الباب الثانى : كفر المحمديين بيوم الدين أساس أسطورة الشفاعة
الصحابة و إرادة الدنيا والكفر بالآخرة: ب2 ف 5

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٨ - أكتوبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )
الباب الثانى : كفر المحمديين بيوم الدين أساس أسطورة الشفاعة
الفصل الخامس : الصحابة وإرادة الدنيا والكفر بالآخرة
اولا : لمحة عن الصحابة قبل وبعد موت النبى
1 ـ كل ماسبق فى الفصل السابق عن إرادة الدنيا والتحذير منها خوطب به الصحابة أولا ، ثم من أتى ويأتى بعدهم . ونتوقف هنا مع بعض الآيات القرآنية التى تشير خصوصا للصحابة فى موضوع إرادة الدنيا .
2 ـ والصاحب فى مصطلحات القرآن هو الذى يصحب صاحبه فى الزمان والمكان ، أى يكون معه فى نفس الزمان والمكان سواء كان صديقا له أم عدوا له . وبالتالى فكلامنا عن الصحابة يشمل أهل مكة والمدينة وبقية العرب الذين كانت لهم علاقة بالنبى محمد عليه السلام ـ سواء من كان منهم كافرا ومات على كفره ، أو من كان منافقا ، أو من دخل فى الاسلام بعد فتح مكة ،أو من الأعراب . وكل أولئك جاء لهم ذكر فى القرآن الكريم عن تفاعلهم مع النبى والاسلام بالايجاب أو بالسلب . ومنه نتعرف على سبب الانقلاب الهائل الذى دفعهم بعد موت النبى الى ( الفتوحات ) قتالا فى سبيل الدنيا وليس فى سبيل الله جل وعلا ، فالسبب هو إرادة الدنيا وتفضيلها على الآخرة .
3 ـ كانت إرادة الدنيا كامنة أو ظاهرة فى الصحابة الذين نطلق عليهم ( صحابة الفتوحات ) الذين تصدروا القيادة بعد موت النبى عليه السلام ، ووقعوا فى جريمة (الفتوحات ) التى قتلوا فيها مئات الألوف وقهروا شعوبا وسلبوهم واسترقوهم واحتلوا بلادهم وقتلوا الأحرار المدافعين عن أوطانهم ، كل ذلك حُبا فى الدنيا وكُفرا بالآخرة وإستهانة بيوم الحساب أمام الواحد القهّار . ولو كان هناك أدنى إعتبار للموقف العظيم أمام رب العالمين فى يوم الدين ما وقعوا فى هذا الكُفر السلوكى بتشريعات رب العزة فى القرآن التى تحصر القتال فى رد العدوان فقط ، وتُحرّم الاعتداء على الآخرين :( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة ) ، وتجعل الذى يقتل متعمدا فردا واحدا مسالما مأمون الجانب مستحقا للعنة الله جل وعلا وغضبه والخلود فى جهنم (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) النساء ) ، فكيف بمن يقتل ( فى سبيل الدنيا وتمسُّحا بالاسلام ) مئات الألاف من أهل الشام والعراق وفارس ومصر خلال الفتوحات فى عصر أبى بكر وعمر وعثمان ؟ ثم يتنازعون على المال السُّحت المنهوب فتندلع بينهم الفتنة الكبرى فى الجمل وصفين والنهروان ، ويقتلون عشرات الألوف من داخلهم ، حدث هذا خلال ثلاث عقود فقط بعد موت النبى عليه السلام وإنتهاء القرآن نزولا . كيف حدث هذا من صحابة كانوا يعايشون النبى عليه السلام ويشهدون نزول القرآن عليه ويشهدون تطبيق النبى عليه السلام وسنّته الحقيقية فى تطبيق شرع الله جل وعلا فى القرآن الكريم ؟
4 ـ يخطىء من يتصور الصحابة نمطا واحدا متساوين فى الطاعة أو فى المعصية . بل كان منهم السابقون ومن خلط عملا صالحا وسيئا ، ومنهم أنواع مختلفة من المنافقين الصُّرحاء ومنهم من مرد على النفاق ، ومنهم كان فى قلبه مرض ، ومنهم الموصوف بالخيانة وموالاة الأعداء . وهذا كله جاء فى القرآن تعليقا على مواقفهم .
