فى ظل هوجة المزايدات التى تنافس بها الحكومة فريق الإخوان والسلفيين، التى تدل على أننا لم نتعلم ولن نتعلم أبداً أن المزايدة على التيار الدينى لها نتيجة واحدة هى الخراب المستعجل وهى حتماً ستنتهى بهزيمة الحكومة بالضربة القاضية فى كل جولة وخسارة المباراة ولفظ الأنفاس داخل الحلبة، فوجئت بوزير التربية والتعليم يسبح مع نفس التيار ويقرر دخول المزاد ويفرض تدريس الإعجاز العلمى فى القرآن على الطلبة بعد أن أحال الأمر إلى لجنة تطوير المناهج عقب زيارة رئيس هيئة الإعجاز العلمى!! بداية أقول للوزير إذا كنت حضرتك تتصور أنك تخدم الإسلام من خلال هذا القرار أو تتوهم أنك تتقرب إلى الله بهذا المنهج الدراسى فأحب أن أبشر سيادتك بأنك تضر الدين أفدح ضرر وتضر العلم أيضاً، ما فعلته جريمة علمية مكتملة وإهانة دينية شديدة، فلا الدين معادلات كيمياء ولا القرآن نظريات فيزياء، ولا يعيب الإسلام ألا يتحدث فى نظرية النسبية ولا ينتقص من القرآن عدم ذكره لجدول مندليف!! فالدين أشمل وأعم وهو عبارة عن قيم ومبادئ عامة ولكى يفهمه ويعتنقه الناس وقتها كان لا بد أن يتحدث معهم بلغتهم وأيضاً بمفاهيمهم العلمية آنذاك، والقرآن لم ينزل ألغازاً وأحاجى علمية لكى يأتى زغلول النجار بعد أكثر من ألف سنة ليقول وجدتها، المهارة الحقيقية والتحدى الذى كان لا بد أن يفعله تجار سوبر ماركت الإعجاز وبازارات الطب النبوى أن يفعلوا العكس ويخرجوا لنا من الآيات نظريات علمية وليس أن ينتظروا الغرب الكافر الصليبى الصهيونى العلمانى.. .. إلخ حتى يكتشف ثم نقول كنت حاقولها!! ثم يرددون فى وصلة ردح للغرب الفاسق الفاجر: هذا كان يرقد فى كتابنا بس ماكناش فاهمينه وأنكم قد خلقتم مسخرين لخدمتنا.. تتعبوا فى الاختراع واحنا ناخده ع الجاهز!! أرجوك يا وزير التربية والتعليم لا تربط النسبى وهو العلم بالمطلق وهو الدين، ومن يرغب فى نهضة بلده بالعلم ورفعة أخلاق أهله بالدين يجب عليه أن يرفض هذه التفاسير الإعجازية التى تخلق تناقضات فى أذهان الناس، تشككهم فى الدين وتسطحهم فى العلم، المدهش أن القرآن لم يطلب من الناس أن يحولوه إلى مرجع علمى، طلب منهم فقط التفكر والتدبر، والنبى عليه الصلاة والسلام لم يطلب من الصحابة ومن المسلمين أن يحولوه إلى طبيب أو فيزيائى بل قال لهم أنتم أعلم بشئون دنياكم ونصحهم بطلب العلاج دون السؤال عن ملة ودين الطبيب!! فلماذا المزايدة بهذا القرار الرجعى والعنصرى أيضاً؟ فماذا ستفعل معالى الوزير لو طالبك الأقباط بتدريس الإعجاز العلمى فى الإنجيل؟! ويدخل الطلاب مباريات تلاسن دينى وتحديات من يملك الإعجاز الأفضل؟
أيها الوزير المبجل هل هذا هو تطوير التعليم الذى تطمح إليه؟ هل بتدريس نظرية زغلول النجار فى فوائد بول الإبل وجناح الذبابة سنتقدم ونصل إلى مستوى الغرب فى العلم والحضارة والتكنولوجيا؟! صدقنى المزايدات على هذا التيار والانسحاق أمامه ومغازلة أتباعه ومريديه لن تحصد منها ومعك الوطن إلا المآسى والكوارث.