*محاولة تحقيق ماهية " الربا "- شرعا- من كتاب الله *
ــ إذا كان المشرّع، هو الله، سبحانه وتعالى، العليم الخبير، الذي أرسل رسوله بالهدى: ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ...)
التوبــة 33. والذي ( ... مــا فرطنا فــي الكتاب مــن شــئ ...). والذي هــو تـبـياناً : (... ونــزلنا علــيك الكتاب تبيانــاً لـــكل شئ وهـــدى ورحمة وبشرى للمسلمين)النحل 16.
ــ فـلِــمَ، إذن؟ ! نلجأ في أخـذِ أحكامنا، وشرعنا، من الذين إفتروا الكذب، على اللهوعلى رسوله ( الصلاة والسلام عليه ). ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله...) ؟ الشورى 21.
* مــاهيـة الربــــا... *
ــ الـربـا، لغــة: الزيادة في الحجم : ( الأرض، والمال، وغيرهما...) جاء تبيانه، في كتاب الله المبين، من لدن خالق الإنسان، واللسان ، الذي علـّــمه ءادم ، عند خلقـه
: ( وعلم ءادم الأسماء كلها...) البقرة 31.
ــ جــاء تبيان الــربـا- فعل : " رَبـــــــى " - في قوله تعالى، في سورة الحج 5: ( ... وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء إهتــزت وربــت...). وما جاء في ءاية فصلت 39: ( ومــن ءاياتـــه أنــك تـــرى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء إهتزت وربت ...).
ــ رَبــت (الأرض) إنتفخت، بسبب الماء، وزاد حجمها، بعد إرتوائها. - والــربـــا- فقها، وشرعاً، جاء تبيانه في ءاية محكمة، لا تقبل التأويل. الروم 39: ( وما ءاتيتم مــن ربـا لتُــربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله... ).
ــ إذن !فالربــا:هو ما زاد في أموال الناس، لفائدتنا !
ــ تبيـان ذلكهـو : أن " زيـــــد " - مثلا - جعل ماله يـربو ( يزيد ، وينمـو) في مـال "عمــرو ".
ــ ليتـضحَ، ما سأبـيـّـنُ به، - بحول الله ، وحسن عونه - حكم الشرع - من كتاب الله المبين - على الـرّابي الذي يؤتيه، ثم يأخذه، فيأكله سميته: " زيــــــد "والذييقترض ويستلف - ويربــي لغيره ، سميتُـه : " عمـــرو "وكلاهما إستعملتهما ممنوعين من الصرف .
ــ ألا تكفينا تلكم اللطافة؟ وذلكم التواضع ؟ بل وذلكم التملق؟ من جانب العزيز الجبار؟ ذي البطش الشديد !ما جاء في قوله تعالى، في سورة البقرة 245، وسورة الحديد 11 : ( مـــن ذا الذي يقرض الله قرضا حســنا فيضاعفه لــه أضعافا كثيرة ...)- وخاصة - ما جاء بالأمر في سورة المزمل 20. (... وأقرضوا الله قرضا حسنا...).
ــ ألا يكفينا كل ذلك !؟ فنقرض له ( لــعبــاده) كل ما زاد علينا، مما ءاتانا !ونتصدق له، بكل ما زاد علينا، عــمـّا جعلنا مستخلفين فيه ! فيخلفه لنا أضعافا... ولا نترك لأنفسنا الحقيرة، إلا ما يسـدّ رمقنا، ويكفي عوزنا وحاجتنا.
ــ ( ... ويسئلونك ماذا ينفقون قـل العفــو...)البقرة 219. أي كل ما هو زائـد عن حاجتنا. ولعذاب الآخرة : أليـــم ! وأشــــد ! وأبـــقـى !وأكبــــر !و...
ــ ( ... والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعـذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ).التوبة 34 و35.
ــ ذلك،أن الأوراق النقدية، التي بين أيدينا، رصيدها: ذهــب وفضــة في أقبية البنوك. فلذلك جاء التعبير بــ:( يوم يـُـحمى عليها ... فتكــوى بها ...). لأن أصلها معــدن !
ــ " زيــــد "، يقـرض " عمـــرو "قسطاً من ماله، ليــردّه له ، مـُـربى ( أي زائداً)، في مدة معينة، هذا هو الــربــــا .
ــ المــدة المعتمدة عليها، والتي تــرسى عليها المعاملة ( الــربــا ) هـــي - عادة –
سنــة كاملة ( 12 شهراً).
