إن سياق هذه السورة سورة مريم، معرض للانفعالات والمشاعر القوية . . الانفعالات في النفس البشرية، حتى يتسنى لنا فهم عمق هذا المقطع الاية 2 إلى الآية 11من السورة
" وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "

محمد صادق في الأحد ٢٥ - يناير - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً

 

" وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "

إن سياق هذه السورة سورة مريم، معرض للانفعالات والمشاعر القوية . . الانفعالات في النفس البشرية، حتى يتسنى لنا فهم عمق هذا المقطع الاية 2 إلى الآية 11من السورة، يجب علينا أن نعيش مع الكلمات بحيث نضع أنفسنا فى مكان النبى زكريا ونتتبع أحداث القصة فبذلك نستطيع أن نغوص فى معانى الكلمات بإنفعالات ومشاعر الذى كان النبى زكريا يمر بها قبل النداء وبعده.

قبل الدخول بعمق وتعايش مع النص أود أن أقدم مقدمة تساعد على الفهم وتربط الأحداث مع بعضها.

إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) (سورة آل عمران 35 - 38

من هنا نجد الترابط بين الأحداث وهى تسير بتسلسل طبيعى منسجما مع الإنفعالات النفسية البشرية. فنجد هذا الترابط يبدأ بالمسؤلية التى كلف الله سبحانه نبيه زكريا تبدأ من رؤية النبى زكريا قدرة الله سبحانه المطلقة بين الخلق والرزق ... " وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38).

هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ،  هنالك تدل على الزمان والمكان الذى بدأت مشاعر وإنفعالات النبى زكريا تتحرك تجاه القدرة فى الرزق وفى هذه الحالة شعر النبى زكريا بأن الله سبحانه له مطلق القدرة أيضا فى الخلق مما أدى النبى زكريا إلى هذا الدعاء وربما كان يعانى من عدم وجود ولى له من بعده. فجاء بهذا الدعاء الذى بدأ بذكر رحمة الله سبحانه مما يعطى دلالة على رحمة الله الذى أسبغها ربه عليه.

ومن هنا يمكن أن نحلل لماذا أمر الله نبيه زكريا بكفالة مريم، وهذه الكفالة هى مسؤولية فى حد ذاتها كبيرة وخصوصا أن الله سبحانه يدبر الأمر بأن مريم سيكون لها شأن عظيم وخاصة أنه سبحانه إصطفاها مرتين وسوف تكون آية من آيات الله الكبرى فى الخلق. من هذا الربط استطيع أن أقول أن هناك محبة ورضا وصدق فى عبادة النبى زكريا لربه وقوة إيمانه فعلى ذلك كلفه الله سبحانه بهذه المهمة العظيمة. وكما قلت سابقا لودخلنا على نداء أو دعوة النبى زكريا بتدبر فى صياغة الكلمات والأخذ والرد بينه وبين الله سبحانه نشعر بالحب المتبادل والرحمة التى أغدق بها ربه عليه فكان الدعاء فيه ما يحث على أن الله سبحانه سيستجيب له. وبالرغم من ذلك بدأ النبى زكريا فى التحاور مع الله سبحانه ليس لعدم إيمانه ولكن ليطمئن قلبه كما جاء فى الطلب الذى أثاره إبراهيم عليه السلام فى سؤاله " أرنى كيف تحى الموتى " بالرغم من إسلام إبراهيم وصدق إيمانه ولكن الجواب دائما " ليطمئن قلبى " وهى أساس الإيمان بالله واليوم الاخر طواعية ليس قهرا حتى يكون الإسلام والإيمان عن صدق وإخلاص وثبات لا يتزعزع مع تقلبات النفس والقلب.

تعالوا ندخل على نداء النبى زكريا ونتدبره سويا لنرى كيف نستنتج منه دروس وأداب الحوار مع الله سبحانه وكيف كان جواب الله سبحانه لهذا النداء:

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) مريم 2 - 11

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا

والظل الغالب في الجو هو ظل الرحمة والرضى والاتصال . فهي تبدأ بذكر رحمة الله لعبده زكريا" ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا " وهو يناجي ربه نداء: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. ويتكرر لفظ الرحمة ومعناها.

