دراسة تحليلية في مكرمة الإسراء
الأقصا اسم علم على المكان وليس صفة للبعد

محمد خليفة في الثلاثاء ٢٢ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

 

 

 

 

      الأقصا اسم علم على المكان وليس صفة للبعد

                      دراسة  تحليلية لموضوع الإسراء

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                              إعداد الباحث الإسلامي

                              المهندس / محمد عبد العزيز خليفة داود

                              استشاري تصميم وبناء نظم معلومات الحاسب الآلي

                              معهد الدراسات والبحوث الإحصائية - جامعة القاهرة

{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} الإسراء

ملحوظة مهمة  :

توجد دراسة تفصيلية عن جِذري ( قـ . صـ . ي ) & ( سـ . ر . ى ) في نهاية البحث، وأوصي بالرجوع إليهما استكمالا للفائدة.


بين يدي الآية   :


1.   بدأت الآية بالثناء [1]على الله من نوع التسبيح وجاءت بالمصدر " سُبْحَانَ " في تفرد مطلق ولم يتكرر في موقع أخر.

 ( لمن أراد تفصيل ذلك فعليه الرجوع إلى مبحث فرعي عن السور التي بدأت بالثناء على الله - وهي 14 سورة -   من المبحث الرئيس   " السبع المثاني ليست فقط سورة الفاتحة "  )


 2.   حرف الباء الذي استهلت به اللفظة الرابعة في الآية ".. بِعَبْدِهِ.." تشير إلى

    ا  )    أن الحدث تم على الجسد البشري الحي  للعبد المنقول.

   ب )    أن  الموضوع لم يكن رؤيا مناميه وإنما جرى على الجـَرم المادي والنفس البشرية التي يحتويها.

   جـ )    تشير أيضا إلى أن ما سوف يجري من آيات الله سوف  يجري فقط  بقدرة الله ومشيئته، ولا دخل لقدرة أو  مشيئة العبد المنقول في ذلك

     ( مثال ذلك أن يقول المرء لقد صعدت بابني الرضيع إلى  أعلا قمة من قمم جبال الهيمالايا، الشاهد أن هذا  الرضيع قد وصل بالفعل إلى  قمة إفرست، فهل يمكن أن يدعي إنسان أن الطفل وصل إلى المكان المشار إليه  بقدراته الذاتية المحدودة أو برغبته الشخصية ؟،عندها سوف نرميه فورا بالجنون )

 

 3.   معنى الإسراء هو السير ليلا فلماذا إذن أتى الحق بلفظ ".. لَيْلًا.." في

        خامس كلمة في الآية وبعد كلمة  ".. أَسْرَى.." المشار إليها في الموقع

       الثالث من كلمات الآية ؟

هل لأن هذا المعنى يشار إليه فقط للتعبير عن سير البشر والدواب الحية المجسدين في أجسادهم الأرضية الطينية وعلى سطح الأرض ؟

 أم لأن أسلوب النقل تم بتحويل جسد العبد المنقول بقدرة الله إلى نوع من أنواع الطاقة الموجية، ثم بعدها تم النقل بسرعة خارقة - سرعة الضوء على الأرجح - ثم أعيد تحويل  الطاقة المحولة إلى مادة مجسدة مرة أخرى
وتم عكس هذه العملية في رحلة العودة، وقد تم كل ذلك في منطقة مظلمة من مناطق الطاقة ؟

 هذه المنطقة المظلمة لا نعلم عنها شيئا - حتى الآن -  فهي منطقة مجهولة بالنسبة إلينا ولعلومنا أو هي بمثابة الصندوق الأسود  الذي تجري بداخله أشياء نجهلها إلى حين ؟


4.   جاءت بداية رحلة الإسراء من مسجد وإلى مسجد

" ..الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا.."

