.ق 3 ف 2 رأي اللجنة في الدولة السعودية ومشروعيتها

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٥ - أكتوبر - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

القسم الثالث:  المعارضة الوهابية التى أنجبت أسامة بن لادن 

 الفصل الثانى :  تحليل الصراع  بين اللجنة الشرعية والدولة السعودية

  صراع اللجنة مع الدولة : صراع بين عقيدتين سياستين من عقائد السلف

رأي اللجنة في الدولة السعودية ومشروعيتها :

تري اللجنة ان مشروعية الحكم السعودي تتركز فقط في تبني الفكر السلفي ،يقول صاحب كتاب (زلزال ال سعود )(وحين نشأ عبد العزيز مؤسس الدولة الحالية في الكويت حدث نفسه باستعادة ملك الآباء وعزم فعلا علي ذلك .وغزا الرياض بهذا الشعار ففشلت حملته ذلك فشلا ذريعا ،وبعدها غير الشعار ورفع شعار تجديد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، وبعث السفراء يهيئون الارضية لذلك فنجح نجاحا باهرا ..وحينما كون عبد العزيز قاعدة له في الرياض كانت راية الدين عاملا قويا في ترجيح كفته علي ابن الرشيد وعلي الشريف حسين ..)[1]

وتكرر نفس المعني في المنشور رقم 20 من منشورات اللجنة في2/11/1994 تحت عنوان :من حقك ان تعلم : ماذا ابقي من الشرعية ،وفي المنشور تحليل لشرعية السعوديين في الحكم ،فيقول انهم لم يصلوا للحكم بالانتخاب الحر المباشر من الشعب وليس بانقلاب عسكري او بعمل حزبي ،وليس بأى إنجازات ،وانما بالشرعية السلفية  حين دخل عبد العزيز الرياض رافعا راية الشيخ ابن عبد الوهاب بعد ان فشل في فتحها قبل ذلك تحت شعار استعادة ملك الاباء ،وبذلك الشعار الديني هزم عبد العزيز خصميه ابن الرشيد والشريف حسين ،وتكرر نفس المعني في نشره 143 في 8/3/98 لتأكيد هذا المعني .

الرد علي رأي اللجنة :

1 ــ ان عبد العزيز فشل في استرداد الرياض للمرة الاولي لأنه قاد جيشا بعثه به مبارك الصباح حاكم الكويت. ومعني انتصار عبد العزيز ان تكون الرياض تابعة للكويت ،ومن هنا استمات اهل الرياض في مقاومة عبد العزيز حتي كسروا اصبعه ،وكان في مقدمة المدافعين عن الرياض ضد عبد العزيز كبار اسرة آل الشيخ في الرياض .

ولكن عندما تسلل عبد العزيز الي الرياض بأربعين رجلا ليفتحها بإسمه نجح في ذلك ،وصاح المنادي (الملك لله ثم لأبن سعود ) وهي صيحة الفتح بالسيف وقيام الملك علي اساس شرعية الفتح ،لأنه قبل ذلك بخمسين عاما  استولي ابن الرشيد علي الرياض .وكانت تابعة لآل سعود ،وصاح المنادي (الملك لله ثم لابن الرشيد ) فالفتح بالسيف هو الشرعية الكبري في نجد في ذلك الوقت ،والا ما كانت هناك شرعية لآل الرشيد حين استولوا علي ملك آل سعود اصحاب الشرعية السلفية ..

2 ــ ولأن عبد العزيز هو صاحب الفتح للرياض فقد استحق الملك ،واعترف ابوه عبد الرحمن له بذلك ،وتميز بذلك عبد العزيز عن ابيه واخوته ،وظل الامر كذلك طيلة حياة الوالد فنجا البيت السعودي في الدولة الثالثة عما ساد من قبل في الدولة الثانية من انشقاق الاخوة وصراعهم ،حيث تساوت المشروعيات في تولي الحكم حسب تساوي وتنازع مراكز القوى ،ولم يعد لذلك وجود في عهد عبد العزيز الذي انفرد بالفتح فأصبح من حقه ان ينفرد بالملك حتي مع وجود ابيه ومشاركة اخوته واولاد عمه معه في الفتوحات .

