ق 1 ف 4 : من التزمت او التشدد عند الاخوان النجديين الى المزايدة

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٧ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب ( المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين )

الفصل الرابع : ملامح البناء الايدولوجي فى سلوكيات الاخوان النجديين  

 من التزمت او التشدد عند الاخوان النجديين الى المزايدة :

أولا : المزايدة تشريعيا

1 ـ كان العرب فى الجاهلية يعرفون حُرمة القتال فى الأشهر الحرم طبقا للمتوارث من ملة ابراهيم . غاية إنتهاكهم لها هو التلاعب فيها بالاحلال و الاستبدال ، أو ( النسيء ) الذى وصفه رب العزة بأنه زيادة فى الكفر  ، يقول جل وعلا (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبة).

2 ـ بعد موت النبى عليه السلام تناست ( قريش ) حُرمة الأشهر الحُرُم فى الفتوحات التى قادت فيها الأعراب ، وهذه مزايدة على النسىء الجاهلى الموصوف بأنه ( زيادة فى الكفر ) . ثم اصبح انتهاك الأشهر الحُرُم عادة سيئة متوارثة ، لا يراعيها المسلمون فى قتالهم الخارجى أو الداخلى . وبالتراكم التاريخى ورث الوهابيون هذا الانتهاك للأشهر الحرم بالقتال فيه ، ودون مزايدة .

3 ـ إنفرد الوهابيون بالمزايدة فى مجال آخر ، هو ( النُّصوص التشريعية ) .

فى عهد النبوة كان هناك ( نصُّ تشريعى واحد ) هو القرآن الكريم . ونصوص القرآن الكريم تؤكد أن النبى فى حياته كان ملتزما بالقرآن ، وحين كان يُخطىء ينزل اليه الوحى القرآنى باللوم والتأنيب . بعد موته دخلت قريش والعرب فى الفتوحات ثم الفتنة الكبرى ـ أو الحروب الأهلية ــ ثم ترتب عليها تكوين الدولة الأموية القرشية ثم الدولة العباسية القرشية . فى العصر العباسى إحتيج الى تبرير وتسويغ وتشريع ما حدث بعدوفاة النبى فكان إختراع أحاديث تمت نسبتها بأثر رجعى للنبى عليه السلام ، وتمت صياغة تاريخ له ( السيرة ).  

بإختصار : تمت صناعة شخصية زائفة للنبى تتناقض مع شخصيته القرآنية . وبهذا أضيفت ( نصوص تشريعية ) جديدة لم يعرفها خاتم النبيين فى حياته . وأصبح للمسلمين بهذا نوعان من النصوص التشريعية : القرآن الكريم ( بعد الاعتداء عليه وتغييبه وهجره بتغيير مفاهيمه بالتفسير والتأويل ومزاعم أسباب النزول ) ثم نصوص هُلامية لا أول لها ولا آخر ولا ضابط تحت مسمى ( السّنّة ). جاء الوهابيون فزايدوا بإضافة ( نص تشريعى جديد ) جعلوه حاكما ومسيطرا على النّصّين التشريعيين السابقين ، وهو ماقاله محمد بن عبد الوهاب فى رسائله ، فأصبحت الوهابية بمثابة دين وضعى جديد يزايد على أصله السُّنّى .

4 ـ هذه المزايدة التشريعية الوهابية على السابقين من ( السلف الصالح ) أنتجت مزايدين من زعامات الاخوان ، زايدوا على سيدهم عبد العزيز فى التمسك بالوهابية ونصوصها التشريعية

ثانيا  : التزمت والمزايدة بين شريعة الاسلام والشريعة السُّنيّة

1 ـ التزمت هو الافتاء بتحريم الحلال او المباح بناء علي ثقافة التعصب والتطرف ، فالمخترعات الحديثة التي يكرها المتعصب تصبح حراما ورجسا من عمل الشيطان .

2 ـ التزمت أو التشدد مزايدة على شرع الله جل وعلا  ، بتحريم الحلال المباح مع استحلال الحرام . فالوسائل والادوات ومنها المخترعات لا شأن لها بالحرام ولا بالحلال لأنها محايدة ،ولكن الحكم الشرعي يلحق باستخدامها وبمن يستخدمها، فالسكين ليست حراما او حلالا ،ولكن حين نستخدمها في الدفاع عن النفس ضد قاتل ظالم فليس ذلك حراما ،ونفس الحال مع البندقية .

