فتاوى تصيب الشريعة فى مقتل

في السبت ٠٧ - أغسطس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

فتاوى تصيب الشريعة فى مقتل

٧/ ٨/ ٢٠١٠

«فى النفاس.. صلى وصومى بطريقة طبيعية طالما أن الولادة قيصرية»

الخطير فى هذا الأمر أنه يصيب الشريعة الإسلامية فى مقتل خاصة أن التى طلت علينا بهذا القول ليست من العامة بل هى- وبكل أسف- أستاذة فى العلوم الشرعية!!

فقد ساقنى قدرى فى أحد الأيام أن أتناول غدائى- على غير العادة- أمام شاشة التلفاز وكان يبث وقتها أحد البرامج الحوارية على إحدى القنوات الفضائية وكانت مقدمة البرنامج تستضيف أستاذة فى علوم الشريعة الإسلامية أو هكذا قالوا ولم أبد فى أول الأمر أى اهتمام لما يدور إلى أن أصابت أذنى طلقة من مدفع ثقيل العيار أطلقتها الضيفة فأصابت مقتلاً. ففى ردها على الهواء على أحد الأسئلة التى تتعلق بكيفية أداء الشرائع الإسلامية من صوم أو صلاة فى فترة النفاس أفادت بكل ثقة وبدون تردد بأن الصلاة والصوم واجبان على السيدة النفساء إذا كانت الولادة ليست عن طريق الفرج أى عن طريق فتح البطن أو ما يعرف بالولادة القيصرية، وعلى السيدة النفساء أن تتعامل مع دم النفاس كأنه دم استحاضة فتزيله وتغتسل وتصلى وتصوم دونما حرج، هذا بعكس السيدة التى ولدت بطريقة طبيعية فإنه طالما يوجد دم فهو دم نفاس يمنعها من الصوم والصلاة!

إننى أؤكد هنا أن هذه الضيفة- وبكل أسف- بقولها هذا أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لا تستطيع أن تفرق بين خروج الطفل بالولادة- بأى طريقة- والخروج من الحمام! وقد كان من الأجدر بها أن تقول لا أعلم ثم تسأل المختصين من الأطباء فى هذا الشأن ولا حرج بصفة عامة أن يعلن الإنسان المتحضر عن عدم علمه بالشىء حتى لو كان ذلك على الهواء مباشرة بدلاً من أن يوقع الملايين من البشر فى شراك جهله ولا سيما فى المسائل الشرعية.

أحيطك علماً يا سيدتى أنه لا فرق نهائياً بين مصدر دم النفاس فى الولادة الطبيعية والولادة القيصرية، فالدم يأتى من الرحم بعد انفصال المشيمة ويستمر حتى يرجع الرحم إلى وضعه وحجمه الطبيعى بالانقباض المستمر الذى يساعد على إغلاق النهايات الوعائية التى نتجت من انفصال المشيمة، وإن كان فى تصورك يا سيدتى أن الدم فى حالة الولادة القيصرية ينتج من الجراح التى تمت فى الرحم فأنت واهمة لأن الأطباء لا يمكن أن يعيدوا طبقات البطن إلى طبيعتها إلا بعد أن يرجع الرحم إلى حالته تماماً قبل إحداث الجرح فيه أى كما لو كان الطفل قد تمت ولادته بطريقة طبيعية.

اتقوا الله أيها السادة فى فتواكم، وإذا كان الله عز وجل قد قدر حسنتين لمن أصابت فتواه وحسنة واحدة لمن اجتهد فى الفتوى ولم يصب، فإن ذلك موقوف على شرط أن تكون الفتوى فى مجال التخصص. وفى النهاية فإننى أتمنى أن أسمع ولو مرة واحدة إجابة لأحد ضيوف البرامج الحوارية على الهواء بأنه «لا يعلم» إن كان السؤال فى غير تخصصه أو لو كانت الإجابة غير حاضرة، ولحين سماع هذه الإجابة فإننى أذكر بأنه من قال لا أعلم فقد أفتى.

د. أحمد مختار مرسى

 استشارى أمراض النساء والتوليد وعلاج العقم

اجمالي القراءات 2923