عزمت بسم الله،
أقتبس لكم أعزائي هذا المقال المهم جدا، عن (التقويم الهجري كيف كان وكيف أصبح) من موقع أهل القرءان مع الشكر الجزيل لصاحب المقال.
التقويم الهجري كيف كان وكيف أصبح.
المقدمة
أحب أن أبدأ مقدمة هذا الكتاب بالآية القرآنية التي تقرر منبع العلم الإنساني في الأرض وهي تقول :
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96.
أذكر من الكتب المدرسية التي درسناها على مختلف المقاعد الدراسة الإبتدائية والمتوسطة والثانوية قد جعلت أغلبنا، ربما نتيجة التكرار، يعتقد أن عملية التطور البشري في الأرض كانت حصيلة المعارف التي اكتسبها الإنسان خلال الأجيال المتعاقبة والإكتشافات التي حصلها بالصدفة، لكني بعد دراستي للقرآن الكريم دراسة تفصيلية دامت سنوات عديدة بدأت أدرك بطلان نظرية الصدفة العمياء في قيادة الإكتشافات الإنسانية، الدارجة بين أغلب المثقفين من العلمانيين الذين يؤمنون بالعلم مستبعدين الكتب الدينية بالجملة لاعتقادهم أنها مصدر الأوهام والظنون.
لا أدعي هنا أن لا عذر للعلمانيين في مذهبهم هذا، إذ أن كثير من الأوهام والظنون قد دخلت إلى المعتقدات الدينية في كل الأديان على أيدي رجال دين السلطة المتحكمة بالشعوب في كل الأمم ، وتلك حقيقة لا ينكرها إلا ظالم أو جاهل.
لكني أحب أن أستوقف القارئ الكريم لأصارحه أن القرآن الكريم، ككتاب سماوي، من بين الكتب السماوية الأخرى، هو الكتاب الوحيد من بينها الذي ما زال يشهد لنفسه على أن يد التحريف لم تصله بعد، وذلك عن طريق الإعجاز العددي الذي ما زالت أعداد سوره وأياته مع أعداد أحرفه العربية المختلفة تقبل القسمة بلا استثناء لحرف منها على العدد الأصم: تسعة عشر، كبرهان وإعجاز علمي ورياضي يقبل به العقل الإنساني المتطور.
بالتالي فالقرآن خاصة النسخة المحفوظة في متحف الباب العالي في إستانبول،* تركيا لم
*: لقد حصل الكاتب على نسخة كاملة عن ذلك المصحف الأثري المكتوب بالخط الكوفي على ( 815) صحيفة بالتصوير الفوتوغرافي، عام 1999، وبعد أيام من مغادرة الكاتب إستانبول ومعه النسخة المصورة حصل زلزال كبير في منطقة إستانبول ليلا مما أدى إلى خوف ورعب بين الناس أدى إلى ترك عناصر الأمن في المتحف ليتفقدوا ماحصل لأهلهم في المدينة المنكوبة، استغلها اللصوص فرصة لاتعوض سرقوا خلالها مصحف عثمان الأثري وهربوا، مما عرض الكاتب للمساءلة باعتباره آخر المهتمين بأمر ذلك المصحف، فنشر اسمه على شرطة الإنتربول العالمية، ومن لطف الله تعالى به أنه عاد إلى لبنان بالطائرة ليقابل ناشر كتبه في بيروت، وأثناء إقامته بالفندق رأى وسمع على التلفاز خبر الزلزال التركي، لكنه لم يسمع أي شيء عن سرقة المصحف ومن لطف الله به أنه سافر بالهوية السورية إلى دمشق وإسمه فيها: نيازي عزالدين، على اسم أبيه وأقام فيها فترة شهر تقريبا ثم عاد إلى لوس أنجلوس بجواز سفره الأمريكي الذي يحمل إسم نيازي إسحاق على اسم جده، حيث يقيم ليجد كتاب إعتذار من وزارة الداخلية التركية عن الإزعاج الذي سببوه له نتيجة اشتباههم به كونه المهتم الوحيد بذلك المصحف في تلك الفترة، وأنهم قد ألقوا القبض على الجناة ومعهم المصحف المسروق.
أعتقد أن حفظ ذلك المصحف الأثري الأول والأهم من بين كل المصاحف في الأرض لن يتم للمسلمين إلا إذا نشرت نسخة كاملة عن صور صحائفه بحيث يمكن بعدها أن يحصل كل راغب على نسخة مصورة وكاملة عن هذا المصحف الأثري ليحتفظ به في بيته. لا أقول هذا إلا لاعتقادي أن ذلك المصحف هو الشاهد الأخير والتام والكامل عن حقيقة الرسالة السماوية الأخيرة الحافظة لحقيقة كل الرسالات السابقة المتضمنة لرسالتي أهل الكتاب من اليهود والنصارى، التي قصد سبحانه أن يصادف زمن إنزاله مع زمن مقارب لزمن انتشار الكتابة والكتب بطباعتها، لكونها الرسالة الأولى والأخيرة التي وجهت في تاريخ الرسالات للناس كافة:
( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لايعلمون*) 28-34.
يشبْهْ شائبة من الشوائب بعد، لذا يمكن اعتباره النبع الصافي الوحيد الذي يمكن أن نستوحي منه حقائق الكون إن كنا منصفين.
ومن تلك العلوم التي علمها الله تعالى عن طريق أنبيائه ورسله وحيا كان العلم بالتقويم ونجدها مشتركة في كل شعوب الأرض بلا استثناء لشعب منها.
ومن تلك ألأمور المشتركة مثلا: عدد أيام الأسبوع سبعة، اعتبار القمر هو عداد الأشهر، وأن عدد أشهر السنة العادية اثني عشر شهرا.
وجوب وجود الشهر النسيء الذي يجب أن يضاف للتقويم كل : 32 شهر قمري لإجراء التعديل أن كل 12 شهر قمري زمنيا بالأيام يساوي:
53022‘29 × 12= 36‘354 يوما.
بينما السنة الموسمية يجب أن لا تقل عن طول السنة الإقترانية التي حسبناها سابقا وهي تساوي: 2422‘365 يوما.
والقرآن الذي صرح بداية:
( وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا*) 28-72.
( لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها *) 49-18.
( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين*) 12-36.
وبما أن القرآن هو إمامنا المبين تعالوا نحصي عدد كلمات يوم وعدد كلمات شهر في القرآن ماذا نجد مثلا في كتاب المعجم المفهرس لكلمات القرآن الكريم للمستشرق الألماني فلوغل المطبوع في ليبسيغ عام 1842 ترجمة وتقديم الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ، نشر المكتبة الإسلامية في إستانبول تركيا عام 1984.
نجد أن كلمة شهر مفردة ذكرت في القرآن: 12 مرة بالتحديد.
وكلمة يوم مفردة ذكرت في القرآن : 365 مرة بالتحديد.
بالتالي من حق كل مؤمن بالإسلام والقرآن بعد أن يرى تلك الدقة في الإحصاء أن يتساءل: هل هذا الإحصاء قد حصل بالصدفة؟
أم وراءه إحصاء العالم العلام الخبير العظيم؟
إذا لا يجوز لمؤمن بالله تعالى وبكتابه الكريم القرآن العظيم أن يشك في أن مصدر العلم للإنسان كان بداية من رب العالمين، منطلقا من قوله سبحانه:
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96 صدق الله العظيم.
أي أن الله هو الذي علم الإنسان ما لم يعلم فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا "كيف" أي كيف تم هذا التعليم ؟
بالتالي إذا قبل القارئ الكريم أن مصدر العلم أصله من رب العالمين بداية، عندها يمكننا فيما أعتقد أن نترافق في هذا الكتاب العلمي الذي يمكن اعتباره بداية لقلب نظرية الصدفة العمياء الدارجة عند كثير من المتعلمين الذين يعيشون معنا في هذا الكوكب الأرضي.
1- ماهو التقويم؟
وما هي أهميته؟
وماهو دور شهر التقويم في التقاويم القمرية؟
يقال في العربية:
قام الرجل إذا وقف على قدميه بمعنى استقام.
ويقال قَوم فلان قضيب الحديد إذا أزال عنه انحناءه وأعاده الى سابق استقامته.
ويقال: السجن تأديب وتقويم لمن انحرفوا عن قوانين وأعراف المجتمعات الإنسانية.
كما يقال: طبيب متخصص في تقويم الأسنان لما يقوم به من عمل طبي وفني كي يعيد الأسنان المنحرفة الى مسارها واتجاهها الصحيح ضمن عظام الفكين، باستخدام أجهزة تقويم مبتكرة وخاصة لذاك الغرض.
كما يقال أيضا: التقويم السنوي للأشهربمعنى إعادة الأشهر التي تنحرف عن أماكنها الموسمية بمقدار شهر قمري كامل كل 32 شهر قمري بإضافة شهر التقويم رقم: 33 الذي يسمى حسب لسان قريش العربية: الشهر النسيء، وهو الشهر الذي يضاف في كل تقاويم العالم القمرية لتقويم إنحرافها عن مواسمها الفصلية.