ــ " زيـد " يقرض لعمرو : 100 (مائة ) ليرجع له، بعد سنة، - مثلا - 130 (مائة وثلاثين).
ــ الثلاثـون: هذه الزائدة !على المائة المقروضة، هي الــربــا - لا غير !-
ــ وهذا ما هــو حـــرام ، شرعا. فلينتظر صاحبها، مـحـقـا لمــالـه، في الدنيا ، ونــاراً - خالدا فيها - في الآخرة.
ــ إن الله العليم الخبير،في كتابه المبين ، وبئاياته البينات، المبينات ، يصف لنا الــربــا ، ويؤكد لنا ماهيته، بالأفعال الثلاثة هـذه :
ــ الإتيــان، والأخــذ، والأكــل ، - لا غير -
ــ وهذه الأفعال الثلاثة، هي التي تبـيّــن، وتؤكد ، ماهية الــربــا في شرع اللهوالتي جاء، بيانها وتوضيحها، بصفة قطعية، في ءاية الروم 39. ( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ).
ــ الإتيــان: جاء التعبير، بالإتيان - بالنسبة للــربــــا - والإتيــان - كذلك - لا يكون إلا من زيـــــد ، الذي يـُــؤتي مالاً لعــمــرو، ليربيــه له ( ليــأخذ منه الــــربا ( - الــزيــادة -) ( فيأخــذه منه ، فيــأكلــه ) .
ــ الأخــــذ: والأخــذ، لا يـــكون إلا مــن زيــــــد : جــاء في ءايـــــة النساء 161 ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه...).
ــ الأكــــل: والأكـل، لا يــكون إلا مــن زيــــــد . جــاء في ءايــة ءال عمران 130:
( يأيها الذين ءامنوا لا تأكــلوا الربـــا ...). كــما جــاء في ءايــة النساء161: ( ... وأكلهم أموال الناس بالبــاطــل ...).
ــ نلاحــظ في هذه الآية، التعبير بـ : " الباطــل " . فالأفعـــــال الثــلاثـة، المذكورة
هي ما سماها الله، العليم الخبير، يـ : " الــربــا "، فهو باطــل: إتيانه، وأخذه، وأكله. لنــتــدبــّــر !
ــ سبحانك !ما أعظم شأنك. ( أفلا يتدبرون القرءان ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ).
ــ ملاحــظة :جاء التعبير في القرءان العظيم بـ : القرض الحسن، للـه سبحانه وتـعالى!واللهالغني الحميد، لا يحتاج إلى قرض!وإنما إقراض عباده ( بالزكـاة وبالصدقة ) .
ــ فإما : صــدقــة، يـُــغيث بها ، ويفـرّج بها الكرب، على المحتاج.
ــ وإما: قــرض حســن، من غير فوائد ( من غير- ربـــــا - ) . يُـخـفـّــف به معاناة البائس الفقير.وإنما منزلته هو: - سبحانه وتعالى- أن يردّه له، (...أضعـافا مضاعــفة...)
( أضعافا كثيرة ).
ــ ( يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنــيّ الحميد ). فاطر 15 .
غنــيّ: لا يحتاج لعباده ! حميـــد، لمـن رفـّــه، وأغاث عباده ! ومسح دموعهم.
ــ ( ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين )57-58 الذاريات.
ــ ( ... والله الغنــي وأنتم الفقراء ...) . محمد 38. وما جاء في سورة البقرة 268.
وإنما منزلتـُـه - كذلك - : - سبحانه وتعالى- أن يردّه له أضعافا مضاعفة .
ــ كما نلاحـظ : المقابلة ، بـين "زيـــــد" الذي يأكل الــربــا أضعافا مضاعفة !
( يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الـــربــا أضعافا مضاعفة ...) ءال عمران 130.
ــ وما يقابل ذلك، في ءاية البقرة 245: ( من ذا الذي يقرض اللهقرضا حسنا فيضاعفه لـه أضعافا كثيرة والله يقــبض ويبســط وإليه تـُــرجعون ).
ــ والله هو الذي يقبض علـى : زيــــــد من أجل إتيانه الربـــا.
ــ والله هو الذي يبسط لـ : زيــــــد في صدقاته، وفي قرضه الحسن.
ــ ثم الحساب يوم يحمــى عليها ( الكنــز) في الآخرة - والعياذ بالله الشديد العقابمن ذلك .