3 ــ واستعان عبد العزيز بالإخوان بعد تثقيفهم سلفيا ،واسهم الاخوان في اقامة ملك عبد العزيز ،ولكنهم فوجئوا به حين يفتح بلدا يولي عليها اميرا من اسرته ،فالدويش يفتح حائل ولكن يتولاها ابن عم عبد العزيز ،وعندما اشرفت العلاقات علي المواجهة بين الاخوان وعبد العزيز كان واضحا ان الدويش يريد ان يحكم نجد حيث توجد قبيلته ،وكان ابن بجاد يريد ان يحكم الحجاز حيث تسيطر قبيلته عتيبة على الطرق المحيطة بالحجاز ، وكان ضيدان ابن حيثيلين يريد ان يحكم الحجاز حيث تعيش قبائله من العجمان .واخضع عبد العزيز تمرد الاخوان بالسيف ،وبعد ان اتم اخضاعهم ذكرهم بأنهم ليس لهم افضال عليه ،لأنه الذي اخضعهم في البداية لحكمه بالسيف ،ثم اذا ثاروا عليه اعاد اخضاعهم بالسيف ،فبعد مؤتمر خبازي واضحة في 17/1/1930 قال عبد العزيز لفيصل الدويش (انك تعلم يا فيصل ما عملت معك في الماضي ،ما قصرت في حقكم من شئ ،لقد كنت في حرب دائمة مع اهل نجد من اجلكم ،هل كنتم تريدون الملك ؟لقد كنتم ملوكا في الجهات التي كنتم فيها ؟ فهل هذا جزائي منكم ؟ من منكم له الفضل علي ؟ الفضل لله وحده .! من منكم لم آخذه بسيفي ؟ ليس منكم الا من قتلت اباه او اخاه ؟ ولم اخضعكم الا بالله ثم بالسيف .[2] أي اخضعهم بالسيف .ولأنه اقام ملكه بحد السيف فأنه كما وصفه حافظ وهبة ( يتساهل في كل شئ الا ما يمس سيطرته الشخصية او ما يمس مركز حكومته ،فلا يتساهل فيها بحال )[3].

4 ــ واقرارا بذلك من العلماء والوجهاء فقد انعقد مؤتمر الطائف في 10/8/1932 ،وطلبوا من الملك عبد العزيز تسمية المملكة باسم المملكة العربية السعودية ،وذلك علي النسق التراثي السلفي للدول العباسية والعثمانية وغيرها .وكتبوا ذلك الطلب بالطريقة التي كان بخاطب بها السلطان العثماني ،فقالوا( ان المجتمعين يرفعون بكمال الخضوع الي سمو صاحب الجلالة امنيتهم الاكيدة في ان يتكرم باصدار الارادة السنية بالموافقة علي تبديل اسم المملكة الحالي الي اسم يكون اكثر انطباقا علي الحقيقة )..(بذكر من كان السبب في هذا الاتحاد والاصل في جمع الكلمة وحصول الوحدة وهو شخص جلالة الملك المفدي ،وذلك بتحويل اسم المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها الي اسم المملكة العربية السعودية الذي يدل علي البلاد التي يقطنها العرب ممن وفق الله جلالة الملك عبد العزيز ال سعود الي توحيدهم شملهم وضم شعثهم ..).