متى كانت هذه الرحمة؟ في الوقت الذي نادى فيه ربه نداءً خفيا.

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا، قَالَ رَبِّ

إنه يناجي ربه بعيدا عن عيون الناس ، بعيدا عن أسماعهم . في عزلة يخلص فيها لربه ويكشف له عما يثقل كاهله ويكرب صدره ويناديه في قرب واتصال:(رب . .) بلا واسطة حتى ولا حرف النداء " يا ". إن الله سبحانه يسمع ويرى، فما فائدة الدعاء، النبى زكريا يحاول أن يشكو لربه عما يثقل كاهله ويضيق صدره ويناديه فى قرب ومحبة فهذا الدعاء هو راحة نفسية ليلقى ما لم يستطع أن يحققه بنفسه فيلقيه على من هو اقدر منه حتى يستريح قلبه ويطمئن. (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) ليريحوا أعصابهم من العبء المرهق ولتطمئن قلوبهم إلى أنهم قد عهدوا بأعبائهم إلى من هو أقوى وأقدر.

ووَصْف النداء هنا بأنه: "نِدَآءً خَفِيّاً" مريم: 3 لأنه ليس كنداء الخَلْق للخَلْق، يحتاج إلى رَفْع الصوت حتى يسمع، إنه نداء لله تبارك وتعالى الذى يستوي عنده السر والجهر، وهو القائل: " وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ اجهروا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور"  الملك: 13، ومن أدب الدعاء أنْ ندعوَه سبحانه كما أمرنا: "ادعوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً"الأعراف: 55

وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا

وزكريا يشكو إلى ربه وهن العظم . وحين يهن العظم يكون الجسم كله قد وهن . فالعظم هو أصلب ما فيه . ويشكو إليه اشتعال الرأس شيبا . والتعبير المصور يجعل الشيب كأنه نار تشتعل ويجعل الرأس كله كأنما لتشمله هذه النار المشتعلة فلا يبقى في الرأس المشتعل سواد، كلاهما كناية عن الشيخوخة وضعفها الذي يعانيه زكريا ويشكوه إلى ربه. 

وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا

ثم يعقب زكريا على ندائه " وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا"  معترفا بأن الله سبحانه عَوَّدَه أن يستجيب له، وخوفا من أن الولى الذى سيرثه لا يكون على قدر من المسؤلية فى ألا يقوم على تراثه بما يرضاه . وتراثه هو دعوته التي يقوم عليها وعلى تراث آل يعقوب. فأما ما يطلبه فهو الولي الصالح  الذي يحسن الوراثة ويحسن القيام على تراثه وتراث النبوة من آبائه وأجداده. لذلك صور النبى زكريا أمله فى أن الوريث الذى يرجوه .. " وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا " لا جبارا ولا متبطرا ولا طموعا وخاصة لفظة الرضا هنا لها مغزى قوى.

يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ

هنا لحظة الاستجابة في رعاية وعطف ورضى . . فالرب ينادي عبده : " يَا زَكَرِيَّا " ويعجل له البشرى " إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ " ويغمره بالعطف فيختار له اسم الغلام الذي بشره به: "اسْمُهُ يَحْيَى". وهو اسم غير مسبوق: " لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ".

وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا

كلمة عتيا ، لفظة قليلة الإستعمال فالله سبحانه ذكر هذه الكلمة مرتين فى القرءآن الكريم فلننظر اين ذكرت :

  ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا "سورة مريم 69"

ذُكِرَت المرة الثانية فى نفس السورة وقد وضحت معنى عتيا كَبُر وجاوز الحدَّ من العُمْر، وأيضا على نفس السياق  اِسْتَكْبَرَ وَجَاوَزَ الْحَدَّ فى الكفر.

