كلمة المشير طنطاوي قبل 25 يناير بإسبوعين 3
من الصندوق الأسود لعمر سليمان الجزء الثالث والأخير من الملخص
من أجل مصرنا الحبيبة، ومن أجل شباب ثورة 25 يناير، ومن أجل التاريخ ....
قصة مثيرة تربط خيوط ما بين الثورتين...ملخص الحلقة الثالثة والرابعة
يصنف المشير طنطاوى انه رجل عسكرى حتى النخاع .. لم يكن ابدا من رجال المخابرات الذين يجيدون إخفاء مشاعرهم .. بخلاف السيد /عمر سليمان والسيسي الذي كانوا يظهر ضاحكين ودودين فى لقاءاتهم مع النشطاء رغم كل ما يعلمونه عن خيانة معظمهم .. ولكن المشير طنطاوى لم يكن قادر على التواصل الإنس...اني معهم ابدا بل لم يستطع حتى إخفاء مشاعره تجاه هؤلاء ممن أصبحوا بين ليلة وضحاها نجوم الفضائيات والناطقين بإسم الشعب .. كان لا يطيقهم وقام بتصنيفهم الى قسمين فإما هم الطابور الخامس لكثير من الأجهزة الأجنبية وإما أنهم يمثلون الغطاء السياسي اللازم لتحركات الإخوان (أو ما إصطلح على تسميته الطرف الثالث لفترة طويلة فيما بعد) … فاخطر السيد /عمر سليمان بانه لا يستطيع حتى ان يلتقى بهم بنفسه لاستكمال الخطة الموضوعه … فاتفق المشير طنطاوى والسيد /عمر سليمان ان يكون السيسي هو همزة الوصل بين مؤسسة القوات المسلحة وجهاز المخابرات العامة الذين قدر لهما أن يكونا في تلك اللحظة من يحمل آخر أمل لمصر في التخلص من أكبر مؤامرة تعرضت لها وقد كان فيما بعد.
لم يتخيل النشطاء أن بعض ممن يتدربون معهم في جبال صربيا على إستخدام السلاح (في برنامج تدريب استخدام السلاح الذي كانت مدته أربعة أيام فقط من إجمالي فترة تدريب شامل مدته 3 أسابيع) كان ضباط الأجهزة الأمنية المصرية ولم يدرك هؤلاء أن ما يهم هولاء الضباط هو تفاصيل باقي فترة التدريب وبرامجه (تقنيات حروب الجيل الرابع) بل كافة برامج (فريدام هاوس) التى تجعل من الشعب جيشا مجيشا ضد شرطته وجيشه.. وبسبب اطلاع الجيش المصرى على ما يسمى عسكريا بـ (إتجاه الضربة الرئيسية ) تمكن الجيش من إتقاء تلك الضربة التى اسقطت باقي جيوش المنطقة بالإبتعاد عندما أصبح الإحتكاك وشيكا والصدام محققا (عند اعلان انتخابات الرياسة) .. تاركين الحكم للإخوان … ليبدأ العمل بخطة الطوارئ التى إعتمدت على أن تجعل تلك الأجهزة التى تمثل القلب الصلب للدولة المصرية تعمل بمنأي عن توجيهات القيادة السياسية تماما مع ترك قشرة خارجية تتعامل مع الرئاسة والنظام إلى حين. كانت اساليب تعامل المخابرات الاجنبية مع النشطاء متنوعه فالبعض تم شرائهم بالتمويلات (المعلقة) فتم تدريبهم مع دفع مصروف جيب سخي ووعد بالكثير عندما تصبح الأمور أكثر مناسب. والبعض الآخر جرى تجنيده من خلال نقاط ضعف واضحة فمنهم من تم وضع النساء في طريقه أو حتى الرجال (مثل عمر عفيفى وعمرو حمزاوى كما سبق وان ذكرنا بالمستندات) ، ومن الناشطات من تم تصويرها في أوضاع جنسية طبيعية وشاذة (مثل جميلة اسماعيل ومنى الشاذلى كما ذكرنا بالمستندات) وكان كل ذلك ضمن مخطط (السيطرة) على العناصر حتى في حالة تحول الأمر إلى ما يمكن أن نطلق عليه (اللعب على المكشوف) ..