عملية قلب مفتوح فى خرافات الدين السًّنى

آحمد صبحي منصور في الأحد ١٩ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

مقدمة

خرافات الدين السُّنّى سبقت الطب الحديث فيما يعرف بعمليات القلب المفتوح . خيالهم الجامع مع الكثير من الجهل المتراكم جعلهم يفهمون ما تردد فى القرآن الكريم عن ( شرح الصدر ) بأن الملائكة جاءت للنبى وعملت له عملية جراحية شقت فيها صدره وأخرجت قلبه فغسلته وطهرته، واستخرجت من قلبه قطعة شيطانية . نتوقف أولا مع الرؤية القرآنية لشرح الصدر ، ثم نتسلى بخرافات شق الصدر فى الدين السنى  من الشيطان قوله جل وعلا .

أولا : رؤية قرآنية فى موضوع شرح الصدر

1 ــ ( شرح الصدر ) هو تعبير مجازى يعنى قبول القلب البشرى لشىء ما وإعتناقه ، والقلب هنا ليس العضلة التى تضخ الدم ، ولكنه ( الفؤاد ) و ( النفس ). والكافر ينشرح صدره للكفر ويرتضيه ولا يرضى سواه ، يقول جل وعلا : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ( النحل )). هنا شخصان : أحدهما مؤمن وقع تحت إكراه فى الدين إضطره الى أن يعلن الكفر ، و الله جل وعلا لا يؤاخذه بما قاله مُضطرا مُكرها . الله جل وعلا يؤاخذ الذى شرح بالكفر صدره ، ورضاه وإستراح له . هذا معنى شرح الصدر بالكفر.

2 ــ وهناك المؤمن الذى إنشرح صدره بالايمان بالله جل وعلا الاها لا شريك له ، سعى للهداية فهداه ربه جل وعلا وشرح صدره للاسلام ، يقول رب العزة جل وعلا : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) الزمر ) هذا المؤمن حين يقرأ القرآن الكريم أو حين يسمعه يقشعر جسده ويهتز قلبه بالخشوع والايمان ، يقول جل وعلا :( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) الزمر ).

3 ــ وبالتالى فالناس أمام القرآن الكريم ( احسن الحديث ) بين موقفين : إما أن ينشرح صدره ويؤمن به وحده حديثا ، وإما أن يضيق صدره ويرفض الاكتفاء بالقرآن الكريم حديثا ، يقول جل وعلا : ( فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)الانعام )

4 ــ والقرآن الكريم هو ( الفرقان ) وهو ( الميزان ) وهو الذى يكون الفرقان بين المؤمن والكافر ، وتتحدد بميزانه مواقف الناس ، فالكافر حين يُتلى عليه القرآن يزداد طغيانا وكفرا : (  وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً )  (64) المائدة ) ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) ) المائدة )، والمؤمن يزاد بالقرآن إيمانا وينشرح به صدره أكثر وأكثر  (  إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الانفال ). وفى تناقض الموقفين بين المؤمنين والمنافقين يقول جل وعلا (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) ) التوبة ).

5 ــ من أجل هذا كان نزول القرآن الكريم شرحا لصدر النبى محمد عليه السلام ، وهذا معنى قوله جل وعلا له : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الشرح )  

6 ــ  ومن أجل هذا أيضا أمره رب العزة ــ وأمرنا معه ـ أن نستعيذ بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم حين نبدأ قراءة القرآن ليصل نور الهداية القرآنية الى قلوبنا فتزداد هدى وإنشراحا ، يقول جل وعلا : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)النحل ) ولأنه أمر عام يجب أن ينفذه المؤمنون فإن الله جل وعلا يقول فى الآية التالية عن الشيطان : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)النحل ) ، أى فطالما يستعيذ المؤمن بربه جل وعلا  ــ مخلصا ــ من همزات الشيطان الرجيم فلا يمكن أن يكون للشيطان سلطان عليه . لأن المؤمن إذا وسوس اليه الشيطان سارع بالاستعاذة برب العزة منه ، يقول جل وعلا للنبى عليه السلام ولنا : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) الاعراف ) .

7 ـ  والأنبياء والمتقون من المؤمنين يجمعهم معا قوله جل وعلا ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (33) الزمر ) فالذى جاء بالصدق هو النبى ، والذى صدّق به هم المؤمنون المتقون ، وجزاؤهم : ( لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34)الزمر ) يوم القيامة سيدخل المتقون ( من الأنبياء  والمؤمنون الصادقون ) الجنة (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً )(73) الزمر) بينما يُساق الكافرون الى جهنم (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً  )(71)الزمر) . الفارق بينهما هو عبادة الرحمن أو عبادة الشيطان . المتقون يستعيذون بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم ، أما أتباع الشيطان فله عليهم السلطان .

