وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14) مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )15الإسراء
الآية الكريمة (13)تتحدث عن مسئولية كل إنسان، وإلزامه بكل ما يطير عنه : من أفعال واقوال إشارات ونوايا وآمال وآلام كل شيء ..... وهذا يتم بكل طرق الرصد والتسجيل الإلهية التي لايمكن تخيلها .... ومسؤلية كل إنسان عن جميع ما يصدر عنه مسئولية كاملة ، مهما كان هذا الصادر في العداد البشري قليلا .. حقيرا أو متناهي في الصغر .. سيراه الإنسان منشورا مكتوبا يوم القيامة .... ( ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ) ، وهذا الكتاب المعجز ، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ..... : ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (49الكهف ) ، كل ما كان يتخيل الإنسان وما لا يتخيله إطلاقا ... (ووجدوا ما عملوا حاضرا)، موجود منشور متاح معد ، وعدل إلهي حقييقي ، ليس فيه ظلم كما في الدنيا : (ولا يظلم ربك أحدا )
أما عن التقييم فهو تقييم معجز، تقييم شخصي تخيل ... ، نفهمه من الآية الكريمة : ( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا(14 ) فهو تقييم لا تختلف عليه أي نفس ، لأنه محسوب وواضح ... ونتخيل أنه كأي اختبار موضوعي تقييمه أو تصحيحه سهل جدا ( كمثال للتقريب: أسئلة اختيار من متعدد ،أو صح وخطأ) ليس فيها وجهات نظر أو كلام إنشاء مختلف فيه .....كل سؤال عليه درجة واضحة ومحددة .. ، وعمل كل نفس تجميع الدرجات وتستطيع القيام بذلك العمل، و بكل سهولة ...
,والآية (15) التي جاءت بعد ذلك بوسعك أيها القارئ أن تفهمها في سياقها ،فهي تتحدث عن حرية كل نفس في الاختيار بين الضلال والهدى، وبالتالي يأتي إلزامها الكامل باختيارها.. ولا يعذب الله أحد ، إلا بعد إرسال الرسل ، وإعطائه فرصة اختيار غير منزوعة الحرية في الدنيا ..
وبتتبع كلمة (طائر) نجد : في سورة الأعراف يأتي حديث الآيات الكريمة عن آل فرعون وما أخذهم به الله سبحانه بالسنين ونقص الثمرات ، حتى يذكرون ، لكن كعادة المفسدين كانوا يرجعون الحسنة لأنفسهم هم .. أما إذا أصابتهم سيئة كانوا يتهمون موسى وبمن معه أنهم سبب حدوثها ، ثم تقرر الآيات القانون الإلهي ، الذي لا شك فيه (إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) :
(وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (131) (الأعراف
وفي سورة النمل ( في الآية 47) في سياق حديث القرآن عن قوم (ثمود ) عندما سألهم عن سبب استعجالهم بالسيئة ردوا عليه نفس الرد ، فأجابهم رسول الله نفس الإجابة :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (45) قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (47 )النمل
أيضا في قصة أصحاب القرية في سورة يس في نهاية الحوار بين أصحاب القرية والرسول الثالث ، أرجعوا سبب ما يحدث لهم من بلاء للرسول ومن معه ، فرد عليهم الرسول بأنهم هم سبب ما لحق بهم من بلاء وليس هو ومن آمن معه السبب :
(قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)يس
ودائما صدق الله العظيم