بل تمت السيطرة على آخرين أصبحوا ضمن منظومة الحكم بعد ثورة 30 يونيو فيما بعد وتركتهم الأجهزة الأمنية يصلون إليها لأنها تدرك أن وصولهم لتلك الأماكن هو عمليا يمكن أن يطلق عليه (تسليمهم للشعب) فهم سيقومون بكل ما يطلبه منهم السادة في واشنطن حتى لو كان الشعب كله يبحث عن مبرر لما يقومون به سواء كان ذلك مماثلا لما حدث من تردد وإحجام عن فض إعتصامي رابعة والنهضة أو مشابه لما يقوم به شخص مثل (زياد بهاء الدين) نائب رئيس الوزراء أو حتى ما يقوم به رئيس الوزراء (حازم الببلاوي) شخصيا ناهيك عن ما قام به (البرادعي) من قبل وفي النهاية كان لكل من هؤلاء وقت يمكن كشفه فيه ….وبأقل قدر من الخسائر ويمكننا أن نتخيل ما كان يمكن أن يحدث لو امسك ضابط مخابرات بالبرادعي متلبسا بالاتصال بالمخابرات الامريكية قبل عده أشهر من الان أو لو تم حبس أحد النشطاء قبل عام من الان .. وقت ما كنا نسمعه عن الدولة البوليسية وعودة القمع … ببساطة كان لابد من كثير من الصبر وكثير من الهدوء لإخراج هؤلاء إلى الضوء ثم تسريب بعض المعلومات عنهم قبل ان يصبح التعامل معهم متاحا وآمنا. نقطة اخرى هامة جدا .. يتعجب من ليس لديه المعلومات عن علاقات النشطاء الودية جدا بينهم رغم اختلاف توجهاتهم التى تفرض ان يكونوا اخوة اعداء … وتتعجب عندما ترى وقوف نشطاء محسوبين على التيار الليبرالي وحتى اليساري يقومون بدعم مرشح يمينى متطرف كمرشح الإخوان محمد مرسي للرئاسة بكل قوة .. ولكن من يملك المعلومة لا يتعجب .. لانه يعرف ان الممول واحد والقائد لكل هؤلاء واحد. نقطة اخيرة … اؤكد لكم ان معظم النشطاء كانوا يتحركوا دون علم بالأهداف الاستراتيجية .. فقط يعلمون الأهداف المرحلية .. وكان لكل مجموعة قائد يدرك أكثر منهم بعض الشئ (مثل وائل غنيم وقدرته على التحكم فى مصطفي النجار) … لقد نجحت اجهزة المخابرات الغربية فى السيطرة الكاملة على هؤلاء النشطاء فاصبحوا لا يملكون وحتى لحظة النهاية سوى تنفيذ ما يصدر إليهم من تعليمات.
لم يكن الجيش مرتاحا لسيناريو التوريث – وهو سيناريو حقيقي مهما أنكر البعض – لكن إنضباط الجيش والمتغيرات الدولية كانت تحول تماما دون إنغماس الجيش في الشأن السياسي .. جاءت احداث 25 يناير 2011 لتقدم للجيش الحل الأسهل للسؤال الأصعب فبدلا من أن تنزل دبابات الجيش للشارع لإسقاط نظام كاد أن يحول مصر إلى جمهورية شبه ملكية نزل الشعب نفسه إلى الشارع فأسقط شرعية النظام كما أسقط جهاز الشرطة الذي ظن وزيره أنه قادر على التصدي للجيش فسقط بجهازه كاملا بينما نزل الجيش إلى الشارع وسط أجواء إحتفالية من شعب إعتاد أن يحتفل بكل نزول للجيش إلى الشارع ويحمل موروثا هائلا من الماضي فلم تنزل دبابات الجيش للشارع من قبل إلا ورحب بها كل المصريين.