 

 لم يشر الحق إلى البلدة التي بدأت منها رحلة الإسراء فلم يقل البلد الحرام أو مكة، وحين حدد نقطة الانطلاق حددها بـ " الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ "   ولم يقل مثلا البيت الحرام أو الكعبة وكلها ألفاظ قرآنية وردت في ثنايا آيات أخر
 أيضا حين أشار الحق إلى البلدة الهدف  لم يقل القدس  ( لفظ غير قرآني ) أو إلى جبلي التين  والزيتون المشار إليهما  في سورة التين

{ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) } سورة التين

بل جاء الحق بـ  " الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا.."

وفي هذا تصريح - فضلا عن التلميح - أن الرحلة ليست رحلة ترفيهية وإنما هي انتقالة  تكليفية ، أو هي علو في التكاليف،وإضافة معرفية، وهي تخص وعلى الخصوص أحد التكليفات التي يشكل فيها السجود أهمية قصوى.


 5.   وردت الإشارة إلى المكان الهدف بذكر أنها  ".. إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا .."  والملاحظ أن

    ا )    أن الرسم القرآني للحرف الأخير لكلمة  " الْأَقْصَا  " جاءت بحرف الألف مع أن المعتاد مع كتابة  هذه اللفظة هو استخدام حرف الألف الممدودة نطقا ، تلك التي تكتب على شكل حرف الياء لكن دون كتابة
 النقطتين تحت حرف الياء لتمييزها عنها .

 

  بـ )   أن  كلمة الأقصى تعني الأبعد وهي في التعظيم تأتي بعد البعيد في الإشارة إلى عظم البعد، والبعد موضوع نسبي، فلابد من وجود ثابت لنبدأ القياس منه، وقد أبان الحق أن بداية القياس ستكون من المسجد الحرام، وأن نهاية الرحلة ستكون عند المسجد الأقصا، ومجيئها على هذه الصورة يوحي بأنه لا يوجد في المساجد ما هو أبعد منه، لكن المشاهد الآن أنه يوجد من
 المساجد الكثير والتي تقع مكانيا أبعد بكثير من المسجد الأقصا، فهل وجود حرف الألف في الرسم القرآني يخرج بهذه اللفظة عن معناها المعتاد من الإفصاح عن درجة البعد إلى معنى آخر لم يفصح  العلم عنه بعد ؟ .

 

 جـ )   أن حرف الألف في نهاية كلمة " الْأَقْصَا  " تشير إلى العلو ، وبذا يتحول المعنى إلى الأعلى ، وإلى  الأقصى في هذا العلو، ولا يوجد في الكون ما هو أعلا من السماء، فهل في هذا التلميح إشارة إلى وجود مسجد في السماء تتحقق معه وصفة الإقصاء، حيث لا يمكن منطقيا أن يتحقق ذلك على
سطح  الكرة الأرضية فكلما ذهبت إلى نقطة عليها فلابد أن تتوافر نقطة أخري أبعد منها، وهكذا  إلى مالا نهاية له، ونحن لا نعلم شيئا عما في السماوات غير ما أخبرنا به الله، وهو جل في علاه لم  يشر إلى شئ من هذا القبيل،  فضلا عن إبدال حرف الياء في نهاية الكلمة بحرف الألف الممدودة، حوَّل اللفظة من الصفة إلى الاسم أي تحول المعنى فيها من المكان الأبعد إلى اسم لهذا المكان، وانتفت بذلك صفة البعد والإبعاد،  وأضحى ذلك الاسم علما على ذات المكان.

 

 د  )   أن صفة المسجد لا تنطبق بدقة على تعبير "..الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا .."  ‘ إذ أنه عبارة عن ساحة كبيرة تحتوي عدة مساجد أو عدة أماكن للسجود،  وما يطلق عليه الآن المسجد الأقصى لا يغطي المساحة كلها وإنما هو عن أحد المساجد الموجودة في ساحة الأقصى ويقع في القطاع الجنوب الشرقي منها،

 كما أنه يتوسطها مسجد الصخرة مثمن الأضلاع وتعلوه قبة الصخرة لشهيرة.

