الإرادة السياسية اساس فى التخلص من شيوخ داعش فى الأزهر
بلاغ الى ضمير الرئيس عبد الفتاح السيسى ( 1 من 2 )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٣ - أغسطس - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

المقال السابق ( برنامج تليفزيزنى لمواجهة شيوخ داعش .. لوجه الله تعالى ) أثار تعليقات وصل بعضها على أيميلى الخاص . وسأعلق عليها فى عدة مقالات . إثنان منها عن الارادة السياسية ،  وهى أساس فى (الاصلاح )، وأساس أيضا فى ( الإفساد ). وأبدأ بهذا المقال الذى أوجهه بلاغا الى ضمير الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى . :

أولا : قواعد أساس فى موضع الارادة السياسية ( المصرية )

 1 ـ إن مصر هى محور العرب وبلاد المسلمين . إن قامت بدورها الاصلاحى وإرتفعت به إرتفع بها ومعها العرب والمسلمون . وإن ضاعت منها الريادة وتدهورت ضاع معها العرب وتدهوروا . لأن الذى ليس مؤهلا للريادة سيقود بدلا من مصر ، وسيضيع ويضيع معه العرب والمسلمون .

2 ـ إن مصر تكتسب ملامح الحاكم فيها . إذا كان قائدا مؤهلا للقيادة عارفا بالريادة المصرية عزيزا كريم النفس صارت مصر تحمل نفس ملامحه ، وتؤدى به ومعه ريادتها، ويرتفع بها ومعها العرب والمسلمون . هذا ما حدث مع مصر محمد على وعبد الناصر فى العصر الحديث ، وحدث من قبل مع مؤسسى الدول كصلاح الدين الأيوبى واحمد بن طولون والمعز لدين الله الفاطمى . بدون هذه العظمة فى الحاكم المصرى والتى يجب أن تتناسب مع دور ومكانة مصر فإن مصر تهبط بهذا الحاكم الذى لا يليق بمصر . والأمثلة كثيرة ومريرة فى عصرنا الراهن . ومن قبل فى عصر الخليفة العاضد الفاطمى وأبناء وذرية السلطان العادل ألأيوبى والسلطان الكامل الأيوبى وخلفاء احمد بن طولون وخلفاء محمد بن طغج الإخشيد .

3 ـ وجود ( الأزهر ) فى مصر وبقاؤه فيها منذ تأسيس القاهرة لأكثر من ألف عام ، أضاف معادلة جديدة فى الحياة الدينية فى مصر وخارجها . الأزهر الشيعى الذى أقامه الفاطميون أسهم فى نشر التشيع فى مصر وخارجها . وحين قضى صلاح الدين الأيوبى على الدولة الفاطمية عطّل الأزهر ، وأنشأ بدلا منه مؤسسات صوفية سنية ( خانقاه سعيد السعداء ) . وعاد الأزهر لدوره فى الدولة المملوكية ( 1250 ـ 1517 ) ضمن مؤسسات أخرى ينشر التصوف السُّنى . واستمر فى العصر العثمانى بعد إندثار المؤسسات  التعليمية الدينية الأخرى . وفى كل الأحوال كان الأزهر مأوى للمصريين وغيرهم ، ومؤثرا فى مصر وخارجها . وفى العصر الراهن وفى أزمة العرب والمسلمين اليوم ( الوهابية / الارهاب / داعش / الاخوان ) وفى جدل الاصلاح من داخل الاسلام نقول :إن إصلاح المسلمين ( بليون ونصف البليون نسمة ) يستلزم إصلاح العرب ( 300 مليون ) واصلاح العرب يستلزم إصلاح المصريين ( 80 مليونا ) . وإصلاح المصريين يستلزم إصلاح الأزهر . وإصلاح الأزهر يستلزم إصلاح مناهجه . وإصلاح مناهج  الأزهر يستلزم  التخلص من شيوخ داعش المتحكمين فى الأزهر . والتخلص من شيوخ داعش فى الأزهر يستلزم إرادة سياسية من الرئيس عبد الفتاح السيسى .