8 ــ وبهذا فإن كل الأوامر للنبى محمد عليه السلام بالاستعاذة بالله جل وعلا من الشيطان الرجيم هى أيضا موجّهة للمؤمنين على قدم المساواة ، كقوله جل وعلا : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) فصلت ) . وهنا الخطاب للنبى ولنا ، ومثله قوله جل وعلا : ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) المؤمنون ) ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6))

9 ــ ولكن : لماذا جاء الخطاب أولا للنبى نفسه مباشرة ولنا ضمنا ؟ للتأكيد على بشريته وعدم عصمته من الوقوع فى الخطأ ــ خارج تبليغ الوحى القرآنى ـ وإمكانية أن تؤثر فيه وسوسة الشياطين . وجاء هذا ردا مسبقا على أصحاب الديانت الأرضية من المحمديين الذين أتوا بعد موت النبى محمد فى العصر العباسى يخترعون شخصية الاهية مقدسة للنبى محمد ، ومن ملامحها أنه معصوم من الخطأ .

10 ــ  ولتسويغ هذه الفرية إفتروا حادثة ( شقّ الصدر ) ، وبكل ما يحملون من جهل قاموا بتجسيد الموضوع ، فلفّقوا روايات جعلوا الملائكة تقوم بعملية ( قلب مفتوح ) للنبى . وكالعادة إختلفت أكاذيبهم فى الروايات ، فتجد فى الرواية الواحدة إختلافات فى التفاصيل ، هذا عدا تعدد الروايات ، هل حدثت عملية القلب المفتوح للنبى وهو طفل ، ام بعد النبوة . هذا الهُراء لا يستحق أن نضيع وقتنا فى مناقشته . نكتفى بذكر أمثلة .

ثانيا : شقّ الصدر فى أساطير الدين السُّنى

1 ـ إحتفل الدين السُّنى بهذه الأسطورة فترددت بصور مختلفة ومتنوعة فى كتب الأحاديث وكتب التاريخ فيما يخص السيرة ، وفى كتب السيرة . وردت فى الطبقات الكبرى لابن سعد ، وتاريخ الطبرى ، ومروج الذهب للمسعودى . وفى كتب الحديث أوردها صحيح البخارى فى كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج ، وأوردها صحيح مسلم  كتاب الإيمان، باب الإسراء، والبيهقى فى كتابه : دلائل النبوة  . وأكّد عليها ابن حجر فى شرحه للبخارى فى كتابه ( فتح البارى ) . ونقل ذلك عنهم المفسرون فى تفسيرهم المزعوم لسورة ( الشرح ): ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) الشرح ).  ونكتفى ببعض أمثلة :

2 ـ البخارى ذكر روايات متناقضة فى ( شق الصدر ). يزعم فى بعضها أن ( شق الصدر ) حدث حين كان النبى طفلا فى رعاية مرضعته حليمة السعدية ، ويزعم أيضا أنها حدثت له بعد النبوة قبل المعراج ( الاسطورى ) الى السماء . ونفس الروايات ينسبها لأنس بن مالك : ( عن أنس بن مالك قال : كان أبو ذر يحدث : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبرئيل ففرج صدري ، ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطست من  ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا ) ، وأيضا : عن أنس بن مالك : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أتاه جبرئيل ، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني ظئره . فقالوا : إن محمدا قد قتل فاستقبلوه ، وهو منتقع اللون ، قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره . )، ( حدثنا هدبة بن خالد: حدثنا همام، عن قتادة. وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد وهشام قالا: حدثنا قتادة: حدثنا أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان - وذكر: يعني رجلا بين الرجلين - فأتيت بطست من ذهب، ملئ حكمة وإيمانا، فشق من النحر إلى مراق البطن، ثم غسل البطن بماء زمزم، ثم ملئ حكمة وإيمانا، وأتيت بدابة أبيض، دون البغل وفوق الحمار: البراق، فانطلقت مع جبريل حتى أتينا السماء الدنيا، قيل: من هذا؟ قال جبريل، قيل: من معك، قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحبا ولنعم المجيء جاء، فأتيت على آدم فسلمت عليه، فقال مرحبا بك من ابن ونبي، فأتينا السماء الثانية، قيل: من هذا، قال: جبريل، قيل: من معك، قال محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحبا به..الخ ).