كذلك‘ من المفيد كي نعلم معنى كلمة نسيْء في اللغة العربية أن نلجأ إلى القرآن الكريم حيث نجد في آياته أن إسم النسئ يطلق على كل ما يأتي متأخرا مثل الحفيد الذكر الذي يأتيه من جيل البنين والبنات، لذا يقال للحفيد بلسان قريش العربية: النسيء، وجمع النسيء نساء، بفتح النون كما في الآية التالية التي تبين من هم الذكور الذين ليس على المرأة أن تخفي زينتها عنهم معددا سبحانه كل الأقرباء البالغين من الذكور:
(وقل للمؤمنات ... ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن...*) 31 النور.
علما أن كلمة نسائهن يجب أن تقرأ بفتح النون.
كما يجب أن تقرأ أيضا في الآية التالية التي تبين للناس ما زين لهم في الأرض من شهوات:
( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة...*) 14-3.
النساء (بفتح النون مع تشديده) في هذه الآية جمع نسيء بمعنى الأحفاد الذكور حسب لهجات قبائل عربية كثيرة إلى اليوم، علما أننا لو فهمناها كما يفهمها أغلب الناس تكون الآية غير صحيحة، فالقرآن كتاب دقيق وكامل ليس فيه أخطاء لغوية، بالتالي يجب أن ننتبه أن التزيين قد حدث لكل الناس، بمن فيهم من ذكور وإناث، علما أن حب المال والأبناء والأحفاد ليس حكرا على الرجال وحدهم، ولو قصد سبحانه الذكور منهم وحدهم لقال: زين للرجال، لكن سبحانه وتعالى لم يفعل.
وهذا لا يعني أن جميع كلمات "النساء" التي أتت في المصحف تقرأ على أنها الأحفاد الذكور كما سألني سائل في آيات نكاح النساء محاولاً دلس المعاني.
هذا علما أن كلمة النسيء مفردة لم تستخدم في القرآن الكريم إلا بمعنى شهر التعديل والتقويم حيث ذكرت مرة واحدة في سورة التوبة:
(إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين)37-9.
هذا مع العلم أن تشكيل القرآن غير منزل من السماء وإنما تم تشكيله بعد دخول الأعاجم للإسلام وفي أواسط العهد الأموي لذا فاحتمال وجود خطأ في تشكيل بعض كلمات آيات القرآن وارد واعادة قرآة تلك الكلمات بتشكيل صحيح يقبل به العقل والمنطق هو واجب مطلوب من كل المسلمين الذين يعلمون.
كما أن الشهر النسئ شهر كبيس اذا أضيف الى أشهر السنة لا يعد من بينها ولا نقول إذا أضيفت على سنة أن عدد أشهرها قد أصبحت ثلاثة عشر شهرا، بل تبقى السنة بأشهرها الإثنتي عشر المعروفة، بينما الشهر النسيء الكبيس وظيفته الوحيدة تقويم الإنحراف الذي حصل للأشهر عن مواسمها كي تعود أشهر الربيع الى فصل الربيع وأشهر الجماد الى فصل جماد الحبوب والحصاد وأشهر الحج الى فصل الشتاء، الفصل الأفضل بالنسبة لمناخ مكة الصحراوي ليكون موسما للحج وفتح الأسواق فيها حيث يكون الطقس رائعا والحرارة معتدلة.
ولولا معرفة بني قريش لتلك الحقيقة منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي بنى الكعبة لما كان باستطاعة بني قريش العمل في التجارة الموسمية ولما قال عنهم الرحمن في القرآن:
( لإيلاف قريش* إيلافهم رحلة الشتاء والصيف* فليعبدوا رب هذا البيت* الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف*) 1-4-106.
علما أن شهر رمضان، في حال استعادة تطبيق الشهر النسيء في التقويم العربي سيعود بعدها ليأتي في فصل الخريف المعروف بطقسه اللطيف الذي يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار في كل قارات الكرة الأرضية بشمالها إن كان خريفا حيث سيكون في جنوبها ربيعا، وكما نعلم يكون طول النهار في هذين الفصلين : 12 ساعة، كما يكون طول الليل فيهما: 12 ساعة، بينما في فصل الصيف يصل طول النهار في شمال روسيا وألاسكا الى 22 ساعة وطول الليل ساعتان وبالعكس في فصل الشتاء (فتصوروا).
لذا فإن إلغاء شهر النسيء من التقويم يعني بالمختصر المفيد، إلغاء عملية التقويم أصلا، وهذا يلغي كما نعلم المواسم ويلغي أيضا الهدف من تحريم الأشهر الحرم الأربعة التي بينها الله تعالى في سورة التوبة بأنها هي: شهر محرم وصفر وربيع أول وربيع ثاني وتلك هي الأشهر التي تتوالد فيها الحيوانات البرية والطيور ومن أجل هذا حرم الرحمن الرحيم صيدها في ذلك الموسم بالتحديد.
الآن كي يعلم القارئ الكريم صحة أرقام التقويم الهجري وتطابقها مع التقويم الغربي لا بد له من تقويم قمري صحيح مثل تقاويم كل أمم الأرض االقمرية الأخرى التي ما تزال تطبق عملية إضافة شهر التقويم كل 32 شهر قمري إلى تقويمها كشهر كبيس، مثل تقويم الصين الذي كان يتطابق مع التقويم العربي الاسلامي قبل الغاء المسلمين لشهر التقويم حتى أصبحت أشهر الربيع والصيف والخريف والشتاء في التقويم العربي تدور على كل فصول السنة مرة كل: 32 سنة طولها 354 يوما شذوذا عن كل تقاويم العالم.
وهذا ما يؤكد اليوم أن الشهر النسيء كان هو شهر التقويم العربي في شبه الجزيرة العربية منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام قبل رسالة القرآن الأخيرة، كما كان جميع العارفين بالتقويم القمري، يعلمون بذلك الشهر الذي يضاف إلى التقويم كل: 32 شهر قمري نتيجة انزياح الأشهر القمرية عن مواضعها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل، كي تقوم وتعود إلى مواقعها الموسمية.
أعتقد أن لاعلاقة لشهر التقويم ،، النسيء ،، بموضوعي التحليل أو التحريم بل أن وظيفته الدائمة ،، كما سنرى ،، هي: إعادة الأشهر القمرية التي انحرفت إلى أماكنها الموسمية ضمن فصولها.
بالتالي، كل فلاح أصيل يعلم أن موسم تفتح أزهار أشجاره تكون عادة في شهر ربيع أول، لكن إذا لاحظ أن أشجاره لم تزهر إلا في شهر ربيع ثاني، ثم لاحظ بعدها أن حبوب القمح والشعير في حقوله قد تأخر جمادها أيضا عن موسمها المعروف الذي يكون عادة في جمادى الأولى التي كان يبدأ فيها بالحصاد إلى شهر جمادى الثاني، يدرك عندها أن موعد إضافة شهر التقويم، الذي يعتبر ،، كما قلنا ،، شهرا كبيسا قد حان وقت إضافته بين الأشهر كي تعود بعدها الأشهر القمرية التي انحرفت عن مواسمها الفصلية بمقدار شهر قمري كامل إلى أماكنها الفصلية الصحيحة.
وهذا ما كان يفعله المسؤولين عن التقويم القمري في القبائل العربية داخل شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، من الذين كانوا يعرفون باسم: (العادين)* لكونهم من الذين كانوا
* للحاشية: ( قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين*) 113-23.
يعلمون أن وقت إضافة شهر التقويم يكون دوما بعد اكتمال عدهم ل: 32 شهر قمري من بعد آخر شهر تقويم أضافوه للتقويم سابقا.
طبعا ، بعد الإضافة ستعود الأشهر القمرية إلى مواسمها الطبيعية وهكذا دواليك، إلى نهاية الدورة الشمس قمرية التي تنتهي دوما بنهاية السنة التاسعة عشر من عملية العد الحسابية.
ولولا ضرورة تلك العملية الحسابية لما قال سبحانه عند ذكر الشمس والقمر لبيان علاقة حركتيهما بالتقويم الذي يحتاج إلى حساب:
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون*) 5-10.
لا يزال في عرف سكان العالم أن الفترة الزمنية بين ظهور القمر هلالا في الأفق الغربي بعد الغروب مباشرة، والذي يتنقل أثناء ازدياد حجم هلاله بين أبراج السماء التي تسمى في القرآن منازل القمر، إلى أن يصبح بدرا في اليوم الرابع عشر ثم يتضاءل تدريجيا ليصبح شكله كالعرجون*القديم‘ ثم ليختفي في اليوم التاسع والعشرين ليظهر بعدها معلنا دخول شهر * العرجون هو العود المتبقي من ورقة النخيل اليابسة على النخلة بحيث تكون قبة القوس للأعلى وطرفي القوس في الأسفل، وهذا يعطيها شكل هلال مقلوب لكون هلال أول الشهر تبدو قبته في الأسفل وطرفي القوس متجهة نحو الأعلى. ( معجم المنجد).
جديد، كما تعارف الناس في الأرض على تسمية دورة القمر حول الأرض مرة: شهرا قمريا.
( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم *) 39-36.*
كما تعارفوا أيضا أن السنة لا تتم إلا بدورة الفصول الأربعة والعرب كانت تسمي تلك الدورة: حولا لتحوله من حال الى حال مارا بكل الفصول الأربعة ليعود بعد أشهر الحج المعلومات إلى شهر محرم أول أشهر الحرم الأربعة كما سنرى من السنة الجديدة.
