هي قصة حقيقية، أبطالها حقيقيون، لكنهم جميعاً شاركوا في نسج قصة من الخيال، عاشوا فيه لحظات تقمصهم لشخصياتهم الخيالية، ولم يتقاضون عنها أي مقابل نظير آدائهم التمثيلي، بل إنهم دفعوا من أموالهم حتى يكتمل العرض الخيالي، هي قصة بطلها طفل صغير، أصيب بمرض "سرطان الدم" والبطل الآخر نجم عالمي فهو ممثل شخصية "بات مان" والمعروف بالرجل الوطواط، ويشارك في البطولة مدير شرطة مدينة "سان فرانسيسكو" والبطل الأخير هو الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إما باقي الممثلين فقد إرتضوا دور الكومبارس، فقط لأجل إسعاد طفل صغير أصيب بداء لعين، وهم سكان مدينة "سان فرانسيسكو".
القصة دارت في منتصف شهر نوفمبر عام ٢٠١٣، في مدينة "سان فرانسيسكو" وبدايتها كانت عندما طلب الطفل "ميلز" عمره خمس سنوات، والمريض بالسرطان، من والده أن يذهب معه للمتجر لشراء ملابس "بات مان" حتى يخلص المدينة من الأشرار، ووعد الأب إبنه بتحقيق أمنيته، ثم إنتشرت قصة الطفل، حتى وصلت إلى مدير شرطة "سان فرانسيسكو" وعن طريق مدير الشرطة، وصلت أمنية الطفل إلى بطل سلسلة أفلام "بات مان" وما لبثت إلا أن وصلت إلى الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" فإذا بهم جميعاً يقررون تحقيق أمنية الطفل، ليعيش يوماً كطفل وطواط، وكان قرار الجميع لا بد إن نسعد الطفل "ميلز"
وإذا بمدير شرطة "سان فرانسيسكو" يظهر عبر شاشات التليفزيون، ويعلن أن الأشرار قد دخلوا المدينة، وأنه لن يستطيع تحرير المدينة منهم إلا شخصين فقط ! ثم يطلب مدير الشرطة المساعدة من كل من "بات مان" والطفل "ميلز"
فيطلب الطفل من أبيه شراء ملابس "بات مان" بأقصى سرعة حتى يخلص المدينة من الأشرار، وإذ بشخصية "بات مان" تتصل بالطفل "ميلز" ويتفق معه على موعد للقاء، ثم يذهب الأب مع إبنه، لشراء ملابس "بات مان" ثم يترك الأب إبنه الذي يعرف طريقه للقاء "بات مان"
ويذهب الطفل في الموعد والمكان المتفق عليه للقاء "بات مان" حتى يلتقيه بالفعل ! ويضع معه خطه حتى يخلصوا المدينة من الأشرار، وتدور أحداث حقيقية، يلمسها الطفل بنفسه، فالأشرار موجودون، وسكان المدينة مذعورين !
ويشارك الطفل "ميلز" صديقه "بات مان" في مغامرة واقعية جداً بالنسبة للطفل ! فيها من الكثير من الحركات كالقفز، وإستخدام العضلات، والقوة من أجل القبض على الأشرار، بل وفيها من البطولات الكثير أيضاً فقد قام الطفل "ميلز" بتخليص العديد من الضحايا اللذين كانوا تحت يد الأشرار !
وعندما يخرج الطفل "ميلز" مع "بات مان" من خارج البناية الضخمة التي قضوا فيها على الأشرار، وسلموهم للشرطة، فإذا بالطفل يجد سكان مدينة "سان فرانسيسكو" ينتظرون خارج البناية الضخمة، ليقدموا التحية له ولصديقه "بات مان"
ولم تنتهي القصة عند هذا الحد، وإذا بالرئيس الأمريكي "باراك أوباما" يرسل بتحية خاصة للطفل "ميلز" عبر حسابه الخاص عبر أحد مواقع التواصل الإجتماعي بالصوت والصورة !
إن القصة بالنسبة إلي لم تكن صعبة الفهم أو بسيطة ! لقد كانت بالنسبة إلي عميقة، فمعانيها ذهبت بي إلى أكثر من بعد إنساني، لذلك جعلتني أبكي، ولكنني بكيت وأنا مبتسم، فوالله إني لأرفع القبعة، إحتراماً، لكل من شارك في هذا النسج الخيالي لأجل إسعاد طفل مريض.
إن ما حدث قد يكون كلف مدينة "سان فرانسيسكو" أموالاً كثيرة، لكن سكان المدينة، تغاضوا عن أي خسارة، لمجرد أن يكون الطفل "ميلز" سعيداً، إن ما حدث لن يتسبب للطفل في الشفاء، ولكنه فقط سيسعده لبعض الوقت ! ولقد سألت نفسي، ألا تساوي سعادة طفل بريء بعض التكلفة ؟
إني والله تذكرت حال أطفال مصر المرضى، وأطفال الشوارع، تذكرت كيف تعامل الأمريكيون مع طفل مريض، وكيف تعامل تنظيم الإخوان مع الأطفال في إعتصام رابعة، عندما جعلوهم في مقدمة صفوف المواجهة مع الشرطة !
والله إني لأشعر بالتقصير تجاه أطفال مصر المظلومين، واللذين ألاقيهم كل يوم وساعة، فإن إستطعت أن أُسعد أحدَهُم، فلن أقوى على إسعاد الباقي ! إنها ثقافة حضارية تنقصنا، وإني والله وبكل إخلاص لأسأل الله أن تسود تلك الثقافة كل مصري وعربي، ولا أجد غير دعائي هذا أختتم به مقالي.
وعلى الله قصد االسبيل
شادي طلعت