أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، أنها تعتقد أن موقع "ويكيليكس" الإلكتروني لديه وثائق سرية لم ينشرها حتى الآن. وأشارت إلى أنها تدرس حاليًّا الاستعانة بنظم حماية بطاقة الائتمان؛ لمنع تسريب أية معلومات حساسة مستقبلاً.
وصرَّح المتحدث، الكولونيل دايف لابان، باسم البنتاجون -في تصريحات أوردها راديو "سوا" الأمريكي، صباح اليوم الأربعاء- أنه من المحتمل أن "ويكيليكس" ما زال لديه وثائق سرية لم ينشرها، مضيفًا: "لدينا أسباب للاعتقاد بأن لديهم وثائق أخرى"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وأوضح أن البنتاجون يدرس استخدام ضوابط مماثلة لتلك التي تطبقها شركات بطاقات الائتمان، لرصد أي سلوك غير سوي لمنع تسرب معلومات حساسة مماثلة لتلك التي سربها موقع "ويكيليكس" عن حرب العراق.
وكان موقع "ويكيليكس" قد كشف نحو 400 ألف تقرير من الملفات الأمريكية السرية عن حرب العراق، في أكبر تسريب من نوعه في تاريخ الجيش الأمريكي، مشيرًا أيضًا إلى أن في حوزته حوالي 15000 وثيقة، ومقطع فيديو حول الحرب في أفغانستان.
وقد دافع مؤسس الموقع، عن قيامه بنشر مئات الآلاف من الوثائق السرية الأمريكية المتعلقة بحرب العراق.
وقال أسانج: إن الهدف من نشر هذه "التفاصيل الدقيقة" عن الحرب هو كشف حقيقتها أمام العالم.
وفي تقرير نشره موقع إذاعة الـ"بي بي سي"، السبت الماضي، قال نقلاً عن موقع "ويكيليكس": إن القيادة العسكرية الأمريكية في العراق كانت على علم بانتهاكات حقوق الإنسان وأعمال التعذيب التي كان المعتقلون يتعرضون لها في السجون العراقية؛ لكنها فشلت في التحقيق فيها.
كما تشير الوثائق إلى أن مئات المدنيين العراقيين قُتلوا على حواجز التفتيش، التي أقامتها القوات الأمريكية في أعقاب غزو العراق عام 2003. وأكثر من 109 آلاف مواطن عراقي قُتلوا في الفترة بين 2004 و2009، بمن فيهم 66,081 مدنيًّا، و23,984 ممن يوصفون بالأعداء، و15,196 من أفراد قوات الأمن العراقية، و3,771 من جنود التحالف.
وقال موقع "ويكيليكس" -في بيان له- إن الوثائق التي تمتد من عام 2003 حتى عام 2009 تعرض بالتفصيل مقتل 66081 مدنيًّا في الحرب العراقية.
فضيحة سجن أبو غريب ما زالت ماثلة في الأذهان
وذكر "ويكيليكس" في بيانه: "توجد تقارير عن قتل مدنيين بشكل عشوائي عند نقاط تفتيش، ولمعتقلين عراقيين يعذبون على يد قوات الائتلاف، وعن جنود أمريكيين يفجرون مباني مدنية بالكامل، بسبب وجود متمرد واحد مشتبه به على السطح".
كما تكشفت الوثائق عن حادثة وقعت في يوليو 2007 قُتل فيها 26 شخصًا، نصفهم من المدنيين، عندما أطلقت طائرة عمودية الرصاص باتجاه الضحايا. ووقوع حوادث قتل لمدنيين عراقيين في نقاط تفتيش للجيش الأمريكي وخلال عمليات ميدانية.
وتظهر وثيقة أخرى، إطلاق الرصاص من طائرة "أباتشي" أمريكية على رجلين كانا قد أطلقا قذائف "مورتر" على قاعدة عسكرية في بغداد، إلا أن الوثائق تظهر أن إطلاق الرصاص على الرجلين تم برغم محاولتهما الاستسلام.