2 ـ وعكست كتب التفسير هذه الروايات ، يقول القرطبى فى تقسير ( ألم نشرح لك صدرك ) : ( وفي الصحيح عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة- رجل من قومه- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «فبينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا يقول: أحد الثلاثة فأتيت بطست من ذهب، فيها ماء زمزم، فشرح صدري إلى كذا وكذا» قال قتادة قلت: ما يعني؟ قال: إلى أسفل بطني، قال: «فاستخرج قلبي، فغسل قلبي بماء زمزم، ثم أعيد مكانه، ثم حشي إيمانا وحكمة»...وفي الحديث قصة. وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «جاءني ملكان في صورة طائر، معهما ماء وثلج، فشرح أحدهما صدري، وفتح الآخر بمنقاره فيه فغسله».).

3 ــ  ويقول السيوطى فى نفس الموضوع  فى أواخر العصر المملوكى: ( وأخرج البيهقي في الدلائل عن إبراهيم بن طهمان قال: سألت سعداً عن قوله: {ألم نشرح لك صدرك} فحدثني به عن قتادة عن أنس قال: شق بطنه من عند صدره إلى أسفل بطنه فاستخرج من قلبه، فغسل في طست من ذهب، ثم ملىء إيماناً وحكمة، ثم أعيد مكانه..وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبيّ بن كعب أن أبا هريرة قال: يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوّة ؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً وقال: «لقد سألت أبا هريرة إني لفي صحراء ابن عشرين سنة وأشهراً إذا بكلام فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل: أهو هو؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح لم أجدها في خلق قط وثياب لم أجدها على أحد قط، فأقبلا إليّ يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسّاً فقال أحدهما لصاحبه: أضجعه. فأضجعني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما: افلق صدره فخوّى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له: أخرج الغل والحسد. فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثم نبذها، فطرحها، فقال له: أدخل الرأفة والرحمة فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز ابهام رجلي اليمنى. وقال: اغدوا سلم، فرجعت بها أغدو بها رقة على الصغير ورحمة للكبير».)

4 ــ وفى عصرنا البائس تتم المزايدة على هذا الجهل ، بلا حياء أو خجل .  ورد الى أحد المواقع السلفية هذا السؤال : (   أود السؤال عن مدى صحة حادثة شق صدر الرسول صلى الله عليه وسلم. و مدى صحة الأحاديث الواردة بهذا الصدد مع العلم أنًّ أكثرها عن حليمة السعدية التي توفيت قبل البعثة والله أعلم ) وجاء الرد : ( الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏فقد ثبت شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: الأول في طفولته عند حليمة ‏لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك، والحديث في ذلك ثابت صحيح ‏أخرجه مسلم وغيره ولفظ مسلم (عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى ‏الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج ‏القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب ‏بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئيره- فقالوا إن ‏محمداً قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: أرى أثر المخيط في صدره". والظئير ‏المرضعة وهي هنا حليمة كما هو معلوم.‏ الثانية : عند مبعثه ليتلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير قال ‏الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث باب المعراج من البخاري قال: وثبت شق الصدر عند ‏البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل.‏ وقد ذكر هذه الشقة أصحاب السير.‏الثالثة: عند الإسراء والمعراج ليتأهب للمناجاة. قال الحافظ ويحتمل أن تكون الحكمة في ‏هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه صلى الله عليه ‏وسلم وقد ثبتت هذه المرة في الصحيحين وغيرهما.‏وقال عبد العزيز اللمطي في نظمه قرة الأبصار في سيرة المشفع المختار :‏
وشق صدر أكرم الأنام *وهو ابن عامين وسدس العام
وشق للبعث وللإسراء *أيضاً كما قد جاء في الأنباء
وقد ختم الحافظ مبحثه في شق صدره صلى الله عليه وسلم وغسل قلبه بكلمة تحدد ‏واجب المسلم تجاه ما ثبت في هذا الصدد ونحن نختم بها جوابنا هذا قال الحافظ :(وجميع ما ‏ورد من شق الصدر واستخراج القلب وغير ذلك من الأمور الخارقة للعادة مما يجب ‏التسليم له دون التعرض لصرفه عن حقيقته لصلاحية القدرة فلا يستحيل شيء من ذلك(
والله أعلم.‏(‏ ‏

أخيرا

1 ــ جراح القلب المشهور ( كريستان برنارد ) المولود فى جنوب أفريقيا فى 8 نوفمبر 1922 ، والمتوفى فى 2 سبتمبر 2001 هو أول جراح قلب يقوم ويتخصص فى نقل وزراعة القلب البشرى . كانت اولى عملياته فى 3 ديسمبر 1967 . وقبله  كان دكتور جون جيبون(John Gibbon) اول من استطاع (سنة 1953) اجراء عملية القلب المفتوح .

2 ــ من حق الغرب أن يفخر بإنجازاته التى تنعم بها البشرية . ومن حق السنيين الوهابيين أن يفخروا  بدين داعش .! 

اجمالي القراءات 17624