قانون الزوجية وعالم الخلق
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الذاريات: 49"
بسم الله الرحمــن الرحيم...
يقول سبحانه فى سورة الذاريات الآية 49 :" وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الذاريات: 49"
فى هذه الآية الكريمة، يخبرنا الله رب العالمين بأحد أهم قوانين الخلق، والناموس الربانى الذى يظل قائما حتى تقوم الساعة.
ونرى ايضا فى هذه الآية الكريمة كلمة " شيئ "، وهذه الكلمة تكررت 77 مرة فى القرءآن الكريم، ودائما كلمة شيئ تأتى فى القرءآن لتدل على الخلق أو بمعنى آخر عالم الخلق فكل مخلوق هو شيئ وكل شيئ هو مخلوق..... أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ " (سورة الأَعراف 54
وَمِنْ كُلّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ " أَيْ جَمِيع الْمَخْلُوقَات أَزْوَاج سَمَاء وَأَرْض وَلَيْل وَنَهَار وَشَمْس وَقَمَر وَبَرّ وَبَحْر وَضِيَاء وَظَلَام وَإِيمَان وَكُفْر وَمَوْت وَحَيَاة وَشَقَاء وَسعَادَة وَجَنَّة وَنَار حَتَّى الْحَيَوَانَات وَالنَّبَاتَات وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
كذلك فإن كلمة (زَوْجَيْنِ) نكرة، وهي تدل على وجود زوجين بدون تحديد نوع الزوجية. هناك فرق بين الكلمتين (زَوْجَيْنِ) و(الزَّوْجَيْنِ)؛ فقد ذكرت كلمة (زوجين) في القرآن كله أربع مرات فقط ولم تقترن أبداً بالذكر والأنثى، كما ذكرت كلمة (الزوجين) مرتين فقط ودائماً كانت مقترنة بالذكر والأنثى في قوله تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى) النجم 45.
ومعنى ذلك أنه عند تعريف (الزوجين) بالألف واللام يجب أن تكون متبوعة بنوع الزوجية المقصودة؛ لأن هناك أكثر من نوع من الزوجية، والدليل على ذلك قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ" يس:36. وكلمة (الأزواج) جمع، وتحدد الآية وجودها في أنفسنا، وفيما تنبت الأرض، وفيما لا نعلم.
أن الآية في سياق التدليل على قدرة الله ووحدانيته ، إن ظاهرة الزوجية ليست دليلاً على وحدانية الخالق فحسب ، وإنما هي دليل أيضا على نقص المخلوقات وافتقارها لغيرها ، فإنه يمكن القول : لولا معرفة الناس بالقبح لما كان للجمال أي معنى، والذكاء لولا الغباء ، والغنى لولا الفقر ، والفضيلة لولا الرذيلة ، والنهار لولا الليل والأمثلة كثيرة، ولا تستمد قوامها من ذاتها ، وإنما من خلال غيرها.
هناك ظاهرة زوجية رائعة اخرى تشمل معظم بقية آياتها الكريمة ان لم نقل كلها ، سورة الرحمــن ، إذ ان في كل آيه في هذه السورة ظاهرة زوجية تتمثل في ذكر بعض الاسماء و المسميات و الاوصاف المتماثله لفظا او معنى تكرارا مرتين (التطابق اللفظي او المعنوي) او من كلمة واحدة وفيها مايفيد الزوجية ايضا في ذكر ذلك الشيئ، وهى " مُدْهَامَّتَانِ " (سورة الرحمن 64
أنتقل بكم الآن إلى آية أخرى ثم نجمع الآيتين معا لنرى النتيجة بإذن الله تعالى...
نقرأ فى سورة الفجر: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) سورة الفجر
ماذا قالت كتب التفاسير فى معنى الشفع والوتر:
الشفع ) : الاثنان ، ( والوتر ) : الفرد . واختلف في ذلك فروي مرفوعا عن عمران بن الحصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الشفع والوتر : الصلاة ، منها شفع ، ومنها وتر " . وقال جابر بن عبد الله : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : والفجر وليال عشر - قال : هو الصبح ، وعشر النحر ، والوتر يوم عرفة ، والشفع : يوم النحر " . وهو قول ابن عباس وعكرمة . واختاره النحاس ، وقال : حديث أبي الزبير عن جابر هو الذي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أصح إسنادا من حديث عمران بن حصين . فيوم عرفة وتر ; لأنه تاسعها ، ويوم النحر شفع ; لأنه عاشرها . وعن أبي أيوب قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى : والشفع والوتر فقال : " الشفع : يوم عرفة ويوم النحر ، والوتر ليلة يوم النحر. "
وعن ابن عباس أيضا : الشفع : صلاة الصبح " والوتر : صلاة المغرب . وقال الربيع بن أنس وأبو العالية هي صلاة المغرب ، الشفع فيها ركعتان ، والوتر الثالثة . وقال ابن الزبير : الشفع : يوما منى : الحادي عشر ، والثاني عشر . والثالث عشر الوتر.
وقيل : إن الشفع والوتر : آدم وحواء ; لأن آدم كان فردا فشفع بزوجته حواء ، فصار شفعا بعد وتر.
وقال الضحاك : الشفع : عشر ذي الحجة ، والوتر : أيام منى الثلاثة . وهو قول عطاء
وقيل : الشفع : مسجدي مكة والمدينة ، وهما الحرمان . والوتر : مسجد بيت المقدس . وقيل : الشفع : القرن بين الحج والعمرة ، أو التمتع بالعمرة إلى الحج . والوتر الإفراد فيه.
وقيل : الشفع : الحيوان ; لأنه ذكر وأنثى . والوتر : الجماد . وقيل : الشفع : ما ينمى ، والوتر :ما لا ينمى.وقيل غير هذا.
ولأمانة النقل فالقليل القليل قالوا الوتر هو الله سبحانه.
ماذا نستفيد من هذه التفاسير المتناقضة فى بعض الأحيان والمختلفة فى احيان أخرى.
فبماذا يفيدنى كمسلم هذا التفسير، فإليكم رأى الشخصى المتواضع وكما قال سبحانه وما أوتيتم من العلم إلا قليلا، فمدى علمى هو قليلا جدا جدا وفى النهاية الله أعلم ونحن لا نعلم إلا ما علمتنا سبحانك اللهم إنك علام الغيوب.
فى الرياضيات المجردة نقول الشفع زوجى أو 2 والوتر فردى 1.
الشفع = 1 + 1 = 2 أما الوتر = 1
وممكن القول بأن الشفع = وتر + وتر = شفع أى 1 + 1 = 2
حسب التنزيل نفهم أن الشفع هو تضامن فرد مع فرد آخر لكى يعضضه ويسنده، وفى التنزيل الحكيم نقرأ فى سورة النساء: " مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا " النساء 85
والآن نضم الآيتين معا وننظر فيهما ونرى ما يقوله لنا رب العالمين:
" وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ "........................... " وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ". فنتتبع الرسم التوضيحى والنتيجة والله أعلم أن الشفع يمثل عالم الخلق والوتر يمثل وحدانية الله سبحانه عما يصفون ونستطيع أن نقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لأن كل ما عدا الله فهو زوجين والله سبحانه " هُوَ:
اللهُ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا . لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ. لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ...
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) } (سورة الصافات 180 - 182
عالم الخلق = |
وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ |
خَلَقْنَا زَوْجَيْن
|
||
الشفع |
= |
الوتر |
الوتر |
|
2 |
= |
1 |
1 |
|
" هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ "
رقم السورة 14 + رقم الآية 52 = 66 =القيمة العددية للفظ الجلالة "الله"