( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) . ( وما يؤمن أكثرهم بـاللــه إلا وهم مشركون )
ألــم يــأن الأوان للمؤمنين أن يحرروا إيمانهم من لــباس الظلم الذي زمــلــوه به ؟؟؟

يحي فوزي نشاشبي في الثلاثاء ٢٨ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم الله  الرحمن  الرحيم 

ألــم  يأن  الأوان  للمؤمنين

 أن  يحرروا  إيمانهم من  لباس  الظلم  الذي  زمـّلوه  به ؟

من الراجح  أنهم  كثيرون، أولئك الذين يكونون تبادلوا الرسائل القصيرة عبر  الآلات الهاتفية المنقولة، والأنترنيت، وحتى المكالمات الهاتفية مباشرة،  أما عبر  الرسائل المكتوبة  التقليدية، فالظاهر أنها  عادة تراجعت وتقلصت ، إن لم  نقل  أصبحت، في خبر كان. وكل هذا ليهنئ  بعضهم بعضا بمناسبة حلول السنة  الهجرية الجديدة  البالغ  عمرها هذا العام :  ألفا  وأربعمائة سنة  وازدادت  ستا  وثلاثين. (1436) .

ومن الراجح  أيضا  أن فحوى هذه  التهاني  يدور حول تلك الأماني وذلك  الرجاء  الطويل العريض، لعل الله يـُغـيــّـرُ من حال المسلمين المؤمنين مما كان منذ عشرات القرون التي اقترنت بكل ما في كلمة التخلف والإنحطاط من معنى ، تلك الأماني التي تحوّلت مع مرورالزمن إلى حلم  اليقظة، وما زالت  تنتظر،ولما يتحقق منها شئ  منها ، إلى يومنا هذا، وبعد انتظار، طال وامتد  واسترسل  أربعة  عشر  قرنا  وزيادة.

ولعل القراء  الكرام يشاركونني الرأي في أن الذكرى الحقيقية ، والجديرة بالتقدير والحسبان، هي ذكرى  نزول  ما أنزل  الله  العلي  العظيم  في  ليلة  القدر،  نزول  القرآن العظيم  على الإنسانية  من خلال  محمد ، عبد الله  ورسوله ( عليه  الصلاة والسلام ).

وإذا تشجعنا وتأملنا الأمر وحدقنا فيه، فإن حالتنا نحن المؤمنين تملي علينا نتيجة  هذه  النظرة  التشخيصية ، القائلة :

إنّ عُـمــُــرَ الأجيال  المتعاقبة من الذين آمنوا، يرجع في الحقيقة إلى أربعة عشر قرنا وثلث القرن، ومعظمه، إن لم يكن كله، كان، وما زال، كما هو، عبارة عن  إيمان ألبس  بظلم  من حيث  ندري أو لا ندري، وإن الأكثرية والسواد  الأعظم هم  أصحاب إيمان مصاب بفيروس الشرك، ما دام  الله العلي العظيم هو الذي أصدر  هذا الحكم في  آيات ، ومنها : 82  في سورة  الأنعام -  و106  في  سورة  يوسف – ورقم 151  في  سورة  آل عمران.

وهكذا فإن أي فحص مباشر دقيق  تشخيصي  لحالنا ، سيصدر هذه  النتيجة  القائلة   إننا أهلكنا هذه  الأزمنة  الهائلة، أهلكناها لبدا بدون جدوى، أي  مقابل لا شئ  مفيد يـُـذكر، بل هناك الذي يـُـذكر وبكثرة مع كثيرمن الأسف، وهواللامفيد ، والمخيف  والمنفر، والمرهب.

ولا أدل على هذه  الصورة  القاتمة من حالنا نحن المسلمين المؤمنين ، المنتشرين بمشارق الأرض ومغاربها ،  تلك  الحالة  التي  كانت وما زالت غنية عن أي تعليق.

وأما عن تعاليم الله المشيرة ، وبإلحاح  إلى ما نحن مصابون به من حيرة وضــلالفعديدة ، ومنها  التالية :

  1. ( وما يؤمن أكثرهم  بالله  إلا  وهم  مشركون ). يوسف رقم 106.   