ــ إذن !فالقرض الحسن، إلى الله !هو إيماءٌ، إلى القرض السيّـئ - بل هو أكبر من سيّـئ ! وهو الــربـــا، الذي يوتيه زيــــد لعمــرو، ويــأخــذه !ويــأكلــه !
ــ ويقابل كل ذلك ، أن الذين يقرضون الله : القـرض الحسن (الصدقــة ) ويـــريدون بها وجه الله !لا جحيم، ولا ظلمات جيوبهم وبطونهم ! أولئك هم المضعِـفــون. ( ... وما ءاتيتم من زكــــــــاة تريدون وجـه الله فأولئك هم المضعِـفون). الروم 39.
ــ نلاحــظ المقابلة، هنا - كذلك - ( وما ءاتيتم من ربــا لتربوا في أموال الناس
فـلا يربوا عند اللهوما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعِـفون).
ــ لــنــتـّـق الله ! ولــنؤب إليه !
ــ جــاء جــزاء القرض الحسن(الزكاة – الصــدقة ) عوض الــربــــا في ءايات كثيرة منها :
ــ ( إن المصدقيـن والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم ). الحديد 18.سماهم الله : بـ المصـدّقين و بــ : المصدقـات...
ــ جاء قبلها، في نفس السورة، الآية 11: ( من ذا الـذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لـه وله أجر كريم ). وما جاء في ءاية التغابن 17.
ــ مـدح الله، أولئك الذين يقرضون الله قرضا حسنا ( إشارة - دائما - إلى عدم إتيان الــربــا !وأخــذه !وأكلــه !...
ــ وجاء بالنسبة لبني إسراءيل: في ءاية المائدة 12: ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسراءيل... وقال الله إني معكم لئـن ... وءاتيتم الزكــأة... وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم و... ). كما جاء بالنسبة لنبي الله، شعيب ( عليه السلام ) ما جاء في سورة هود 88.
ــ نلاحــظ هنا : أن ذلكم ، شرط للمعيــة !معيـّـة الله سبحانك ! سبحانك !
ــ وكما جاء بالنسبة لنا، وبصيغة الأمر، في سورة المزمل 20 : ( ... وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأن فسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا إن الله غفور رحيم ).
ــ لأن نربي أموالنا، في أموال الناس ( وذلك هو الربا بعينه )، ولأن نأذن - مع ذلك - بحرب من الله !ويضاعف لنا العذاب، يوم القيامة ...خيرٌ وأحسن ؟ ! أم نقرض الله قرضا حسنا ( زكاة وصدقة ) فيضاعف لنا الأجر، والثواب، في الدنيا وفي الآخرة. لنتبــصّــر !ولنخــتار؟ !- ما جاء على الأقل- في ءايــــة المزمل 20.
* فما هــو الحــــل *
ــ الحــلّ بالنسبة لـ : " زيـــــد ": ( ولا حـلّ له غير ما سيأتي ) :
ــ وهو أن يكفعلى تعامله بالربــا ( أن يربي ماله في مال غيره) كالذي يتخبطه الشيطان من المـس !- في الدنيا - قبل جهنم، ( يوم يـُــحمى عليها في نار جهنم فتكــــوى بها ...) يوم القيامة. تراه يتحدث مع نفسه، ويتمتم ، ويهمهـم !همّــه ماله، الذي يربــيه عند غيره، عـدد كل حصّـة منه !الفائدة التي ستنجـرّ منه !إرجاعه !إعادة قرضه مضاعفته، !إلى غيــر ذلك ... والشيطــان - دوما - يعـــده الــفــقـــر. ( الشيطان يعدكم الــفــقــر... والله يعدكم مــغــفــرة منه وفضلا...) البقرة 268.
ــ (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلاغرورا أولئك مأواهم جهنم...).النساء 120.
ومــا جــاء في ءايـــة الإسراء64: ( ... وشاركهم في الأمـــوال ...) . تـراه( زيــد ) ( كالمجنون) ! متحركا،من غير اتّــساق ! تراه، عاجزا ، عن اقتحام مشاق الإشتغال، فـــي الإكتساب، كغيـــره، مـــــن سائر الناس، بصفة فطرية وطبيعية، كالمدمن في
تعاطي المخدرات. لأنّ همـّـه مالـُه، ووسوسة دائبة، من الشيطان !وسوسة، وهلس، في مئال ماله، عند غيره، ودخله منه ، جاءت الإشارة إلى ذلك، في قوله تعالى : ( ومـــن يعــش عن ذكــر الرحمــاننقيض لــه شيطانا فهو له قريـن وإنهم ليصدونهم عــن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون...) 37-39. الزخرف. وما جاء في ءاية فصلت 25.
