سويسريون يكتشفون آلية إصابة الخلايا بالفيروسات
تمكن باحثو المعهد الفدرالي السويسري للتنقية في زيورخ من التوصل إلى الآلية التي تتبعها الفيروسات لاختراق الخلايا وكيفية تتسببها في نشر الأمراض بالجسم، ما سيسهل مستقبلا البحث عن أساليب الوقاية والعلاج.
وقال رئيس فريق الباحثين للجزيرة نت البروفيسور آري هيلينيوس "إن الاكتشاف يسير في نطاقين متوازيين، الأول هو التوصل إلى آلية لمراقبة كفاءة عمل جدران الخلية، التي تمثل أول أنواع الوقاية ضد جميع الأمراض سواء تلك التي تنتقل عبر أجسام غريبة أو الأمراض التي تنشأ نتيجة تلف بعض مكونات الخلية، وبالتالي يمكن التعرف على أسباب وجود مكونات غير صحيحة تؤثر فيما بعد على وظائف الجسم".
في المقابل يهتم النطاق الثاني -حسب هيلينيوس- بالكشف عن "آلية اختراق الفيروسات جدران الخلايا" حيث توصل الباحثون السويسريون لوجود جزء في جدار الخلية يتحكم في درجة حموضتها، و"كلما زادت نسبة الحموضة كلما تهيأت الأجواء المناسبة لاختراق الفيروس جدران الخلية والتسلل إليها".
مراقبة وتحذير
ويؤكد هيلينيوس أهمية التوصل إلى آلية مراقبة عمل جدران الخلية، "إذ يمكن من خلال تلك الآلية التعرف على الإنزيمات والهرمونات غير السوية قبل الدخول إلى الخلية، ما يساعد على حماية دورة الحياة داخل الخلية قبل تسلل البروتينات غير سليمة التركيب إليها".
كما يرى أن آلية المراقبة التي تم التوصل إليها يمكن تطبيقها أيضا في متابعة مكونات الخلية ما سيساعد في الكشف المبكر عن الخلل الذي يمكن أن يطرأ عليها، وبالتالي يمكن الوقاية من التلف الذي يصيب الخلايا ويؤدي إلى الإصابة بأمراض مثل السكري على سبيل المثال.
وقد كرمت سويسرا آري هيلينيوس (الفنلندي الأصل) ومنحته جائزة مارسيل بينوا لعام 2007 بقيمة مائة ألف دولار، والتي توصف بنوبل سويسرا في الكيمياء، تقديرا لجهوده في التوصل إلى تلك النتائج، التي يعتقد العلماء أنها "تمهد الطريق نحو آلية جديدة لعلاج الأمراض الفيروسية المستعصية".
ورأت لجنة التحكيم أن أبحاث هيلينيوس وفريقه العلمي والنتائج التي توصلوا إليها هي نجاح فتح أفقا جديدا في دراسة علم الخلية من ناحية وآلية عمل الفيروسات في الجسم من ناحية أخرى، كما نوهت اللجنة إلى أهمية ربط الأبحاث بأكثر من مجال "ما يعطي بعدا جديدا للبحث العلمي التطبيقي وتعميم الاستفادة".
فيروسات تتطور ويرى هيلينيوس أن مكافحة الفيروسات باتت من أهم المشكلات العويصة التي تواجه الطب الحديث بسبب "تعرف الفيروسات بشكل تلقائي مثير للدهشة على نقاط ضعف الخلايا وتطوير آليات اختراقها"، حتى يصل الأمر أحيانا إلى تخفي الفيروسات في أشكال مختلفة لخداع أجهزة المناعة في الجسم، وهو ما يفسر عدم قدرة الأطباء على القضاء على أنواع مختلفة من الفيروسات المسببة لأمراض مثل التهاب الكبد الوبائي وإنفلونزا الطيور والحمى الصفراء وغيرها.
كما يعتقد بعض العلماء أن نجاح الكشف السويسري يعود إلى التعامل مع الفيروسات انطلاقا من النظر إليها على أنها طفيليات تعتمد في حياتها على التسلل إلى الخلايا والتعايش مع محتوياتها، لذلك كان التفكير في البحث عن نقاط ضعف الخلية بدلا من التركيز فقط على مطاردة الفيروسات.
ويقول آري هيلينيوس "إن أبحاث الخلايا تستحوذ على اهتمام واسع في السنوات الأخيرة، وتشعبت الدراسات المتعلقة بها في مجالات مختلفة".
لكن بعض العلماء ينظرون إلى دراسة الخلية على أنها نوع من التحدي، ويعتقدون أن حصولهم على الخلية القوية سيمكنهم من بناء إنسان حسب مواصفاتهم، لكن سر "الروح" يبقى اللغز الذي لم يتمكن أحد من الاقتراب منه