وتظهر الوثيقة تسجيلاً بين فريق الطائرة "الأباتشي"، يسأل محاميًا ما إذا كان من الواجب قبول استسلام الرجلين، وكان الرد هو عدم قبولها، وأنه يمكن إطلاق النار باتجاههما.
وقال جوليان أسانج، مؤسس "ويكيليكس": إن الوثائق أظهرت أدلة على ارتكاب جرائم حرب، وهو ما نفاه البنتاجون.
وقال أسانج، في مقابلة مع قناة "الجزيرة": إن الوثائق قدمت مادة تكفي لإقامة 40 دعوى قضائية لجرائم قتل غير مشروع.
دور الحرس الثوري الإيراني في الاغتيالات
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقتطفات من الوثائق، تشير إلى دور الحرس الثوري الإيراني في عمليات الاغتيال والتفجيرات في العراق.
وتشير الوثائق إلى اعترافات معتقلين تلقوا تدريبًا في إيران، وإلى أسلحة عثرت عليها القوات الأمريكية، مصدرها إيران.
كما تذكر الصحيفة، أن دور فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني في دعم وتسليح الميليشيات العراقية، كان هدفه إشعار الأمريكيين بأنهم لا يسيطرون على الوضع في العراق.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية: إن تقارير المخابرات العسكرية التي نشرها موقع "ويكيليكس" تذكر بشكل مفصل المخاوف الأمريكية من قيام عملاء إيرانيين، بتدريب وتسليح وتوجيه فرق إعدام في العراق.
وأشارت إلى تقرير، بتاريخ 31 أكتوبر 2005، أوضح أن فرق الحرس الثوري الإيراني "توجه عمليات اغتيال برعاية إيرانية في البصرة".
تجاوزات شركات الأمن الأمريكية
ونشر "ويكيليكس" "وثائق جديدة عن ضحايا الشركة الأمنية الأمريكية الخاصة "بلاك ووتر" من المدنيين".
وحسب الوثائق، تلقت القوات الأمريكية شريطًا مصورًا لعملية قتل أحد المعتقلين من قِبل ضباط عراقيين في أحد السجون، في بلدة تلعفر في شمالي العراق، وأنها تسلمت أحد الضباط المتورطين في عملية القتل، وأن قوات التحالف كانت تتبع سياسة تجاهل هذه الحوادث أو تسليم المتهمين بهذه الانتهاكات إلى الحكومة العراقية.
وتؤكد إحدى الوثائق، أن الجيش الأمريكي كان على علم بهذه التجاوزات، إلا أن الوثائق التي رصدت هذه التجاوزات أرسلت إلى قادة القوات الأمريكية، بعد أن كتب عليها تعليق يطلب عدم اتخاذ أي خطوات على ضوئها.
كما تشير إلى شك الأمريكيين في أن ضباطًا عراقيين، قاموا بقطع أصابع معتقل عراقي وحرقه باستخدام الحامض.
من ناحية أخرى، أدانت وزير الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، "أي تسريب قد يعرض حياة أمريكيين للخطر".
كما حذر الأمين العام للحلف الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، في برلين من تسريبات "ويكيليكس".
وقال راسموسن، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "هذه التسريبات مؤسفة للغاية، ويمكن أن تكون لها عواقب سلبية جدًّا لجهة سلامة الأشخاص المعنيين".
وطلب البنتاجون، الذي أعلن سابقًا عن تكليف 120 شخصًا لتقييم النتائج المحتملة لنشر المستندات، من وسائل الأعلام عدم تسهيل تسريب هذه المستندات.
ولم يكشف "ويكيليكس" عن مصدر الوثائق التي نشرها حتى اليوم، إلا أن شكوكًا حامت حول، برادلي مانينغ، المحلل في شؤون الاستخبارات العسكرية الأمريكية، الموضوع رهن الاعتقال العسكري.
وقال موقع "ويكيليكس": إنه سينشر قريبا 15 ألف وثيقة جديدة عن الحرب في أفغانستان، بعدما جرى فحصها وتدقيقها.
وقال متحدث باسم الموقع، في لندن: إن وثائق العراق تمت مراجعتها لإخفاء أسماء الأشخاص، وإلا "تتضمن أي معلومات تضر بالأفراد".