ثانيا :  وهذا يطرح بعض تساؤلات  :

  1 :هل شيوخ داعش الأزهريين ( بجهلهم وعجزهم عن تأدية دورهم فى تجلية حقائق الاسلام ومخالفتهم لقانون الأزهر وصدّهم عن سبيل الله جل وعلا ) أهم من إصلاح المسلمين / والعرب / والمصريين ؟ أترك هذا لضمير الرئيس السيسى . وأنا واثق فى ضميره الوطنى وضميره الاسلامى .

   2 : هل التخلص من شيوخ داعش الأزهريين يعتبر مهمة صعبة يتعذر القيام بها ؟ أقول لا . وفقا لقانون الأزهر نفسه يمكن بكل سهولة عزلهم بتهمة تنطبق عليهم ، وهى إنكار حقائق الاسلام . وهذا يستلزم بعض التوضيح .

ثالثا : لمحة عن قانون الأزهر 103 الذى أصدره عبد الناصر عام 1961

1 ـ عبد الناصر ـ بإرادته السياسية ـ هو الذى قام بتحديث الأزهر بضمه الى الحكومة وتأميم الأوقاف ، وتم إنشاء الكليات العملية من طب وهندسة وصيدلة وزراعة ..الخ ، ثم تم وضع قانون الأزهر رقم 103 عام 1960 ليوجب على شيوخ الأزهر تجلية حقائق الاسلام ، وتجنب القانون تماما ذكر كلمة ( السّنة ) وأحل محلها  القرآن وعلوم الإسلام والثقافة الإسلامية ،أي التراث الإسلامي أو الفكر البشري ،وطالب بتجريده من الشوائب والتعصب .  ولعل أروع ما في هذا القانون هو مذكرته التوضيحية، والتي تؤكد بعبارات ديبلوماسية تخلف الأزهر وتخلف خريجيه عن نبض العصر وإحساسهم بالدونية واعتقادهم انهم رجال دين ،مع أن المسلم يجب أن يكون رجل دين ورجل دنيا معا، لأن الله تعالى في عقيدة المسلم اقرب إليه من حبل الوريد ، ولأن المسلم يؤمن بأن الله تعالى يجيب الداعي إذا دعاه فليس في حاجه إلى وسيط أو شفيع يقربه إلى الله.. أي أن المذكرة التوضيحية التي كتبها وزير الأزهر في ذلك الوقت سنة 1961 تنفى عن الأزهر صفة الكهنوتية، حيث لا كهنوت في الإسلام، أي انه مؤسسة مدنية تتبع السلطة التنفيذية ، بل إن المذكرة التوضيحية تصف شيخ الأزهر بأنه (الأستاذ الأكبر) وليس الإمام الأكبر, فتقول المذكرة عن المجلس الأعلى للأزهر إنه الهيئة التي (يرأسها الأستاذ الأكبر شيخ الأزهر ) .فالمذكرة تصف شيخ الأزهر بأنه الأستاذ الأكبر وتؤكد على أنه لا كهنوت فى الإسلام حيث لا توجد واسطة بين العبد وربه ، وتنفى الشفاعة والولاية .

2 ـ والعبارات المستنيرة فى قانون الأزهر جاءت في المادة 2 عن دور الأزهر فى حفظ التراث الإسلامي "ودراسته وتجليته ونشره " وتعنى الاجتهاد العلمي . وتقول عن هيئة الأزهر "وتعمل على إظهار حقيقة الإسلام وأثره فى تقدم البشر ورقى الحضارة ..وتعمل على رقى الآداب وتقدم العلوم والفنون.."وكل ذلك يدفع الى الاجتهاد في إظهار حقائق الإسلام وكونه مما يدفع إلى التقدم.وفى المادة 15 تجعل مهمة مجمع البحوث مجرد الدراسة وتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من الفضول والشوائب وإثارة التعصب السياسي والمذهبي وتجليتها في جوهرها الأصيل الخالص ..وحمل تبعة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ..وكل ذلك يعنى الاجتهاد.وفى المادة 33 تجعل مهمة جامعة الأزهر "حفظ التراث الإسلامي وتجليته ونشره،وتؤدى رسالة الإسلام إلى الناس وتعمل على إظهار حقيقته .."وكل ذلك يعنى الاجتهاد.أي أن واجب الأزهري فى مجمع البحوث أو في جامعة الأزهر هو الإجتهاد في تجلية حقائق الإسلام من خلال القرآن الكريم والتراث . وهذا يعنى أن من حقائق الإسلام ما يحتاج الى تجلية وتوضيح وان في الثقافة الإسلامية شوائب وفضول وتعصب يحتاج إلى تنقيه وتجليه ليعود للإسلام فكره وجوهره الخالص الأصيل ...هذا هو الاجتهاد الذي يفرضه قانون الأزهر.. فماذا يعنى الاجتهاد؟ يعنى الخروج عن المألوف والإتيان برأي جديد من خلال المصادر الإسلامية ذاتها يخالف ما وجدنا عليه آباءنا. هذا ما يفرضه قانون الأزهر ،أو بالأدق هذا ما تفرضه العبارات المستنيرة في قانون الأزهر.

