معنى الحرية الدينية وموقع مصر منها

مجدي خليل في الأربعاء ٣٠ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

هناك الكثير من الكلام المغلوط أو المنقوص عن معنى الحريات الدينية،وهناك خلط بين الحرية الدينية وحرية العبادة رغم أن حرية العبادة هى جزء صغير من مفهوم الحريات الدينية الشامل، ولهذا نوضح فى هذه المقالة المعنى الحقيقى للحريات الدينية سواء فى المواثيق الدولية الهامة الصادرة عن الأمم المتحدة أو فى المواثيق الدولية المختلفة ،ثم تفسير هذه المواثيق.

أولا:الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى 10 ديسمبر 1948  نص المادة 18:

لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده

ثانيا: العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية(وهو أتفاقية ملزمة) الصادر عام 1966 نص المادة 18:

1 -لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
2
-لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
3
-لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
4
-تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد باحترام حرية الآباء، أو الأوصياء عند وجودهم، في تأمين تربية أولادهم دينيا وخلقيا وفقا لقناعاتهم الخاصة.

ثالثا:إعلان الأمم المتحدة  بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد الصادر عام 1981المادة 4:-

- اتخاذ ما يلزم من تدابير في جميع مجالات الحياة المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
-
سن أو إلغاء تشريعات لمنع التمييز إن لزم الأمر.
-
اتخاذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات الأخرى في هذا الشأن.

 

وبناء على تفسير المواثيق الدولية الثلاثة يمكن تحديد أركان حرية الدين أو المعتقد فى الأتى:-

1-الحق فى اعتناق دين ما أو عدم أعتناق أى دين،بمعنى حرية الأيمان وحرية الألحاد وحرية الأدينيين.

2-الحق فى تغيير الدين بشكل طبيعى وسلس وبدون أى إجراءات رسمية لذلك.

3-الحق فى أقامة وتأسيس بيوت العبادة بدون تفرقة بين الأديان المختلفة.

4-الحق فى الاجهار العلنى للمعتقد واقامة الشعائر والطقوس والمواكب والحج للأماكن المقدسة.

5-إزالة خانة الديانة من الاوراق الرسمية وغير الرسمية وتجريم من يطلب معرفة دين الآخر.

6-حياد الدولة التام تجاه الأديان المختلفة .

7- عدم الإشارة لمرجعيات دينية فى الدستور والقوانين والمحررات الرسمية،وعدم الأعتماد على الشرائع الدينية فى سن القوانين كمصادر رئيسية أو فرعية للتشريع.

8- عدم إصدار أى قوانين أو قرارات ذات صبغة دينية تنتقص من المساواة الكاملة بين المواطنين وبين المرأة والرجل.

9-حرية التعليم الدينى وتلقين المعتقدات الدينية والحق فى مساحة إعلامية دينية مناسبة وعادلة.

10-حق الأبناء فى اختيار الدين الذى يرغبون فيه فى حالة الزواج المختلط أو فى حالة تغيير أحد الوالدين لديانته،مع حقهم الأصيل فى تغيير الدين فى أى وقت فى المستقبل.

11-الحق فى الحماية الدولية للحريات الدينية وفقا للمعاهدات التى وقعت عليها الدولة.

12-تجريم التمييز الدينى والإضطهاد الدينى والعنصرية الدينية والتعويض العادل لكل من يتعرض لهذا.

13-حرية التبشير بالدين والمعتقد بطريقة سلمية بما فى ذلك إصدار الكتب وتوزيع منشورات حول هذه الأغراض وكذلك التبشير عبر وسائل الإعلام المختلفة بما فيها ما يطلق عليها الميديا الجديدة.

14-أن لا تتخذ الدولة أى تدابير سواء معنوية أو مادية تظهر سمو دين معين على الأديان الأخرى.

15-حرية التعبير الدينى يجب حمايتها،فلا حماية للدين فى مواجهة حرية الرأى والتعبير،ويعنى ذلك إلغاء كافة القوانين والقرارات المتعلقة بتجريم ما يسمى إزدراء الأديان أو الاحتقار أو التجديف أو التشويه أو الإساءة للدين، وكل ما يشابه ذلك من القيود على التعبير الحر.