ويمكن أن نستنتج أن هناك نوعين اثنين من إيمان :  إيمان  طاهر مُعـقـم، وسليم   وآخر غير ذلك ، وملوث  بشرك ما  في  مستوى ما !؟

2) ( الذين لم يلبسوا إيمانهم  بظلم أولئك  لهم  الأمن وهم  مهتدون). الأنعام 82.

وما دام المتوقع أن الرأي الأغلب هو ذلك الذي لا ينكر تلك الحقيقة المرة  التي تقول إن العالم،  لاسيما  حيث  يتواجد  المسلمون  المؤمنون، أصبح عالما  يموج  في  بحار من لا أمن و في بحار من رعب وإرهاب. فإن هذا إن دلّ  على شئ  فإنما  يدل على أن  إيماننا  لم  نلبسه  فقط  بذلك  الظلم ، بل  زمّلناه  بـه إلى درجة الإختناق.

ولا مجال  للشك  في  هذا ، ما دمنا  تحولنا إلى متسولين إلى أبسط  شئ من أمن  كما لا  يمكن  أن نشك  في أننا ما زلنا حائرين،  خائفين نترقب، غير مهتدين ، لأن عـدل الله قائم، ولأننا بعيدون كل البعد من أولئك: ( الذين  لم يلبسوا  إيمانهم  بظلم أولئك  لهم  الأمن  وهم  مهتدون) .

3) أما إن حدث وكنا نحن المعنيين  - لا قدرالله -  بالآية رقم 151 في سورة  آل عمران،  فهي حقا  الكارثة، وقد نبهني  إلى الآية  صديق،  مشكورا، وكأنها آية  حديثة النزول !وكأن عمرها  لم  يبلغ  1436 سنة ؟

والمخيف فيها، هو أن الله  توعد  بأن  سيلقي  الرّعبَ  في  قلوب  الذين  كفروا،  والذي يخيف أكثروأكثر، هو عندما  نفهم  بأن الله  زاد  فبيّــن في نفس الآية أن الذين  كفروا المعرضين إلى أن تمتلئ  قلوبهم بالرعب، هم مشركون بالله ،  وهم أولئك الذين يشركون بالله  ما لم  ينزل  به  سلطانا وأن مثواهم النار، وقد وصفوا  بالظالمين،  سواء  بذلك  الشرك الظاهر أو الخفي:

( سنلقي  في  قلوب الذين كفروا  الرعب  بما  اشركوا  بالله  ما  لم  ينزل  به  سلطانا  ومأواهم النار وبئس مثوى  الظالمين ).151 – آل عمران. 

ومرة أخرى، فالمتوقع هو أن المؤمنين سيجمعون على أن بلدانهم تفتقر إلى  أبسط  درجة  من الأمن،  كما أنهم  سيجمعون  إن  هم  تشجعوا  وأنصفوا،  بأن  ما هم  غارقون فيه  هو الخوف والرعب  من بعضهم بعضا ، بل وهم مدرجون مع العشرالأوائل في إنتاج وتصدير الخوف والرعب باسم  الله  الرحمن  الرحيم

وعليه، فما دام إيماننا مكسوا بكثير من الظلم، وما دمنا نحن المؤمنين بالله، وعلى كثرتنا،  فإننا  لم  نــنج من صفة  المشركين ، وما دامت قلوبنا محتلة  من قبل  الرعب !

ألم يــأن لنا نحن  المؤمنين  أن  ننفض عنا غبار الكسل والوهم ، ونعيد  فحص إيماننا  وتشخيصه وتحليله  تحليلا  دقيقا لنزيح عنه، وإلى الأبد ،  ما ألبسناه  من ظلم، لعلنا نوفق في استدراك ما فات، طمعا في الإهتداء إلى سبل  الله  المنقذة ؟

ونحن نتلو الآية : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) [الرعد:11]؟

ألا يكون الوقت مناسبا في سبيل تلميع حسابنا الهجري، وننفضعنه غبار الهون والذل ، ونحن نعلم  أن ذلك لا ولن يتأتى إلا بالعمل الجاد وبتحرير إيماننا من أي شرك ، من أدنى  شرك ،  ويا  لهول ما  قد  نفاجأ  به إن  جددنا النية والعزم  في سبيل أن يسترد الإيمان الحقيقي جماله  وخفة  ظله  ووده  ورحابة  صدره ؟

 

اجمالي القراءات 10424