ويخطىء من يتصور الصحابة قد تفرغوا لدراسة القرآن حول النبى وأنهم فهموا آياته واستوعبوها وطبقوها ؟ لوحدث هذا ما تزايدت آيات التوبيخ والتأنيب للصحابة فى السنوات الأخيرة فى حياة النبى عليه السلام ، أى كان العصيان والتمرد يزداد بين المنافقين وغيرهم بمرور السنوات ويتزايد التعليق عليه فى القرآن الكريم من بعد معركة ( أحد ) فى سورة آل عمران الى غزوة الأحزاب فى سورة الأحزاب الى أن نصل الى قمة التمرد الذى نلاحظه فيهم طبقا لما جاء فى سورة التوبة قبيل موت النبى عليه السلام .
ثم إنّ ظروف تأسيس الدولة الاسلامية فى عهد النبى كانت إستثنائية. كانت جزيرة للديمقراطية والعدل وسط ثقافة إستبدادية ظالمة سائدة معادية لها داخل وخارج الجزيرة العربية . ثم هى دولة تواجه أعداءا فى داخلها ( المنافقون ) وعلى حدودها ( اليهود ) وعلى تخومها الأعراب والمشركون ، ثم مع ذلك كانت تفتح ذراعيها لاستقبال من ينضم اليها من معسكر الأعداء يزعم انه ( مسلم ) . مع هذا الحصار والخطر المُحيق بها فلم تعرف تلك الدولة الأحكام العُرفية والاجراءات الإستثنائية التى تُصادر حرية المعارضة فى القول وفى التظاهر السلمى، بل كان المنافقون والمنافقات يجوبون شوارع المدينة يأمرون بالمنكر وينهون عن المعرف مقابل نشاط آخر للمؤمنين والمؤمنات يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر( التوبة 67 ، 71 ) . هذا المناخ المتفاعل بالحركة والحرب الدفاعية ومواجهة المكائد ونزول الوحى القرآنى لم يُعط مجالا هادئا لكى ينتظم كل الصحابة فى دروس قرآنية ، مع إفتراض أنهم جميعا كانوا من السابقين فى الاسلام . ولم يكونوا كلهم كذلك . هذا كان حال الصحابة إجمالا فى حُبّ الدنيا ، فكيف كان حال النبى نفسه ؟
ثانيا : نهى النبى عن ارادة الدنيا
1 ـ كان مثل كل البشر يمُدُّ عينيه إعجابا بالثروة. حدث هذا فى مكة فنزل عليه التنبيه :( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) طه 131 ). تفاعل هذا الاعجاب بالثروة مع حرص النبى عليه السلام على هداية أصحاب الثروة أملا فى أن ينتصر بهم الاسلام . وهو أمل خادع لأن الذى يكسب ثروته بالظلم يحافظ عليها حرصا على مكانته الاجتماعية وعلى أُسس مجتمعه الذى يتنفس الظلم ، أى لا بد لهذا الثرى الظالم أن يتخذ موقفا معاديا للاسلام ودعوته للقسط . وهذا لا يمنع أن يحاول المُداهنة والخداع ، وهذا ما كان الملأ القريشى يفعله مع النبى فى مكة ، ويشجعهم عليه إعجاب النبى بثرواتهم. وهذا الاعجاب بالثرة والحرص على هداية الأثرياء إنعكس بدوره على معاملة النبى للفقراء المُستضعفين من أصحابه المؤمنين ، فكان يتأفّف منهم حرصا على إرضاء الملأ المترف المستكبر من قريش، فقال رب العزة للنبى يؤنّبه:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) ( الكهف 28 ). كلمة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ) تعنى الكثير مثلها مثل كلمة (وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ). والسبب هو (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )، ومن أجل هذا كان يطيع هذا الملأ القرشى فجاءه التأنيب والزجر والنهى (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )
2 ـ ومع هذا إستمر النبى فى المدينة على إعجابة بالثروة.!. وكانت الثروة فى أيدى المنافقين ، فنزل النهى له مرتين فى سورة التوبة قبيل موته ، النهى عن إعجابه بأموال المنافقين وأولادهم :( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) التوبة 55 ، 85 ).