بقدر ما كان الجيش مرحبا تماما حتى اللحظة بما فعله المحتشدون في الميادين بقدر ما كان مدركا أن اغلب من تحتشد بهم الميادين لا يدركون صاحب الدعوة الحقيقية للنزول للشارع وكان أخشى ما يخشاه هو ما يعقب سقوط النظام من إحتراب يراه وشيكا ومؤامرة يراها جلية واضحة بما توافر له من معلومات دون أن يكون قادرا على الإفصاح عنها وسط أجواء هستيرية تتهم كل من يتحدث بالخيانة والعمالة وبعض الإتهامات المجهزة سلفا فآثر عبر قادته أن يتوافق مع الأمر تجنبا لمواجهة لا يسعي إليها مع المدنيين من شعب مصر بينما يعلم تماما العلم أن هناك فصيل كامل قد أعد عدته ليقفز فوق دم كل هؤلاء نحو القصر الذي غادره شاغله الأخير في اللحظة التى أدرك فيها أن بقاءه داخله قد يضع الجيش في مواجهة المواطنين.
ادرك الجيش ان المتحدثين بإسم التحرير فصائل شتى بعضها لا يملك تحريك أحد على الأرض أكثر من بضعة أفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة وانه لم يكن هناك منظما وقادرا على تحريك كوادره بإنضباط سوى الإخوان .. كان الإخوان فى هذه المرحلة مجرد منفذين لاوامر ضباط خلية الشرق الأوسط في المخابرات المركزية الامريكية الذين كانوا يقررون لقيادات الإخوان خطة وتفاصيل كل شئ من سيناريو الحديث والمطالب التى يطلبونها من عمر سليمان ومن ما تبقى من الدولة إلى شكل الملابس الملائمة للظهور بها في المناسبات المختلفة من ميدان التحرير في يوم حاشد إلى ستوديوهات الفضائيات التى إزدحمت بهم دون غيرهم بين ليلة وضحاها.
جرى استبعاد السيد / عمر سليمان من سباق الرئاسة بطريقة غريبة .. حيث تم التشكيك في عدد توكيلاته .. حيث تم تسريب الكثير من توكيلات السيد / عمر سليمان الى خارج المبنى في جوارب وملابس بعض الموظفين الداخلية وبعضها اخذها حاتم بيجاتو بنفسه (وكافأه مرسي ان عينه وزير).)
كان واضحا أن شفيق فى طريقه لتحقيق نصر مؤكد على جاسوس المخابرات الأمريكية لكن كل شئ تغير بسبب تهديدات صريحة من شخصية أمريكية زارت القاهرة في تلك الفترة الحرجة .. كانت كلمات هذه الشخصية لطنطاوى بالنص "الجيش صورته في الشارع مهتزة تماما ، أحداث محمد محمود نالت كثيرا من سمعتكم ، إذا سقط محمد مرسي في الإنتخابات وقررت جماعته اللجوء للعنف فإن (الثوار) قد يساندونهم ضد الجيش …هل يمكن أن يخوض الجيش المصري حربا أهلية ولو على نطاق ضيق؟ لدينا معلومات مؤكدة أن الجماعة جادة في اللجوء للسلاح وهناك الكثير من خلاياها النائمة ستشعل النار في كل مكان من مصر …هل يمكن أن تتحمل مسؤولية ذلك؟ لديكم الكثير من الأدلة على تلقيهم تمويلات من الخارج وحتى من سفارات دول أجنبية وعربية في الفترة الأخيرة لكن من سيصدقكم ؟ هناك الكثير من العنف تم ضد الأقباط لمنعهم من التصويت …نحن لا نهتم للأمر إلا بقدر ما يخدم مصالحنا وإذا إهتممنا به بإعتباره يدخل ضمن نطاق حقوق الإنسان فإننا قد نهتم أيضا بكثير من الإنتهاكات التى تورطتم فيها" لم تكن مجرد تهديدات جوفاء فقد تحركت بالفعل البوارج الامريكية قبالة الشواطئ المصرية وتم الحشد الاسرائيلى على الحدود الشرقية !! .. ادرك المشير / طنطاوى ان اعلان فوز شفيق معناه تحول مصر الى ليبيا ثانية ... فبنفس السرعة الى نقلت وحدات من الحرس الجمهوري إلي منزل أحمد شفيق تم سحبها على عجل مع نهاية الإجتماع مع تلك الشخصية ... ادرك احمد شفيق أن النتيجة قد عدلت وعليه أن يقبل بذلك وقاية للبلاد بالكامل من مصير مظلم يشبه الحريق.
