التفاضل وآفة الفكر السلفي

سامح عسكر في السبت ١٨ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

آفة الفكر السلفي أنه يقوم على مبدأ.."التفاضل"..أي المفاضلة، دائماً يبحث عن الأفضل ثم يضع قواعده بترتيب ونسق معلوم ..

هذا الأسلوب في التفكير دائماً ما يوقع أصحابه في اختيارات سيئة، لأن مبدأه التفاضلي يجعل من الآخر دائماً محل شك، فكلما بحث عن الأفضل كلما ظهرت لديه معائب الأسوء، فيتسلط على تلك المعائب وتتضخم لديه حتى تُصبح مطاعن لا يُقبل بها صرفاً ولا عدلاً..وهذا هو السر في نشوء نزعات التكفير والعدوانية التي يعاني منها أًصحاب هذا الفكر.

الاختيار الصحيح يبدأ من مبدأ.."التكامل"..لا التفاضل، ويعني أن الجميع يُكمّل الجميع، ما نقص عندي هو يَكمُل عندك، حينها لن يكون هناك إقصاء لأحد، وستقبل الجميع حسب قدراته وسلوكياته.

إن الانشغال باختيار الأفضل يُعيدني بالذاكرة إلى شخصية.."يارا"..في فيلم رامي الاعتصامي، والذي قامت بتمثيله الفنانة.."لانا سعيد"..كانت تبحث دائماً عن الأفضل، ولديها لازمة ترددها.."آخر حاجة"..فأبدع المؤلف في تصويرها كشخصية.."براجماتية نفعية"..لا تعرف سوى المصالح، لا حب ولا شعور ولا ألفة ولا حتى ضمير.

لو تخيلنا أن شخصية يارا هذه عملت بمبدأ التكامل تُرى ما الذي سيحدث؟

في تقديري أنها سترى الإبداع الناقص في رامي عند المطرب هيثم شاكر، والعفوية والبساطة الناقصة في هيثم شاكر ستجدها عند رامي...وهكذا..فلن تحتار كثيراً في اختيار شريكها،

كذلك سيكون اختيارها للأصدقاء أكثر صواباً، بل ربما يكون اختيارها دقيقاً وعميقاً ، والسبب أنها تبحث عن الأفضل الناقص..لا الأفضل المطلق كما كانت في الفيلم، وكما يتخيله أغبياء السلفية، وستنجح في توفيق هذه الصفات المكتشفة على شخصيتها.

منطق التفاضل دائماً ما يتجاهل نسبية الرأي والتصور، بل هو في تقديري لا يصلح لبني البشر، فهو حق حصري وقدرات لا تتوفر إلا للرب، وما من تفاضلي إلا ويكون طرفاً في مشكلات عديدة وصعبة، وليست لديه الموهبة لحل مشكلاته بنفسه، أو لديه الكياسة في عرض رأيه، بمعنى آخر.."جِلف"..بكسر الجيم..!
 
اجمالي القراءات 6534