٢٨٢ نائباً بـ «مجلس الشعب» يحاكمون الحكومة حول ارتفاع الأسعار
محاكمة برلمانية عاصفة للحكومة بسبب الغلاء

في الثلاثاء ٠١ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً

شهد مجلس الشعب سابقة برلمانية أمس بمناقشة ١٤ استجوابا في جلسة واحدة موجهة إلي رئيس الوزراء، ووزراء التنمية الاقتصادية والتجارة والصناعة والتضامن الاجتماعي، حول ارتفاع الأسعار وزيادة حدة الفقر في مصر، كما شهدت الجلسة مناقشة ١٤٦ طلب إحاطة،

وعدد من الأسئلة وطلبات المناقشة حول القضية نفسها ليصل عدد المناقشين إلي ٢٨٢ نائبا «أكثر من نصف عدد أعضاء البرلمان الذين يصل عددهم إلي ٢٥٤ عضوا»، وهو ما أشار إليه النائب كمال أحمد في استجوابه، لافتا إلي أن ذلك يعني أن أكثر من نصف النواب يرغبون ضمنيا في سحب الثقة من الحكومة التي تفلت دائما من هذا المصير بحكم سيطرة أغلبية الحزب الوطني علي مجلس الشعب.

واتهم النائب الوفدي عبدالعليم داوود في استجوابه الحكومة بتجويع الشعب المصري وإفقاره، وقال إن صنع القرار في مصر يتم الآن من خلال منظومة فاسدة، وانتقد ازدواجية الصحف الحكومية في التعامل مع التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية، حيث تهلل للتقارير التي تميل لصالح الحكومة، وتقلل من شأن التقارير السلبية حول الاقتصاد المصري، وهي التقارير التي تصدر عن المؤسسات نفسها.

وفيما يتعلق بقضية البطالة، وصف داوود نشرة الوظائف التي تصدرها وزارة القوي العاملة بأنها من أكبر الجرائم في حق مصر، حيث يتم من خلالها وضع الوظائف الهامشية باعتبارها فرص عمل حقيقية ودائمة خلافا للحقيقة.. وطالب داوود بسحب الثقة من الحكومة.

وبدأ النائب المستقل كمال أحمد استجوابه بتقديم المستندات الدالة علي سوء أداء الحكومة للدكتور فتحي سرور، رئيس المجلس، وقال إن كل هذه المستندات صادرة عن أجهزة حكومية وليست صادرة عن مؤسسات دولية يمكن التشكيك فيها.

وأخرج النائب من حقيبته رغيفي خبز «فينو وبلدي» وساندويتش فول، وأشار إلي ارتفاع أسعار رغيف الخبز إلي ٢٥ قرشا، رغم تصغير حجم الرغيف، وارتفاع سعر ساندويتش الفول إلي ٧٥ قرشا.

وتساءل عن الجريمة التي اركتبها المصريون حتي تعاقبهم الحكومة بهذا الشكل، وعرض تقارير معهد التخطيط القومي التي تؤكد ارتفاع معدل الفقر في مصر، وبيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء حول ارتفاع أعداد المتعطلين، وحذر كمال أحمد من اتجاه الحكومة لزيادة الأجور لافتا إلي أن هذا الإجراء سيرفع معدلات الأسعار لأرقام خيالية بسبب انخفاض عرض السلع والخدمات، وارتفاع الطلب وشكك النائب في معدل النمو الذي أعلنه رئيس الوزراء وهو ١.٧%، وتساءل إذا كان هذا الرقم حقيقيا فلماذا تحدث المظاهرات في كل مكان؟.

وبمجرد أن بدأ النائب حمدين صباحي «حزب الكرامة تحت التأسيس» استجوابه ثار في وجهه نواب الحزب الوطني بعد أن أطلق علي الحزب الحاكم اسم «الفقر الوطني الديمقراطي»،

وقال إن حكومات الأغلبية أدت إلي وصول المصريين إلي حافة الكفر بعد أن أقدم الكثيرون علي الانتحار في عرض البحار سعياً وراء فرصة عمل في أوروبا، واتهم حكومات الحزب الحاكم بالرضوخ دائما لتعليمات الرأسمالية المتوحشة، وتوصيات المؤسسات الدولية علي حساب المصريين، وقال إن السياسة الوطنية لا يجب أن تستجيب لتعليمات إفقار المصريين.