3 ــ والله سبحانه وتعالي يحرم المزايدة على تشريعه ، يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1):الحجرات ).

وعلي سبيل المثال ، فان تشريع القرآن يبيح سفورالمرأة عن وجهها ،ومن هنا تكون شهادتها وتعرف شخصيتها. ويُعرف حسن المرأة وجمالها بوجهها ، حُسنها فى وجهها . والله سبحانه وتعالي قال للنبي عليه السلام في تشريع خاص به: (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) (52) الاحزاب ) . إذن كان وجه المرأة الحسناء سافرا في عهد النبي. وبه يمكن التعرف على المرأة الحسناء بوجهها السافر . بل كانت المرأة  فى هذا العهد المُضىء متفاعلة مع المجتمع في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو فى الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف ، شأنها شأن الرجل ،تأمر المرأة الرجل ويأمر الرجل المرأة بالمساواة ، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالي عن المؤمنين والمؤمنات فى المدينة  (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) التوبة ) ،ويقول عن المنافقين والمنافقات فى نفس الزمان والمكان : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67)  التوبة ). أي ان تفاعل المرأة مع الرجل فى المدينة فى عصر النبوة شمل الحياتين الدينية والاجتماعية ، حيث لا نقاب ولا حجب للمرأة عقليا أو سياسيا أو اجتماعيا .

ولكن جاء الحنابلة منذ العصر العباسي وعبأوا المرأة في النقاب ،ثم اغلقوا عليها الباب لتزداد تخلفا ، وجعلوا ذلك بالتشدد فريضة دينية ،وهنا تكون المزايدة علي شرع الله،فاذا كان الله قد فرض علي المرأة الحشمة متمثلة في تغطية الساقين والصدر دون الرأس ( الوجه والشعر ) والعنق والذراعين (النور 31،الاحزاب 59) فان ذلك التشريع الالهي لا يرضي شريعة الحنابلة ،فيزايدون علي رب العزة بالنقاب الذي يغطي وجه المرأة ويديها ..

4 ـ الأخطر من ذلك : جعل كبار الجرائم حلالا ، بل جعلها فرضا واجبا ، وحظر وتحريم الحلال .

  المحرمات في تشريع الاسلام هي استثناءات ؛فمحرمات الزواج محدده وبعدها يقول  سبحانه وتعالي (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ )  النساء 24 ) ،  أي كل النساء خارج المحرمات هن حلال للزواج ،وتلك المحرمات استثناء من الاباحة وهي الاصل. وفي الطعام يؤكد القرآن علي تحريم اربعة انواع فقط وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به (البقرة 173،النحل 115 ،الانعام 145)وشرح هذه المحرمات في (المائدة 3) واباح الاكل منها للمضطر الذي لا يستحل اكلها ، ونهي رب العزة عن تحريم الحلال المباح خارج تلك المحرمات (البقرة 172:168،النحل 116،المائدة 87،يونس 59 ).

5 ــ الا ان التشريع السُّنى يُزايد بتحرم الحلال من جهة ، واستباحة الكبائر المحرمة من جهة أخرى . ففى الجهاد السنى يتم جعل الاعتداء الظالم على الأمم الأخرى فرضا وجوبيا ، أو حسب قولهم ( ذروة الأمر وسنامه ) ويستتبع الجهاد قتل النفس البريئة و سلب الأموال والسبى والاغتصاب . وهذا ما ساد فى الفتوحات فى عهد الصحابة ، و فى الحروب الأهلية بين المسلمين . ويكون واجبا مفروضا قتل المسالم بتهمة الردة وترك الصلاة ، ورجمه حتى الموت بتهمة الزنا للمحصن ، وقله بتهمة مطاطة هى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، و ( التارك لدينه المفارق للجماعة ) ، وتهم هينة كثيرة زايد فيها ابن تيمية فى رسائله .

6 ــ هذا تطرف ومزايدة فى (الاستحلال ) . فليس مجرد استحلال بل تحويل الجرائم الكبرى (  الكبائر) المنهى عنها الى فرض دينى واجب فعله .  من الناحية الأخرى نرى التطرف فى التشدد والتزمت فى تحريم الحلال المباح ، فتتكاثر التحريمات للحلال الي ان يصبح الحلال هو الاستثناء ويكون الحظر والتقييد هو القاعدة .