ــ إنـــما المال( الــرزق ) جــعل اللهاستثماره، مــن صاحبه، إن ربحاً، أو خسارة !أما أن ينتظر الـــــربح - والــربـــح فقط ، من غيره - فلا ... ولا... فليأذن، مـــن يفــعل ذلـــكم، بحـــرب من الله !
ــ ( الذين يأكلون الربــا لا يقومون إلا كما يقوم الذي بتخبطه الشيطان من المس...) 275 البقرة. ( فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله...)البقرة 279.
ــ من حلول الــرابــي : ( زيـــد، )أن يشترك مع شخص ما ( عمــرو )في حركة، أو تجارة ، بنسبة مائوية، أو بثلث، أو بربـع، ما يسمى فقهيا بـ : " القراض " وذلك في الربــح، وفي الخســارة !- مــعا - فمثلا : 10 بالمئة، أو ثلاثون بالمـائة أو ربــع، أو ثلـــث ، أو ... مــن الربــح ، ومــن الخـــسارة !.
ــ مصداقا لقوله، سبحانه وتعالى : (... وأحل الله الـبــيـع وحرم الربـــا...) البقرة 275.
ــ معــنى ذلك أن المقترض (عمــرو) إذا ما خسر !فيخسر لـه، أو معه زيـــد، المقرض بتلكم النسبة، المتــّـفق عليها ، فلا شك أن في هذه الحالة سـيُـثمر الله لــــــــــه (لزيـــد ) ويُــضاعف له، أضعافا مضاعفة. فهو خــيرمــــــن أن يربــي ( زيــد ) مـاله، في مال عمــرو: الــزيــادة - دائما - ولو خسر " عمــرو " !
ــ ( ... فمن جاءه موعظة من ربـه فانتهى فلـه ما سلف وأمره إلى الله ومـــن عــاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربــا ويربــي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيــم ).البقرة 275-276.
ــ إذن ! فـالحلّ الأول هو : أن يكفّ زيــــد من التعامل بالربــــا !من مال الله الذي ءاتاه، والذي جعله مستخلفاً فيه، بأن يـــذر ما بقــي منه، ويسترجع رأسماله، كما أعطاه - أول الأمر - إلى عمــرو (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربــا... وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لاتظلمون ولا تظلمون ).278- 279. البقرة ولا يعــود إلى ذلك - أبدا – ( ...ومن عــــاد فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ).
البقرة 275. وذلك ( ... من قبــــل ... ومــن قبـــل ...).الزمر 54 و55.
ــ ( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين). (... وهو خير الرازقين ).
ــ ومـن حلول الربــا،ما جاء في ءاية البقرة، السالفة الذكر، وهـــو" الصدقــة " له( لعمــرو ) بما طلب من قرض، وجاء ذلك في ءاية أخرى، بأن الله ( ... ويربــي الصدقات...) يزيدها، ويزيد ... ( ... وعـد الله حقا ومــن أصدق من الله قيــلا ).
ــ إذن، فالحل الأنجع - من لدن العليم الخبير - هو : أن زيــــد، عندما يشعر أن
عمـــرو، استنفــد كل جهده !وبذل غاية ما في إمكانه، فعجز – أخيرا - عن رد ما إقترضه من زيــــد فعلى هذا الأخير، أن ينتظر تيسير عمـــرو،بشرط أن يـوقف " المكبس " ( مضاعفة الربـــــا ).
ــ بـل ! وأحسن من ذلك !أن يصدّقلــ : عمــرو كل ما هو عليه !الآية 280 من سورة البقرة، قبل ءاية الـدّيْـن: ( وإن كان ذو عسرة فنطرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ). ــإن كنتم تعلمون على الأقــل ــ :
ــ ( ... فابتغوا عنــد اللــــه الرزق واعبدوه واشكـــروا لــه إليــه ترجعون).العنكبوت 17.
