بسم الله الرحمن الرحيم
للتأمــل (01)
كتاب : ( سنة الله في غير المسلمين )
لمؤلفه الأستاذ: خميس بن راشد العدوي.
(1)
... فقد جاء الإسلام رحمة للعالمين، ولم يقصر رحمته على المؤمنين به ، ولا على البشرية وحدها، وإنما تعدى ذلك فشمل الكائنات قاطبة، وهذا ما يليق بدين إلــهي أنزله رب السماوات والأرض، وهو ما ينبغي لرسالة عالمية خالدة....
(2)
... وإنما هو دين الفطرة الكونية، أصبح لا يمكن أن يتصور إسلام بدون عالمية، ولا عالمية بدون إسلام..... قال جل شأنه: (وما هو إلا ذكرٌ للعالمين). القــلم 52.
( إن هو إلا ذكر للعالمين).التكوير 27. ( إن هو إلا ذكر للعالمين).الأنعام 90.
(3)
... إذا كان الإسلام في صميمه عالميا، فهل صحيح أنه يحاكم الناس في الدنيا على معتقداتهم، فيستأصل أرومة من لم يدخل فيه ، بإبادة خضراء الناس وطمس غبرائهم، فهم إما داخلون فيه، وإما أعداؤه الذين يشنّ عليهم حربه الماحقة؟ إن العقل السليم مع الدين الصحيح يحكمان ببطلان ذلك، ولكن لا نلوم غير المسلمين إن نظروا إلى ديننا هذه النظرة العجفاء الهزيلة، فقد اختلط لديهم فعل المسلمين وفكرهم مع الدين الإلهــي السمح، ففعل المسلمين - وكذلك فكرهم- حكمته الكثير من الأهواء والظروف، فهو له وعليه.
(4)
... أما دين الله فقد جاء مبرأ من كل عيب مطهـّــرا من كل نقيصة، متساميا عن كل غـلّ وغيلة. إنه لا يسحق الناس بل يهديهم إلى صراط مستقيم، ولا يحفر لهم في بطن الأرض قبورا مظلمة، بل ينير لهم على ظهرها طريقا لاحباً، ويسهل لهم إلى الحق دروبا مستقيمة.
(5)
... والله فاطر البشر وخالقهم يعلم أن القلب المكره لا يورث إيمانا بل نفاقا، والفعل الذي يولده هذا القلب لا يخرج حسنا ناهضا بالكون يزين ردهاته وينير معالمه ، وإنما يفرز قبحا ينتن منه العالم وشياطين تعيث في الأرض فساداً.
(6)
... وبالفعل فإن المعتقد معضلة فكرية فشلت كل الفلسفات والنظريات في علاجها ولن تفلح في ذلك أبداً، لأنها مبتوتة الصلة عن خالق الوجود الروف الرحيم اللطيف الخبير. ولن يحل هذا المشكلة إلا دبن الله، فقد حوّل قضية الإيمان برمتها إلى علاقة بين الخلق وخالقهم، فهو من يحاسبهم ويجازيهم، فلا واسطة بينهم من كاهن أو حبر أو شيخ ، وكل ما وضعه الله بين يدي المؤمنين هو علاج العلاقة المتبادلة بين الناس، سواء على المستوى الإجتماعي أو الإقتصادي أوالسياسي أوالعسكري ونحو ذلك. أما العلاقة بين الله والناس فقد اختص بها بنفسه يوم يؤمون بين يديه. : ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا). الكهف 49.
(7)
... إننا قد دخلنا مرحلة زمنية تحوّل فيها الكون المترامي الأطراف إلى قرية صغيرة، ولكن لـلأسف تقاربت أقطابها وتنافرت قلوب ساكنيها، ولذلك باتت البشرية في أمس الحاجة لما يخرجها من ضيق دنياها إلى سعة دنياها وأخراها، ولا يكون ذلك إلا بالإصلاح الإسلامي، ولا يكون هذا الإصلاح إلا بإصلاح منطق أهله الفكري والدعوي.
(8)
... إن هذه العقيدة النقية السمحة ترفض أن تحيل أمر الإيمان إلى البشر،ليفتحوا لمن خالفهم معتقدهم محاكم تفتيش أو جمعيات إبادة أو جماعات قتل وتصفية جسدية.
(9)
الإنسان خليفة الله في الأرض
يتميز الإسلام بوضوح الرؤية في نسب الإنسان، فالناس كلهم من آدم، وآدم من تراب، فلا عنصرية تتمزق بها الأعراق الإنسانية، ولا قومية تهلك الحرث والنسل، قال الله تعالى: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) .الحجرات 13.
(10)
... والإنسان ممنه وكافره من آدم، الذي جعله الله خليفة في الأرض، ومن حق أبناء آدم جميعهم أن يمارسوا خلافتهم على ألأرض، وكل واحد منهم مسؤول عن ممارساته في الحياة، ولا يجوز لهم أن يسفك بعضهم دم بعض لاختلاف المعتقد، إن من تستقر في قلبه آيات بدء الخليفة الإنسانية لا يجد بدا من التسليم للمنهج الإلهي الذي جعل سائر الكائنات ومنها الملائكة تسجد لهذا الإنسان الذي سيخطئ ويغوى، ولكن كلمات الله كفيلة بأن ترد البشرية إلى الدين الحق، لو استطاع المؤمنون به عرضه بصفائه ونقائه ، لا بأهوانهم وغرائزهم المتركبة على الإفساد في الأرض وسفك الدماء...
*************