الأركان العشر للحب الحقيقي

شادي طلعت في الإثنين ٠٨ - ديسمبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

من الحب ما قتل ومن الحب ما بني ومن الحب ما هدم، وفي كل الأحوال تكون النتيجة سببية لحدوث حالة من الحب، الذي يأتي كلص خفي صامت، يخطف القلب إلى حيث لا يدري ولا يعلم، لكنه يسير معه في هدوء، غير مبالي بالنتيجة، وغير عالم بنهاية الطريق، فقد تكون في نهايته السلامة وقد تكون الندامة وقد تكون مرحلة الذهاب بلا عودة، فماذا إن إختلفت النهاية إذاً سلباً أو إيجاباً، وقتها سنتفق جميعاً، أن النتيجة السعيدة نتاج حب، ولكننا لن نتفق في أن النتائج السيئة كانت نتاج حب.

بالتأكيد إن الحب قد يكون زائفاً، ولكن ما هي علاماته، وإن عرفنا علامات الحب الزائف فكيف إذاً علامات "الحب الحقيقي".

ما كتب كلمة أو جملة مفيدة يوماً، إلا وكنت بها مقتنعاً تمام القناعة، وما إقتنعت بشيء قط، إلا بناء على أسباب علمية وواقعية، فلطالما كنت حياً، أفضل أن أعيش في الواقع لا مع الأحلام، وبالتالي ستكون كلماتي إما من تجارب شخصية، أو من تجارب عايشتها وكنت منها قريب، والحقيقة أن الحديث عن "الحب" ليس بالأمر اليسير، فسيظل هذا الأمر حديث البشرية حتى قيام الساعة، لأنه حالة روحانية خلقها الله، حتى تكون الحياة مودة ورحمة، وكتابي هذا سيكون حول "الحب الحقيقي" هذا الشعور المتبادل بين الرجل المرأة، والذي أراه لا يستقيم إلا بأركان عشر، فإن سقط إحداها، سقط الحب الحقيقي، لذا سأستعرض رؤيتي، علها تكن قبساً من نور لمن يقرؤها.

أولاً/ المشاعر المتبادلة، الحب الحقيقي لا يكون له وجود إلا إذا كان متبادلاً بين الرجل والمرأة، فإن كان من طرف واحد فقط، فإنه قد يكون حباً، ولكن ليس بالحب الحقيقي.

ثانياً/ البناء، لا يكون الحب حقيقياً، إلا إذا كان بناءاً لا هداماً، فإن كان أداة لهدم أحد الطرفين، فإنه إبتلاء لا حب.


ثالثاً/ الشوق، لا يكون الحب حقيقياً، إن لم يكن الشوق شعوراً وإحساساً متبادلاً بين الطرفين، فالشوق يظل موجوداً، حتى أثناء اللقاء.

رابعاً/ السعادة، وهي أمر مختلف عن الشوق، فهي حالة تأتي دون سبب، لمجرد سماع صوت أو لقاء، أو رؤية صورة، أو مروراً بمكان له ذكريات، أو عبوراً بأي موقف يجدد الذكرى الجميلة، إن السعادة ركن من أركان الحب، وكلا الطرفين تكون غايته في الدنيا فقط إسعاد حبيبه.

خامساً/ الأمل، لقد خلق الإنسان في كبد، تلك حقيقة، ولكن.. من يجد رفيقه أو حبيبه في الدنيا، فستهون عليه مصاعبها وآلامها، فالحب أكبر باعث للأمل، ومن يحب حقاً، لا يعرف لليأس طريقاً، ليس من أجل نفسه، ولكن من أجل من أحبه.

سادساً/ العطاء، ليس الحب أخذاً وعطاءاً، كما يدعي البعض، بيد أن العطاء حقاً يكون بلا حدود، ولكن من يعطي لا ينتظر المقابل، ولكنه دائماً ما يفاجأ بالمقابل من الطرف الآخر ! ثم يعطي أكثر ثم يبادل بالعطاء أكثر وهكذا، فليس الأخذ والعطاء في الحب الحقيقي قاعدة، لأن كلا الطرفين مهما أعطى، سيشعر أنه مقصر في عطاءه في النهاية.

سابعاً/ التنازل، الحب الحقيقي، يعرف التنازل من الطرفين، فكلا الطرفين يقبل بالآخر على ما هو عليه، إلا أن كلا الطرفين، يعمل على التطوير من نفسه، بل ويتنازل عن أشياء، حتى وإن قبل بها الطرف الآخر، إلا أن من يحب حقاً، يبحث عن رضا حبيبه، فإن حدث الرضا يبحث عن إبتسامته، فإن حدثت يبحث سعادته الدائمة.

ثامناً/ الرضا بعيوب الآخر، ليس الحب أن يعرف كلا الطرفين مزايا الآخر، بل "الحب الحقيقي" أن يعرف كلا الطرفين عيوب الآخر، ويرضى بها.

تاسعاً/ الصدق، الحب لا يكون حقيقياً، إن دخل الكذب فيه بين الطرفين، بل يكون حقيقياً عندما يكون الصدق بين الطرفين، واقع وحقيقة، فلطالما كان الصدق أداة رباط وتوثيق.

عاشراً/ التضحية، هي الركن الأخير "للحب الحقيقي" فقد تلوث الحياة العلاقة بين الطرفين، بيد أن التضحية تكون هي السد المنيع للعلاقة، فكلا الطرفين يكون على إستعداد دائم للتضحية، أياً ما كانت قيمتها.

قد يمر الإنسان بعدد من العلاقات في حياته، ولكن إن راجع علاقاته التي فشلت وظن يوماً أنها كانت "حب حقيقي" ووجد أن أي من أركان "الحب الحقيقي" لم تكن موجودة، فليعلم أنه كان في تجربة لا يمكن أن تكون محسوبة على "الحب الحقيقي" لأن الحب الحقيقي يعني المشاعر المتبادلة والبناء والشوق والسعادة والأمل والعطاء والتنازل والرضا بعيوب الآخر والصدق والتضحية، تلك جميعاً أعمدة لهذا السقف المرجو، فإن سقط إحداها، سقط السقف ولم ولن يكتمل البناء.

إن الإنسان في الدنيا، يبحث عن الحب، اياً ما كانت قوته أو نفوذه أو حتى ضعفه وهوانه، وحتماً سيضعف أمام من يحب، ولكن على أن يكون الحب حقيقياً، حتى تكون حياته سعيدة، فإن لم يكن حقيقي، فإنه إبتلاء لا حب.

في النهاية/ أسأل الله أن يوفق كل إنسان إلى غايته رجل كان أم إمرأة، لأنه إن ساد "الحب الحقيقي" بين الناس، فإن عائده لن يكون فقط على أصحابه، بل سيكون على المجتمع في تقدمه ورقيه، وليعلم الجميع أنه لن تكون لنا نهضة، إن ظل التفكير المادي هو المسيطر على الحياة، فالمادة تفقد المشاعر والجانب الروحاني، أما إن صلح الجانب المعنوي، فإنه سيعلي من الجانب المادي للحياة، ذلك إجتهادي، وأسأل الله أن أكون قد أصبت.

 


وعلى الله قصد السبيل



شادي طلعت

اجمالي القراءات 32795