لا يختلف شهر رمضان في الولايات المتحدة الأميركية عنه في باقي دول العالم. فشهر رمضان شهر مميز لدى المسلمين كافة في العالم. ومع أن هذا الشهر هو شهر الصيام عن الطعام والتقرب إلى الله بالروحانيات، إلا أنه شهر تزداد فيه عملية الشراء للمواد الغذائية، على الرغم من توافرها طوال أيام السنة في الأسواق والمحال التجارية. ما يجعل الأخيرة في حالة استعداد لضخ المواد الإستهلاكية والتمونية الخاصة بهذا الشهر، مع الحرص على عدم رفع الأسعار بطريقة كبيرة.
واشنطن: مع اقتراب شهر رمضان المبارك في ظل الأزمة الإقتصادية الطاحنة، تستعد المحال التجارية والأسواق المركزية في الولايات المتحدة الأميركية لضخ الكثير من المواد الغذائية والتمونية الخاصة بالشهر الفضيل، وذلك بسبب زيادة الإستهلاك الغذائي للفرد، يصاحب ذلك ارتفاع للأسعار غير مستفز. ورب ضارة قد تكون نافعة في كثير من الأحيان، وهذا ما حدث فعلاً. فعلى الرغم من الأذى الذي لحق بالمسلمين على أثر أحداث سبتمبر/أيلول، إلا أن الأميركيين الآن لديهم فكرة عن الدين الإسلامي وعن شهر الصيام.
وبعد أحداث سبتمبر بدأت الأسواق المركزية الأميركية الكبرى في الولايات المتحدة ضخ المواد الخاصة بالشهر الفضيل مع اقترابه. فالداخل إلى أسواق سامز الشهيرة وأسواق كرست في ولاية أوكلاهوما يجد التمور والمشمش المجفف قد بدأت في الظهور على أرفف المحال وبأسعار تنافس أسعار الأسواق المركزية العربية.
ويزداد الطلب في هذا الشهر على التمور وقمر الدين والزيوت النباتية والمواد التمونية كالطحين والأرز والسميد. يقول وليام هانز الذي يعمل في أسواق كرست "محالنا تحاول عرض جميع المواد الغذائية بصورة دائمة، ولكن منذ الأول من أغسطس/آب بدأنا ضخ التمور والمشمش المجفف بصورة أكبر، لعلمنا أن الطلب سوف يزداد عليها في هذه الفترة من دون رفع أسعارها".
وتتنافس المحال والأسواق في عرض منتوجاتها الخاصة بهذا الشهر لجذب المستهلك. فتقوم أسواق سامز الكبرى في ولاية أوكلاهوما بعرض نوعين مختلفين من التمور تتراوح أسعارها 5.99$ للعلبة الواحدة بحجم 3 باوند مقابل 6.99 للعلبة الواحدة بحجم 2 باوند لنوعية أخرى من التمور. في الوقت الذي تقوم أسواق كرست بعرض نوع آخر من التمور الجيدة من شركة ديل بسعر 4.49 للكيس الواحد بحجم 8 أونصات. كما ويتم عرض صحون البقلاوة بصورة أكبر وبأسعار تنافسية، فمحال سامز تعرض صحون البقلاوة بـ 10 $ مقابل عرضها في محال كرست بمبلغ 11.99$.
وتتنافس المحال العربية في عرض منتوجاتها بمناسبة الشهر الفضيل، فيقول حسن صاحب محل حلال ماركت للمواد الغذائية التمونية يقع في مدينة أوكلاهوما سيتي "نعرض منتجاتنا يومياً وبالأسعار نفسها، ودخول شهر رمضان لم يغير من الأسعار شيئاً، ولكن نقوم بطريقة عرض مختلفة لكسب الزبون، فمثلاً نبيع الزيت القنينة الواحدة بـ 9.99$ في مقابل لو أخذ 10 زجاجات مثلاً نعطيه واحدة مجاناً. أو لدينا أنواع من التمور كل له سعره، وفي حال اشترى صندوقاً واحدا يحتوي على 6 علب صغيرة نهديه علبة أخرى. وفي ما يخص الأسماك واللحوم، يوضح "لدينا لحوم حلال تباع بأسعار مختلفة حسب نوعها وكم باوند تبلغ. ثم يضيف يزداد الطلب على اللحوم الحلال كلحم البقر والخراف والماعز والدجاج في شهر رمضان كثيراً نظراً إلى أن المسلمين يقومون بالذبح والطبخ للمساجد.
أما أحمد غزال فيشير إلى أنه "جئت اليوم للتبضع لشهر رمضان من المحل العربي. كل شيء متوافر والأسعار جيدة، ولكنها مرتفعة مقارنة بالعام الماضي، وهذا لا يقتصر على محل دون الآخر، بل على كل المحال، والسبب يعود إلى الإقتصاد المنهار". ثم يضيف "أحاول أن أشتري المواد المطلوبة الآن من زيوت نباتية، وتمور، وقمر الدين، والأجبان والخبز". أما محال انترناشيونال فود الشهيرة في مدينة ريدتشتسون في دلاس الواقعة شمال ولاية تكساس فتقوم بعرض كل منتجاتها طول أيام السنة من دون انقطاع مع زيادة الكميات قبيل شهر رمضان المبارك من دون رفع الأسعار بطريقة كبيرة.
محمد الزبون الآتي للشراء من المحل يقول "آتي كل سبت لشراء حاجياتي من المواد الغذائية والخبز واللحم الحلال. ثم يكمل نلاحظ ارتفاعاً طفيفاً في الأسعار، وهذا طبيعي، فكل الأسعار مرتفعة في كل مكان، وليس هنا فقط".
ويؤكد حميد الموظف في المحل أن ارتفاع الأسعار ناجم من صعوبة المواصلات وارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة الأميركية. كما إن بعض المواد لا تستورد من الداخل الأميركي، بل من بعض البلدان العربية والآسيوية، ما يعني ارتفاع تكاليف السفر والنقل والجمارك، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعارها في المحل بصورة طفيفة.
وحول انعكاس الأزمة الإقتصادية على سلوك المستهلك في الشراء والتحضير لرمضان، يقول حميد حسين "طبعاً الأزمة الإقتصادية أثرت في الجميع من دون شك، ونسبة المبيعات قلت عن العام الماضي بصورة طفيفة، تكاد تصل إلى 2% عن العام الماضي، ولكن ليست كبيرة، لكون محالنا تعرض المنتوجات الغذائية، والجميع يحتاج للشراء والإستهلاك. كما إن محالنا توفر مواد غذائية خالية من بعض المواد التي يتحاشى المسلمون وجودها في غذائهم. ثم يضيف حتى الآن لدينا نسبة جيدة من الزبائن ولا يزال هنالك وقت للإستعداد لرمضان".
في هذا السياق يكمل آدم عيسى، وهو زبون آت للتبضع هو وزوجته "أتينا اليوم للتبضع وشراء الخضر الطازجة واللحوم. حتى الآن لم نستعد لرمضان، ولكن حتماً سنأتي للشراء، فوجود الأزمة لن يجعلنا لا نشتري، ولكن نحاول دائماً شراء الضروريات وعدم التقصير في أي شيء. فهو شهر واحد في السنة، ونحب أن نسعد له نحن والعائلة والأصدقاء". ثم يضيف "نأمل أن تكون الأسعار غير مرتفعة أكثر من ذلك. ولكن حتى لو ارتفعت ماذا علينا أن نفعل، فلا بديل عن شراء حاجيات رمضان".