من المهم أن نعلم أن اتفاق أمم وشعوب الأرض كلها على أن السنة تساوي اثني عشر شهرا قمريا، لم يأت هكذا، صدفة، وكما لم يكن قرارا صدر عن مؤتمر قمة عالمي، ولا قرارا صدر من أمم لأرض، لا بل كان علما من معلم عالم عليم علام خبير وبصير وحكيم، هو الله تعالى رب العالمين الذي علم الانسان ما لم يعلم في رسالات بدأت مع بداية الانسان بآدم في الأرض إلى أن أنهاها سبحانه بخاتمة الرسالات المتمثلة برسالة القرآن العظيم.
( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم*
فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) 36- التوبة.
* للحاشية:كلمة القيم في تلك الآية اشتقت من كلمة التقويم بمعنى: ذلك الدين الذي يقوم (بضم الياء وفتح القاف مع كسر الواو وتشديده) مسلك الإنسان الذي فسق عن أمر ربه عندما هجر المسار والمسلك الصحيح : كما أن عبارة: لا تظلموا فيهن أنفسكم، تعني تحريم بدء القتال فيها إلا دفاعا النفس أو الوطن من معتد أثيم. لذا نجد مثلا خالد بن الوليد وأباعبيدة بن الجراح رضي الله عنهما قد انتظرا انقضاء الأشهر الحرم قبل الهجوم على قوات الروم في معركة اليرموك حتى اليوم الخامس من شهر رجب الذ صادف بحسب التقويم الغربي كما أرخه الغربيون في العشرين من شهر آب، راجع كتاب ماهو النسيء ، الصحيفة رقم: 147.
لذا فإن عملية التقويم تلك ما تزال تحتاج إلى بعض المعرفة والإلمام بعلم الحساب، بدليل التنبيه الذي ما زلنا نقرأه في القرآن الكريم:
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون *) 5-10.
كل ذلك من أجل أن يبين سبحانه للإنسان العاقل أنه لولا عملية التقويم والتعديل تلك في مسار أشهر السنة الأثنتي عشر، لما كان هناك حاجة لاستخدام كلمة تقويم أصلا.
الآن كي نفهم موضوع عملية التقويم:
لنفرض أن ساعة رجل لخلل ما تقصر دقيقة كاملة كل 60 دقيقة‘ فهي بالتالي تقصر ساعة كاملة كل 60 ساعة‘ فعلى مثل هذا الرجل إذا أراد الأحتفاظ بساعته إما أن يصحح ساعته بتقديمها دقيقة كل ساعة أو تقديمها ساعة كل 60 ساعة أو البحث عن ساعة جديدة يستطيع بها تحديد ساعات الليل وفصلها عن ساعات النهار بانتظام.
لكن، مع الأسف، المسلمون ما زالوا يعتقدون إلى يومنا هذا خطأ أن مهمة التقويم الهجري ليست تحديد فصول السنة خدمة للناس بل هي من إختصاص رجال الدين الذين لا يعرفون أصلا إلا القليل عن علم الفلك أوعلم الحساب ليعرفوا بها منازل القمر في بروج السماء، بل أغلبهم ما زال يظن أن الله تعالى قد ألغى شهر التقويم وحرمه على المسلمين كي يأتي رمضان في كل المواسم ليختبر الله تعالى صبر المسلمين على الصيام في حر الصيف وفي قر الشتاء، متناسين قوله تعالى:
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر*)185-2.
لكن ذلك الجهل لا يعفي شباب الأمة الإسلامية من المتعلمين والمثقفين من التفكير باستعادة شهر التقويم إلى تقويمنا الإسمي الذي فقد جهاز تقويمه في العصر الأموي كما سأبين لاحقا في هذا الكتاب في فصل: متى تم إلغاء الشهر النسيء والفصل الذي يليه.
لذا عليهم الإنطلاق من المعرفة المبدئية على أن طول الشهر القمري يساوي تقريبا 5‘29 يوم، بالتالي، يصبح طول إثنتي عشر شهرا قمريا يساوي بالتقريب:
5‘29 × 12 = 354 يوما.
مدركين أن هذا العدد من الأيام لا يساوي سنة موسمية كاملة، بل يقل وينحرف عنها بمقدار 25‘11 يوما.
وفي السنة الثانية يتضاعف ذلك الإنحراف.
وفي السنة الثالثة من بعد الشهر الثامن يتكامل إلى شهر قمري كامل.
حيث يكون مجموع أيام الإنحراف أصبحت تساوي: 25‘11 +25‘11 + 7 = 5‘29 يوم.
وذلك الإنحراف يحصل خلال: 12+12+ 8= 32 شهر قمري.
ألا يحق لنا أن نتساءل بعد كل ما بيناه إلى الآن، كيف أن رجال الدين والسلطة في الغرب قد همهم انحراف سنتهم ربع يوم في السنة فجعلوا له تقويما خاصا بيوم كبيس أضافوه إلى أيام شهر شباط كل أربع سنوات، بينما تنحرف سنتنا نحن المسلمين عن مواسمها بمقدار:
25‘11 كل سنة، وبمقدار شهر قمري كامل كل اثنتين وثلاثين شهرا، وبمقدار سنة كاملة كل 32 سنة وبمقدار قرن كامل كل 32 قرنا وهكذا بلا توقف في الإنحراف.
أليس على رجال الدين والسلطة عندنا أن يفكروا بتقويم أحوالنا المنحرفة مثل تقويمنا الهجري؟
أم كتب الله تعالى على المسلمين الإنحراف الدائم عن القرآن بلا تقويم؟.
انطلاقا مما تقدم علينا إدراك مدى أهمية عملية التقويم تلك وارتباطها بحياة الإنسان العملية.
الفلاح مثلا يحتاج إلى معرفة تفاصيل دقيقة عن الفصول ليعلم متى يفلح ومتى يبذر البذار للأنواع المختلفة من البذور كالقمح الذي يختلف موسم بذاره مثلا عن الذرة، كما يختلف موسم حصادهما، كذلك عليه أن يعلم موسم تقليم أشجاره وموسم إزهارها وقطاف أثمارها، وهكذا.
لكن إن كان تقويمه قد فقد جهاز تقويمه كما حصل لتقويمنا الهجري العربي، الذي أصبحت تعد أيامه سنين ناقصة عن سنين تقاويم أمم العالم كلها بلا استثناء بفارق 25‘11يوم سنويا، ليبلغ الفرق بعد مائة عام 1125 يوما، ثم ليتراكم بعد مرور فترة: 1428 سنة هجرية ليصبح اليوم: 16065 يوما، وهذا الفرق يبلغ بالأشهر تقريبا: 545 شهرا قمريا، أو: 38‘45 سنة هجرية، أو: 44 سنة مقومة.
من تلك الأرقام ندرك مدى ضرورة تحرك المفكرين من علماء المسلمين الحقيقين لإعادة تفعيل شهر التقويم بعد قراءة آية النسيء رقم: 37 من سورة التوبة، قراءة صحيحة التشكيل.
منطلقين عن قاعدة قوية من الإيمان بأن ذلك لن يتحقق لهم إلا إن بتكاتفهم معا للبدء بالعمل بها من جديد.
علما أن عملية التقويم للأشهر القمرية تعتبر من الضرورات الحياتية والدينية كي تبقى أشهرنا القمرية دوما في مواقعها الموسمية التي تتلاءم بتيسير من الله تعالى الذي ييسر ولا يعسر على عباده المؤمنين.
كما أن حقيقة اشتراك أغلب أمم الأرض في علم التقويم منذ القدم بنظام موحد، دليل قوي وأكيد، على أن ذلك العلم وتلك المعرفة لم تكونا من العلوم المبتكرة ولا من المعارف المكتشفة من الناس، بل كان علما من الله تعالى أنزله سبحانه وحيا على رسله الذين اختارهم من شعوب الأرض، بدليل قوله تعالى:
( علم الإنسان ما لم يعلم*) 5-96.
لكن جهل الإنسان إذا عاد ليعم من بعد علم في أي مجتمع سيعود مع الأيام وبالتدريج إلى مجتمع جاهلي، يضع على عاتق المفكرين فيهم مسؤولية الإشتراك في نشر العلم والمعرفة من جديد لإنقاذ الأمة من مرض الجهل الخطير الذي يصيب الأمم إن غفلت عن واجباتها وحقوقها فيتسلط عليهم جاهل يستبد بالأمر دونهم ليسوقهم سوق قطيع من الغنم.
2 - تساؤل!؟
يقود إلى تساؤل أكبر!!!
للقارئ الكريم الذي قد يتسائل عن سبب وجود تواريخ مشتركة وصحيحة من الناحية التقويمية بين التقويمين الإسلامي والغربي أقول: أني قد انطلقت بالفعل من تلك البداية التي اكتشفتها عند مقارنتي لتواريخ حوادث معروفة عالميا في التاريخين الإسلامي والغربي، حيث بدأ الغربيون يهتمون بالأحداث التي بدأت تحصل في تاريخ المسلمين بعد بدء نشر الدعوة خارج شبه الجزيرة العربية وأهم حدث حصل خارج الجزيرة وأثر على الغرب مباشرة كانت معركة اليرموك التي كتبوا عنها بالتفصيل على أنها حصلت في 20 أغسطس (آب) سنة 636 ميلادية.
الآن إن عدنا للمصادر العربية الاسلامية ومنها كتاب البداية والنهاية المجلد الرابع الصفحة الخامسة نجد تحت عنوان وقعة اليرموك ثلاث روايات:
تقول الآولى عن الحافظ بن عساكر أن المعركة قد حصلت: سنة 15 هجرية.