3 ـ فما هو جزاء العاملين بالأزهر إذا تقاعسوا عن واجبهم الوظيفى الذى يفرضه عليهم قانون قانون الأزهر ؟ بل كيف إذا قام شيوخ الأزهر بمحاربة الاجتهاد الذى يوجبه قانون الأزهر ؟ بل كيف إذا أنكر شيوخ الأزهر حقائق الاسلام البينات الواضحات فى القرآن الكريم ؟ هنا ينطبق عليهم ما جاء فى قانون الأزهر نفسه .  تقول المادة 30 من القانون أن عضوية مجمع البحوث الإسلامية تسقط إذا ما وقع من العضو ما يلائم صفة العضوية كالطعن في الإسلام أو إنكار ما علم منه بالضرورة أو سلك سلوكا ينقص من قدره كعالم مسلم ،وتقول المادة 72" كل فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس (في جامعة الأزهر ) أو لا يلائم صفته كعالم مسلم ،أو يتعارض مع حقائق الإسلام أو يمس دينه أو نزاهته يكون جزاؤه العزل.."شيوخ داعش فى الأزهر يطعنون فى القرآن الكريم بطريق غير مباشر ، حين يدافعون عن أكاذيب البخارى التى تخالف القرآن الكريم والتى تطعن فى شخص النبى عليه السلام ، وحين يستخدمون نفوذهم لمعاقبة وإرهاب المجتهدين . هم بما يفعلون يطعنون فى الاسلام ويرتكبون ما يُزرى بشرفهم كأعضاء فى هيئة التدريس فى جامعة الأزهر .

4 ـ أكثر من هذا . القانون الجنائى يجعل المُحرّض على القتل شريكا للقاتل . لو قام فرد بقتل شخص واحد بتحريض من شخص آخر ، فإن القائم بالتحريض يكون مشاركا أصيلا فى جريمة القتل . هذا عن جريمة قتل شخص واحد . فماذا إذا كان القتلى بالآلاف ؟ ماذا إذا كان التحريض يجعل جريمة القتل للأبرياء جهادا دينيا يعنى دخول الجنة والتمتع بالحور العين ؟ ماذا إذا نجح هذا التحريض فى قتل آلاف  الأبرياء فى مصر وخارجها ؟ ماذا إذا نجح هذا التحريض فى دفع المصريين ليكونوا داعشيين يقطعون رءوس الغلابة ؟ ماذا إذا أنتج هذا التحريض منظمات ارهابية تقتل الجنود المصريين غدرا وهم آمنون لا يتصورون أن يأتيهم الطعن من ظهورهم ؟ ماذا إذا أثمر هذا التحريض تأسيس منظمات ارهابية فى قاع المجتمع المصرى تقتل المصريين عشوائيا ؟ ثم ماذا إذا تم إستغلال إسم الاسلام العظيم ـ وهو دين السلام ـ فى التحريض على القتل العام للمصريين وغيرهم ؟ ماذا إذا تم إستغلال إسم خاتم المرسلين ـ وهو الذى أرسله الله جل وعلا رحمة للعالمين ، فى التحريض على ارهاب وقتل آلاف المصريين وغير المصريين ؟