 

 هـ )   أن "..الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا .."  لم يكن له وجود حقيقي على أرض الواقع الملموس المرئي ذاك الحين، وإنما كانت ساحة خربة لا معالم لها وقد طمرت معالمها وانمحت أبعادها، وهذا يعارض ما جاء في روايات نسبوها إلى نبي الرحمة فيما معناه أن أهل مكة لما سمعوا بدعوى الإسراء وأنه قد أسري به

هذه الليلة إلى المسجد الأقصا، طلبوا منه وصف ذلك المسجد ، فوصفه لهم بابا  باباً وعمودا عمودا ورواقا رواقاً، وهذا درب من الخيال، لا يستقيم معه فكر سوي.

 

و )  أن  العبارة القرآنية " .. مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ .." تعني أن هناك مباركة من الله من نوع ما حول " الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا " حيث أنه أقرب موصوف لعبارة "  الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ  " ، مع أن المنطقي أن يشار أولا إلى مباركة المكان، ثم تأتي من بعدها المباركة حول المكان، لكن الملاحظ أن المكان الذي ندعي أنه المسجد الأقصا، لا توجد حوله
 أي بركة، فالبركة تعني السلام والخير والطمأنينة والأمن والأمان، فالشاهد أن هذه المنطقة كانت دائما منطقة حروب ونزاع ومشاكل وخلافات منذ نشأتها وإلى الآن ، فلا يستقيم منطقيا أن تكون هي المقصودة بأن الله جعل من حولها البركة..!!

ينقلنا هذا المدخل إلى الاحتمال الثانيوالذي يشير إلى أن حولية البركة إنما تعني الموصوف الأبعد وهو " الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " حيث يتوافق ذلك مع الآية الكريمة

 { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) } سورة آل عمران          

وننتقل الآن لمناقشة نقطة جد مهمة......

فمن ذا هذا العبد الذي أسري به ؟

بغض النظر عما هو شائع في وسط المسلمين بأن نبي الرحمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، هو المقصود بهذا التكريم، والذي يعقبه في روايات نسبوها إليه حديث المعراج المزعوم، والذي سوف نفنده بعد قليل وقت، فإننا لو دققنا النظر، فإن العبد المشار إليه في الآية الكريمة بأنه قد أسري به، وبمناقشة علمية هادئة، فإن هذا الموضوع لا يخرج عن احتمالات ثلاثة بالإضافة إلى ما سقناه

 

أولا    : نبي الله ورسوله موسى   : 

ذلك

1.        لظهور اسم نبي الله موسى فورا في الآية الثانية من سورة الإسراء مما يوجب وجود علاقة بين محتويات  الآية الأولي والتي تشير إلى أن الله أسرى بأحد عباده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا

{ وَآَتَيْنَامُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) } سورة الإسراء

 

2.      تم ظهور الآيات التي تدلل على إراءة الآية الكبرى ثلاث مرات وكلها تشير إلى نبي الله موسى

·         لأن الحق صرَّح له بأنه سيريه الآية الكبرى

        { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23) } سورة طه

 

·         فأراه الآية الكبرى

        {  هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) } سورة النازعات

 ( ملحوظة: وردت هذه الآية في مقام تقديم الآيات الدالة على أن نبي الله موسى هو رسول من قـِبـَل الله إلى  بني إسرائيل وإلى فرعون)

 

·          لقد رأى من آيات ربه الكبرى

{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17)

لَقَدْرَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} النجم

والعجيب أن هذه الآيات بذاتها هي ما يستشهد به سدنة الفقه القديم الموروث، من وقوع حديث المعراج المزعوم.

 

 ملحوظة مهمة :

يختلف المعنى الذي تذهب إليه الكلمات عند قراءة هذه الفقرة،

"...لَقَدْرَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ..." 

 باختلاف الوقفات، فلو أوقفنا القراءة عند "...مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ..." ثم استمرت القراءة بعد هذا الوقف لنقرأ "...الْكُبْرَى..." ، لجاء المعنى على أن الإراءة تمت لآية واحدة من آيات الله المتعددة، لكنه يميزها أنها الكبرى.

أما لو كان هناك استمرارية في القراءة، أي كانت للعبارة كلها، لجاء المعنى أن الرائي قد رأي العديد من الآيات، وكلها من الآيات الكبرى.   