16-كفالة وصيانة  وحماية الحريات الأكاديمية فى شرح ونقد وتشريح ومقارنة الأديان.

17- الحق فى أن يكون المرء محميا بالقانون الوطنى فى كل فعل يمثل تعديا على الممارسة الحرة للديانة كما جاءت فى البنود السابقة.

18- عدم تفسير أى مواد دستورية أو قوانين أو مواثيق بما يخل بأركان الحرية الدينية المذكورة أعلاه والمتضمنة فى المواثيق الدولية.

وجب التنويه أن مواثيق الأمم المتحدة لم تقتصر على المواثيق الثلاثة التى ذكرناها فى مقدمة المقال فيما يتعلق بالحريات الدينية ولكن الكثير من المواثيق أشارت إلى الحريات الدينية  كما جاء فى دليل جامعة منيسوتا عن حرية الدين أو المعتقد ،ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:-

-ميثاق الأمم المتحدة الصادر عام 1945 المواد 1و13و55

- أتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة عام 1948 المادة2

-الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين الصادرة عام 1951 المادة 4

-الاتفاقية الخاصة بوضع الأشخاص عديمى الجنسية الصادرة عام 1954 المادة 3و4

-الاتفاقية المتعلقة بمنع التمييز فى مجال التعليم الصادرة عام 1960 المواد او2و5

-الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى الصادرة عام 1965 المادة 5

-العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الصادر عام 1966 المادة 13

-اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عام 1979 المادة 16

-اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام 1989 المادة 14

-مشروع الإعلان الخاص بحقوق السكان الأصليين الصادر عام 1994 المادة 12و13

 

 وعلى المستوى الدولى هناك العديد من الوثائق الدولية التى تؤكد على حرية الدين أو المعتقد منها:-

-الأتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية الصادرة عام 1950 مادة رقم 9

-ميثاق الحقوق والحريات الأساسية للأتحاد الأوروبى مادة رقم 10.

- الدول المشاركة فى مؤتمر الأمن والتعاون فى أوروبا عام 1989 المواد 16و17.

-الأتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان وواجباته لعام 1969 المادة رقم 8.

الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب الصادر عام 1981 المادة رقم 8.

 وهكذا يتضح أن الحريات الدينية تعد أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية أو الحقوق اللصيقة، وهى عند مدرسة الطبيعيين حق طبيعى بمعنى لصيق بالإنسان بمجرد مولده، ويحتفل العالم يوم 27 من شهر اكتوبر سنويا باليوم العالمى لحرية الدين لإحياء ذكرى الشهداء فى بوسطن الذين أعدموا بسبب دفاعهم عن معتقداتهم الدينية  1659-1661،وفى أمريكا أعلن أن يوم 16 يناير هو اليوم الأمريكى للحريات الدينية.

 

والسؤال أين موقع مصر فيما يتعلق بالحريات الدينية؟.

-       وفقا لتقرير اللجنة الأمريكية المستقلة للحريات الدينية USCIRFفأن مصر مصنفة فى السنوات الأخيرة  ضمن اسوأ الدول فى العالم التى تنتهك الحريات الدينية،وهى الدول التى يطلق عليها أنها دول تثير قلقا خاصا CPC،ووفقا للتقرير الصادر فى 2013 فأن هذه الدول التى تثير قلقا خاصا هى: بورما-الصين-مصر-اريتريا-إيران-العراق-نيجيريا-كوريا الشمالية-باكستان-السعودية-السودان-طاجكستان-كردمستان-يوزبكستان-فيتنام.

-       وفقا للتقرير السنوى لمنظمة فريدوم هاوس الذى صدر فى 2014 فأن مصر مصنفة دولة غير حرة فيما يتعلق بالحريات السياسية(بدرجة 6 )،ودولة غير حرة أيضا فيما يتعلق بالحريات المدنية والدينية( بدرجة5)، علما بأن الحد الأقصى للغياب الكامل للحريات وفقا للتقرير هو (7).

-       وفقا لمؤشر السلام العالمى GPI  لعام 2014 وهو المؤشر الذى يقيس السلام والعنف المجتمعى فأن مصر تأتى فى ترتيب رقم 143 ضمن 162 دولة، بما يعنى ارتفاع شديد فى درجة العنف وغياب بدرجة كبيرة للسلام المجتمعى.