بعد أن قدم النبى زكريا حيثيات النداء:" قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا"

يأتي الرد: "فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ" الأنبياء: 90  ونلاحظ أنه تعالى قبل أن يقول: "وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ" التي ستنجب هذا الولد، قال: "وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى"الأنبياء: 90، فصلاح الزوجَة ليس شرطاً في تحقُّق هذه البشرى وحدوث هذه الهبة.
وهنا مظهر من مظاهر طلاقة القدرة الإلهية التي لا يُعجِزها شيء، فهو سبحانه قادر على إصلاح هذه الزوجة العاقر، فالصنعة الإلهية لا تقف عند حَدٍّ، لذلك أصلح الله تعالى لزكريا زوجه حتى لا نظنَّ أن يحيى جاء بطريقة أخرى، والزوجة ما تزال على حالها.

قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا

(قَالَ) أي: الحق تبارك وتعالى "كذلك قَالَ رَبُّكَ " أي: أنه تعالى قال ذلك وقضى به، فلا تناقش في هذه المسألة، فنحن أعلَم بك وما أنتَ فيه من كِبَر، وأن زوجك عاقر، ومع ذلك سأهبك الولد.
وقوله تعالى: "هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ" وفي آية أخرى يقول في آية البعث: " وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ" الروم: 27،  فلا تظن أن الأمر بالنسبة لله تعالى فيه شيء هَيِّن وشيء أَهْوَن، وشيء شاقّ، فالمراد بهذه الألفاظ تقريب المعنى إلى أذهاننا.
والحق سبحانه يخاطبنا على كلامنا نحن وعلى منطقنا، فالخَلْق من موجود أهون في نظرنا من الخلق من غير موجود، كما قال الحق سبحانه تعالى: " أَفَعَيِينَا بالخلق الأول بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ" ق: 15.
إذن: فمسألة الإيجاد بالنسبة له تعالى ليس فيها سَهْل وأسْهَل أو صَعْب وأصعب، لأن هذه تُقال لمَنْ يعمل الأعمال علاجاً، ويُزوالها مُزَاولة، وهذا في إعمالنا نحن البشر، أما الحق تبارك وتعالى فإنه لا يعالج الأفعال، بل يقول للشيء كُنْ فيكون: " إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"يس: 82.
ثم يُدلّل الحق سبحانه وتعالى بالأَقْوى، فيقول: " وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً".

آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا

علامتك أَلاَّ تُكَلِّم الناس ثلاث ليال و(أَلاَّ) ليست للنهي عن الكلام، بل هي إخبار عن حالة ستحدث له دون إرادته، فلا يكلم الناس مع سلامة جوارحه ودون عِلَّة تمنعه من الكلام.
لذلك قال: " ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً " أي: سليماً مُعاَفىً، سويّ التكوين، لا نقص فيك، ولا قصور في جارحة من جوارحك. وهكذا لا يكون عدم الكلام عَيْباً، بل آية من آيات الله.


فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا

إذن: حدثتْ هذه المسألة لزكريا وهو في(المحرَابِ) أي: مكان العبادة والصلاة، وقد وردتْ هذه اللقطة من قصة زكريا عليه السلام في آية أخرى دَلَّتْ أيضاً على أن البشارة بيحيى كانت وهو في محرابه، حيث قال تعالى: " فَنَادَتْهُ الملائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المحراب أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى......" آل عمران: 39

أي: قال لهم بطريق الإشارة؛ لأنه لا يتكلم " أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً " بُكرة: أول النهار، وعَشياً: آخره، يعني: طوِّقوا النهار بالتسبيح بداية ونهاية. وكأن زكريا عليه السلام قد بدتْ عليه علامات الفرح والإنبساط بالبُشْرى، ورأى أن شُكْره لله وتسبيحه لا ينهض بهذه النعمة، فأمر قومه أنْ يُسبِّحوا الله معه، ويشكروه معه على هذه النعمة.

أختم هذا البحث المتواضع بقولى " والله أعلم " وأرجو أن أكون وفقت وإن أخطأت وهذا وارد فأدعو الله سبحانه:

 لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا " ."

وصدق الله العظيم ...

اجمالي القراءات 14957