3 ـ وإذا كان هذا هو حال النبى نفسه باعتباره بشرا فكيف بالصحابة ؟
ثالثا : الملأ القرشى وإرادة الدنيا
1 ـ تزعّم الملأ القرشى أهل النبى ( بنو عبد مناف : الهاشميون والأمويون )، وقد كانوا المسيطرين على البيت الحرام ورعاية الحج وعلى رحلة الشتاء والصيف والايلاف . معظمهم آثر تكذيب القرآن حرصا على مصالحه الدنيوية الاقتصادية فقال جل وعلا لهم :( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ )(الواقعة 81 : 82 ).أى كانوا يجعلون رزقهم فى تكذيب القرآن الكريم . هذا مع انهم إعترفوا بأنه (هُدى) ولكنهم زعموا انهم لوإتّبعوا هذا الهدى فستحاربهم العرب ( وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا )( القصص 57 ).
وهذا يذكّرنى بإمام كبير من السنيين فى مصر . أقرأه إبنه ما جاء فى البخارى من طعن فى النبى ورب العزة والقرآن والاسلام ، فذهل الرجل ، ومن المفترض فيه أنه كان دارسا للبخارى ، ولكن كعادة الإئمة فى عصرنا البائس كان يكتفى بأن يُرصّع مكتبته بكتب التراث دون أن يقرأ شيئا منها مثل الحمار الذى يحمل اسفارا ( الجمعة 5 ) . فلما أخذ إبنه نسخة البخارى من مكتبة أبيه وأطلعه على ما فيها ، واسترشد بكتابى ( القرآن وكفى ) ذُهل الرجل ، وإستعطف إبنه وترجّاه ألّا يذيع هذا الأمر ، وألّا يتحدث فيه فى خطبة الجمعة بين الناس لأن الناس ( بقر ) وقد يقتلونه ويقتلون أباه ، أى لو أذاع الحق فسيتخطّفه الناس !. الشيطان لم ولن يقدّم إستقالته .!
2 ـ وهذا الملأ القرشى فى حربه للنبى والمسلمين فى المدينة كان يتمتع بولاء الكثيرين من الصحابة المهاجرين فى المدينة ، وبسبب هذه الموالاة مع المشركين القرشيين المعتدين نزل القرآن يؤنب مؤمنى الصحابة المهاجرين ، وتكرر هذا التأنيب من بداية إقامتهم فى المدينة كما جاء فى سورة الممتحنة الى قبيل موت النبى فى سورة التوبة. وهذا الملأ القرشى دخل فى الاسلام قبيل موت النبى ، وتزعم المهاجرين وقاد المسلمين فى الفتوحات تطبيقا لإيثاره الدنيا على الاخرة.
3 ـ وعموم المؤمنين كانوا ينشغلون بالدنيا والتجارة عن حضور صلاة الجمعة ، بل يتركون النبى عليه السلام قائما يخطب إذا جاءهم نبأ وصول قافلة تجارية ( الجمعة 9 : 11 ) .
4 ـ وداخل بيت النبى نفسه كانت أزواجه يتطلعن الى زينة الدنيا فنزل تخييرهن بين الطلاق النهائى أو إرادة الآخرة:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ) (الاحزاب 28 : ـ ).
رابعا : الجهاد بالنفس والمال فى سبيل الله جل وعلا هو الميزان والمقياس
1 ـ مُريد الدنيا يحرص على ماله وعلى حياته . أما مريد الآخرة فهو يضحى بماله وحياته فى سبيل الله جل وعلا . ولهذا فقد عقد ربّ العزة مع المؤمنين صفقة بأن لهم الجنة والنصر مقابل أن يجاهدوا فى سبيله فى هذه الدنيا ( الصف 10 : 13 ) ( التوبة 111 ). وكان إختبار الجهاد بالنفس وبالمال فى سبيل الله جل وعلا هو الميزان والمقياس إذ يعنى أن تبيع الدنيا فى سبيل الآخرة وأجرها العظيم :( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )( النساء 74 ). ومثلا ، فالذى يريد الدنيا يستأذن النبى معتذرا عن عدم الجهاد بالنفس والمال بينما يسارع الى الجهاد ذلك الذى يبيع الدنيا أملا فى جنّة الآخرة: ( لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ) ( التوبة 44 : 45 ).
2 ـ وفى هذا الاختبار رسب المنافقون إذ تقاعسوا عن الجهاد بالنفس والمال ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف من ضعاف النساء والرجال والولدان:( التوبة 81 ، 87 ، 93 ) وكان بُخلهم شديدا . كانوا لا يكتفون بالامتناع عن الانفاق فى سبيل الله:( المنافقون 7: 8 ) ( التوبة 67 ) بل كانوا أيضا مع ثرائهم يطمعون فيما ليس من حقهم من فىء وصدقات (الحشر 7 : ـ ) ( التوبة 58 : 60 ) .