ووصف حكومة الدكتور نظيف بأنها حكومة الأغنياء، وعندما أشار عدد من نواب الحزب الوطني إلي أن حكومة الدكتور نظيف ليست مسؤولة عن الأوضاع الحالية عقب حمدين صباحي ساخراً، وقال: «وهل يمكن أن نحاسب الملك مينا (موحد القطرين) علي سياساته التي ترجع لآلاف السنين».

وحذر «صباحي» من ثورة الفقراء في العشوائيات، وقال لو اجتاح هؤلاء المدن ثائرين سيأكلون الأخضر واليابس، وستدفع الحكومة الثمن غاليا، وأضاف أن المصريين فقدوا الأمل في التغيير بعد تعديل الدستور ومنع الإشراف القضائي الكامل علي الانتخابات، ودعا نواب الأغلبية لإنقاذ مصر من ثالوث الفقر والفساد والاستبداد،

وطالب بسحب الثقة من الحكومة رغم قناعته بأن هذا المطلب لا يخرج عن كونه فلكلوراً برلمانياً ولا ينتج أثره، بسبب سيطرة الأغلبية، ودلل نائب الإخوان المسلمين«حمدي حسن» علي تدهور الأوضاع في مصر بما تنشره الجرائد اليومية ومن بينها «المصري اليوم» حول انتحار مواطن بعد عجزه عن الإنفاق علي أسرته،

وشكك النائب فيما عرضه الدكتور أحمد نظيف أمس الأول من إنجازات، وتساءل عن مغزي توافر الخدمات في مصر بأسعار رخيصة في الوقت الذي يعجز فيه المصريون عن محصول علي رغيف الخبز، أو لبن الأطفال وضحك النواب علي مقولة «الكبار لا يجدون الرغيف والأطفال لا يجدون «المم».

وانتقد قيام الحكومة بتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار تقل عن سعر بيعه للمواطن المصري، واتهم الحكومة بضعف الوعي السياسي وفقدان الحس الاجتماعي.

ودلل النائب مصطفي بكري علي ارتفاع معدلات الفقر في مصر بانهيار الطبقة الوسطي وتحللها، وقارن بين ما تنفقه الحكومة علي الدعم مقارنة بالدول الأخري بما فيها الدول الرأسمالية، مشيراً إلي أن الولايات المتحدة تنفق ٦١% من إجمالي الإنفاق العام علي الدعم، وحذر من خطورة ارتفاع الدين العام، وقال إن حكومة الأغنياء تنحاز للمحتكرين، لافتاً إلي أنه ليس ضد رجال الأعمال ممن يساهمون في الإنتاج ورفع معدلات النمو في مصر، ودعا الحكومة إلي نزع فتيل الأزمة قبل أن ينفجر المصريون في وجهها وساعتها لن يفيد البكاء.

وفي رد علي الاستجوابات أكد المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة، أن هناك ٦ حقائق تفسر ظاهرة ارتفاع الأسعار في مصر تتضمن زيادة معدل نمو الاستهلاك مقارنة بمعدلات إنتاج القمح والذرة واللحوم، وهذه الفجوة بين الناتج والاستهلاك تمت تغطيتها عن طريق الاستيراد وبلغت نسبة الاستيراد إلي الاستهلاك لبعض السلع ٥٣% للقمح، و٨٦% للزيوت، و٥٠% للعدس، و٨٠% للفول.

وأضاف رشيد في كلمته أمام مجلس الشعب أمس، ردًا علي عدد من الاستجوابات التي تقدم بها أعضاء البرلمان، ووصل عددها إلي ١٧ استجوابًا، أن هذه الفجوة تزامنت مع اتجاه الأسعار العالمية لكثير من السلع الغذائية إلي الارتفاع، حيث ارتفع سعر طن القمح الأمريكي بنسبة ١٠٧%، وزيت النخيل ٧٣%، والجبنة الشيدر الخام ١٠٠%، واللبن البودرة ٥٠%، والفول ١٢٩%، والعدس ١١١%، والزبدة المستودة ١٩٦%.

