قبيلة من اليهود في بلاد العرب 9
الجزءالتاسع
من هم آل سعود؟
تنكشف الحقائق جليّة في الصفحات التالية عن جوانب الأصول «الأصليّة» (لآل سعود) بشهادة واحد من أتباع آل سعود، هو: محمد التميمي مؤرخ الشجرة السعوديّة التي دفع له قيمتها الملك عبدالعزيز والذي مازال على قيد الحياة يعمل لديهم بعد أن قلّدوه عدداً من المناصب (منها: إدارة المكتبات العامة)، وعدداً من الأمور القضائية.
"والشيخ» محمد التميمي يكشف دون قصد الإساءة «لآل سعود» بل ربما يقصد التفاخر بأنسابهم وإبراز دهاء «آل سعود الّذي ما تواجد في العقول العربيّة إلاّ نادراً!.. أو ربما ليبرز أن له دوراً رديئاً قضاه مع فيلبي".
لقد بدأ الشهادة بالحديث عن رحلته وهو لم يدرك أنها شهادة للتاريخ… ورحلته هذه هي التي رافق فيها المؤسس الأول للعرش السعودي «الحديث» (جون فيلبي) الّذي «أسلم» هو الآخر بطريقة المذهب الوهّابي وعلى طريقة «الاسلام السعودي» نفسه، فسمّته المخابرات الانكليزية باسم «الشيخ الحاج محمد عبدالله فيلبي»… وكان رفيقه في رحلته تلك إلى نجران الشيخ محمد التميمي…
فكم يا محمد تسمّوا بك * وكم يا محمد أساءوا إليك؟!
وملخّص الحقائق التالية.. أن فيلبي ومعه التميمي ذهبا برسالة من الملك عبدالعزيز آل سعود إلى اليهودي يوسف بن مقرن الياهو (1).
عبدالعزيز يواصل باستمرار وطلب منه فيلبي ـ لحساب عبدالعزيز ـ تسليمه الكتاب المهمّ (وقد أقنعه فيلبي أنهم يريدون طبعه) والكتاب هو:
«نبع نجران المكين في تراث أهله الأولين» الجامع الشامل لتاريخ يهود الجزيرة العربية كلها ـ الأولين والآخرين وكافة اليهود الذين دخلوا في الدين الإسلامي والمسيحي، واندسّوا في القبائل الأخرى للاحتماء بها، وإثارتها ضدّ العرب، ونشر النفوذ اليهودي الذي سبق له أن تقلص بعد أن لوحق في جزيرة العرب منذ عهد النبي محمد صلّى الله عليه وآله وسلم بعد مؤامراتهم ضدّه… وانتشرت بقايا اليهود في كافة الديانات والبلدان الأخرى… (وسيأتي) الكشف الواضح لانسلاخ عدد من يهود قبيلة بني القينقاع، وكيف تمّ إسلامهم، ومنهم «آل سعود»، وكيف أطلقوا على أنفسهم اسم (آل سعود)، وكيف هاجروا الى العراق، وكيف اندسّوا في فخذ (المساليخ)، وزعموا أنهم من قبيلة «عنزة»، وغير ذلك مما يكشف الغطاء ـ غطاء ـ الذهب الاسود الخادع عن وجود آل سعود." يجمعه بعبدالعزيز آل سعود الجدّ الخامس.. يهودي سافر من نجران بجواز سعودي ليقاتل في فلسطين، وعاد ومعه بعض الجنود اليهود ليشارك آل سعود في حربهم لثورة اليمن عام (1962م)."
حكّام آل سعود (1)
(1) اخترنا هذا الفصل من كتاب: «هذه هي الوهّابية» للعلامة المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية، وهذا نص مصادره:
«كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبدالوهاب» للسيد محسن الأمين، و«تاريخ نجد» لفيلبي، و«تاريخ الدولة السعودية» لأمين سعيد، و«الامام العادل» لعبدالحميد الخطيب (1/2) و«تاريخ الكويت السياسي» لحسين خلف الشيخ خزعل ج (1) و (2 ـ 3).
كان في القرن الخامس عشر رجل من عنيزة يسكن في الأحساء، اسمه مانع، وله ابن عم يقيم بقرية بنجد، اسمها منفوحة، واسم هذا النجدي درع، وهو زعيم عشيرة الدروع هناك، وكان موسراً ذا ممتلكات واسعة، وفي إحدى السنين زار مانع الأحسائي قريبه درعاً النجدي، فأعطى هذا قطعتين كبيرتين من أرضه لضيفه، فانتقل مانع بأهله الى نجد يستغل عطية قريبه درع. ومانع هذا هو الجدّ الأول لآل سعود.
