مسعد أبو فجر يروي في أول ظهور تليفزيوني تفاصيل 30 شهراً قضاها خلف الأسوار
متابعة: أيمن شعبان- "النظام خاف من شعبيتي المتزايدة ومن نضالي السلمي وتحريضي للبدو على التفكير، ومحاولة نشر الوعي بينهم لعمل مدني منظم ضد الحكومة" هكذا برر الروائي السيناوي مسعد سليمان حسن الشهير بـ"مسعد أبو فجر" اعتقاله لمدة تربو على الـ 30 شهراً
وروى أبو فجر تفاصيل معاناته داخل معتقلات وزارة الداخلية في أول ظهور تليفزيوني له بعد الإفراج عنه يوم الثلاثاء الماضي، حيث حل ضيفا مساء الخميس على برنامج بلدنا بالمصري الذي تبثه قناة "اون تي في" وحاوره الصحفي إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور .
وحول تجربته داخل المعتقل قال أبو فجر إنه تعرض لأنواع عديدة من الضغوط والتعذيب داخل السجن ولكنه استطرد" ما حدث معي حدث أكثر منه مع آخرين شئ مخيف أن يوضع شخص واحد 6 اشهر في زنزانة انفرادية ويكتف وتغمي عينيه ويدخل عليه كلب بوليسي.. شئ يجعلك تقول يارب خدني قبل ما أشوف اليوم ده".. وتابع ابو فجر أن الأنظمة الأمنية تتعمد قتل الأمل داخل المعتقلين.
وقال أبو فجر إنه لم يكن يتوقع الإفراج عنه بعد العديد من المضايقات التي تعرض لها مؤخرا من جانب إدارة سجن أبي زعبل ، داعيا للإفراج الفوري عن شقيقه أحمد ، والمعتقلين معه في أحداث سيناء ، يحيى أبو نصيرة وغانم أبو نصيرة ، وباقي المدونين والنشطاء السياسيين الذين اعتقلوا دون محاكمة ، مؤكدا أنه سيظل مدافعا عن حقوق أبناء سيناء وحق أصحاب الرأي في التعبير .
وأضاف أبو فجر أن البدو لن يتخلوا عن مطالبهم المشروعة وأن اعتقاله كان رسالة من الدولة للبدو تقول لهم إن من يطالب بحقوقه سيكون مصيره هو نفس مصير مسعد أبو فجر وباقي معتقلي سيناء ، " بالنسبة لي فترة السجن هي فترة مهمة جدا جعلتني صلبا أكثر مما كنت ، وسأظل أطالب بحرية كل المعتقلين حتى يتم الإفراج عنهم ، أنا غير قادر على التعبير عن كامل تقديري لكل من تضامن معي خاصة زوجتي بإرادتها القوية ".
وأشار إلى أن مشواره للمطالبة بحقوق البدو سيأخذ طرقا أخري في المستقبل لان السجن لم يكن سوي مرحلة من مراحل النضال وليس نهايته مؤكدا انه خرج من السجن بمزيد من التجارب والتصميم على المواصلة ، كاشفا عن أنه سوف يكتب رواية عن تجربته في السجن لأنها أثرت بقوة في شخصيته وثقافته وأن الرواية ستصدر في الفترة المقبلة ، مؤكدا أنه متفائل بحالة الحراك الموجودة بالشارع مدللا على ذلك بأنه زار 40 سجين في زنزانة واحدة وأن هؤلاء السجناء الذين تجمعهم الألفة والوحدة داخل السجن هم قادرون على صنع الوحدة والأمل خارج أسوار السجن .
وحول أسباب الخلافات بين البدو والحكومة قال أبو فجر إن النظام لا يجيد التعامل مع البدو ولا يملك الذكاء الكافي لاحتوائهم فالبدو مجتمع "بطريركي" يؤمن بفكر وتحكمه ثقافة معينة، والحكومة لم ترك أحدا في مصر لم "تكسر كرامته" وتؤمن أن المصري "مبيجيش الا بالجزمة" والبدوي لا يقبل هذا.
وتابع أبو فجر أن ثقافة النظام الخاطئة بدأت مع نظام الرئيس السادات حيث كان يقول بحسب رواية هيكل إن "سيناء حتة عضمة عليها شوية لحم أنا عايز امصمص اللحم وأسيبلهم العضمة " وأن السادات طلب من وزير الداخلية نبوي إسماعيل خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء أن يرسل أسوأ ضباط وزارة الداخلية للعمل هناك.
يشار إلى أن مسعد أبو فجر روائي وناشط سيناوي في حركة "ودنا نعيش" المعنية بهموم ومشاكل السيناويين، وكان أبو فجر قبل تعرضه للاعتقال يتبنى دعوة تطالب بالإفراج عن أبناء جلدته من بدو سيناء من طالتهم يد "زوار الفجر" علي خلفية التفجيرات التي تمت للمناطق السياحية في سيناء ووقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد أهالي سيناء.
