رضوان من الله أكبر من طلب الجنة "1"
بسم الله الرحمن الرحيم...
وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " التوبة 72
القرءآن الكريم مليئ بالوصايا والأوامر التى تؤدى بالإنسان ، إذا عقلها وإتبعها، تقوده إلى الهدى والصراط المستقيم.
نلاحظ أن الله سبحانه ينزل من القرءآن ما هو شفاء ورحمة وهدى ، ليس لكل الناس ولكن للممؤمنين الذين تتوفر فيهم الصفات التى تؤهلهم ليكونوا من المؤمنين. ونلاحظ أيضا أنه يقول فى سورة البقرة الآية الثامنة:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ...... (8). يقولون والله سبحانه يقول عز من قائل " وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ" لماذا يا رب العالمين بعد أن قالوا آمنا بالله وباليوم الآخر تقرر بأنهم " وما هم بمؤمنين"، فما السبب:
يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فبما أنهم لا يشعرون فلماذا ستحاسبهم؟
يقول سبحانه فى موضع آخر : " وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " النحل 78 ثم يأتى سبحانه فيقول: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " (سورة الإسراء 36
نستنتج مما سبق، والله أعلم ، ما جاء فى سورة النحل أنه سبحانه جعل السمع والأبصار والأفئدة لغاية وهدف إستخدامهم لمعرفة الهدى من الضلال لذلك قال لعلكم تشكرون ومعنى الشكر فى القرءآن هو تفعيل وإستخدام هذه النعم والأدوات الربانيىه لمعرفة الحق من الباطل . وجاء فى آية سورة الإسراء أن هذه الثلاث نعم هى أدوات تستخدم للحصول على العلم وبذلك يكونوا مسؤولين "لأهميتهم" عن الهدي أو الضلال. فإن لم تستخدم هذه النعم والأدوات التى منحك الله بها وهى بالطبع لسبب، وإلا مهما نقول آمنا بالله واليوم الآخر فنحن فى كتاب الله السميع العليم ليس بمؤمنين. وجاء تعليل آخر من رب العباد على أنهم ليس بمؤمنين فقال : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ " البقرة 10
أنظر معى ما قاله الحق سبحانه عن صفات هؤلاء التى أدت إلى أنهم ليسوا بمؤمنين، الخداع ومرض القلوب والكذب على الله . فبالله عليكم كيف نتعرف على أمثال هؤلاء ونحن فى هذه الحياة الدنيا نتعامل مع أمثال هؤلاء وهم بالكثرة.
بعد هذه المقدمة تعالوا معى نتدبر وصية من الرحمن الرحيم إلى رسوله الكريم وهذه الوصية هى تذكرة دخول الفوز العظيم بإذن الله تعالى وأقول أن ما أنزل على الرسول يُعتبر، وصايا لنا جميعا نحذى حذوه ونتاسى به فهو اسوة حسنة لنا. الآية موضع النقاش فى سورة الكهف الآية 28 تقول:
وَاصِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " (سورة الكهف 28
هنا نجد معادلة قرءآنية هامة جدا ، أنظروا معى:
وَاصِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ .............. يُرِيدُونَ وَجْهَهُ
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ..................................................... تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى، هم بشر ، من الناس وهم لهم خاصية الإنسان الذى نراهم ونتعامل معهم ولا ندرى هل هم من الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى أم لا...
بما أنهم أناس بشر فلو بحثنا فى القرءآن الكريم عن صفات الإنسان نجد أن كلمة إنسان وردت 58 مرة منها 48 مرة بأوصاف لا يُحْمد عقباها وصفات سيئة للغاية تأخذ صاحبها إلى نار جهنم بالسوبر جيت. فنقرأ سويا بعض منها:
إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (المعارج 70:19)
وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " (النساء 28)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ( إِبراهيم 34)
( إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ " (العاديات6
وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا " (سورة الإسراء11 ))
) وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا " (سورة الإسراء 100)
) وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا " (سورة الكهف 54)
) وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " (سورة الأحزاب 72)
) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ " (سورة عبس 17)
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ " (سورة البلد 4))
) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى " (سورة العلق 6)
) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ " (سورة العاديات 6)
هذه بعض من أوصاف الإنسان فى القرءآن الكريم الذى أنا وأنت ننتمى إلى هذا الجنس الأنسانى ....
هذه الوصية " آية 28 من الكهف " كلها حكمة بالغة ، فالمطلوب الآن كيف أتعرف على هؤلاء لأحشر نفسى معهم ولا أبتعد عنهم والآية صريحة لا تحتاج إلى تحليل على أن لا نأخذ المعنى المقصود من هذه الوصية عن طريق التراث وتفسيرات أئمة السلف ومن على شاكلتهم وإلا خرجنا عن تدبر الآية قرءآنيا.
الآية صراحة تقول هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشى، لماذا يا ربى يدعوا بالغداة والعشى، يريدون وجهه، فماذا يعنى وجهه، رضوان الله وهداه ورحمته وفضله " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (سورة الرحمن 26 - 27
أيها الأخوة والأخوات، أقول صراحة إنى فى أشد الحاجة لمعرفة هؤلاء حتى ألتصق بهم ولا أعدو عينى عنهم لكى أحظى برضى الله سبحانه حيث لا يبقى إلا وجه ربى ذو الجلال والإكرام. فبالله عليكم كيف أتعرف عليهم من وسط هذا الكم الهائل من أوصاف الإنسان التى لا يسمن ولا يغنى من جوع.
السؤال المطروح للمناقشة قبل الدخول على الجزء الثانى من هذا البحث المتواضع:
كيف أتعرف عليهم وما هى مواصفاتهم وأخلاقهم، هل هناك من طريق يؤدى إلى اللحاق بهم قبل فوات الآوان حيث لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وفى نهاية هذا الجزء أقول ماذا أريد فى النهاية من كل هذا:
1- وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " الشعراء 87 - 89
2- مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ "18:28
وأذكركم وإياى بالآية الكريمة التى بدأت بها هذا الجزء:
وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " التوبة 72
وما زال السؤال قائما.....فهل من مُجيب...