 

          

3.      استخدام لفظ الحج بصيغة الجمع " حجج " لتعبر عن تقويم زمني اعتباري، وجاءت هذه اللفظة في الحديث الذي تم بين الرجل الصالح في أرض مدين، وبين نبي الله موسى بعد فرارة من الملأ الذين يأتمرون به ليقتلوه في أرض مصر، وتعني أن الحج كان معلوما لديهم، وبالتالي كان الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ هو الآخر معلوما لديهم

{ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ  وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) } سورة القصص

           

4.       إظهار استحالة رؤية الله بعد طلب نبي الله موسى الصريح للإراءة

{ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143) }


ثانيا   :   نبي الله ورسوله إبراهيم  :

  وذلك لأن :

 

1.      أن نبي الله إبراهيم، كان له بيتين أولهما بالقرب من المسجد الأقصا وبه زوجته السيدة سارة، والتي كرمها الله بذكرها في كتابه الكريم مرتان

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30) } الذاريات

 

وقال أيضا

{ وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) } هود

 

والبيت الثاني كان بالقرب من المسجد الحرام وكانت به زوجته السيدة هاجر وأم نبيه ورسوله إسماعيل، وقد شرفها الله بذكرها وابنها في كتابه الكريم

{ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) } إبراهيم

وهكذا يكون من الأوفق أن يتم الإسراء به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا، أو بمعنى آخر من بيته الثاني إلى بيته الأول، إذكاءً للعدل بين زوجتيه،وتحجيما لشغفه بولده الأول، خاصة وأن آية الإسراء لم تذكر أن العبد الذي أسري به قد أعاده الحق إلى المسجد الحرام.

 

2.      ورد لفظ الملك (42) مرة في كتاب الله، وورد لفظ الملكوت أربع مرات فقط في كتاب الله والفارق بين اللفظين أن الملك هو الشئ الملموس والمحسوس في عالم الشهادة والخلق وعلى العكس يكون الملكوت هو الخفي وغير المرئي من الأشياء فيها، وهو ما يعبر عنه بالقوانين التي تعمل بها الأشياء ، وهي أيضا التي تنظم حركة انتقال الطاقات وتحولها لبعضها البعض، أي أنه يصف عالم الغيب والأمر.  والأربعة مرات هي

  006075 {  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74)  وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ  مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) } الأنعام

 

007185 {  أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الأعراف

 

023088 {  قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) } المؤمنون

 

036083{ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) } يس

          

  ويتضح من هذا الذي عرضنا أن الحق يشير في آيتين كريمتين إلى أنه

"...بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ..." أي أنه المهيمن على عالم الأمر والغيب فيما يخص عوالم الملك والأشياء، وأنه المتحكم في القوانين والطاقات يحركها كيف يشاء ويوجهها كيف شاء.

وكذلك تشير أولى الآيات إلى أن نبي الله إبراهيم هو الوحيد الذي خصه الله برؤية الملكوت، والمعروف أن الرؤية من الرأي، وهو حالة وجدانية، واقتناع ذاتي، وهي تختلف عن النظر كما تختلف عن الإبصار، وهذه خصوصية خص بها الله نبيه ورسوله إبراهيم، ولم يتفضل بها على غيره من الأنبياء والمرسلين، مما يكرس معنى "... لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا..." الذي ورد في آية الإسراء

 

3.      أن خليل الله إبراهيم هو الذي نصبه الله إماما إلى الناس

{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) } البقرة

 

حيث ادعى سدنة الفقه القديم والموروث، أن رسول الله محمد حين أسري به، أن بعث الله له الأنبياء جميعا وقدمه عليهم ليصلي بهم إماما، مما لا يستقيم معه رأي ولا يقول به عاقل، فكيف ينصب الله نبيه وخليله إبراهيم إماما، ويجئ هؤلاء بافتراء على الله ليجعلوا من نبيه محمد هو الإمام ؟؟

 