ــ فما أفيــد؟ !ومـا أثمـر؟ ! ربـــا الله !وهـي الصــدقـة ( من مال الله الذي ءاتانا !والذي جعلنا مستخلفين فــيه !) يرزق اللهبها زيـــد، ويربي لـه، ما تصــدق بـه لـ : عمــرو، ويرزق زيـــد ، من حيث لا يحتسب !
ــ ( الشــيطان يعــدكم الفــقـر ... والله يعدكم مــغـفــرة منـه وفضــلا والله واسع عليم ) 268 البقرة.
ــ ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعـة أن يوتوا أولـي القربى والمساكين... ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ). النور 22. ( ... والله ذو الفضل العظيم ).
ــ ومن حلول الـــرابي (زيـــد ) يقرض القرض الحسن من غير ربـــا لـ : عمــــرو، فيضاعف له الله،أضعافا كثيرة !مما كان ينتظره من الــربــا !
ــ العــذاب !أضعافا مضاعفة ! لـ : زيــد ، في أخذه، من عمــرو، الــربــا !
ــ والأجر والجزاء ، أضعافٌ كثيرة، لــ : زيــــد، من أجل قرضه لــ: عمــرو من غير ربــــا. البقرة 245.
ــ جاء القرض الحسن، مقابل الــربــا ( السـيئ ) في ءايات كثيرة ، وبصيغ مختلفة،
في الآيات السالفة الذكر: البقرة ، والحديد ، والتغابن.
ــ كما جاء، في سورة المائدة 12، بالنسبة لبني إسراءيل.
ــ وكما جاء ، في سورة هود 88 ، بالنسبة لشعــيب ( عليه السلام ).
ــ كما جاء في سورة النحل 75، والمزمل 20. جاء ذكره، بعد إيتاء الزكاة.
ــ من الغريبأنه جاء، القـرض الحسـنمن جانب زيــد . كمثل ضربه الله لنا العليم الخبير ! مصداقا، لقوله تعالى : (... ومن أصدق من الله حديثا ).
ــ ( ولقــد ضربنا للناس في هذا القرءان من كل مثل لعلهم يتذكرون ).الزمر27. جاء ذلك ، في سورة النحل75 ( ضرب الله مثلا ... ومن رزقناه منا رزقا حسنا...).
ــ ومن الغريبأيضا ! أنه جاء بصيغة الأمر !مــا جــاء في ســــــورة المزمل 20:
ــ (...وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم). جاء هذا الأمر، بالنسبة لــ: زيـــد ! ألا يقول لخالقه، ورازقه، الله الشديد العقاب، ونقول معــه : لبــيك ! اللهم لبيك ! لبيك ! اللهم لبيــك !...
ــ ألا تكفي هذه؟موعظة من الله: ( الذين يأكلون الــربــا... فمن جاءه موعظة من ربــه ...) البقرة 275.
* إذن !فما هو موقف " عمرو " من الربــا *
ــ كلموضوع الربــا، الذي قصدتُ تدبّــره، بعون الله، يتركز، في موقف "عمرو"المستلف، والمقترض بـ : " الربــا " ؟ ! مــن " زيــد " أو من البنك، أو من مؤسسة أخرى... ثم يدفع مقابل ذلك - زيادة - ينمّــيها لـه، أو لهم !في ماله، لـمــؤتيــه له، يــأخـذ وه منه، ويــأكــلـوه، هنيئا مريئا ( بل نارا في بطونهم... ) كما سبق أن بينتُ .
ــ ما يدفعه عمرو، لــزيد، المقرض " بالربــا " ليس ربــاً - أبــدا- بالنسبة لعمرو، ولا يمكن أن ينعت بذلك. لــنتدبــر !ولنتذكـّـر! كما افترى المفترون، على الله وعلى رسوله ، في قولهم ، وحكمهم : إنّ الآخـــذ ، والــمعــطي ، فيه سواء !.
ــ من أين لهم؟إشراكهما ( زيـــد ، وعمــرو )في الــربــا؟ والله العليم الحيكم، بيـّــن ماهية الــربــا في الآية الصريحة من سورة الروم 39 : ( وما ءاتيتم من ربــا لتربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكــــــاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعـِــفون).
ــ " عمرو "، ليس له مال !إنما المــالالذي يربو في مــال غيره، هو مال زيـــــد. - لا غيـــر - فــلا نـتـبــلـّـد !