-       وفقا لتقرير مركز بيو للدين والحياة العامة،وهو يعتمد فى تحديد مؤشراته على دراسة 20 مؤشر دولى لكل بلد وبعد ذلك يستخرج المركز مؤشره الخاص.

أ-فيما يتعلق بالقيود الحكومية على الحريات الدينية تعتبر مصر اسوأ دولة فى العالم وتتصدر الدول الأكثر قيودا فى العالم منذ عام 2009 حتى آخر تقرير صدر فى يناير 2014،واليكم ترتيب مصر فى هذه القيود الحكومية فى تقرير 2013 وفقا لقياس هذه القيود حتى ديسمبر 2012، وهذه الدول  هى التى تفرض اعلى قيود على الحريات الدينية هى بالترتيب: مصر-الصين-إيران-السعودية-إندونيسيا-المالديف-أفغانستان-سوريا-اريتريا-الصومال-روسيا-بورما.

ب-فيما يتعلق بالعداء المجتمعى للحريات الدينية كما جاء فى تقرير 2013 الذى رصد حتى ديسمبر 2012 كان ترتيب اسوأ الدول كالأتى: باكستان-أفغانستان-الهند-الصومال-إسرائيل-العراق-السلطة الفلسطينية-سوريا-روسيا-اندونيسيا-نيجيريا-اليمن-كينيا-مصر.

ج-فيما يتعلق بالقيود على التحول من دين لآخر وفقا لنفس تقرير مركز بيو جاء ترتيب مصر كالاتى:افغانستان-الجزائر-بنجلادش-جزر القمر-مصر-اندونيسيا-إيران-الأردن-الكويت-ليبيا-مايزيا-المالديف-موريتانيا-عمان-باكستان-قطر.

د-فيما يتعلق بالعنف المصاحب للتحول من دين لآخر جاء ترتيب مصر كالأتى:افغانستان-البحرين-بنجلادش-جزر القمر-مصر-الاردن-نيجيريا-باكستان-الصومال-سوريا.

ج-وفقا للجماعات الإرهابية والعنيفة المرتبطة بالدين جاء ترتيب مصر الرابع كاسوأ هذه الدولة كالأتى:افغانستان-الجزائر-اذريبيجان-مصر-إيران-لبنان-موريتانيا-النيجر-باكستان.

ح-وفقا لدراسة أخرى لمركز بيو على 39 دولة إسلامية فيما يخص الشريعة نشرت فى ابريل 2013،فيما يتعلق بدعم المحاكم الدينية لتعكس النظام القانونى القائم،أى تطبيق الشريعة فى المحاكم وتحويلها إلى محاكم شرعية جاء ترتيب مصر فى الموافقين من المصريين رقم واحد كالأتى: مصر (94%)-الاردن(93%)-ماليزيا(84%)-باكستان (84%)-افغانستان (78%)...

وفيما يتعلق بتأييد الشريعة بشكل عام  جاءت مصر فى المرتبة الرابعة بعد العراق والسلطة الفلسطينية والمغرب.

خ- وفقا للعنف المجتمعى  ضد الأقليات الناتج عن الخلافات الدينية جاء ترتيب مصر رقم 12، ،ووفقا لقوانيين إزدراء الأديان تاتى مصر ضمن اسوأ خمس دول فى العالم التى تقيد حرية التعبير الخاص بنقد الأديان وتعاقب من يقوم بذلك بالسجن.

واخيرا فيما يتعلق بتصديق مصر على الألتزامات الدولية،فقد وقعت  وصدقت مصر على العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى الخاص بالحقوق الأقتصادية  والاجتماعية مع وضع قيد  مطاطى وغير محدد بعدم مخالفتهم للشريعة الإسلامية  بدون توضيح ما هى القيود التى تفرضها الشريعة مما يفرغ هذه المواثيق من مضامينها.

 خلاصة كل ما سبق أن مصر تأتى  فى مقدمة اسوأ دول فى العالم التى تنتهك فيها الحريات الدينية بصفة عامة.

 

ختام القول: الذين يحرمون الحرية على الآخرين لا يستحقونها لأنفسهم، وتحت حكم الله العادل سوف لا يمكنهم الاحتفاظ بها لوقت طويل.

                                                      إبراهام لينكولن

اجمالي القراءات 8605