وتابع أنه رغم ما تعرض له الإنتاج العالمي من كوارث طبيعية وموجات جفاف فإنها ترجع بشكل رئيسي إلي تزايد الطلب علي الغذاء في الصين والهند، وارتفاع الطلب علي الحبوب والأعلاف كغذاء للحيوانات، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود، وتزايد الطلب علي الذرة والقمح والسكر كمصدر للوقود الحيوي، مؤكدًا أن ارتفاع الأسعار العالمية نتج عنه ارتفاع فاتورة الاستيراد في مصر وارتفاع أسعار الغذاء في السوق المصرية.

ولفت رشيد إلي أن ما حدث في مصر، تكرر في عدد من الدول العربية مثل السعودية والأردن، ففي السعودية ارتفعت أسعار الزيوت ١٤%، والدجاج ١٦%، واللحوم ٤٠%، كما ارتفعت أسعار الحبوب في الأردن بنسبة ٢٦%، واللحوم والدواجن ٣٦%، والأبان ٢٧%، مشددًا علي أن نسبة ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية أقل من نسبة ارتفاعها علي مستوي العالم.

وحول ما قدمته الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار أكد وزير التجارة، أن الحكومة اتخذت العديد من السياسات لمواجهة الظاهرة والتخفيف من تأثيرها علي المواطنين ومحدودي الدخل، وركزت جهودها علي أربعة محاور، الأول مرتبط بالنمو والتشغيل والدخول والثاني مرتبط بمراجعة سياسة الدعم، والثالث خاص بضبط وتنظيم السوق الداخلية، والرابع توفير السلع الأساسية في السوق.

وقال رشيد إن الحكومة بدأت تنفيذ سياسة لتحقيق التنمية الاقتصادية، مثل برنامج حوافز الصعيد ويتضمن تقديم ١٥ ألف جنيه لكل عامل يتم تشغيله بمحافظات الصعيد،

واستفاد منها ١٧ مصنعًا في محافظات بني سويف والمنيا وقنا وأسيوط وسوهاج وأسوان، إلي جانب خطة الوزارة لتطوير ١٠ مناطق صناعية في محافظات الدقهلية والمنوفية والبحيرة والإسماعيلية وبورسعيد والقليوبية والشرقية، وتستكمل بنيتها الأساسية تمهيدًا لعرضها علي المستثمرين،

وأضاف أن أجور العمالة الصناعية زادت بنسبة تتراوح بين ٤٠% و٦٠% كما قامت الحكومة برفع الحد الأدني للمعاشات وأعدت الكادر الخاص بالمعلمين لتحسينأحوالهم ولكن تبقي بعض فئات المجتمع التي لم تواكب دخولها الزيادة التي حدثت في الأسعار، وشدد وزير التجارة علي أنه لا توجد نية لإلغاء الدعم أو تخفيضه بدليل زيادته من ٥٤ مليار جنيه في عام ٢٠٠٥ - ٢٠٠٦، إلي ٧،٥٥ مليار جنيه في عام ٢٠٠٦ - ٢٠٠٧، ومن المتوقع زيادته إلي ٧٠ مليار جنيه في عام ٢٠٠٧ - ٢٠٠٨، كما ارتفع دعم رغيف الخبز من ٩ مليارات جنيه إلي ١٤ مليار جنيه.

وكشف عن أن الفاقد في الدعم يصل إلي ٦.٣ مليار جنيه في البطاقات التموينية والخبز والبوتاجاز، مؤكدًا أن الحكومة تعد حاليا لإنشاء جهاز جديد لسلامة الغذاء، لتوحيد جهات الرقابة وسيتم إحالته لمجلس الشعب في الدورة الحالية لمناقشته.

وأكد أن الوزارة تقوم حاليا بمراجعة العديد من التشريعات الخاصة بتداول السلع في السوق الداخلية، وتشديد العقوبات علي المخالفات، فضلاً عن أن الأجهزة الرقابية قامت خلال عام ٢٠٠٧، بتحرير ٢٥٢ ألف قضية جنائية خاصة بالغش التجاري والرقابة علي الأسواق.



 

اجمالي القراءات 3331