فى هذه اللحظة اجتمع المشير طنطاوى والسيد /عمر سليمان وقررا التعاون معا لحماية جهازي المخابرات العامة والمخابرات الحربية من الإختراق .. وكلفا الجهازين بعبء تخليص مصر من المؤامرة وبدء تنفيذ "تفريعة الطوارئ" وهو ما يعنى أن الجهاز يمكنه أن يعمل في الظاهر ضمن منظومة الدولة لكنه يمارس عملا مختلفا تماما في الواقع وهي حالة يلجأ لها اى جهاز مخابرات عندما يشعر بأن هناك خيانة في القصر فيترك قشرة خارجية منه تتعامل مع القصر وساكنه دون أن تملك نفاذا إلى ما يقوم به الجهاز فعليا.
لم يكن يدرك الرئيس الجاسوس ولا جماعته أنهم قد حكموا القشرة الخارجية فقط من الدولة المصرية العميقة بينما الدولة والقلب الصلب أبعد ما يكونون عن الخضوع لهم وبينما كان جهاز الشرطة قد مارس قدرا واضحا من الإنهزامية خاصة مع تفكيك جهاز أمن الدولة على يد منصور العيسوى الذي تكفل بتشريد ضباطه تماما كانت علاقات تحت السطح قد أنشئت بين هؤلاء الضباط المستبعدين وأجهزة أخرى ثم بين وزراء الداخلية الذين خلفوا منصور العيسوي وبين تلك الأجهزة بالقدر الذي كفل في النهاية خروج مشهد 30 يونيو 2013 بالصورة التى شهدناها عليه.
واجه مرسي دون أن يفهم السبب رفضا متزايدا من قيصر روسيا بوتين ، وبرود صينى لم يمنحه مع زيارته المتعجلة سوى بعض السيارات التى كانت معدة لتسليمها لمصر من عهد مبارك ، وجفاء خليجي وللمفارقة فإن مرسي وعبر وسطاء حاول بيع حرية مبارك للامارات مقابل ثلاثة مليارات دولار لا تدخل إلى خزينة الدولة بشكل رسمي كقرض أو منحة …وفي صورة أموال سائلة.
كانت تلك هي ملامح القصة التى جعلت طنطاوي يقسم يمين أمام محمد مرسي قبل أيام من إقالته ويصر ان يخلفه الرجل الذي كان يملك بين يديه مفاتيح الأمر كاملا والذي قدر له أن يخرج في 30 يونيو ومصر بين اليأس والرجاء ويحصد محبة الملايين التى تصر اليوم على أن تضعه على مقعد الرئاسة رغم أنف الإدارة الأمريكية التى تدرك أن وصول هذا الرجل تحديدا إلى سدة الحكم معناه بداية العد التنازلي المتسارع لخروجها من المنطقة برمتها وانحسارا في الدور العالمي خصما من رصديها وإضافة لرصيد روسيا الصاعدة والصين المستعدة والشعوب التى سأمت الوهم الأمريكي.
من أجل مصرنا الحبيبة، ومن أجل شباب ثورة 25 يناير، ومن أجل التاريخ ...
إلى هنا ينتهى الملخص ونلتقى بإذن الله تعالى مع بعض الحلقات من الصندوق الأسود لعمر سليمان بالتفصيل ...