يا له من دين، ويا لها من براهين !!
يا له من دين، وياله من إله !!

ربيعي بوعقال في الأحد ٠٤ - مايو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

خطيب صدق قومه وهو كذوب !

اقتباس:(( ...إن هذا الخطيب البائس يظن أن الدولة السعودية يمتد عمرها من العصر الجاهلي حتي عصرنا الراهن ،))الدكتور أحمد صبحي.. ومقاله الأخير.

تعقيب: أرى ـ ولست أرى أبعد من سيادتكم ـ أرى أن هذا البائس صدق قومه وهو كذوب: فتلك المنطقة ـ كما تعلم ـ لم تشهد عبر تاريخها الطويل إلا حكم الجاهلية وظلماتها الحالكة، ولم تشهد قيام دولة إلا مرتين:  دولة النبوة، ودولة الجاهلية ( المخضرمة )والتي امتد سلطانها حتى عصرنا الراهن تحت أسماء شتى مختلفة، ومن نافلة القول أن الأولى حكمها الرسول بالعدل والقسطاس المستقيم، وهذه لم تدم طويلا ، كما أنها لم تكن دولة تامة الأركان، وطبعا لم يكن مقدرا للنبي أن يتجاوز حدود الزمان ومقتضياته، فالبلد لا  تزيد  مساحته عن ألف باع في بضعة أشبار، ولا تملك جيشا نظاميا يحفظ أمنها والجوار، ولم تبرم معاهدات سلام واسعة النظاق مع الدول القوية، وأنى لها أن تنشيء ـ يومها ـ شكلا من أشكال نظام القنصليات والسفارات، باستثناء ما جرى مع المقوقس،إن صح الخبر، وهو شيء مجهري لا يرى، ولا يستحق أن يذكر هنا، وكان الخطر يتهدد الدولة من الداخل كل حين، ويتمثل أساسا في كيد المنافقين، وبقايا بني يهود الماكرين، وبعض الجواسيس المندسين بينهما... والقصة معروفة وليست طويلة، وخاتمتها أن خاتم النبيين مات أو قتل، فنشأ خلل يوم السقيفة، تبعته إخلالات بعد أقل من عام، وأخذ مؤشر الميزان يميل برفق مع الرياح عاما بعد عام، إلى أن هبت عاصفة بني سفيان، وتم القضاء على معظم (القراء)، وقتل الأصحاب وأبناؤهم شر قتلة ، وبدأت الهجرة الملعونة، ثم ترك القرآن الكريم كليا، وانكسر ميزان العدل، وبيعت الكفتان نقدا وبثمن مقبول، وقطعت ذراع الميزان وقاعدته أجزاء، فكانت خردة نحاسية عجيبة، ثم صيغ المعدن زينة وأساور تغري الراقصات، وشاع  التهريب من أسواق البصرة إلى الكوفة سبع سنين نحسات، واستغل الساسة الفرصة لتمويل دولة النخاسين الملعونين، وغابت شمس العدل وقمرها المنير فساد الظلم والظلام لقرون عديدة، توالت فيها عهدات حكم ملكي ثيويقراطي مستبد، تخللته ومضات عدل وإنصاف، ومضات في لحظات لا تكاد تذكر لضآلتها.. وكثرت الموازين المغشوشة المعوجة، وهذا وصف بعضها وسماه المؤرخ( قسطاس معوج) : الذراع الأحدب من خشب، والكفتان من ججر الصوان، ومن الصخر نحت المؤشر أيضا، واستحال القرآن الكريم مصحفا  (منقوطا )، محرم لمسه على كل امرأة تحيض، وكل ولد يبول، وكل بنت خرجت لحقل من الحقول لجمع روث البقر، أو قضاء حاجة المضــــطر.. هذا حكم اللمس المكتوب على النساء واالولدان الذكران، أما العاقل الذكر البالغ فيلمسه بلا حرج في أصح الأقوال، وقيل: يكره له فعل ذلك كراهة تحريم مؤبد، إلا إذا كان اللمس نوعا من التبرك بالشفاه، أعني: وضع قبلة أو قبلتين على الغلاف الجلدي أو ورق البردي.. وأجمعوا: أن كل ذلك مباح حلال إذا اشتد البرد، وحين أداء صلاة التراويح الرمضانية، كما أجمعوا إباحة كل شيء لثلاثة من الناس: الأول ـ الخليفة إن كان من أهل البيت الشريف أو من بني العباس،و(يندب)للخليفة ـ قبل القراءة والتسبيح ـ أن يلعن أم جميل وزوجها القبيح، والثاني ـ المفتي فقيه البلاط، ولكن بشروط مغايرةـ وهو: أن يكون مشهودا له بالتقوى، والغيرة على الدين والوطن، وأن تكون زوجته جميلة ورآلته صغيرة، والثالث: المعلم وطالب العلم وهذان يباح لهما مسه ولمسه ولو كان كلاهما جنبا، ويجوز  حمله للتدريس أو التجويد، بشرط واحد أيضا: أن يشتهر حامل السفر في بلده بأنه: المقرئ المعلم، العالم العلامة، الحافظ الجامع، المحدث الفهامة، الفذ الفريد، الفقيه المجتهد، الولي الصالح ... 99 لقبا...مئة إلا واحد:  يا له من دين، وياله من إله.