تقول الثانية عن محمد بن إسحق: أن المعركة قد حصلت: في رجب سنة 15 هجرية.
تقول الثالثة عن خليفة بن خياط الكلبي بأن المعركة قد حصلت: في الخامس من شهر رجب سنة 15 هجرية.
الآن إذا قارنا التاريخين مع التقويم الذي نجد له صورة كاملة في كتابنا ماهو النسئ إصدار دار الأهالي دمشق 1999. عن الدورة القمرية رقم 33 للشمس التي تبدأ يوم الجمعة 1 محرم المصادف ل 14 شباط (فبراير) من عام 623 ميلادية وتنتهي يوم الأحد في 29 ذو الحجة المصادف ل 13 شباط (فبراير) من عام 642 ميلادية نفتح التقويم على الصفحة التي فيها سنة 15 هجرية الموافقة لسنة 636 ميلادية فنجد إشارة في نفس الصفحة بأن 5 رجب موافقة فعلا للعشرين من آب (أغسطس) وهذا دليل لايقبل الشك بأن المسلمين في معركة اليرموك كان تقويمهم يعتمد على وجود الشهر النسئ وإلا ليس بالإمكان أبدا أن يصادف الخامس من رجب مع العشرين من آب في عام 636 ميلادية وهكذا نكون قد اكتشفنا بداية أن هذا التوافق لم يأت من فراغ وإنما هو دليل أكيد على أن العرب قبل الإسلام وبعده كانوا يستخدمون التقويم المعتمد على الشهر النسئ وإلا فإن تلك المصادفة مستحيلة من الناحيتين التطبيقية والعقلية.
وبما انه في السيرة وفي أسباب نزول القرآن قد قالوا لنا أن سورة التوبة قد أنزلت في السنة التاسعة للهجرة وأن هذه السنة كان فيها الحج الأكبر أي أن النسيء قد أتى بها مع شهور الحج وأن نزول هذه السورة يجب أن يطابق شهر فبراير مع نهاية هلال ذو الحجة كما افترضنا النسيء فرضية قابلة للمفاضلة :
فيكون التالي : من سنة 9 للهحرة التي تبدأ مع سنة 630 إلى سنة 15 للهجرة في عام 636 هناك 6 سنوات ميلادية
لنفرض جدلاً أن الهلال لأول شهر محرم يبدأ ب 14 شباط من هذه السنة ونحن نرغب بإضافة 6 سنوات هجرية من هذا التاريخ منطلقين من نهاية الحج من السنة التاسعة للهجرة ونحن نعلم أنه في كل سنة سيتأخر 11 يوم عن تطابقه مع التاريخ الميلادي فإنه سيتأخر 66 يوم في السنوات الستة وبما ان شهر رجب يتأخر عن شهر محرم بسبعة أشهر يتأخر خلالها القمر بسبعة أيام تقريبا فيكون التأخير 66 + 7 = 73 يوما تماماً وإذا أردنا الوصول إلى الخامس من الشهر 73 + 5 = 78 يوماً وهذا دليل على أن 20 أب سيأتي في تلك العام معدلاً لـ الخامس من رمضان وليس رجب إذا لم نعتمد النسيء في حسابنا.
وإذا أردنا أن نعلم متى حصلت الهجرة يقينا وفي أي عام هاجر الرسول الكريم ولنعلم متى توقف المسلمون عن استخدام الشهر النسئ في التقويم العربي الاسلامي لا بد لنا من اجراء عملية حسابية بسيطة بعد إضافة شهر التقويم: النسيء في مواقعه الصحيحة بين الأشهر القمرية في دورة شمس قمرية كاملة، مثل الدورة القمرية: رقم 33 التي في كتاب ماهوالنسيء، حيث تتطابق الأشهر القمرية مع مواسمها في السنوات الهجرية خلال تلك الدورة، كما يتطابق المعدل الوسطي لطول السنوات خلالها مع عدد أيام السنة في التقويم الغربي.
الآن إن عدنا للسنة الهجرية الأولى سنجدها قد حصلت في عام 622 ميلادية.
لكن من المهم أن يعرف القارئ الكريم سنة صفر الهجرية من أجل العمليات الحسابية، وهي السنة التي تتوافق مع عام 621م.
بالتالي، عندما نقول: السنة الهجرية اللأولى الموافقة لسنة كذا الغربية، علينا أن نقول:
621 + 1 = 622 م.
لذا فالسنة: 621 سنة هامة لكونها السنة الغربية التي تضاف على السنوات الهجرية لنعرف تاريخها الميلادي المقارن، كما في قولنا أن سنة 15 هجرية كانت تتوافق مع سنة:
621 + 15 = 636 ميلادية لأنها كانت سنة مقومة.
وسنة 1386 هجرية مقومة تتوافق مع سنة:
621 + 1386 = 2007 ميلادية، وهكذا.
لكن الذي نجده اليوم في عام : 2007 على أنه عام 1428 هجرية التي توقفت عن استخدام شهر التقويم لم يعد يتوافق أبدا مع السنوات الميلادية:
621 + 1428 = 2049 ميلادية بينما نحن مازلنا في سنة: 2007 ميلادية.
لقد حصل ذلك لأن التقويم العربي الإسلامي بعد الغاء الشهر النسئ منه قد أصبح يتقدم بمقدار سنة بمعدل كل 32 سنة ليصبح 33 عاما بدلامن 32، والسؤال الهام التالي هو:
إذا استمر المسلمون على الغاء شهر التقويم: النسئ!
فبعد كم سنة يتساوى التاريخان الميلادي والهجري؟
للجواب على السؤال السابق نقول: طالما التقويم الهجري الحالي يسبق التقويم الغربي سنة هجرية كاملة كل 32 سنة هجرية، تصبح الفترة بعد الإضافة: 33 سنة.
الآن الفرق بين التاريخين يساوي:
2007- 1428= 579.
579× 33= 19107 سنوات.
19107+ 2007= 21114.
في عام: 21114م يتساوى التاريخين الهجري والميلادي، وبعد ذلك يصبح التقويم الهجري أكبر بأرقامه من التقويم الميلادي والى ما لا نهاية فتصوروا !!!
الذي يهمنا حتى الآن بعد أن اكتشفنا أن التقويم العربي الإسلامي كان وما زال يستخدم الشهر النسئ حتى معركة اليرموك التي تطابق فيها التاريخ الغربي بالأيام والأشهر والسنة مع التقويم الهجري الذي كان يتماشى مع المواسم عندما وجدنا أن تاريخ: يوم السبت 5 رجب سنة 15 هجرية يتطابق مع يوم السبت 20 آب سنة 636 ميلادية* والقارئ الفطن يستطيع
* للحاشية: راجع الملحق رقم: 2، للدورة الإقترانية رقم: 33 من كتاب النسيء للمؤلف، في صحيفة سنة 15 هجرية الموافقة لسنة: 636م.
أن يدرك وحده أن شهر التقويم النسيء لم يلغ في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام ولا في عصر خلفائه الراشدين الأربعة، وهذا يواجهنا بالتساؤل الكبير التالي:
3- التقويم الغربي كيف كان؟
وكيف تطور؟
يجب أن لا يغيب عن فكرنا هنا أن التقويم الغربي الحالي ذو الإثنتي عشر شهرا كان في الأصل تقويما قمريا، لكن، لما كان الغربيون يجدون صعوبة كبيرة، في رؤية هلال أول الأشهر القمرية نتيجة لبقاء سماء أوربا غائما في أغلب فصول السنة، فأدركوا أنهم غير قادرين في الإستمرار بالإعتماد على التقويم القمري لتحديد فصولهم السنوية.
ولما كانت معرفة الفصول وتمييز أشهرها من الضرورات الهامة بالنسبة لأغلب الناس من أمم الأرض العاملين في الأرض بالزراعة، أو كانوا من العاملين في مجال تربية المواشي والأنعام، كما تصبح ضروية أيضا للعاملين في الصناعة أو التجارة، أو غيرها من الأعمال، لارتباط أعمالهم جميعا على مدى نجاح الفريقين الأولين في أعمالهم الموسمية.
عندها بدأ السباقون في العلم من علماء الغرب يفكرون بشكل جدي على ابتكار تقويم جديد وصحيح ليكون بديلا عن تقويمهم القمري الذي يصعب متابعته بصريا من قبل الناس أثناء تنقله في منازله بين بروج السماء مغيرا شكله بالتدريج من هلال إلى بدر ليعود قبل اختفائه في آخر الشهر مقلوبا كالعرجون القديم.
فكان التقويم الغربي الذي تطور على مدى الألفي سنة السابقتين في تعديلات متتابعة، محاولين تقويم أشهره على مواسم السنة وفصولها الأربعة دون أن يبلغوا دقة التقويم القمري الذي لا يخطئ بأجزاء الثانية في آلاف السنين.
بعد كل هذا، أليس من المستغرب أن نجد أغلبنا نحن المسلمين من القائلين: لم نعد بحاجة الى التقويم العربي الإسلامي طالما معنا التقويم الغربي.
لكن حتى هؤلاء ما زالوا يجهلون لماذا استغنى الغربيون عن استخدام القمر كتقويم شهري أساسي في حياتهم العملية أو الدينية.
لم يكن السبب أبدا هو عدم توفر الدقة في التقويم القمري الذي أبدعه الله تعالى للناس في الأرض:
( صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون*) 88-27.