3 ـ موقف معظم المؤمنين من الصحابة كان مماثلا تقريبا فى إيثار الدنيا . كرهوا تشريع القتال حُبا فى الحياة الدنيا فقال لهم جل وعلا ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216) ) ( البقرة )، وطلبوا تأجيل تنفيذ القتال الدفاعى حرصا أيضا على حياتهم الدنيا وخوفا من الموت ، فقال جل وعلا عنهم : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ )، وجاء الردّ عليهم ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً )( النساء 77 ).
4 ـ وفى موقعة بدر كانوا يأملون فى الفوز بالقافلة بدون قتال ، فلما تحتم عليهم مواجهة الجيش القرشى إرتعبوا خوفا وجادلوا النبى فى الحق الذى تبين وكانوا كأنما يُساقون الى الموت وهم ينظرون ( الانفال 5 : 8 )، ثم تشاجروا على ( الأنفال ) أو الغنائم فنزلت سورة الأنفال تأمرهم بتقوى الله جل وعلا إن كانوا فعلا مؤمنين ( الأنفال 1 ) . وأخذوا الفدية المالية مقابل إطلاق سراح الأسرى فنزل التأنيب الشديد لهم لأنهم أخذوا هذا المال من الأسرى، وكان يجب إطلاق سراحهم مجّانا ، وفى هذا يقول جل وعلا : ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ). ويأمر رب العزة النبى أن يقول للأسرى وعده جل وعلا بتعويضهم عمّا أُخذ منهم ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )( الأنفال 76 : ـ ). وفى نفس السورة تحذيرات واتهامات للمؤمنين المهاجرين وقتها سببها إيثارهم للدنيا : ( الانفال 24 : 29 )
5 ـ مع هذا فلم ينقطع إيثار الدنيا من قلوبهم فكانوا كما وصفهم رب العزة فى القتال فى موقعة (أُحُد ) فريقين : فريق يريد الدنيا وفريق يريد الآخرة، وتسبّب فريق الدنيا فى الهزيمة بعد النصر لأنه سارع للغنائم :( وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ) ( آل عمران 152 ). ونزل تحريم المبادرة بقتل من يستسلم من جنود العدو فى أرض المعركة ، وأنه بمجرد أن يومىء بالسلام فلا بد من حقن دمه . وهذا لأن بعض المؤمنين كان يسارع بالقتل طمعا فى ( عرض الدنيا ) أى سلب ما على القتيل بينما كان يسارع الأسير بالاشارة بالسلام لينجو من القتل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) ( النساء 94 ).
6 ـ وظل التثاقل عن القتال الى اواخر ما نزل من القرآن ، ففى سورة التوبة يتكرر الأمر لهم بالقتال الدفاعى فى كل الظروف حماية لأنفسهم من خطر الإستئصال ( انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( التوبة 41 ). ومع هذا يتثاقلون فينزل التأنيب لهم بأسلوب حاد مؤلم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ). ويأتيهم تهديد مباشر من رب العزة بأن يعذبهم فى الدنيا وأن يستبدل بهم غيرهم إن لم ينفروا بالقتال دفاعا عن انفسهم:( إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( التوبة 38 : 39 ).
7 ـ والتبرع بالمال جهادا كان إختبارا آخر فشل فيه أغلبية الصحابة برغم عشرات الآيات القرآنية التى كانت تدعو للإنفاق فى سبيل الله . يكفى هنا أن هذا الانفاق كان سبيلا لإنقاذهم من التهلكة :( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة 195 ) . كانت الحرب الدفاعية الوقائية سبيلهم لتفادى الاستئصال من أعداء يحيطون بهم من كل الجهات . وهذه الحرب تستلزم إنفاقا فى سبيل الله جل وعلا . وقد جاءهم الوعظ بالانفاق فى سبيل الله لتقوى الدولة على الصمود الحربى فى مواجهة أعدائها المحيطين بها :( إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ ) ثم يقول جل وعلا لهم مذكّرا لهم بما إعتادوه من بُخل ، ومهددا لهم بأن يستبدل قوما غيرهم لو ظلوا على بُخلهم وإيثارهم للدنيا وكفرهم بالآخرة :( هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) ( محمد 36 : 38 ). وهو نفس التهديد الذى جاء لهم بسبب تقاعسهم عن القتال الدفاعى : ( إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )( التوبة : 39 ). ولكن أكثرية المؤمنين خصوصا الأغنياء منهم لم يكتفوا بالبُخل بل جعلوا أولوياتهم فى الحفاظ على مصالحهم التجارية وعلاقاتهم مع أقاربهم الكافرين، واستمر هذا حتى قبيل موت النبى عليه السلام ، فأمر الله جل وعلا رسوله الكريم أن يقول لهم مهددا:( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )( التوبة 24 ).أى يصفهم بالفاسقين لو إستمروا. ولقد إستمروا بعد موت النبى فكانت الفتوحات فى سبيل الدنيا .