ثالثا  : أن الإسراء حدث لثلاثتهم ( رسول الله إبراهيم ، ورسول الله

         موسى ، ورسول الله محمد، كلٌ في زمانه

ودليلنا إلى ذلك أن الحق جاء في الآية الثالثة من سورة الإسراء بعبارة جمعية لكل هؤلاء، وقد يكون معهم آخرين، حيث أورد الحق

  017003 { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) } الإسراء

 

ألا يوجد في الآية  الثالثة من سورة الإسراء إشارة إلى أن العبد الذي أسري به هو من ذرية ممن حـُمـِّل على سفينة نوح  ؟؟

وأيضا لا يوجد ما يمنع من أن التكريم علي صورة الإسراء، يمكن حدوثه مع أكثر من نبي واحد وكلهم من ".. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ.."

  
ملحقات البحث  :

 

الملحق الأول  :  دراسة تفصيلية للجِذر ( سـ . ر . ى )

الجِذر هو الجِذر ( 41) من (112) جِذر هي جذور حرف السين

        ويقع في صفحة336 - 350 – 374 من صفحات المعجم المفهرس

        وله (04) اشتقاق، (08) استخدام، وظهر في (08) آية، ( 08) سورة

اشتقاقات الجِذر  :

(يَسْرِ)    وله (01) استخدام

089004  { وَاللَّيْلِ إِذَايَسْرِ (4) } الفجر

 

(أَسْرَى)    وله (01) استخدام

017001{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} الإسراء

 

(أَسْرِ)    وله (04) استخدام

011081  { قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَفَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) } هود

015065  {فَأَسْرِبِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ   وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) } الحجر

020077  { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْأَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي

الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) } طه

026052  {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) } الشعراء

044023  {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) } الدخان

 

(سَرِيًّا)    وله (01) استخدام

019024  { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِسَرِيًّا (24) } مريم

 

المعاني المشتركة  :

المعنى المشترك (01)  : السير ليلا وجاء فيه (05) استخدام

017001{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)} الإسراء

 

011081  { قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَفَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) } هود

015065  {فَأَسْرِبِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ   وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) } الحجر

020077  { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْأَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي

الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) } طه

026052  {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) } الشعراء

044023  {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) } الدخان

 

المعنى المشترك (02)  :  سريا من سريان الماء في جداول رقراقة ، مما يغري بالشرب والارتواء

 وقد تعني أن هناك من يسري عنك ويدفع عنك أفكار السوء التي تتناهبك

وجاء فيه (01) استخدام

019024  { فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِسَرِيًّا (24) } مريم

 

المعنى المشترك (03)  : يَسْرِ أي إذا تيسر فيه السير

وجاء فيه (01) استخدام

089004  { وَاللَّيْلِ إِذَايَسْرِ (4) } الفجر


الملحق الثاني   :

دراسة تفصيلية للجِذر ( قـ . صـ . ي )

الجِذر هو الجِذر (42) من (81) جذرا هي مجموع جذور حرف القاف

         ويقع في صفحة 529 - 546 - 588 من صفحات المعجم المفهرس

         وله (03) اشتقاق، (05) استخدام، وظهر في (05) آية، (05) سورة.

اشتقاقات الجِذر  :

(قَصِيًّا)وله (01) استخدام

019022  { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًاقَصِيًّا (22) } مريم

 

(الْأَقْصَا)    وله (04) استخدام

017001  { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ

الْأَقْصَاالَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) } الإسراء

028020  { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) } القصص

036020  { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) } يس

 

(الْقُصْوَى)  وله (01) استخدام

008042  { إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) } الأنفال

 

المعاني المشتركة  :

المعنى المشترك (01)   : القصي بمعنى البعيد وجاء فيه (02) استخدام

019022  { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًاقَصِيًّا (22) } مريم

008042  { إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) } الأنفال

 

المعنى المشترك (02)  : أقصَا اسم علم لمكان بذاته،

وخاصة بعدإضافة حرفي التعريف "الـ " عند الإشارة إلى المسجد الأقصا

 

017001  { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) } الإسراء

028020  { وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) } القصص

036020  { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) } يس

 

الآية الأولى من سورة الإسراء جاءت لتشير إلى مكان بذاته، أطلق عليه الرحمن جل في علاه اسم الأقصا، فهو بذلك اسم علم على ذات المكان.