ــ وإنما يجب على " عمرو " حين يستلف، أو يقترض ، أن يكون حاذقا، أيما حِذق، في حساباته، لإنجاح مشروعه !فعلــيه ، أن يفكر، ويقدّر، ويتروّى في تصميمه، من غير أن يخطئ ، في حساباته، وإلا فلا يلومــنّ إلا نفســه.
ــ حينئــذ، فليقترض، لينشئ مشروعه، أو لينــمّــه، فالذي سيزيده، على الرأسمال، المستلف من زيـــد، ليس ربـــا- أبــــــدًا– بالنسبة إليــه ( عمــرو ).
وإذا لم تكن غير الأسنة مركباًُ
فلا يــسع المضطر إلا ركوبهـــا
ــ فإذا كان - مثلا - ما يعزم " عمرو " إنشاءه أو إحداثة، لن يدرّ له أكثر من 15 بالمائة، فلـِـمَ يستلف بـ : 25 بالمائة !؟ أو أكثر...: فيــداك أوكتا وفوك نفــخ !
ثم يلومونه، أو يلوم نفسه: إنما ذلك ( الإفلاس ، والإخفاق ) إنما وقعا له ، في مشورعه ، لأنه استلف بالربـــا ( فأي ربــا هذا ؟) فــلا !وألف لا ! فليطمئــن كـل الإطمئنان ! إذن !فلا تأخذه الهلوسة !لم يكن الشيطان أن يخبّــطه من المسّ، كما يتخبّــط - زيـــــد - مـــن المـسّ ! ذلك الذي يؤتي، ويأخـذ، ويأكل الــربــا . إنما سهم، وحظ ، ومصير، عمــرو (المقترض) ، لأنه لم يتروّ في تفكيره، وفي حساباته، قبل أن يستلف - بالربــا- ( بالزيــادة ) من زيـــد، ولـو من غير زيادة في بعض الأحيان. ـ ما دفعتـَه ، وما تدفعه يا عمرو !ليس ربــــا!ًوليس تعاملا بالربــا !فلتهــدأ !وليسكن قلبك - خاصة - فلا تسمع لمن يلومك !فالذي يلومك - يا عمــرو - !فليتدبـّـر، ءايات الله، البينات المبينات، المحكماتقبل أن يفتي بـ: ( فويل للمصلين ) فلا يكفي أن يتلـذّذ ، كلام الله !ويلوكـه ثم يفتي لك بغير ما أنزل الله !
ــ فلا نكــن عملاء !لأعداء الله !وأعداء رسوله ( كتابــه ) الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) . فصلت 42.
ــ الــربــا: - فقط - هو ما جاء في سورة الروم 39 - كما سبق أن بينتُ - وهو الذي يقترفه زيــــــد،الذي يـربي ماله في مال الغير. ( في مــال عمـــرو).
* الخلاصــــة *
ــ لا بد من تلخيص للموضوع ، بـل لا بـدّ من تحــرٍّّ ومن تحفظاتٍ :
ــ من افتراءاتهم، على الله العليم الحكيم، الذي أنزل القرءان تبيانا لكل شئ :
( ... ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهـدى ورحمة وبشرى للمسلمين ).
ــ من افتراءاتهم - على الله- : أن ما يدفعه عمــرو، لزيـــد ربـــا !ذلك بقولهم إفتراء على الله، الشديد العقاب وعلى رسوله : أن الآخــذ، والمعطـــي، فيه سواء !!من أين جاءوا بذلــك ؟ !
ــ ( وكذلك جعلنا لكل نبئ عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ) 112 الأنعام .
ــ ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ...) الشورى 21.
ــ (... قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون )59 يونس.
ــ (سينالهم غضب من ربهم وذلــة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين)الأعراف 152.
ــ ( ... تاللــه لتسألــن عما كنتم تفترون ).النحل 56. إلى غير ذلك من التنديد، ومن التنكيل بالمفترين !
ــ ومن إفتراءاتهم على الله، ذي البطش الشديد !أنهم قسـّــموا الــربــا إلى: فضــل !ونسيــئة !ربــا الفــضل؟ وربـــا النسيــئة؟... ويــدٌ بيــد ! وعــين بعــين !ومثــل بمثــل ! إلى غير ذلك ... ( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ...)النجـم 23.
( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ...).116-117. النحل. ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون ).يونس 59. بل على الله يفترون !
ــ ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا أو لو كان ءاباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ).البقرة 170.(... أو لو كان الشيطان يــدعوهم إلى عذاب السعير ).لقمان 21. وما جاء في سورة المائدة 104. والصافات 69-70.
ــ قد يـُفهم من قوله تعالى : ( ... أضعافا مضاعفــة ...) في ءاية ءال عمران 130:
( يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا الربـا أضعافا مضاعفة ... ). قد يفهم من هذه
الآية أنه "الربــا" حــلالٌ، أو يجوز لزيــد، أن يربــي !وأن يستثمرمالــه عند عمــرو، بنسبة 1% أو 10% - فقط - من غير مضاعفته. فــلا نغـتــرّ !يجب أن لا نفهم ذلك !من الآية ، إنما يصل الــربــا ، أضعافا مضاعفة لــ : زيـــد ، إذا ما عجز عمــرو، عن دفعه للمستحق، لــ: ( زيـــــد)، في السنة الأولى، فيؤجل له زيــــــد.
- طبعا - بالــربــا، سنوات أخرى !!هناك يكون الــربا أضعافا مضاعفة - يا له من منكر !! فهو نهـي، يشمل الربا أضعافا، والــربا معقولا ( نسبيا ) . فكلــه ربـــا !كله مــال زيــد، يربيه ( يـُنمـّــيه ) في مـال عمرو.
ــ قد يلجأ المرء إلى إيداع نصيب من ماله ، في مصرف ما !من أجل تأمينه، من السرقة ، أو من السطو عليه، ( ومن شـرّ غاسق إذا وقــب ) !لا من أجل تنميته بــ :
( الــربــا ). فما يـدرّه ، ذلكم المال، من ربـــا ، وإن كان ضئيلا جدا !ً بالنسبة لما يدفعه هو لــ : زيـــــد - عند الإستلاف منه - فمن الأحسن :
- أ - أن يأخذه، ولا يتركه للمصرف !
- ب - أن لا يأكله !لأن فيه شبهة !من باب الإحتراز، والتحرّي، ويؤتيه محتاجاً فقيراً. فهو حلال له، ولا نشك في ذلك !
ــ لقائـل، أن يقــول:إننا شجعنا - بذلك - المصرف أو زيـــد لتعاطي الــربــا !
ــ بـل العكــس !
ــ أولا : لأننا لم نقصد - بذلك - تنمية مالنا عنده، وإنما قصدنا تــأمــيـنــه !
ــ ثانيا : لا نترك له الفائدة !ولن نتركها له ( كما يفعل الكثير) لإضعافه. فإن فعلنا ذلك، وتركنا له الفائدة، فذلك هو التشجيع بعينه.
ــ ثالثا : بل شجعناه ( بمفهوم المخالفة) على التمادي في العمليات الربوية حتى يكون كيد الـلـه : عليه، وعلى شركائه، ( في البنك ) عظيما ( بل أعظم !) ( من جانب العزيز المقتدر) . ( كذبوا بــئاياتنا كلها فأخذناهم أخــذ عزيز مقتدر ) .
ــ لقد صدق الله العلي العظيم ، في محاربته للربــــا. ( ... فمن جاءه موعظة من ربه فانتهــى فله ما سلف... ومن عــاد فأولئك أصحاب النــار هم فيها خالدون ).البقرة 275.
ــ (يمحق الله الربا ... والله لا يحب كل كــفـّــار أثيم ).البقرة 276.
ــ (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الــربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله...).278و 279 . البقرة.
ــ رأينا هذه الحرب من الله !- حقيقة - في هذه السنين الأخيرة، بالنسبة لانهيار، بعض البنوك ، والمصارف ، والمؤسسات المالية، وعجز بعض، من الدول العظيمة عن دفع مستحقانها ، - وخاصة - تعهداتها الدولية، ما ءال إليه: اليونان، وإسبانيا، وإيطاليا، وغيرها ... وحتى أمريكا العظمى، تــزعــزع اقتصادها ! و فرنسا... لم تبق دولة، في العالم الأروبي، ولا الأسيوي، ولا الأمريكي، إلا ووصلها الأوار الشديد ! والتوهج، والتأجج ...
ــ وما من دولة إلا وأصابها عجز في الميزانية - وبخاصة - تسديد الدفوعات ما يسمى بـ : " الإفــلاس ".
ــ( إن بطش ربك لشديد ).البروج 12.
ــ كل ذلك بسبب تعاطيهم ، وأخذهم، وأكلهم الــربـــا.
* واللــه أعلـــــم *