خامسا : السابقون مريدو الآخرة :
1 ـ جاءت عنهم إشارات قليلة ، ففى البداية كان أغلبية المهاجرين فى المدينة قد أصبحوا فقراء لأنهم تركوا أموالهم فى مكة، ووجدوا من مؤمنى الأنصار من كان يؤثرهم على نفسه:( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ).
2 ـ وفى أواخر ما نزل كان الفقراء المؤمنون لا يجدون إلا جهدهم فيتبرعون بالقليل الذى يملكون فيسخر منهم أثرياء المنافقين :( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )( التوبة 79 ). وبعضهم كان يبكى لأنه لا يجد ناقة يركبها ليقاتل بها مع النبى :( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ (92) ( التوبة ).
3 ـ وفى النهاية كان مع النبى مؤمنون صادقون جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله فاستحقوا أن يقول عنهم رب العزة : ( لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)التوبة).
سادسا : بعد موت النبى
1 ـ العادة أن يكون المؤمنون أقلية . الأغلبية ضالة كما قال رب العزة عن قوم النبى عموما : ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الانعام ) لكن هذا لا يمنع وجود أقلية مؤمنة أشرنا اليها بين المهاجرين والأنصار . وبنفس الاسلوب يقول جل وعلا عن عموم الأعراب : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ). وهذا التعميم لا يمنع وجود أقلية إعرابية مؤمنة : ( وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )( التوبة 97 : 99 )
2 ـ هذه الأغلبية من الصحابة التى كانت تريد الدنيا إستراحت بموت النبى وإنتهاء الوحى نزولا ، وكان فى حياة النبى ينزل يفضحهم ويؤنبهم . ومن المُستغرب أن ينقطع الحديث فجأة عن المنافقين الذين كان يبدو من حديث القرآن عنهم وعن مكائدهم أنهم كانوا أغلبية فى المدينة . يبدو الأمر كما لو كانوا قد تابوا فجأة عن النفاق بعد موت النبى . وهذا إفتراض مضحك . الواقع إنهم بكثرتهم وأموالهم ونفوذهم قد أصبحوا القادة بعد إنقطاع الوحى القرآنى فلم يعودوا يخشون منه . يقول جل وعلا عن حذرهم من نزول القرآن بفضائحهم : ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) ( التوبة ). بعد موت النبى وإنتهاء القرآن نزولا لم يعودوا يحذرون فاستثمروا أموالهم وجاههم وخبرتهم فى التآمر فى أن يكونوا قادة المؤمنين بعد موت النبى عليه السلام .
3 ـ العامل الكبر فى نجاحهم تمثّل فى ( الخلايا النائمة ) للمنافقين من المهاجرين والأنصار . هى خلايا نائمة مردت على النفاق وكتمته فى أعماق قلوبها ، وعاشت بقرب النبى وحوله بلا أى مظهر يفضحها ويكشف نقاقها وعداءها ، فكان النبى لا يعلمهم ، وقد قال رب العزة عنهم : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ). توعدهم رب العزة بعقوبة فريدة فى نوعها ؛ توعدهم بعذاب مرتين فى الدنيا بعد موت النبى ثم بعذاب عظيم فى الآخرة ، أى أنهم لن يتوبوا بل سيتضاعف مكرهم بعد موت النبى .
4 ـ وقد تضاعف مكرهم بالفتوحات التى كانت المستنقع الذى غرق فيه المسلمون ولا يزالون . ففى هذا المستنقع نبتت الأديان الأرضية للمحمديين التى تشرّع القتال فى سبيل الدنيا أى فى سبيل الشيطان .
5 ـ فالقتال إن لم يكن فى دفاعيا فى سبيل الله فهو كُفر بالآخرة وقتال فى سبيل الدنيا وفى سبيل الطاغوت . وصدق الله العظيم :( الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76)( النساء )
ودائما : صدق الله العظيم .

اجمالي القراءات 14190