأن أسوان شهدت ريحاً هائلة هدمت عامة البيوت وكثيراً من النخل وهبت ريح أخرى في نواحي قنا فأسقطت ألفين وخمسمائة نخلة مثمرة، وقدم بذلك محضر بيد القاضي فيها .
*وجاء الخبر من منفلوط بأن الفئران تكاثرت فيها فحصدت الزرع حصداً وأتلفت جرون الغلال بحيث كان يذهب ربع الجرن في ليلة واحدة ، فصار الناس يبيتون بالمشاعل طول الليل . وهم يقتلون الفئران ثم يتولى أمر النهار طائفة أخرىوهم لايفترون عن قتله، ثم يحمل ما قتل منه في الشباك كل يوم نحو مائة حمل وشوهد منه عجب وهو أن جمعاً عظيما من فئران بيض خرجوا حتى ملأوا الأرض فخرج مقابلهم فئران سود واصطفوا صفين في أرض مساحتها فدانان ثم تصايحوا وحمل بعضهم على بعض واقتتلوا ساعة وانكسرت الفئران السود وتبعتهم البيض يقتلونهم حتى مزقوهم في تلك الأراضي ،وكان ذلك بمحضر عالم كبير من الناس ، فكتب بذلك إلى السلطان والأمراء فنقص خراج السلطان بناحية منفلوط ستين ألف أردب فول بسبب الفئران .. هذا ما يذكره المقريزي.. وهو إن كان يبالغ فيما يقول فهي غريبة ، وإن كان صادقاً فذلك أغرب .. !! .
**********************