بل كان لصعوبة مشاهدة القمر في أغلب فصول السنة في أوروبا الغائمة في أغلب شهورها كما رأينا.
لكن، لما اكتشفوا أن تقويمهم البديل المبتكر لم تكن حساباته دقيقة في عملية التقويم لأشهر السنة على فصولها، فقد قاموا على تعديله عدة مرات:
في المرة الأولى كانت في عهد القيصر جوليان حيث أجري التعديل الأول في تقويمه المعروف باسمه، عندما قام بإجراء عملية التعديل الأولى فلكي من الاسكندرية اسمه (Sosigenes) الذي بدأ تقويمه عام 46 قبل الميلاد وقام بتعديل السنة التي انحرفت بعد اضافة 67 يوما كبيسا دفعة واحدة للتقويم بين شهري تشرين ثاني وكانون أول معيدا تطابق الأشهر مع مواسم فصولها من جديد.*
*راجع فصل التقويم في الموسوعة البريطانية.
كما بدأ بقاعدة ثابتة في التقويم، وذلك بإضافة يوم كبيس على آخر أقصر الأشهر: شباط، كل أربع سنوات لعلمه أن تقويم السنة الغربية ينحرف سنويا بمقدار ربع يوم.
بدأ الغربيون بعدها على إضافة ذلك اليوم كيوم كبيس على شهر شباط كل أربع سنوات ليصبح طول شهر شباط في تلك السنة 29 يوما كل أربع سنوات مرة.
كان ذلك تقويما لربع يوم في السنة التي أصبح طولها: 25‘365 يوم .
كما جرى التعديل للمرة الثانية في عهد البابا غريغوري الثالث عشر الذي اقتنع أيضا بنصيحة العالم الرياضي (Christopher Clavius) الذي عاش مابين (1537-1612 ميلادية)، والذي كان قد اكتشف أن طول السنة الشمسية أقل بقليل من 25‘365 يوم ويساوي بشكل دقيق 2422‘365 يوم و وعلم أن ذلك الفارق الصغير يتراكم كل: 384 سنة، ليشكل خلالها انحرافا قدره ثلاثة أيام فكان سببا لوجود تقويم جديد عرف بالتقويم الغريغوري الذي أعتبر أن التقويم الجولياني القديم لم يكن دقيقا بما فيه الكفاية مما دعاه الى تبني التقويم الذي قدمه كلافيوس مقترحا جعل السنوات التي تنتهي بأصفار مثل:
100-200-300-500-600-700-900-1000-1100 والتي كانت سابقا تعتبر سنوات كبيسة لأنها تقبل القسمة على أربعة فجعلها تعتبر بعد تاريخ 1603 ميلادي سنوات غير كبيسة أما السنوات من مضاعفات العدد: 400، مثل: 400-800-1200-1600-2000-2400، فعاد ليأكد على بقائها سنوات كبيسة كما كانت.
هذا، مع العلم، أن علماء الفلك الذين أتوا من بعد (Christopher Clavius) الذي عدل التقويم الغربي بعد موافقة البابا غريغوري على اقتراحه، اكتشفوا أن السنة الغريغورية ليست دقيقة بما فيه الكفاية لاكتشافهم أن التقريب الذي أعتبروا فيه العدد 384 عاما مساويا للعدد: 400 عام من أجل تسهيل عمليات الحساب سيشكل انحرافا فلكيا مع مرور الزمن تقدر بعدة أيام في آلاف السنين فأوجدوا له مخرجا جديدا وذلك بإعادة اعتبار السنوات التي تنتهي بثلاثة أصفار* مثل الأعوام: 2000‘ 3000‘ 4000م لتكون كبيسة من جديد.
* للحاشية: راجع الموسوعة البريطانية طبعة: 1963، المجلد الرابع تحت كلمة: .calendarبعنوان التقويم الغربي، الصحيفة رقم: 615.
أما إن تساءل المسلم الذي قد يلاحظ مدى اهتمام علماء الغرب الفلكيون منهم مع علماء دينهم على تطابق أشهرهم السنوية على فصولها الأربعة مع محاولة التوصل إلى حساب طول السنة الموسمية الفلكية بدقة شديدة في تقويمهم السنوي، بينما يلاحظ بالمقارنة، عدم اهتمام أحد من علماء العرب أوالمسلمين على جولة أشهرهم مثل أشهر الربيع وأشهر الحصاد وشهر رمضان وأشهر الحج على كل فصول السنة كل 32 سنة مرة؟
( الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا...*) 197-2. بينما نجد التقويم الشمس قمري الذي أبدعه الله تعالى خير الحاسبين، ثم علمه سبحانه عن طريق رسله للعالمين، ما زال يعتبر إعجازا لا يجارى في دقته الامتناهية، ومن لا يصدق، فما عليه إلا أن يقارنه بالتقويم الغريغوري الذي أغفل أصلا العلاقة الحسابية بين مداري الشمس والقمر في اقترانهما كل تسعة عشر عاما بأجزاء الثانية منتبهين فقط على تطابق الفصول الأربعة مع طول السنة، بينما التقويم الشمس قمري إن دقق فيه العلماء بما يكفي، سيرون عندها حقيقة العلاقة القائمة بينها وبين الإختلافات المناخية لمواسم السنة الفصلية، خاصة، إذا تم مقارنتها مناخيا لما حصل في نفس المكان خلال الدورات الشمس قمرية السابقة مع مضاعفاتها، هذا إذا علمنا مثلا أن مذنب هالي، مثلا، يأتي كل 76 سنة مرة، أي بعد كل أربع دورات شمس قمرية 19 × 4 = 76، علما أن هذا له علاقة بالأرض والشمس والقمر وبالتالي يختلف المناخ العالمي فكثيرا ما نسمع مثلا: أن العالم لم يشهد حرائق مترافقة مع موجة حر شديدة، كما شهدته عام 2000 منذ سبعين عاما وإذا كنا دقيقين لقلنا منذ ست وسبعين عاما.
الآن، إن عدنا لنوجز ما فعله الغربيون الذين واجهوا صعوبة في رؤية الأهلة لمعرفة دخول الشهر الجديد ففكرعلماؤهم من الذين يعلمون علم اليقين أن الأشهر القمرية الإثنتي عشرة تتأخر عن إتمام السنة الفصلية بمقدار: 2422‘11 يوم، فحاولوا حل مشكلتهم التقويمية وخرجوا، كما رأينا، بالإتفاق على تقسيم الإنحراف السنوي الذي قدروه أول مرة بإحدى عشر يوما، فأضافوها بالفعل مقسمة اتفاقيا على الإثني عشر شهر القمرية السابقة، التي كانت سنتها تعد من الأيام: 354 يوما، لتصبح مجموع أيام السنة بعد عملية توزيع تلك الأيام اتفاقيا لتبلغ : 365 يوما، لكن بعد اكتشافهم أن تلك الإضافة لم تكن دقيقة لإنحراف السنوات التي تلتها بمقدار ربع يوم في السنة عن مواسمها فعادوا وصححوا الإنحراف السابق بأن سنوا عملية إضافة جديدة ليوم كبيس للسنوات التي تقبل القسمة على أربعة، بإضافة يوم كبيس على شهر شباط الذي افترضوا طوله 28 يوما ليصبح في السنة الرابعة الكبيسة 29 يوم.
لم يستغن عن عملية تقويم إنحراف الأشهر القمرية، أو عن معرفة شهر التقويم: النسيء، من كل سكان الأرض إلا فقهاء الدين الإسلامي الذين كانوا لا يهتمون كثيرا لتطابق الشهور مع فصولها الأربعة طالما كانت رواتبهم الشهرية تصلهم كاملة كل اثنتي عشر شهرا قمريا في غضون 354 يوما بدلا من أن تكون في كل 25‘365يوما.
حدث ذلك في كل العصور التي تلت عصر الرسول عليه الصلاة والسلام وعصر خلفائه الأربعة الذين ما زلنا نضعهم تحت قائمة الرشد والراشدين إلى هذا اليوم.
4- ماذا تعني كلمة نسيء؟
وما هو الشهر النسيء؟
كي نعلم ما معنى كلمة نسيء علينا أولا العودة لمعاجم اللغة العربية لنتعرف على معنى تلك الكلمة فيها، حيث نكتشف أن مصدر تلك الكلمة هو من فعل نسأ، بمعنى: أخر الأمر أو أجله إلى حين.
إذ يقال في العربية: النسيء أو النسيئة عن أي شيء يأتي متأخرا، كأن يبيع تاجر لفلاح، مثلا، بضائع يستلمها من التاجر شريطة أن يدفع له ثمنها في موسم الحصاد بعد بيع محصوله.
تلك العملية ما تزال تسمى في بعض البلاد العربية: بيع النسيئة،*
*للحاشية: خلال طفولتي وشبابي كنت أقطن مع أهلي في منطقة هضبة الجولان السورية التي ما تزال تحتلها إسرائيل من بعد حرب ال 67، والتي كانت مسكونة إلى جانب الحضر بعشائر عربية من البدو تابعة لقبيلتي الفواعرة، والطحاونة، حيث كنت أسمعهم يقولون مثلا: هذا نسيئي، بمعنى: هذا حفيدي، علما أنهم كانوا لا يستخدمون تلك العبارة إلا للإشارة إلى الحفيد الذكر وجمعها: نساء، بفتح النون، ولا يقصد بها إلا الأحفاد الذكور منهم فقط، أما عن الأنثى فكانوا يقولون: هذه حفيدتي، وجمعها حفدة، التي يمكن أن تقصد الذكور والإناث من الأحفاد معا.