وورث الأرض من مانع ولده ربيعة، وأضاف إليها أرضاً جدة انتزعها من المجاورين، ومات ربيعة، وورثه ولده موسى، وأضاف ملكاً إلى ملك أبيه بالغزو والغارات، ودانت له المنطقة، وصارت له إمارة صغيرة، ومات موسى، فخلفه ولده ابراهيم، ومن بعده ولده فرحان، ورزق فرحان ولدين ربيعة ومقرنا، ورزق مقرن محمداً، ورزق محمد سعوداً، رأس الاسرة السعودية، وقد استولى سعود على الدرعية انتزعها من آل معمر، قال فيلبي: وهكذا لم ينقض جيلان، حتى غدا النازحون الغرباء سادة المنطقة التي آوتهم.. وبقيت الدرعية عاصمة الإمارة السعودية إلى عهد تركي الذي يأتي الكلام عنه، ومات سعود (1144هـ) فخلفه ولده محمد الذي نشأت الوهابية في عهده، فاعتنقها وآزرها، وما زال السعوديون عليها، حتى اليوم.
وفيما يلي نتكلم بإيجاز عن كل أمير من الأمراء السعوديين الوهابيين الذين جعلوا من الوهابية عقيدة متبعة، وكان لهم الفضل الأكبر عليها، ولولاهم لم تكن شيئاً مذكوراً، نتكلم بإيجاز عن هؤلاء الأمراء منذ الأمير الأول، حتى الملك عبدالعزيز والد الملك سعود.
محمد بن سعود.
تولّى محمد بن سعود إمارة الدرعية سنة (1158هـ) الى سنة (1178)، وهو صاحب محمد عبدالوهاب وساعده الأيمن الذي تكلّمنا عنه في فصل سابق، وأول حاكم وهابي وكانت نجد في عهد محمد بن سعود موزعة إلى ست أو سبع إمارات رغم أن عددها لم يتجاوز في ذاك الحين نصف مليون.. من تلك الإمارات إمارة الدرعية، وفيها محمد المذكور، ومنها إمارة إبن دوّاس بالرياض، وإمارة آل معمر بالعينية، وإمارة آل هزال بنجران، وإمارة آل علي بالشمال، وإمارة آل جحيلان بالقصيم.
أمّا النظام الذي كانت تتبعه هذه الإمارات فهو أشبه بالنظام القبلي، يتمشّى مع أهواء الأمراء والاقوياء.. ويظهر أن المواطنين لم يتأفّفوا منه، لأنهم قد اعتادوا عليه وآباءهم من قبل، حتى حسبوه أمراً طبيعيا.
ودارت بين محمد بن سعود أمير الدرعية، وبين ابن دواس حروب وغزوات انتهت بالصلح بينهما.
عبدالعزيز بن محمد
اختار محمد بن سعود ولده عبدالعزيز ولياً للعهد من بعده باقتراح محمد بن عبدالوهاب، فكان أول أمير يبايع بولاية العهد من السعوديين، ومنذ ذلك العهد أصبحت الإمارة تنتقل بالمبايعة بولاية العهد تماماً كما فعل معاوية مع ولده يزيد، وهذه من حسنات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومن غريب الصدف ان سيرة عبدالعزيز تشبه سيرة يزيد ابن معاوية من وجوه:
أولاً: إن كلاً منهما عاش في كنف أبيه الأمير بالعزّ والدّلال.
ثانياً: نشأ كل منهما جاهلاً لا يزينه علم ولا خلق ولا ثقافة.
ثالثاً: ما عرفا به من القسوة والغلظة، والبعد عن الرحمة والرأفة.
رابعاً: الحكم عن طريق المبايعة بولاية العهد بمعاونة الحواشي والهوامش، لا عن طريق الشورىالاختيار.
خامساً: ما وقع في عهدهما من القلاقل والفتن والحروب.
سادساً: غزا يزيد المدينة المنوّرة، وأباح منها ما ذكره المؤرخون لوقعة الحرة، وغزا مكة المكرمة، وضرب الكعبة بالمنجنيق.
وألف عبدالعزيز السعودي الوهّابي جيشاً بقيادة ولده سعود، وغزا مكة، وهدم قبة مولد النبي، ومولد أبي بكر، وقبة السيدة خديجة، وقبة زمزم، والقباب التي حول الكعبة، وهلك سنة (1218هـ).