5 ـ ثم هناك قانون أصبح سيىء السّمعة بسبب أن شيوخ داعش فى الأزهر يسيئون إستخدامه ، وهو قانون إزدراء الدين . المقصود رسميا الدين الالهى ، اى الاسلام . نحن لا نوافق على هذا القانون لأنه ضمن المتاريس التى تعوق حرية الفكر والدين . ولكن حتى مع وجوده وتطبيقه وفقا لنصوصه فهو ينطبق على شيوخ داعش فى الأزهر والأوقاف ويمسك بخناقهم . فهم بما يرتكبون يقعون تحت طائلة إزدراء الدين . أكبر إزدراء لدين الاسلام أن يكون الاسلام دينا للسلام وأن يكون رسول الاسلام رحمة للعالمين ثم يجعله شيوخ داعش المتحكمين فى الأزهر ـ دينا سىء السمعة يُرهب العالمين ، وليس ذلك فقط ، بل تتأسّس بما يفعلون تنظيمات ارهابية تتخصص فى قطع الرءوس وإغتصاب النساء ودفن الأطفال أحياء و إخراج الناس من بيوتهم وأموالهم ، وسلب البنوك . هذه جرائم يتقاصر عنها وصف ( إزدراء الدين )

6 ـ أسهل كثيرا مما سبق . هو قانون الخروج الى المعاش . يتمتع الأزهريون الذين أمضوا فى الأزهر ( 4 سنوات فى الاعدادى و 5 سنوات فى الثانوى ) بميزة هى خروجهم على المعاش عند بلوغ الخامسة والستين ، خلافا للسائد فى كل الدولة المصرية ( 60 عاما للمعاش ) . الدفعة الأخيرة من الأزهريين الذين أمضوا 4 سنوات فى الاعدادى و 5 سنوات فى الثانوى ـ هى دُفعتى . وما بعدها لا ينطبق عليها هذا القانون . وبالتالى يجب إن يُحال الى المعاش كل من بلغ الستين عاما من موظفى الأزهر بلا إستثناء ، طالما لم يمضوا تسع سنوات فى المرحلتين الاعدادية الثانوية . هذا هو العدل ، وايضا للإصلاح .

أخيرا

1 ـ كل المطلوب من الرئيس عبد الفتاح السيسى هو تنفيذ القانون وتطبيق ما وعد به ، وهو إصلاح التعليم وإصلاح الخطاب الدينى . وهذا الاصلاح يعنى التخلص من دواعش الأزهر والأوقاف لتنجو مصر والعرب والمسلمون من كوارث قادمة .  فى هذا الوضع الخطير الذى تتوالى فيه سقوط الدول فالطريق واضح ، وهو بمنتهى البساطة : تنفيذ قانون الأزهر نفسه ، وهناك قابلية مجتمعية لهذا الاصلاح ، وهناك ملل من سماع نفس الاكليشيهات ونفس الجمود ونفس الوجوه، ولا تحتمل مصر تأجيل مشاكلها للغد تهربا من مواجهتها . وليس هذا التأجيل من سياسة الرئيس السيسى ، فهو الذى بادر بإجراءات إقتصادية كان يتهيب منها الجميع الكرة الآن فى ملعب السيسى وهو بطريقته المستقيمة فى المواجهة ومصارحة الناس أقدر على إنقاذ مصر من سقوطها فى قبضة الدواعش . الدواعش ليسوا جماعات أو تنظيمات فقط ، هم فكر ارهابى يتستر بالاسلام ظلما وزورا ، ومن السهل أن يعتنقه الكثيرون حتى فى داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية ـ لا قدّر الله جل وعلا . فهل ننتظر حتى ينجح شيوخ الأزهر الداعشيون فى تدمير مصر ؟  

2 ـ لا يكلف الله جل وعلا نفسا الا وسعها . وهذا فى وسع الرئيس السيسى ، وهذا هو واجبه الاسلامى وواجبه الوطنى  .وسيسأله رب العزة يوم الحساب عن هذا .

3 ـ أحسن الحديث : (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (111) النحل ) .

ودائما : صدق الله العظيم .!

اجمالي القراءات 13564