كان من الممكن تسمية المملكة بمملكة شبه الجزيرة العربية ،ولكن الفقهاء السلفيين في هذا المؤتمر كانوا اكثر تمسكا بالفقه السلفي فيما يخص بتبعية الفقهاء الممثلين للشرع الي ولي الامر . والغريب ان يكون ولي الامر هنا وهو عبد العزيز- اكثر تحررا ومعايشة للعصر من فقهائه ،الا انه ارفق موافقته علي تغيير اسم المملكة بتكليف المجلس بوضع نظام اساسي للملكة (أي بوضع دستور)[4] ولكن ذلك لم يتم ..فظل عبد العزيز يحكم منفردا وفق التقليد السلفي الذي يجعل الامام أي الحاكم يحكم ما فتحه بسيفه علي اساس انه يملك الارض ومن عليها .ثم اذا تعقدت الادارة بعد ظهور البترول اخذ الملك عبد العزيز بأساليب الادارة ما يوافق الزمان والمكان فأنشئت الوزارات وتحددت الاختصاصات المالية علي نحو ما اسلفنا الحديث عنه فيما يخص المعارضة في عهد سعود . والمستخلص هنا ان عبد العزيز كان يحكم بشرعية الفتح ،واعترف له بهذه الشرعية الفقهاء وخضع لهذه الشرعية الثوار من الاخوان .

5ــ  إلا ان شرعية الفتح  لدي عبد العزيز ارتبطت بشرعية اخري تؤيدها ،هي استعادة ملك الاباء والاجداد ،وهنا نتذكر ان عبد العزيز اقتصر في فتوحاته علي استعادة ماكان تابعا لاسلافه من قبل ، وكان بإمكانه في ظروف تاريخية مواتية ان يستولي علي الكويت ،ولكنه قال (لا يهمنا امر الكويت ولا امر من فيه )،  وكان بأمكانه ان يضم اليمن في ظروف مواتيه ايضا ،وبكي فيلبي محتجا عليه قائلا (هل يُتاج لأحد ضم اليمن ويتركها ؟ ضيعت ملك اجدادك يا عبد العزيز ) فقال له الملك :اولا آبائي واجدادي لم يملكوا اليمن ثانيا :ان حربي هذه لم تكن لتضم اليمن بل لأنهاء المطالب في عسير ونجران وجيزان وكل الاراضي السعودية التي لم تعترف بها اليمن وهذا ما حققناه )[5].أي انه كان يحارب لاستعادة أي ارض كانت تابعة للاجداد ،ومن هنا كانت مفاوضاته الشاقة مع  الاردن فيما يخص الحدود ،ومن هنا ايضا كان رفضه التوسع السهل في جنوب العراق ، وكانت هذه صخرة الخلاف بينه وبين الاخوان ،كان الاخوان يريدون التوسع وتجاوز الحدود ،وكان هو يريد مجرد استرداد ملك الاباء ،وظل متمسكا بالقطرية ،أي الاقتصار علي القطر السعودي ،وعدم الاستمرار في الجهاد ، وهذا احد المطاعن التي اخذها عليه مؤلف كتاب زلزال ال سعود ولجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية .

والمستفاد من هذا ان راية استعادة ملك الاباء لم يرفعها عبد العزيز فقط عندما غزا الرياض اول مرة سنة 1901 وانما استمر يرفعها الي اواخر عمره ،وهو يحاول بالحرب وبالمفاوضات استرداد ملك ابائه في حدوده مع الكويت والعراق والاردن واليمن ،وفيما عدا ذلك لم يحاول ضم ارض لم تكن تابعة لأجداده ،بل ان هذه العقيدة استغلال ملك الاباء لاتزال حية في الخلاف القطري السعودي حتي وقت كتابة هذا البحث الان .

6 ــ وفي النهاية فإن شرعية عبد العزيز ودولته السعودية والتي يوافقه عليها ال الشيخ وبقية الفقهاء تقوم علي الفتح لاسترداد ملك الاباء ،وليس علي اساس المذهب الوهابي في حد ذاته ،والا كان ال الشيخ ابن عبد الوهاب احق الناس بتبني هذا الرأي .

7 ــ ونحن هنا نناقش الموضوع من وجهة النظر السلفية .

اجمالي القراءات 8392