سبق وأن كتبت مقالاً كان عنوانه "السيسي جمع بين عبدالناصر والسادات" لكنني كتبته قبل أن يصبح السيسي رئيساً، لذا أجد أنني قد تسرعت وقتها في كتابة هذا المقال، بدون أن يكون لدي شواهد أكثر توضح حقيقة الرجل "السيسي".
لننظر أولاً إلى ظروف تولي كلا الرجلين للحكم :
- كلاهما تولى الحكم والبلاد غير مستقرة، بل والمنطقة العربية بأكملها لا تعرف الإستقرار، بيد أن ظروف حقبة مطلع خمسينات القرن الماضي كانت أصعب من الظروف التي مرت بها البلاد مع تولي السيسي الحكم.
- كلاهما مثلت جماعة الإخوان المسلمين عقبة وعثرة شديدة لهما في الحكم، بيد أن جمال عبدالناصر نجح في القضاء على خطر الجماعة وإستتب له الحكم، بينما مع كل يوم من أيام السيسي يثبت فشله الذريع في التعامل مع جماعة الإخوان، التي تحقق مع كل يوم جديد، من أيام حكم السيسي، مكسباً جديداً مستحقاً، نظراً لفشل خصمهم، فهو رجل حرب لا رجل سياسة.
- كلاهما تولى الحكم بعد أن حصد شعبية لا مثيل لها، ولكن كان عبدالناصر ذكياً على طول الخط في قدرته على تنمية شعبيته، بينما السيسي يثبت فشله مع كل يوم يمر، فشعبيته تتناقص دوماً، وسيأتي يوم عليها لتكون صفراً، إلا من المحيطين به من المستفيدين والفاسدين.
مما سبق يتضح أن هناك أوجه تشابه لظروف تولي الحكم بين عبدالناصر والسيسي، لكنها جميعاً تنتهي لصالح جمال عبدالناصر، في القدرة على تطويع الظروف، وإختيار الأسلوب الأمثل للتعامل معها.
بقي أن نعرف الآن وجه الخلاف الحقيقي بين جمال عبدالناصر وعبدالفتاح السيسي :
عبدالناصر كان نصيراً للفقراء، أما السيسي فهو نصير الأغنياء :
لم يعد الفقير فقيراً في عهد عبدالناصر، وأيضاً لم يعد الغني كما كان عليه قبل حكم عبدالناصر، فزاد الفقير مالاً وحالاً، وقل الغني مالاً وحالاً.
أما في عهد السيسي، فقد إزداد الفقير فقراً وبؤساً وشقاءاً، وزاد الغني من ماله وحاله أكثر !
مقارنات سريعة :
1- وضع عبدالناصر الدعم للفقراء : السيسي رفع الدعم عن الفقراء.
2- جاهر عبدالناصر بخلافه مع أمريكا : السيسي أتى بمحافظ للإسكندرية أمريكي الجنسية.
3- عبدالناصر كان قائداً للأمة العربية : السيسي ليس بقائد وإنما هو تابع لدول الخليج.
4- عبدالناصر أمم قناة السويس : السيسي سلم قناة السويس للبنك الدولي ولشركة فرنسية.
5- إستعان عبدالناصر بسياسيين في الحكم : السيسي لم يستعين إلا بالعسكريين حتى في السياسة.
6- عبد الناصر كان صاحب مشروع نهضة : السيسي لا يمتلك أي رؤية إجتماعية أو إقتصادية.
7- الشعب كان أولى إهتمامات عبدالناصر : الإعلاميون ورجال الأعمال هم أولى إهتمامات السيسي.
8- كان للمصريون بالخارج كرامة في عهد عبدالناصر : لم يعد للمصريون بالخارج كرامة في عهد السيسي.
في النهاية أقول :
إستمر حكم الزعيم/ جمال عبدالناصر، لأنه كان نصيراً للشعب، فناصره الشعب، فإستمر حكمه إلى وفاته، وظلت ذكراه العطرة باقية، أما السيسي فأنا أشك بأن يستمر حكمه في ظل عزوف الشعب عنه، ونظراً لعدم ثقتي بقدرات الإعلاميين ورجال الأعمال، وهما الطبقة التي يناصرها السيسي بكل ما أوتي من قوة، فلن يستطيعوا المحافظة على عرش السيسي !.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت