شعب دوجون هم قبائل تعيش في دولة مالي في غرب أفريقيا، وحسب الموسوعة الحرة أعدادهم الآن ما بين نصف مليون إلى 800 ألف شخص، وأن مناطقهم تعد من الجذب السياحي لدولة مالي، والمأثور في ثقافتهم الرقص بالقناع تقرباً للآلهة كما هو موضح في الصورة
https://www.pinterest.com/pin/530298924848405862/
وبيوتهم في العادة من الطين مبنية على النمط الأفريقي غير متعدد الأدوار، يعلو السقف مظلة من القش، كما هو موضح في الصور
http://sacredsites.com/images/africa/mali/dogon-village-500.jpg
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/7/70/DogonVillage.jpg
http://www.crystalinks.com/dogoncliff.jpg
يرى بعض الباحثين أن أصولهم مصرية مهاجرة ، استوطنت ليبيا فترة ثم هاجرت إلى مالي ، ويرى آخرون أن أصولهم موريتانية أو بوركينية هجروا بلدانهم الأصلية لشيوع الجفاف أو هرباً من الغزو في القرن الخامس عشر الميلادي، ورأي آخر يرجح أن شعوباً سكنت مناطقهم قبل قدوم شعب الدوجون في القرن الثاني قبل الميلاد، والدليل على ذلك هو اختبار بعض الرفات المستخرجة وقياس عمرها بالكربون المشع.
أي وارد أن يكون للدوجون أصول ضاربة في القدم منذ آلاف السنين، وهذا يفتح باب الاحتمال أن تكون قد تغيرت أديانهم أكثر من مرة على أن عاداتهم ظلت كما هي، فمعنى وجود رفات قديمة قبل الميلاد يعني صعوبة فصل الشعب القديم عن الحديث مع عدم يقين بأصولهم هل هي شرقية مصرية أم غربية أفريقية.
يرى الباحث حمدي الراشدي أن الختان في شعب الدوجون مرتبط بنظرية الخلق لديهم، وسأنقل بالنص مقاله المنشور في موقع الذاكرة..
" عند شعب دوغون (dogon) في دولة مالي بدأ الامر منذ البداية مع الإله أمما (Amma) الذي خلق النجوم من الطين ثم رماهم الى الاعلى. الشمس كانت كرة طينية ملتهبة تحيط بها حلقات من النحاس. القمر كان ايضا مثل الشمس ولكن الخالق حماه بالنار فترة اقصر مما فعل مع الشمس. الارض كانت ايضا قطعة من طين وكانت منطرحة على ظهرها، عندما رآها الله (Amma) قرر ان يضاجعها. ولكن فرجها انفتح وظهر منه بظرها مدورا ليتتطاول الى ان يصل الى وجه الله عز وجل، لذلك قام الله امما بقصه، ليكون التطهير الاول للمرأة.
نتائج المضاجعة الاولى مع الارض لم يكن توائم كما كان الله يتمنى ولكن ولد لهم ضبع. غير ان الله لم يفقد الامل، لقد اعاد المحاولة من جديد لتولد له الارض هذه المرة توائم مع بعض اسمهم نومو (Nummo) وكانوا لنصفهم على شكل الحية. لقد اعطوا امهم العارية تنورة من جلدهم، عليها كان مكتوب الكلمات الاولى من اللغة الاولى.
الله (أمما) فقد الامل ان يستطيع خلق بشر على شاكلته من خلال مضاجعة الارض، فقرر ان يصنع بنفسه زوج من شبهائه من الطين. اولاد هذه المخلوقات كانوا يخلقون ولهم جهتين احداهما ذكر والاخرى انثى. فقط بعد عملية التطهير بقص اللحمة الزائدة للعضو الذكري وقسم من البظر في مهبل المرأة عندها يصبح كل منهما ذكر وانثى منفصلين ونقيين طاهرين
أسطورة الخلق عند شعب دوغون طويلة للغاية ومعقدة وتفاصيلها يعرفها فقط الكهنة، ولكن جوهرها قائم على توضيح صعوبة خلق انسان كامل وبدون اخطاء. وحتى عندما اضطر الله ان يخلقه بنفسه لم يستطع ان يخلقه كاملا، لقد اضطر الله ان يزعن للواقع ويطلب من الانسان ان يقص النقص الذي لم يستطع الله معالجته. من هنا جاءت عادة التطهير لإصلاح عجز الله."..انتهى
والمعنى أن الختان هو عادة دينية لديهم عن يقين باستحالة خلق إنسان كامل، وأن قطع أو تعديل الأعضاء الذكرية هو لاستكمال هذا الخلق وسد العجز الإلهي..
وكعادة أين دين بدائي فهم ينظرون للأسلاف على أنهم آلهة، والأسلاف هم الموتى..ومن هذا المدخل جاء تقديس الموتى في كل الأديان، وبالطبع ورث ذلك المسلمون اعتماداً على استحالة رجوع الميت للحياة مرة أخرى كي يتأكد الناس من قدسيته، وبما أن هؤلاء الأسلاف كانوا يفعلون الختان فأعمالهم مقدسة.
في بوركينا فاسو كان الختان منتشر إلى أن كافحه الزعيم البوركيني.."توماس سنكارا"..في ثمانينات القرن الماضي، والبوركينيون امتداداً لشعوب الدوجون إما للجوار وإما للأصول التي قد تكون في أصلها واحدة ، أما قصة انتقال هذه العادة لمصر الفرعونية فهي قصة غامضة وفي تقديري أنها ترتبط بذات الخلفية عند الدوجون وهي استحالة خلق إنسان كامل، ولكن عندما جاء علماء المسلمين ووجدوا هذه العادة ظنوا أن القطع هو للتكريم أو للطهارة.
في الحقيقة يصعب تصوّر الخلفية الكاملة لانتشار هذه العادة في مجتمعات المسلمين، إلا أن الإنسان منذ نشأته ولديه اهتمام بأعضائه التناسلية، وتوجد شعوب حتى الآن لا زالت تقدس هذه الأعضاء وتعقد لها محافلاً تقديراً للخصوبة وللآلهة التي أنعمت عليهم بهذه النعمة، ويوجد مدخل مهم لشيوع هذه الآفة وهي .."التقليد"..فكل دين يأتي على مجموعات قديمة من الثقافات والعادات، فإن لم تواجه تعاليم الدين الجديد هذه الثقافات والعادات فهي تبقى كما هي ..فقط تأخذ يقين جديد مع الاحتفاظ بنفس الشكل والمضمون.
وهذا يعني أن المسلمين لم يروا في دينهم نصوصاً تمنع الختان ، فظنّوا أن عدم المنع هو قبول ضروري من وجه الاعتراف، وفي تقديري أن هذه هي المرجعية التي حملت فقهاء المسلمين على نشر هذه الآفة التي يتضح بشكل مباشر ارتباطها بأديان متعددة الآلهة أو تنسب العجز والقصور لهم، مع العلم أنه ومنذ ستة سنوات في مصر أصدرت دار الإفتاء فتوىً تحرم هذا العمل وتصف الختان بالبدعة المستحدثة، وهي إحدى مراجعات الفقهاء في الآونة الأخيرة نزولاً لضغط السياسة والحضارة، فلم تكن داء الإفتاء تمنع الختان إلا بعد أن سنّ البرلمان المصري قانوناً لحظره..