بعد متابعتي لمسلسل الصياد في شهر رمضان 2014م، بطولة الفنان/ يوسف الشريف، وإخراج/ أحمد مدحت، وتأليف الكاتب/ عمرو سمير عاطف، بدأ يراودني أمل في أن يعود الفن المصري لسابق عهده، وقت أن كانت السينما المصرية تحتل المركز الثاني عالمياً، كماً وكيفاً، فالفن واحد سواء أكان العمل من أعمال الڤيديو كمسلسل الصياد أو كان فيلماً سينمائياً، وذلك للأسباب الآتية :
أولاً/ أزمة السينما تعد أزمة عالمية فأغلب صناع السينما في العالم إتجهوا إلى الڤيديو، وإنصرفوا عن السينما بإستثناء دولتين هما أمريكا والهند.
ثانياً/ لم يكن إنهيار السينما المصرية ناتجاً عن تطور صناعة الڤيديو، بل شمل الإنهيار كل من السينما والڤيديو أيضاً.
أما عن مسلسل الصياد، فهو بحق بشارة خير، بأن عودة الفن المصري للريادة، قد إقتربت، وستعود بإذن الله، وقد بنيت رؤيتي حول هذا العمل الفني لأسباب عديدة وهي :
أولاً/ الأداء المتمكن والمتطور للمخرج/ أحمد مدحت، إذ ينم هذا العمل أنه قد أصبح لدينا في مصر مخرجون طوروا من أنفسهم، وتعلموا الجديد في الإخراج، ولم يقف الزمان بهم عند مرحلة معينة.
ثانياً/ الإبداع في القصة، وتقديمها بأحداث جديدة غير مألوفة، مزجت بين الشهامة والمروءة والوفاء، وأيضاً بين الغدر والخيانة، والصدق والكذب، وأجمل ما في القصة نهايتها، التي تبعث برسالة مؤداها أن كل من يخالف القانون لابد أن يلقى عقابه.
ثالثاً/ سيناريو مسلسل الصياد، كتب بحنكة فائقة، تتضح من نهاية كل حلقة على حده، وأروع ما في السيناريو أنه لم يتضمن ألفاظاً مبتذلة أو خارجة، فقد أصبح الخروج عن نص الإحترام أو الأدب عادة في أغلب الأعمال الفنية المصرية، سواء كانت سينمائية أم تليفزيونية، بينما في الصياد، كان الإحترام السمة الغالبة في الحوار بين شخصيات العمل، حتى في نهاية المسلسل، والمواجهة بين الفنان/ يوسف الشريف والفنان/ سناء شافع، لم يخرج أي لفظ خارج، من أي من الشخصيتين، بل كان الإحترام في الحوار قائماً مع أن كل من الشخصيتين، يكره الآخر بل ويريد قتل الآخر.
رابعاً/ الأداء المتميز للفنان/ يوسف الشريف، والذي جعل من كل من شاهده، منتبهاً إليه، متشوقاً إلى متابعة دوماً، لمعرفة الجديد، في كل حلقة، فلم تكن شخصية العمل الفني بسيطة بل كانت بحاجة إلى فنان متمكن، وقدرة التمكن تظهر من مدى تصديق المشاهد للمثل، وتعاطفه معه، وهذا ما حدث، وما إستطاع يوسف الشريف تحقيقه.
والآن تعالوا لنرى بعض القيم التي تناولها هذا العمل الفني :
- التفاني في الحب والسمو بمعناه، من خلال فقدان الشخصية المحورية للمسلسل وهو الرائد/ سيف عبدالرحمن، الذي شعر بفقدان حياته، وتمنى الموت بعد أن فقد زوجته وإبنته، وأيضاً حب النقيب/ طارق غلاب لوالده مع علمه بأنه كان ضابط دموي مجرم وخارج عن القانون، ومع هذا ظل يدافع عنه مهما كلفه ذلك من ثمن، وعلى الجانب الآخر حب المحامية/ مشيرة، للرائد سيف والتي دفعها حبها إلى الخروج عن القانون، بعد أن كانت أقوى المدافعين عنه !
- الوازع الأخلاقي والمهني لضباط الشرطة، وسعيهم لتطبيق القانون حتى وإن كان كبيرهم هو من خرج عليه.
- ترسيخ مبدأ العقاب لكل من خرج عن القانون.
- إنتصار العدالة، أياً ما كانت مكائد الإنسان، ومهما إشتد ذكاؤه، وأياً ما كان نفوذه، أو حجم أمواله.
لقد كان مسلسل الصياد في نظري ملحمة فنية رائعة، مزجت تلك الملحمة عدداً من الموهوبين فنياً، في الإخراج والتأليف والتمثيل والتصوير، إستطاعوا من خلال عمل فني إعتمد على الأكشن أو الحركة، الغوص في معاني إنسانية أخرى، فتارة كنا نرى العمل رومانسياً وتارة نجده في يسير في إتجاهات أخرى.
أتمنى أن نجد في المستقبل، أكثر من عمل على غرار هذا المنتج المشرف "مسلسل الصياد" والذي يقترب في إخراجه من أعمال أمريكية رفيعة المستوى، وأتمنى أن لا يكون الصياد، مجرد حالة، وفي النهاية كل التحية لكل القائمين على هذا العمل المشرف، وخاصة الفنان الرائع/ يوسف الشريف، والمخرج المبدع/ أحمد مدحت، والمؤلف المتمكن/ عمرو سمير عاطف.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت