آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ٠٨ - مايو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الله جل وعلا خلق الأنفس حرة متحكمة فى جسدها ، ولها الاختيار المطلق فى أن تفعل الخير أو أن تفعل الشّر . وهذه الحرية بالاختيار يحسّها كل منا . مثلا أى إنسان له حرية الاختيار وهو أمام جهاز الكومبيوتر أن يشاهد مواقع جنسية ، أو مواقع ضالة مضلة أو مواقع للتسلية البرئية أو مواقع للهداية . أمامه الوسائل ، وهو يختار . معه سكين وهو يختار استعمالها فى الخير أو فى الشر ـ، ولا تتدخل إرادة الله جل وعلا هنا .
ولا شأن للمخ بهذا . المخ هو مجرد غرفة لتسيير الجسد تنعكس فيه رغبات النفس وملامحها الخيّرة أو الشريرة ، والقلب ( المادى ) هو عضلة لضخ الدم . اما الذى يتحكم فى الجسد فهو النفس ، أى بمفهوم القرآن ( القلب ، ذات الصدور ، الفؤاد ) . النفس بالنسبة للجسد كالسائق فى السيارة . الجسد عند النوم كالسيارة بدون سائق فى داخلها . إذا استيقظ الانسان وأمسكت نفسه بقيادة جسدها فهى كالسائق وهو يمسك مقود السيارة . السائق يجعل السيارة كائنا حيا ، يسير قاصدا هذا الاتجاه أو غيره ، يزمجر ، يضىء ، يقوم بعمل خيّر ، أو يقتل إنسانا آخر ، عمدا أو خطأ بلا عمد . وهكذا النفس فى جسدها . تسير به هنا أو هناك تفعل الخير أو الشّر بإرادتها الحرة . بل لو حتى وقعت عليها ضغوط وقهر واضطهاد فهى تتلون وتنافق وتتحايل وتخدع وتكذب وتبرر، كل هذا تمارسه بإرادتها الحرة .
والله جل وعلا لا يحاسبنا إلا على التعمّد ، فهو جل وعلا يغفر لنا الخطأ غير المقصود ، والنسيان ، والخطأ الذى نعمله بالاكراه ، وبالاضطرار الحقيقى . بل يغفر لنا عندما نتوب توبة صادقة . وموعد الغفران هو يوم القيامة ، وليس الآن ، ويكون لمن تاب وآمن وعمل صالحا ، وقام بحق التوبة فى حياته الدنيا .
إن الله جل وعلا لا يظلم أحدا ، وبالتالى لا يمكن أن يدفعنا للخطأ ثم يعاقبنا عليه .
وكل إنسان إذا صدق مع نفسه وكان عادلا فى حسابه لنفسه فمن السهل أن يلوم نفسه على خطئها ، ولا يقوم بالتبرير والتأويل . وهنا يكون ( الضمير ) أو ( الأنا العليا ) أو ( النفس اللوامة ) أو فضيلة التقوى التى تجعل الانسان يندم على خطئه .