المحصلة النهائية : أن الحلال المباح هو الأصل فى تشريع الاسلام ، والمحرمات مجرد استثناءات. أما فى التشريع السنى نرى العكس : الأصل هو الحظر والتحريم للحلال وجعل الحلال والمباح إستثناءات .

ثالثا : التزمت والمزايدة بين الشريعة السنية والشريعة الوهابية

1 ــ ـ تنتمى الوهابية الى المذهب الحنبلي السني ، وهو الذى اشتهر بالتزمت ،حتي ان مصطلح حنبلي يطلق في الثقافة المصرية العربية علي كل متشدد . ثم جاء الاخوان فأتاحوا للتشدد الحنبلي التطبيق بالدم والعنف ، وتوسعوا فيه من حيث التشريع ، فالموسيقي حرام ،وهي من اصوات الشياطين ،ولا يسمع من الات الموسيقي الا دقات الطبول والدفوف عند الجهاد ،اما غير ذلك فلا يجوز ،ومن هنا نفهم استنكارهم للمحمل المصري وما يصحبهم من موسيقي دينية ،وقد اعتبرها الاخوان وعلماؤهم منكرا محرما، ولهذا يجب منعه ،وامتد هذا الي الحياة الاجتماعية من منع حفلات الزواج التي تستمر اسابيعا[24] .

2 ــ ولم يكن الدخان موجودا فى العصر العباسى ، وحين شاع استعماله حديثا جعله الوهابيون محرما ، ثم بالغ الاخوان فى تحريمه حتى اشتهروا بقتل من يرونه يدخن . [25]،. والأزهر  ــ وقتها ــ كان يمثل الشريعة السنية العادية ، فأفتى بعض علمائه السنيين بأن التدخين مباح في حد ذاته (ولا يسع عاقل ان يقول انه حرام الا اذا كان جاهلا او مكابرا او معاندا ،فيجب ان نقول ان حكمه الاباحة ). وهذا ما قاله الشيخ الدجوي سنة 1935 وكرره عدة مرات [26].

3 ـ ــ وتشابك تحريم الدخان مع المصلحة السياسية لعبد العزيز بعد فتح الحجاز . فمع تزمت الأخوان بتشديد التحريم في الدخان ،ومع التزام عبد العزيز في تحريم الدخان الا ان الدخان فرض نفسه سياسيا بعد فتح جدة ، واحدث اول صدع بين الشعارات والممارسة السياسية ،فقد اصدر الملك عبد العزيز امرا بحرق الدخان الموجود بمخازن جدة ،ولكن التجار هرعوا الي الملك يخبرونه بما افزعه ، وهو ان الدخان الذي يأمر بحرقه ثمنه مئة الف جنيه ،واستفظع الملك ان يكبد رعاياه في اول عهده خسارة بهذا المبلغ ،وهو الذي اعطي امتياز نفط المنطقة الشرقية كلها بألفي جنيه فقط ، فكيف يسمح بخسارة اخري قدرها مئة الف جنية ،فسمح لهم ببيعه علي ان لا يستوردوا غيره. وبيعه يعني تدخينه .فلما لان الجو تشجع التجار وهم من يوجهون السياسة في كل زمان ومكان فتحدثوا عن ايرادات الحكومة من الدخان والضرائب التي يجنيها الامام ابن سعود من هذه الايرادات ،والتي يمكن ان تشكل موردا رئيسيا من موارد الدولة ،فأباح عبد العزيز استيراد الدخان لأهل الحجاز ، ومن هنا كان احتجاج الاخوان علي المكوس والضرائب المفروضة علي اهل الحجاز ،ليس حبا في اهل الحجاز ولكن بسبب الدخان . واخيرا ، وبتوجيه من عبد العزيز افتي بعض العلماء بأن الدخان مكروه وليس من الكبائر. يقول جلال كشك : (وهكذا شرب اهل جدة الدخان لدعم الاخوان في نجد ) [27].