 

أما في الآيتين التاليتين، فقد جاءتا بمعنى مزدوج، أولهما معنى البعد والإقصاء ، وثانيهما بمعنى اسم علم لمكان محدد أو حي بذاته في المدينة، ولسوف نلاحظ أن صياغة الآية الأولى جاءت بلفظ " رَجُلٌ " قبل عبارة " مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ "، أما الآية الثانية فقد عكست الوضع وجاءت عبارة  " مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ " قبل لفظ " رَجُلٌ "،

 وأظن أن سبب ذلك يرجع إلى أن تقديم لفظ الرجل في الآية الأولي هو لتبيان أهمية الرجل بل أهمية مهمته ودرجة خطورة رسالته، فقد جاء من أقصا المدينة لينقذ نبي الله موسى من خطر محقق، وإخباره بأن الملأ يأتمرون به، وكذا ينصحه  بالخروج من المدينة وإلا فسوف يكون مصيره القتل، وقد قيل أن هذا الرجل هو مؤمن آل فرعون الذي ورد ذكره في الآية

{ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) } غافر

أما تقديم أقصا المدينة على الرجل، فهو عبارة عن تبكيت لأهل المدينة، فهو يشير إلى أنه قادم من بعيد لينهاهم عن عدم إتباع أنبياء الله وهم بين ظهرانيهم، بمعنى أنهم من بين أهاليهم وعزوتهم، وأن هؤلاء المرسلين لا يسألونهم أجرا عما يقدمون لهم، والأجدر بهم إتباعهم بدلا من العزوف عن دعواهم.

ويظهر أن أقصا المدينة لا يعدو أن يكون إلا الحي الذي  يقطنه عـِلية القوم، وكبار الناس، من ملأ الحكام وحاشيتهم، نأيا بهم عن العامة، وترفعا منهم عن مخالطة سواد الشعب، ذلك لأنه في الحالتين التي ظهرت فيها هذه العبارة في القرآن، نجد أن هناك شخص من هذا الملأ الحاكم، لكنه يختلف عنهم في العقيدة التي هم عليها، وهذا الرجل المؤمن يتحرك غيرة على دين الله ورغبة قلبية حقيقية في شيوع عقيدة الوحدانية، لا يحركه إلا إيمانه ومرادات الخيرية فيه.

 

كلمة أخيرة  :

تناولنا في الأسطر السابقة موضوع الإسراء بالتحليل والتفصيل، خاصة وأنه جاء ذكره صراحة في القرآن، ووجدنا أن الآيات الواردة مع قطعية ثبوتها وقطعية دلالاتها، إلا أنها أوقعتنا في حيرة عن شخص المنتقل إسراءً، وإن كانت أشخاص الرسل محل البحث لا ترقى إلى الشك بل تأخذنا إلى سماء اليقين بفضل كل منهم كل في ذاته، وقد أمرنا  بألا نفرق بينهم

{  آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) } البقرة

 

وتبقى رواية المعراج المزعوم، الذي ارتبط في أذهان الناس بحادثة الإسراء رباطا لا ينفصم مع ترهل الأسانيد، وضعف الرواه، وتدني الحجة، ووهن المتن

وعدم توافقها جملة وتفصيلا مع كتاب الله. 



[1]
  السور التي بدأتبالثناء علي الله، ويميزها  خاصية أخري وهي أنها سبع  سور بدأن بالتسبيح أولها بالمصدر " سُبْحَانَ" سورة واحدة وهي (17) الإسراء ، ثانيها بالفعل الماضي " "سَبَّحَ لِلَّهِ " ثلاث سور وهي (57) الحديد،  (59)الحشر، (61) الصف ، ثالثها بالفعل المضارع " يُسَبِّحُ لِلَّهِ  " سورتين اثنتين وهما (62) الجمعة،  (64) التغابن ، رابعها بفعل الأمر " سَبِّحِ" سورة واحدة  (87) سورة الأعلى

 

اجمالي القراءات 24051