السر وراء تحريم الإنتحار

شادي طلعت في الأربعاء ٣٠ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كافة الأديان تحرم الإنتحار، بل وكافة المعتقدات أيضاً تحرم الإنتحار ! والحجة المشتركة بين الأديان هي أن الإنسان إن قتل نفسه، فإنه يكون قد تعدى على حق من حقوق الله، فكافة الأديان تقر بأن الله وحده هو صاحب الحق في نزع الروح التي خلقها، ولا شريك له في ذلك، ولكن هل هذا حقاً هو السبب في تحريم الإنتحار أم أن للتحريم أسباب أخرى !؟
 
لنفترض أن الله لم يحرم الإنتحار، فكيف سيكون شكل المجتمع، ومن ثم كيف سيكون شكل الأرض، إنه تساؤل هام، ومن خلال معرفة إجابته سيتضح لنا، السبب الحقيقي لتحريم الأديان للإنتحار، وهذا التساؤل سيقودنا إلى سؤال أهم وهو : ما هي الفئات التي يمكن أن تقدم على الإنتحار ؟
 
الفئة الأولى : الفقراء فهم أقرب الناس للإقبال على الإنتحار. 
الفئة الثانية : المظلومين، وهم الأقرب أيضاً إلى الإنتحار إذا نفذ صبرهم.
الفئة الثالثة : الزاهدون، فكل من يزهد الدنيا لا يكون حريصاً على البقاء فيها، بل يكون أول المستعدين إلى الرحيل.
الفئة الرابعة : العلماء والفلاسفة والحكماء والمفكرون، جميعهم ينشغلون بأمور روحانية، أكثر من إنشغالهم بأمور مادية، وبالتالي يفقدون الحرص على الحياة.
 
أما عن الفئات التي لا يمكن أن تلجأ للإنتحار فسنجدها تتمثل في الآتي :
 
أولاً/ الأغنياء، فهم الأكثر حباً للدنيا من الفقراء. 
ثانياً/ الظالمون، فالظالم لا يأبه بالآخرة وعقابها، بقدر حبه للدنيا وما فيها.
ثالثاً/ أصحاب الجشع والطمع، فهم لا يرغبون بالآخرة، ويعتقدون أنهم في الحياة مخلدون.
رابعاً/ الجهلاء وأصحاب التفكير السطحي، والباحثون عن المتعة، ومن تسيطر الأنانية على شخوصهم، فجميعهم لا يمكن أن يقدموا على الإنتحار.
 
والآن بعد هذا العرض البسيط لمن سيقدمون على الإنتحار، بقي أن نجيب عن التساؤل الهام، كيف سيكون شكل الحياة، في ظل وجود الفئات التي لن تقدم أبداً على الإنتحار، وكيف سيتعاملون مع بعضهم البعض، وكيف سيكون شكل المجتمع ومن ثَم شكل الأرض !؟
 
أعتقد أن شكل المجتمع لن يختلف كثيراً عن شكل الحياة، إبان فترة ما قبل سفينة نبي الله نوح، فلو ذهب الفئات التي ذكرنا عن طريق الإنتحار، وقتها سيعم الفساد الأرض ومن عليها، وقتها سيقاتل الناس بعضهم بعضاً طمعاً وشغفاً بالدنيا ! وقتها ستراق الدماء، وسيكون البقاء للأقوى، وستغيب العدالة وسينتشر الظلم، وستنتهك المحارم والأعراض، ومن لم يمت بإختياره سيموت مجبراً بيد غيره، إما لأن غيره هذا أقوى منه أو سيموت نتيجة غدر أو خيانة.
 
إن الله عندما حرم الإنتحار، لم يحرمه لمجرد أنه صاحب الحق في الحياة والموت فقط، ولكن لأن الله يعلم أن الحياة لن تستقيم في ظل وجود الشر دون الخير، وفي ظل وجود الظلم دون العدل، وفي ظل وجود الطمع دون الزهد، وفي ظل وجود الجهل دون العلم.
إن الله يعلم أن له من عباده الكثيرين اللذين يستعجلون اللقاء به، طمعاً في رؤية وجه الكريم، ويعلم أنه بدون هؤلاء في الأرض فإن ميزان الكون  سيختل، وبالتالي ستفقد الدنيا هدفها وقيمتها، سواء إن كانت إختباراً أو لعب ولهو، كما سيفقد البشر إيمانهم.
بسم الله الرحمن الرحيم "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء تعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير" صدق الله العظيم.
 
وعلى الله قصد السبيل
 
شادي طلعت
اجمالي القراءات 13184