كذلك في الجزيرة العربية قبل الاسلام كانت القبائل القاطنة فيه تطلق على ذلك الشهر اسم: الشهر النسيء، على اعتبار تأخر موعد إضافته، بالتالي، شهر النسيء يختلف اسمه حسب مواقعه الثلاثة بين الأشهر.*
*للحاشية: سنذكر مواقع أشهر النسيء في موضوع: آلية استخدام شهر التقويم: النسيء.
وشهر التقويم: النسيء، هو شهر كبيس لا يعد بين أشهر السنة حتى وإن دخلت عليها فلا نقول مثلا: أصبحت أشهر سنة كذا من التقويم ثلاثة عشر شهرا بل نعتبرها اثنتي عشر شهرا.
الى هنا نكون قد فهمنا الجزء الأول والأهم من عملية التقويم للأشهر القمرية. أما الجزء الثاني فلا يمكننا فهمه إلا اذا تقدمنا في علم الحساب والفلك لنعلم أن العناصر الثلاثة:
الأرض والشمس والقمر كلها تتحرك وتسبح في الفضاء في حركات منتظمة جدا بحيث يتم اقتران الشمس والقمر بالنسبة للأرض كل تسعة عشر عاما موسميا بدقة متناهية لا تتجاوز أجزاء الثانية.
( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري الى أجل مسمى) 29- لقمان.
حيث أن طول الفترة الإقترانية تساوي 19 سنة موسمية سميت: دورة ماتون، نسبة للعالم الفلكي الفرنسي ماتون، الذي اكتشفها نتيجة حسابات فلكية أنها تساوي:
19 × 2422‘365 = 601‘6939 يوما.
كما أن تلك الفترة الزمنية بحسب علاقتها مع دورة القمر تساوي تماما: 235 شهرا قمريا بالتمام والكمال، وتلك الفترة تساوي زمنيا نفس الزمن السابق بأجزاء الثانية، هذا إذا علمنا أن طول الشهر القمري يساوي دوما = 53022‘29، فتكون طول الدورة تساوي:
53022‘29 × 235 = 601‘6939 يوم
وبما أن تسعة عشر عاما موسميا فيها من الأشهر العادية:
19 × 12 = 228 شهرا قمريا عاديا فيكون في تلك الفترة:
235 - 228= 7 أشهر قمرية تضاف للدورة كأشهر تقويم كبيسة.
هذا دون أن ننس إضافتها في أماكنها الثلاثة بالتتابع، كل 32 شهر قمري خلال تسعة عشر عاما، كي تبقى أسماء الأشهر القمرية مطابقة لصفات مواسمها الفصلية باستمرار ضمن التقويم الشمس قمري.
هذا يجعل تقويم السنة الشمسية تتطابق تماما مع تقويم السنة القمرية، ولكننا بالطبع إن نسينا إضافة أشهر التقويم السبعة، تلك التي ما زالت كل الأمم المعتمدة على التقويم القمري تضيفها كأشهر تقويم إلى يومنا هذا، كما لا تزال الصين، على سبيل المثال، تضيفها في تقويمها خلال الدورة الإقترانية المعروفة فلكيا للشمس والقمر، التي بدونها لا يستطيع أهل الصين مزاولة مهنه الزراعة لإطعام مئات الملايين من أبناءها.
لكن المسلمين الذين أدخلوا من بعد الراشدين وعصرهم إلى عصور لا رشد فيها ولا شورى، ويحكمهم فيها مستبد واحد في كل آن، يقرر ويحكم بما يشاء هو لا كما يشاء الناس، دخلوا خلالها في متاهات الجهالة، لا يعلمون الحق من الباطل وكما أصبحوا لا يفرقون بين النسيء والنساء ولا بين الجهاد والقتال، فألغى لهم المستبد بكلمة واحدة، شهر التقويم: النسيء، فنسي بعدها الناس الأشهر الحرم، وتابعوا على قتل الطرائد في غير مواسم صيدها حتى انقرضت، فخلت، نتيجة جهلهم، سهولهم مما كان فيها قبل ذلك من حيوانات وطيور، إلى أن تصحرت بلاد المسلمين عامة في أغلب ربوع الأرض.
بينما الأسماك البحرية أوالنهرية، التي لم يحدد سبحانه موسما لتحريم صيدها، لعلمه أن صغارها لا تحتاج لتلك الرعاية التي كانت ضرورية بالنسبة لما يعيش في البر من تلك المخلوقات، فقد حلل صيدها في كل المواسم كما قرأناها في آية تحريم صيد البر التي تقول:
( أحل لكم صيد البحر ...وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما...*) 96-5.
علينا كمسلمين أن نعود إلى تحريم الشهر الحرام بعد إعادة تفعيل شهر التقويم: النسيء في تقويمنا العربي الإسلامي مع التمسك به تغييرا لما في أنفسنا من جهل قديم ورثناه عن آبائنا الأولين.
والشهر الحرام هو شهر النسيء الذي يضاف بعد الأشهر الحرم مباشرة، تأكيدا على تحريمها من الله تعالى الذي يعلم قبلنا أن موسم توالد الحيوانات البرية والعناية بصغارها لاتتم إلا بعدها، ولا علاقة لهذا الشهر بأشهر الحج، لأن التحريم بالنسبة للحج هو للمكان فقط ، إذ أن مكة مدينة مقدسة ومحرمة لا يجوز فيها القتل أو القتال في كل الأوقات.*
* للحاشية: إن من يدرس القرآن عن محبة وإيمان دون أن يكون عاشقا لكتب التراث الأخرى، يكتشف أن عملية إضلال كبيرة ومبرمجة قد حصلت مباشرة بعد العصر الراشدي وبعد انتقال العاصمة الإسلامية من المدينة المنورة إلى دمشق في العصر الأموي ثم انتقالها بعد ذلك إلى بغداد في العصر العباسي وانتقالها إلى القاهرة في العصور الفاطمية والوالأيوبية والمملوكية، ثم انتقالها أخير إلى إستانبول في العصور العثمانية. رغم إنكار مراجع الدين الإسلامي لهذه الحقيقة.
المسلم النبيه يمكن أن يلاحظ باستعجاب أن تقويمه الهجري قد فقد بالفعل، جهاز تقويمه وأصبح بعدها تقويما تائها بين تقاويم العالم بعد أن أصبحت أشهر الربيع فيه لا تصادف فصل الربيع إلا كل 32 سنة موسمية مرة واحدة‘ وإن لجأ إلى علماء الدين ليعرف السبب قالوا له ما قاله الأولين:
( قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا...*) 170-2.
( قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ...*) 21-31.
لكن المسلم النبيه عليه أن يلاحظ أن أقوال الأولين التي وردت في القرآن كانت تناقض ما أتى به المرسلون من ربهم بدليل جواب الوحي الذي أتاهم وهو يقول:
( لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين *) 54-21.
أعتقد أن الذي قام بتغيير التشكيل في كلمتين من آية النسيء في سورة التوبة مثل التغييرات الأخرى التي أشرت إليها في كتبى السابقة كانت من أجل تجهيل المسلمين بحقائق كثيرة وإتاهتهم عنها.
بالتالي فالذين فعلوها لم يفعلوها سهوا بل فعلوها قاصدين لكونهم شياطينا من شياطين الإنس المغرضين هدفهم كان كما قلنا تجهيل المسلمين مع إزالة كل شيء جميل في الدين، عالمين سلفا أن نتائج أعمالهم وتحريفاتهم ستكون لها نتائج كارثية على المجتمع الإسلامي عامة ومجتمع قريش في مكة خاصة لعلمهم أنهم بمثل هذا التقويم المشوه، مثلا، لن يستطيعوا بعدها متابعة رحلتي الشتاء والصيف التجاريتين، وكما لن يستطيعوا بعدها من فتح أسواق مكة التجارية الموسمية التي كانت تصادف موسم أشهر الحج المعلومات، منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، في تقويمهم الأول فصل الشتاء، ألطف المواسم وأنسبها لفتح تلك الأسواق، لكن التقويم الجديد الذي صمم في دمشق في العهد الأموي من بعد الراشدين وتابع على تنفيذه من أتى من الخلفاء في كل العصور االتي تتابعت بعدها، كان قد فقد جهاز تقويمه وأصبح عاجزا عن تحديد الفصول أو تمييزها عن بعضها البعض.
لم ينتبه علماء المسلمين إلى يومنا هذا أن التقويم الهجري الذي معهم لم يعد يحوي أصلا شهر التقويم (النسيء) الذي بإلغائه نكون قد ألغينا عملية التقويم كلها من أساسها.
بل من المفارقات الطريفة أنهم يعتبرون التقويم الهجري قد صمم من أجل أن يصادف شهر الصيام: رمضان في كل الفصول، متناسين أن القرآن وجه بداية للعالمين في الأرض، لذلك جعلها سبحانه العليم العلام لتصادف دوما في فصل الخريف حيث يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار في القارات المسكونة من الأرض، لكن التقويم الهجري بعد إلغاء شهر التقويم منه أصبحت أشهره تدور، كما قلنا، على كل الفصول كل 32 سنة هجرية، وعندها يصبح طول
النهار في شهر رمضان المصادف لفصل الصيف يتراوح بين 20- 22 ساعة في البلاد الواقعة شمال خط العرض 60 من نصف الكرة الأرضية الشمالية.