4 ــ لقد أدخل فتح الحجاز شرخا هائلا في المملكة الوليدة ،بكل يمثله الحجاز من انفتاح علي العالم بينما رجع الاخوان الي نجد يمارسون التزمت وينشرونه ،ويقيمون حجرا دينيا ( محاكم تفتيش ) لمن يريد الدخول الي الارطاوية آتيا من الخارج حتي ولو كان من اهلها. وكل ما لا يعرفونه فهو حرام محظور .  ويذكر جون حبيب انهم اخبروه ان امرأة شابة احضرت معها بعض البن من الكويت وتصادف ذلك زيارة جون حبيب الي الارطاوية .وقد عرضت ذلك البن علي فقيه الارطاوية :هل يجوز استعماله شرعا ..ويقول جون حبيب انه حتي هذا اليوم (مارس 1968) لا يسمح بالنساء في الاطاوية بالتسوق في السوق، وبدلا من ذلك تتجمع النساء امام سلم المسجد الكبير حيث يعرض التجار بضائعهم ،تحت رقابة اهل المسجد ،والي يومنا هذا حسبما يقول حبيب فلا يسمح للمرأة ان يسمع الناس صوتها في الشوارع ،واذا ما اردت امرأة ان تنادي علي امرأة اخري وسط الناس فانها تصفق بيديها ،وارادت احدي بنات الملك سعود ان تدخل سوق البلدة في مارس 1968 فقام جمهور الحاضرين بتحطيم سيارتها، وارغموها علي التراجع ،وقد ايد الملك سعود قرار الجمهور وانب ابنته علي محاولتها الخروج علي تقاليدهم [28] .

5 ــ علي ان التدخين ما لبث ان فرض نفسه منذ عهد عبد العزيز ،ليس فقط في جدة والحجاز ولكن عبد العزيز نفسه بعث بعلبة سجائر هدية الي ديكسون عندما زاره في الاحساء سنة1919 [29] وهي هدية ذات مغزى، ثم ما لبثت ان دخلت السجائر بعض الهجر ،حتي ان جون حبيب يذكر ان الارطاوية نفسها كان التدخين فيها محرما في الاماكن العامة سنة 1968 [30].  أي ليس في الاماكن الخاصة ،وبالتأكيد ان قائمة المحرمات قد تراجعت كثيرا مع تراجع ثم غياب الاخوان .

رابعا : الاستغلال السياسى للتزمت والتشدد : المزايدة الدينية السياسية

 1 ـ إذا كان التزمت نابعا من خلفية سياسية فانها تقترن بمزايدة سياسية يرتبط فيها التحالف بين المزايدة الدينية والمزايدة السياسية ،فالاكثر تزمتا وتشددا هو الاحق بالسلطة السياسية .وهنا يرتبط التزمت بالمزايدة في الدين الوضعى فى الدولة الدينية.

2 ــ وهنا تكمن محنة الحاكم فى الدولة الدينية فى مواجهة المعارض السياسى الذى يزايد عليه فى ذلك الدين الوضعى ( الرسمى لتلك الدولة ) . فالحاكم مضطر للموائمة بين الشعارات وبين الواقع الملئ بالمشاكل الداخلية والخارجية ،اما المعارضة الدينية السياسية فتتشبث بالشعار الديني السياسي وتكسب الجماهير التي تم غسل مخها بالشعارات، وتكون الفرصة متاحة امام المعارضة للزعم بأنها الاكثر تقوي والاكثر ايمانا ،وفي هذا المناخ تتمثل التقوي في تدين سطحي مظهري يظهر في التشدد والتزمت وتكسب فيه المعارضة دعائيا .

3 ـ ومن هنا اشتهر في تاريخ الدولة السعودية الثالثة الراهنة اعراب مجهولون مثل فيصل الدويش وابن بجاد وابن حثيلين .ولولا ان تاريخ عبد العزيز قد جرفهم في تياره لعاش كل منهم ومات كما عاش اسلافهم دون ان يعرف احد عنهم شيئا ،ولكن جاءتهم الفرصة في تاريخ عبد العزيز فاتاح لهم الفرصة تحت الاضواء فاستغلوها للمزايدة عليه حسب ما يمليه مناخ الدولة الدينية التي اشرنا اليها .

ويبقى أن نتعرض لهم بالتفصيل .

الهوامش

24-DICKSON  .THE ARAB  OF  THE DESERT   P. 128.

25- الريحاني :تاريخ نجد 141 : 142 .

26- مجلة هدي الاسلام .ص 487 سنة 1935

      مجلة نور الاسلام .عدد 28 في شعبان /1349.

27- جلال كشك :624.

28- جون حبيب:المرجع السابق :104:103.

29-           DICKSON  . THE  ARAB  OF  THE  DESERT  OP .  CIT .  P. 127 .

30- جون حبيب :المرجع السابق :104.

اجمالي القراءات 9080