واشتهرت ـ عبر تلك العصور ـ قبيلة حدثنا بتدوين كل ما جرى بالمنطقة، بدءا بيوم وساعة مولد النبي إلى قيام الساعة تقريبا، مع تحليلات قيمة، وحيل وتبريرات شرعية قائمة على براهين شبه قوية، رضيع يتيم يُخرج من بيته ويلقى به ببادية الجياع، ليتعلم الفروسية، وينشأ على الفصاحة التي لا تعرفها قريش ولا سوق عكاض،  وقس على ذلك كل ما أذيع وشاع من البخاريات والنوويات، وكل ما يذاع اليوم من الروايات المحكية عن الأجداد الصالحين والجدات الطاهرات بأسانيد متصلة بلا انقطاع، ممتدة من السفاح (الخليفة العباسي) إلى صاحب القبر كما يسميه مالك، أعني: المخلوق البشري صاحب الموطأ .. يا له من دين، ويا لها من حجج وبراهين. شيء يحار فيه الرأس ويندى له الجبين، ذاك هو دين المحمدين الذي كفر به صاحبي، حين صرخ: يا أيها المحمديون لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم (عائدون)، 

فليجادل، أو يحاور بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، وليكن الجدال بالتي تختارونها... وغدا يُفصل بيننا بالحق، إن كنتم توقنون بما وراء الطبيعة، كما يقولون.

وبعد قرون من الخلافة المستبدة الأموية العباسية الفاطمية العثمانية، وحكام دويلات وإمارات فوضوية منتشرة هنا وهناك، بعد كل ذلك ساد الخلاف وكثرت الفتن والحروب بين الشعوب المحمدية، ونهض الناس من سباتهم ذات صباح، فسمعوا مناديا يقول: اندثرت دولة الإسلام، ذهبت دولة الخلافة، وإسلاماه .. وقدساه، واندلساه ... ولم يعرف مصدر ذاك الصوت إلى اليوم، والبحث مستمر.

والخلاصة أن ذاك الحطيب صدق قومه وهو كذوب، فالدولة السعودية ليست بدعة، وإنما هي استمرار لحكم الجاهلية، والعادات القبلية النتنة، وخلاصة الخلاصة أن أبرهة الأشرم قام من بين الأموات في زي خادم محترم، ليطمس معالم الدين ويهدم الحرم، وإنه ليئد البنين والبنات لإحياء السنن، ويقتل كل شريف له يد أو فم،  كل ذلك ابتغاء مرضاة رب البيت الأبيض وأعوانه الذين أحرقوا ـ ليلة أمس ـ كل الهنود الحمر، ومزقوا أكباد كل أسود السمر.   

اجمالي القراءات 13541