وطول الليل فيها يتراوح بين 2-4 ساعة.
بينما نجد العكس في البلاد الواقعة جنوب خط العرض 30 من نصف الكرة الأرضية الجنوبية* في جنوب قارة أفريقيا و أمريكا الجنوبية و أوستراليا، حيث يتراوح فيها طول *: المناطق المأهولة جنوب خط العرض 60 من نصف الكرة الأرضية الجنوبية قليلة نسبيا، بالمقارنة مع ما يقابلها في نصف الكرة الأرضية الشمالية بينما أطوال الليل والنهار فيهما متشابهة.
النهار والنهار في رمضان صيفا بين: 13-14 ساعة نهارا.
وطول الليل فيها يتراوح بين 10- 11 ساعة شتاء، علما أنه عندما يكون صيفا في نصف الكرة الأرضية الجنوبية يكون شتاء في نصف الكرة الأرضية الشمالية، والعكس صحيح.
أعتقد أن تلك المقدمة السابقة كانت ضرورية لتبين لمن كان يجهل معنى كلمة: التقويم، ولا يعلم مثلا سبب إضافة كلمة تقويم في قولنا: التقويم الغربي الميلادي، أو التقويم الهجري الإسلامي، أو التقويم الصيني، وهكذا بدون استثناء لأي تقويم من تقاويم العالم القديم، ليعلم أن الأشهر القمرية لا تستطيع الإستغناء عن العملية التقويمية الحسابية كي تعود الأشهر القمرية لتتطابق من جديد مع مواسمها الفصلية.
من هنا ندرك مدى ضرورة تلك المعرفة النظرية والحسابية لأفراد المجتمع العربي الإسلامي الذين لا يستطيعون الإستغناء عن التقويم في حياتهم العملية كي تبقى أمتهم أمة حية فاعلة بين أمم الأرض الأخرى.
علما أن أسماء الأشهر العربية راسخة في اذهان أغلب المسلمين الذين ما زالوا يعتقدون أنها لم تطلق اعتباطا وجذافا بل أطلقت لتشير معانيها إلى مواسمها.*
* للحاشية: راجع فصل معاني الأشهر العربية في هذا الكتاب.
كما أن الذي يدرس تاريخ النهضة الروحية في الإسلام، يعلم أن اختلاط الأمور علينا كمسلمين قد بدأ مباشرة بعد معركة صفين الفاصلة بين عهدي الرشد والغي التي يمكن أن نعبر عنهما بكلمتين معاصرتين هما: الديموقراطية والإستبداد.
ومنذ ذلك التاريخ أدخلنا كأمة إسلامية إلى كهف الجهالة عمدا وعن سابق تصميم لنبقى فيه عصورا دون أن يتاح لنا أن نرى علما ولا نورا ولا رشدا.
أما إن شاء المسلمون الخروج اليوم من ظلام ذلك الكهف وجهالته، وكانت رغبتهم ولهفتهم للعلم لها من القوة ما يكفي ليدفعهم في السعي إلى العلم والمعرفة بعلوم الدنيا النافعة، بعدها فقط سيبدأون في استشعار نور الله تعالى الذي في كتابه العظيم الذي سيدفعهم بالتالي إلى تعلم العلوم الحقيقية كلها من جديد ومنها علم الحساب والفلك، عندها لن يعجزوا عن معرفة الدورة الإقترانية، ولا عن معرفة شهر التقويم: النسيء.
ولا عن ضرورة معرفة مكانه بين أشهر السنة كي تتطابق بعد إضافته أسماء الأشهر القمرية مع مواسمها الفصلية من جديد كي تعود بعدها أشهر الربيع تأتي دوما في فصل الربيع، وأشهر الجماد تأتي في موسم جماد الحبوب في سنابلها مطابقا مع موسم الحصاد، وشهر رمضان يأتي في فصل الخريف اللطيف* الوقت الذي يتساوى فيه طول * للحاشية: يكون في فصل الربيع بالنسبة للبلاد التي تقع جنوب خط الإستواء.
الليل مع طول النهار في كل قارات الأرض عدلا منه سبحانه وتعالى لكل الصائمين من الناس في الأرض، وأشهر الحج المعلومات، شوال وذو القعدة وذو الحجة كي تعود لتأتي في أفضل المواسم الملائمة للحج إلى بيت الله الحرام.
( الحج أشهر معلومات...*) 197-2.
وهكذا تعود تلك الأشهر المعلومات* في القرآن لتصبح موسما لكل الناس في * للحاشية: إن الذي سن من بعد الراشدين من التابعين سنة الحج الذي وسعه الرحمن إلى أشهر معلومات فإختصره إلى يوم واحد، على اعتبار أنه اليوم الذي صادف وقوف الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع على عرفة في العاشر من ذي الحجة، فجعلها سنة دائمة للمسلمين غير قابلة للتبديل، كان ظالما لنفسه وللناس ولم يظلمهم أحد.
استطاع إليه سبيلا:
(... ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا...*) 97-3.
إن من يلاحظ دقة الله تعالى في تلك الآية الكريمة ينتبه إلى أن سبحانه لم يقل:
ولله على المسلمين أو على الذين آمنوا بل قال: على الناس بلا تحديد لدين أو عرق كي يكون مشهد الحج مباحا لكل الناس من بني آدم إن أتوا إلى الحج مسالمين ملتزمين بالآداب اللازمة لزيارة الأماكن المقدسة في كل الأديان على اعتبار أن هذا البيت هو بيت الله المفتوح لكل الناس في الأرض.
أم نسينا أن الإسلام أتى للناس كافة، وأن كل ما في كتاب الله حق سيبقا حقا إلى يوم الدين لكن كل ما تقدم من تلك الصعوبات التي وضعت عمدا أو جهلا أمام المسلمين لا تمنعهم اليوم من أن يفكروا من جديد في تقويمهم الذي فقد شهر تقويمه، كما لا تمنعهم من قراءة كتاب الله الكريم قراءة جديدة مترافقة مع التفكر في آياتها والتدبر لها، حيث سيعلمون بعدها أن كلمة: تقويم بحد ذاتها تعني وجوب وجود عملية تقويمية لشيء سبق وانحرف عن مكانه أو زمانه الأصلي.
علما أن التقاويم القمرية وتوحيد العالم بسنة فيها اثنتي عشر شهرا قمريا، حيث يلعب الشهر النسيء فيها دورا رئيسا في تلك العملية التقويمية التي تتم بإضافته سبع مرات في أماكن محددة كل : 32 شهر مرة، خلال كل دورة اقترانية طولها تسعة عاما بأجزاء الثانية، لم يكن إختراعا ولا إبداعا من أحد الناس، بل كان علما من العلوم التي علمها سبحانه للناس عن طريق أنبيائه ورسله المكرمين:
(إقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان مالم يعلم*) 3-5-96.
- أين حصل التبديل في تشكيل آية النسيء؟
كي نقرأ، من جديد، آية النسيء بشكل صحيح علينا أن ندرك أين حصل التبديل في تشكيل كلمات تلك الآية الكريمة بقصد تبديل المعنى:
لذا سأضع فواصل بين العبارات لتسهيل فهم الآية فهما منطقيا منطلقا من حقيقة مبدئية تقول أن الزيادة في الكفر ليست من استخدام شهر التقويم: النسيء، بل كانت لما يقوم به الذين كفروا من عملية إضلال للمؤمنين بتغيير طول فترة الأشهر الحرم من عام إلى عام آخر:
(إنما النسيء، زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا، يحلونه عاما ويحرمونه عاما، ليواطئوا عدة ما حرم الله، زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين) 37-التوبة.
علما أن التغيير في التشكيل قد حصل في الكلمتين التاليتين من تلك الآية:
إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا...
حيث قرأوا كلمة زيادة، بتنوين آخرها بالضمة، لتكون إقرارا بأن استخدام شهر التقويم: النسيء هو زيادة في الكفر، بينما إن تركناها كما هي في المصحف الأثري الموجود في إستانبول، بدون تشكيل ، عندها يمكن لعلماء اللغة والدين تصحيح تشكيلها حسب مقاصد الآية، وذلك بتنوين آخر تلك الكلمة: زيادة, بالفتحة المنونة بدلا عن الضمة المنونة، عندها تصبح عبارة: زيادة في الكفر, جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب.
كذلك كلمة: يضل، التي شكلت في المصاحف التي نسخت في دمشق عن الأصل مبنية للمجهول، أي بضم الياء وفتح الضاض، وهذا يعني أن فاعل الضلالة في الأرض مجهول، بينما إن أعدنا تشكيلها بكسر الضاض، عندها يصبح فاعل الإضلال في تلك الجملة من تلك الآية هم: الذين كفروا، وعلى رأسهم زعيمهم إبليس اللعين.
العرب في شبه الجزيرة العربية منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام كانوا يضيفون الشهر النسيء، كما قلنا، كل 32 شهر قمري إلى تقويمهم، والمسؤولين عن عملية العد والحساب كانوا يعرفون: بالعادين، وكلمة: العادين إسم فاعل جمع من كلمة: عدد، كما كانت السنة العربية سنة حولية موسمية وتساوي نتيجة معرفتهم للدورة الإقترانية الفلكية التي طولها تسعة عشر عاما حوليا طولها: (2422,365) يوما، علما أننا لو طبقنا السنة الهجرية الحالية التي عدد أيامها (354 يوم) لأصبح عمر رسولنا عند وفاته 65 سنة وبضعة أشهر، وهذا مخالف للحقيقة التاريحية المعروفة بمقدار سنتين هجريتين بحسب ما ورد في السيرة النبوية.