وفي سنة (1221) غزا المدينة، وهدم قبور أئمة البقيع وغيرها، وعن تاريخ الجبرتي: «لما استولى الوهابيون على المدينة المنورة أخذوا جميع ذخائر الحجرة النبوية وجواهرها، حتى أنهم ملأوا أربع سحاحير من الجواهر المحلاّة بالماس والياقوت العظيمة القدر، ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرّد، ونحو مئة سيف ملبسة قراباتها بالذهب الخالص، وعليها ياقوت، ونصابها من الزمرد». (كشف الارتياب للسيد الأمين).
سابعاً: قتل يزيد سيد الشهداء، وريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الحسين ابن أمير المؤمنين علي عليه السلام، وذبح أطفاله، وسبى نساءه في كربلاء.. وكذلك غزا عبدالعزيز كربلاء بجيشه الذي قاده ولده سعود، وهدم قبر الحسين، ونهب جميع ما فيه من الذخائر، وأعمال السيف بالكربلائيين ورجالهم ونسائهم وأطفاهلم وكان ذلك سنة (1216هـ).
ثامناً: إن فعلة يزيد وجيشه في كربلاء هزت العالم، ونقم جميع المسلمين على يزيد بخاصة، والأمويين بعامة، وهذا ما حصل بالذات حين فعل جيش عبدالعزيز ما فعل في كربلاء، قال فيلبي في تاريخ نجد ص(99):
«اقتحم سعود بجشي أبيه كربلاء، وبعد حصار قصير أعمل السيف في رقاب أهلها، ودمّر ضريح الحسين عليه السلام، ونهب المجوهرات التي كانت تغطي الضريح، وجمع كل شيء ذا قيمة في المدينة.. والحق يقال: إنّ عمله هذا هز العالم كله فضلاً عن الشيعة، فقد كان نقطة انطلاق ركينة للإنقلاب على الوهابيين، كما أدّى فيما بعد إلى عواقب وخيمة على هذه الدولة» (1
(1) عبدالله فيلبي هذا، اسمه الحقيقي «سنت جون فيلبي» وهو انكليزي أسلم، وأقام أمداً طويلاً في الاراضي السعودية، وكان من الأصدقاء على حكامها، ثم غضبوا عليه، ومنعوا كتابه هذا «تاريخ نجد».. ومن أسباب المنع تسجيله هذه الحقيقة التي تدين السعودية والوهابية وتدمغهم بالعار..
أرأيت الى هذا الشبه القوي بين يزيد بن معاوية من جهة، وبين عبدالعزيز وولده سعود من جهة ثانية، والى هذا الكره العميق في قلب كل مسلم، لكل من يمس بسوء آثار الرسول وآله الكرام؟.. وبالتالي هل يتفق هذا النوع من القتل والنهب والسلب مع الاسلام وروح الاسلام الذي تدّعيه الوهابية أو أنهم يعلنون شيئاً، ويعتقدون ويفعلون شيئاً آخر؟. هذي هي أيام عبدالعزيز كلها حروب وفتن وتدمير وتخريب وضحايا ونهب وسلب وهتك للمقدسات الدينية، وغارات متصلة ليل نهار على الفقراء المستضعفين، والعراة والجائعين، وعن هذا الطريق انتزع الرياض من ابن دواس، وسائر إمارات نجد من حكّامها، حتى أخضعها جميعاً لسلطانه، وضم إليها عسيراً والحجاز والقطيف. وقتل عبدالعزيز سنة (1218) اغتاله رجل من الشيعة انتقاماً منه لما فعله بضريح الحسين في كربلاء، قال فيليبي: لقد تنكر القاتل بزي درويش، وذهب الى الدرعية، بقي فيها أياماً يصلي خلف عبدالعزيز، وفي ذات يوم ألقى بنفسه على عبدالعزيز، وهو يصلي، وطعنه بمدية في ظهره اخترقت الى بطنه، وعجلت به الى مقره الأخير.. وتكاثر الناس على القاتل، وقتلوه.
وبعد هذا الحادث جرت عادة آل سعود على أن يقف حارسان على رأس الأمير، وهو يؤدي الصلاة خوفاً من الاغتيال.
سعود بن عبدالعزيز
وحلّ سعود محلّ أبيه عبدالعزيز، وأول عمل قام به غزو بلدة الزبير والبصرة من أرض العراق، وأعمل فيهما القتل والسلب، وهدم قبر طلحة والزبير، وذلك سنة (1208)، وغزا نجران سنة (1220)، والشام سنة (25)، ودوّخ حوران قتلاً وسلباً، ووصل، أو كاد إلى أبواب دمشق.