كانت من النتائج المأساوية لإلغاء شهر التقويم: النسيء، في الإسلام، ظنا على أن الله تعالى هو الذي حرمه في القرآن على المسلمين: انقراض الحيوانات البرية في أغلب البلاد الإسلامية كنتيجة لعدم تطابق أشهره مع مواسمها الفصلية، ومن بعدها مع مرور الزمن تصحرت البلاد الإسلامية نتيجة زوال الغابات منها، إذ أن الحيوانات البرية مثل البقر الوحشي ( المها ) والحمر الوحشية التي كانت معروفة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده وكانت تتغذى بثمارها التي تتساقط عادة على الأرض بعد نضوجها فتقوم بنقلها في روثها إلى أماكن أخرى مشمسة وعندما يأتي فصل الأمطار تنتش تلك البذور التي تتغذى أيضا بالمواد اللازمة لها التي كانت في الروث كسماد فتظهر شجرة جديدة في المنطقة، لكن بعد زوال تلك الحيوانات من الجزيرة العربية نتيجة الصيد العشوائي، أصبحت ثمار الأشجار المتساقطة تحتها تتراكم وتتعفن نتيجة وجودها الدائم في ظلال الأشجار، وبما أن كل المخلوقات لها أعمار محددة تموت بعدها، فماتت الأشجار مع الزمن مع بذورها التي ماتت قبلها فتصحرت الجزيرة العربية ، لا بل تصحرت كل البلاد التي اتبعت الإسلام الذي ألغى الشهر النسيء وتوقفت عن تنظيم الصيد كما نظمه سبحانه لكل أقوام الأرض عن طريق ماأنزل سبحانه لهم من علم ضروري لايمكنهم البقاء على الأرض بدونه.*
*للحاشية: مثلا أنا من أصل شركسي من بلاد القوقاز المشهورة بغاباتها ما زال عندنا تقويم قمري قديم يقوم بالشهر النسيء الذي يسمى ترجمة ما معناها بلغتنا بالشهر المضاف، كما أن أسماء الأشهر عندنا لها معاني ومدلولات فصلية مثل الأشهر العربية وعندنا يبدأ موسم الصيد في شهر تشرين ثاني وينتهي في آذار قبل موسم الربيع، علما أن قبائل الشركس الأربعة التي منها أطلق علينا الإيرانيين عند غزوهم لبلادنا أيام الإمبراطورية الفارسية إسم: جهار كس، التي تعني بالفارسية الأشخاص الأربعة أو القبائل الأربعة المكونة للشعب الشركسي،أعتقد أن وجود هذا الشعب شمال جبال القفقاس الشاهقة كان السبب الرئيسي في عدم وصول الإسلام إليهم إلا في القرن السادس عشر الميلادي خلال العصر العثماني عن طريق مبشرين من رجال الدين، لكن ما تزال تقاليدنا الصارمة التي يتمسك على تطبيقها كبار السن هناك في غابات شمال القوقاز تمنع الصيد العشوائي الذي حافظ باعتقادي على الحياة الحيوانية والنباتية بشكل ملحوظ رغم أن الغالبية العظمى منهم قد تحول من المسيحية إلى الإسلام في تلك الفترة .
7- معاني مصطلحات أسماء الأشهر العربية
من المفيد أن يعلم الباحث عن الحقيقة من المسلمين، معاني أسماء تلك الأشهر ورودها في القواميس العربية وحسب استخدامها في اللهجات المختلفة للقبائل العربية:
1- محرم، للإعلام أن الأشهر الحرم قد بدأت. هذه التسمية لهذا الشهر بالذات كانت من الرسول محمد عليه الصلاة والسلام تأكيدا منه على بداية الأشهر الحرم الأربعة التي حرم فيها الله تعالى القتال وصيد البر كما مر معنا، علما أن اسم ذلك الشهر كان يدعى في الجاهلية صفر أول، وهو يتراوح دوما بين شهري كانون ثاني وشباط.
2- صفر: كان يلفظ بتشديد الفاء المفتوحة، للإعلام أن في هذا الشهر يصفر الفرق بين طول الليل والنهار لتساويهما، علما أن اسمه كان قبل الإسلام صفر ثاني، للتمييز عن صفر أول. وهو يتراوح دوما بين شهري شباط وآذار.
3- ربيع أول: للإعلام أن هذا الشهر هو شهر بداية الربيع، دلالة على أن هذا الشهر يصادف قدومه بداية موسم تفتح الزهور من فصل الربيع، الذي يقابل عادة شهر نيسان في التقويم الغربي. وهو يتراوح دوما بين شهري آذار ونيسان.
4- ربيع ثاني: إذا تأخر موسم تفتح الزهور إلى هذا الشهر تكون إشارة للعادين بأن الموسم قد تأخر نتيجة انزياح التقويم بمقدار شهر كامل ليضاف بعدها شهر التقويم ( النسيء ) كي يعود فصل الربيع في شهر ربيع أول من السنة القادمة، الذي يقابل عادة شهرأيار، علما أن هذا الشهر يتراوح دوما بين شهري نيسان وأيار.
5- جماد أول: دلالة أن هذا الشهر يصادف قدومه بداية جماد الحبوب في سنابلها كتبشير لبداية موسم الحصاد الذي يصادف عادة في شهر حزيران.
وهو يتراوح دوما بين شهري أيار وحزيران.
6- جماد ثاني*: إذا تأخر موسم الحصاد إلى هذا الشهر تكون إشارة للعادين بأن موسم
* للحاشية: بعض اللهجات العربية الأخرى تقول: جمادى الأولى وجمادى الثانية عن هذين الشهرين.
الحصاد قد تأخر نتيجة انزياح التقويم بمقدار شهر قمري كامل ليضاف شهر التقويم (النسيء) كي يعود فصل أول الحصاد من السنة القادمة، في شهر جماد أول، علما أن هذا الشهر يتراوح دوما بين شهري حزيران وتموز.
7- رجب: يقال في العربية رجب ( مع تشديد الجيم ) الشئ بمعنى عظمه، هذا وقد كان العرب في الجاهلية يعظمون هذا الشهر.علما أن هذا الشهر يتراوح دوما بين شهري تموز وآب.
8- شعبان: وسميت كذلك لتشعب البدو (الأعراب) في البادية طلبا للماء من أجل أنعامهم بعد فصل الصيف الذي أستنفذ أكثر مياه فصل الشتاء. علما أن هذا الشهر يتراوح دوما بين شهري آب وأيلول.
9- رمضان: وسميت كذلك من تسمية العرب لأول مطر يهطل بعد الصيف في بداية فصل الخريف وشهر رمضان يصادف عادة شهر أيلول من فصل الخريف حيث يتساوى طول الليل مع طول النهار في العالم كله ماعدا منطقتي القطبين بينما في الصيف والشتاء يصبح الفرق أعظميا.* ويتراوح دوما بين شهري أيلول وتشرين أول.
* للحاشية: مثلا في مدينة بطرس برغ في روسيا ( التي كان إسمها لينين غراد في العصر الشيوعي السابق) يصبح طول النهار فيها صيفا: 20 ساعة بينما يصبح طول الليل فيها أربع ساعات فقط، وتكون الليالي بيضاء يمكن تمييز الخيط الأبيض عن الخيط الأسود، بينما تنعكس تلك الأرقام في فصل الشتاء.
10- شوال: سميت كذلك لأن العرب لاحظت أن الناقة تشول بذنبها بحثا عن الذكر في ذلك الشهر دليلا على دخول موسم تزاوج النوق مع الجمال فيقولون: شولت الناقة ليفيدوا أن ذلك الموسم قد دخل، ويتراوح دوما بين شهري تشرين أول وتشرين ثاني.
11- ذو القعدة: سميت كذلك دلالة على دخول فصل الشتاء المعروف بشدة رياحها حيث كان الأعراب يقعدون في ذلك الشهر ولا يرحلون، لصعوبة نصب الخيام فيها. ويتراوح دوما بين شهري تشرين ثاني وكانون أول.
12- ذو الحجة: سميت كذلك لأن العرب تعارفوا ان يحجوا الى مكة في مثل ذلك الشهر كما كانوا يفتحون فيها الأسواق التجارية وتجري فيها كل النشاطات الثقافية والإجتماعية ووسائل الترفيه والتسلية مثل سوق عكاظ. يتراوح دوما بين شهري كانون أول وكانون ثاني.
معرفتنا لمعاني أسماء الأشهر العربية تلك، تدلنا أن التقويم القمري العربي كان يستخدم شهر التقويم المعروف عالميا ويسمى بالعربية: شهر النسيء، والا لما صادفت تلك الأشهر مواسمها الفصلية للسنة.*
للحاشية:(أخذت تلك المعلومات السابقة عن معاني الأشهر من قاموس المنجد للغة العربية).
شكرا لصاحب المقال على المجهود، ونتمنى أن يلقى هذا المقال قلوبا مفتحة وتعيه آذان واعية.
ختاما قال رسول الله عن الروح الأمين عن ربه: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(16). الحديد.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.