وسنة (1226) أرسل محمد علي باشا ولده طوسون لتحرير الحجاز من الوهابين، فصدوه في الكرة الاولى، وتغلّب عليهم في الثانية، واستولى على مكة والمدينة، وحاول أن يفتح نجداً، فلم يفلح، وسنة (1228هـ) حجّ محمد علي باشا، وعزل الشريف غالباً، وأرسله منفياً إلى سلانيك، وعيّن مكانه الشريف محم بن عون، فانتقلت الإمارة من فرع إلى فرع آخر من أسرة الأشراف، ومحمد بن عون هو جدّ الشريف حسين أبي فيصل ملك العراق، وعبدالله ملك الأردن.
وتجدر الإشارة إلى أنّ سعوداً هذا هو أول أمير أقام هيئة للأمر بالمعروف، ومهمّتها التجوال في الأسواق أوقات الصلاة، تخصّ الناس على أدائها، وما زالت هذه الطريقة متبعة إلى اليوم عند السعوديين، وتطوّرت بمرور الأيام، حيث اتسع اختصاصها، وأصبحت تحمل العصيّ، وتجول في الأسواق والشوارع تنهال ضرباً بها على حليق الذقن، أو من يلمس قبر الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم، أو قبر إمام من أئمة البقيع، وغير ذلك مما يخالف عقيدة الوهّابية، بل كانوا إلى الأمس القريب يضربون المدخّنين علناً، وإن كانوا غرباء عن الديارـ كما قيل.
ودامت إمارة سعود من سنة (1218) الى سنة (1229).
عبدالله بن سعود
وتولّى بعد سعود ولده عبدالله، فنازعه الإمارة عمّه عبدالعزيز، وانقسمت الأسرة على نفسها، وتفرّقت كلمتها.
وسنة (1231هـ) جهز محمد علي باشا جيشاً بقيادة ولده ابراهيم فتوجه إبراهيم إلى الحجاز، وكانت لم تزل مع أبيه، ثم سار منها إلى نجد، يتواغل فيها شيئا فشيئاً إلى أن وصل سنة (1233) إلى الدرعية عاصمة الوهّابيين، وبعد حصار دام (5) أشهر استسلم أميرها عبدالله بن سعود، فأرسله إبراهيم إلى الأستانة، حيث قتل ومن معه في ميدان أياصوفيا.
وطغى إبراهيم باشا وبغى في البلاد، وأكثر فيها الفساد، وصادر أموال آل سعود، وآل محمد بن عبدالوهاب، وأجلى الكثير من رجالهم ونسائهم وأطفالهم عن الديار، ونفى الكثير منهم إلى مصر، وكان هذا جزاءً وفاقاً لما فعلوه من قبل بأمة محمد من المظالم والمآثم، وما ارتكبوه من الخيانة لله وكتابه، وللنبي وسنته.. وهكذا كل ظالم لابد أني يبتلى بأظلم وأغشم.
استمر حكم عبدالله بن سعود من سنة (1229) إلى سنة (1234).
تركي بن عبدالله
كان لعبدالله بن سعود المتقدم ذكره ابن عم، اسمه تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، ومحمد هذا الذي هو الجد القريب لتركي هو صاحب محمد بن عبدالوهاب، وأول أمير سعودي وهّابي.
وكان تركي قد فرّ من وجه إبراهيم باشا تاركاً الدرعية تحت جنح الظلام، وراح ينتقل في صحراء نجد داعياً العربان إلى إحياء مجد الأسلاف، وتزوج أثناء تجواله بامرأة من آل تامر، ولدت له ذكراً، أسماه «جلوي» لأنه ولد في زمن الجلاء، فتجمّع حول تركي أول ما تجمّع ثلاثون رجلاً، ثم انضمت إليه بعض القبائل، فاسترد الرياض سنة (1235) من باشا مصر، واتخذها عاصمة له، ومن يومه انتقلت عاصمة السعوديين من الدرعية إلى الرياض، وما زالت، وكان لتركي ولد، إسمه فيصل، نفاه إبراهيم باشا مع من نفى إلى مصر، ولما سمع بخبر أبيه هرب، وجاء إليه.
وممّا قلنا يتبيّن أن الإمارة السعودية الوهّابية ابتدأت بمحمد بن سعود صاحب محمد بن عبدالوهاب، ثم ولده عبدالعزيز ثم ولده سعود، ثم ولده عبدالله الذي انتزع منه الإمارة إبراهيم باشا، وقتل في الأستانة.
وكان انتصار إبراهيم على السعوديين سبباً لانتقال الإمارة من فرع عبدالعزيز بن محمد بن سعود إلى فرع عبدالله بن محمد بن سعود الأمير الوهّابي الأول عن طريق عبدالله بن محمد بن سعود، وعبدالله هذا الذي هو أبو تركي لم يتول الإمارة، وإنما تولاها أخوه عبدالعزيز الأمير السعودي الوهّابي الثاني، فتركي ـ إذن ـ هو الأمير السعودي الوهّابي الأول من الفرع الثاني لمحمد بن سعود، وبه انتقلت الإمارة من سلالة عبدالعزيز بن محمد بن سعود إلى سلالة أخيه عبدالله بن محمد بن سعود، وما زالت فيها حتى اليوم.
وكبر على نسل عبدالعزيز أن تخرج الإمارة منهم، قد برّ أحد السعوديين، واسمه مشاري، أمر اغتيال تركي، وتمّ له ذلك، ونادى مشاري بنفسه أميراً، ولم تطل أيامه، حتى قتله فيصل بن تركي المغدور، واسترجع امارة أبيه. واستمرّ حكم تركي الذي أعاد النفوذ إلى أسرته، استمر من سنة (1235) الى سنة (1249).
فيصل بن تركي
تولى فيصل بن تركي الحكم بعد أبيه، ولكن محمد علي باشا لم يمهله طويلاً، فأرسل حملة كبرى إلى نجد، ومعها خالد بن سعود الذي كان مع السعوديين المنفيين بمصر، فدخل جيش محمد علي باشا، واستولى على العاصمة بلا مقاومة بعد أن فرّ منها فيصل، فأقام المصريون فيها خالد بن سعود حاكماً مكان فيصل، وذلك سنة (1253هـ). وكانت الحجاز لم تزل بيد محمد علي.
وسنة (1254) ظهر فيصل مع رجال من أتباعه، وحاول طرد المصريين، ولكنه لم يفلح، ولم يجد سبيلاً إلاّ الاستسلام، فاستسلم، ونفي إلى مصر، مع من نفي فيها من السعوديين.
وبعد أن قويت شوكة محمد علي بخضوع الجزيرة العربية له بما فيها نجد والحجاز وعسير وتهامة استولى على فلسطين ولبنان وسوريا، وبلغ أبواب الأستانة، ولكن الحلفاء اضطروه إلى التراجع والانسحاب من البلاد التي احتلها، وتسليمها للأتراك، ما عدا مصر، حيث منحت له ولسلالته يديرونها إدارة باشوية باسم سلطان الأستانة. وذلك سنة (1256هـ).
وفي سنة (1259). عاد فيصل من مصر إلى نجد هو والأمراء السعوديون الذين نفوا إليها من قبل، وحلّوا ضيوفاً في مدينة حائل شمالي نجد على أميرها ابن الرشيد، وكان من قبل تابعاً للسعوديين، بل إن فيصلاً هو الذي عيّنه حاكماً لحائل قبل الاحتلال المصري مكافأة له على مناصرته للقضاء على فتنة مشاري الذي قتل أباه تركيا.
وقد ردّ له ابن الرشيد هذا الجميل، فاحتفى بفيصل، وقدّم له الرجال والمال، ودعا للالتفاف حوله، وأول من استجاب أهل عنزة، وزحف فيصل على الرياض بمعاونة ابن رشيد، وكان فيها أمير يدعى عبدالله بن ثنيان، أقامه المصريون حين جلائهم عنها، فاسترجعها فيصل منه بعد مقاومة، وحصار دام (20) يوماً، وأسر ابن ثنيان، ثم عفا عنه.
وما استتب الامر لفيصل، حتى شرع باسترجاع ما أخذ من السعوديين، فأخضع نجداً وعسيراً والأحساء والقطيف، ودان له بالطاعة أمراء البحرين، ومسقط، وسواحل عمان.
مات فيصل بن تركي سنة (1382هـ).
نكتفى بهذا القدر من الجزء التاسع ونلتقى بإذن الله تعالى مع الجزءالعاشر بداية... "عبد الله بن فيصل".
المراجع...
1- صفحة عن آل سعود الوهّابيين و آراء علماء السنّة في الوهّابيّة.. السيد مرتضى الرضوي
2- تاريخ آل سعود .. ناصر السعيد
3- كتاب " كشف الإرتياب ".. السيد حسن الأمين
4- كتاب " الفجر الصادق ".. طبعة مصرعام 1323ه
5- كتاب " التوسل بالنبى وبالصالحين " طبعة إستانبول عام 1984
6- كتاب تجديد كشف الارتياب