وترجع وقائع اعتقاله إلى ديسمبر عام 2007، حين اقتحمت قوة تابعة لشرطة الإسماعيلية منزله في الثانية فجرا وقامت بتفتيش منزله، واستولت على هاتفه المحمول والقرص الصلب لجهاز الكمبيوتر الخاص به، وتم إلقاء القبض عليه واحتجازه بنقطة شرطة "بالوظة" الواقعة على الحدود بين سيناء والإسماعيلية، ثم ترحيله إلي مديرية امن شمال سيناء، وهناك وجهت له النيابة العامة تهم التحريض علي إثارة الشغب وإتلاف المال العام، وأمرت بحبسه احتياطيا على ذمة القضية لمدة خمسة عشر يوما.
وقد جدد حبس أبو فجر في فبراير 2008 خمسة يوما بعد قضائه 40 يوما قيد الاحتجاز، وقد استمرت أجهزة الأمن في اعتقاله، رغم صدور ثلاثة أحكام قضائية بالإفراج عنه، حيث أصدر قاضي المعارضات بمحكمة العريش الجزئية قرارا بإخلاء سبيله بعد قرار النيابة العامة بالعريش حبسه على ذمة التحقيق في اتهامات جديدة مختلقة هي التجمهر وحيازة وإحراز سلاح بدون ترخيص وقيادة سيارة دون ترخيص بمحضر جديد، على نحو يظهر سوء النية والرغبة في الانتقام منه وإنهاكه نفسيا وبدنيا حيث جرى نقله من الإسماعيلية إلى مديرية أمن شمال سيناء، ثم إلى قسم رفح، ليعود من جديد إلى قسم أول العريش للتحقيق معه في هذه القضية الجديدة، ثم ترحيله إلى سجن برج العرب بقرار اعتقال.
لكن النيابة العامة لم تستأنف قرار قاضي المعارضات بأخلاء سبيل أبو فجر في فبراير 2008، وتم تحويله إلى قسم العريش تمهيداً لإنهاء إجراءات خروجه، إلا أن أهله فوجئوا باختفائه من القسم، وتبين فيما بعد انه قد رُحل إلى سجن برج العرب بالإسكندرية بموجب قرار اعتقال صدر وفق قانون الطوارئ برغم قرارات الإفراج القضائية لصالحه الثاني من ابريل من نفس العام.
وقد تعرض أبو فجر لانتهاكات وتعذيب على جرائم لم يرتكبها في سجن برج العرب، فقد تم حرمانه من الخروج من زنزانته لمدة أسبوع، ليصبح مسعد أبو فجر سجين داخل زنزانة، ويطلق عليه لقب "السجين السجين".
وقد صنفته وزارة الداخلية على أنه معتقل جنائي في الوقت الذي كان فريق الدفاع عنه يتخذ الإجراءات القانونية للطعن على قرار اعتقاله، وهو ما يظهر النية المبيتة للداخلية في التنكيل بـ"سجين الرأي" عن طريق تصنيفه كمعتقل جنائي خطر على الأمن العام، ووضعه على قائمة عتاة المجرمين من المسجلين في قضايا القتل والمخدرات.
ومع ذلك قررت محكمة جنايات القاهرة ابريل 2008 الإفراج عنه بعد التظلم الذي قدمه محاموه على قرار اعتقاله من قبل وزير الداخلية، واعترضت وزارة الداخلية على قرار الإفراج.
واحتجاجا منه على الانتهاكات والأوضاع المهينة والسيئة التي تعرض لها أبو فجر في السجن دخل في إضراب عن الطعام لمدة عشرين يوماً، وقد بدأت هذه الانتهاكات من احتجازه بدون وجه حق بعض صدور قرارات نهائية بإخلاء سبيله من القضايا التي اتهم فيها ثم تصنيفه كمعتقل جنائي وضعه بين السجناء الجنائيين،إلى جانب القبض على شقيقه واحتجازه بسجن الترحيلات لأكثر من عشرة أيام رغم من صدور قرار بإخلاء سبيله.
وتعرضت حياة المدون السيناوي للخطر إثر التدهور الشديد في صحته ولم يقوى على الوقوف أثناء زيارة بعض أعضاء منظمة حقوقية في شهر نوفمبر 2009 ، وأصدت المنظمة بياناً نددت فيه بالانتهاكات التي يتعرض لها "سجين الرأي" أبو فجر والاعتلال الشديد في صحته وعدم استطاعته الوقوف إلا بمساعدة زميل له.
وقد ألزمت محكمة القضاء الإداري وزارة الداخلية بالإفراج الفوري عن مسعد أبو فجر في يونيو الماضي، وقضت بقبول دعوى الطعن التي قدمتها زوجته شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها الإفراج الفوري وألزمت المحكمة جهة الإدارة بالمصروفات وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة".
وبرغم صدور قرار القضاء الإداري بإطلاق سراح أبو فجر إلا أن وزارة الداخلية استصدرت قرار اعتقال بحقه قي يوليو الماضي وأمرت بترحيله وشقيقه أحمد أبو فجر إلى سجن برج العرب برغم الأحكام القضائية ونداءات المنظمان الحقوقية المحلية والدولية بالإفراج عن المدون السيناوي، سجين الرأي مسعد أبو فجر وهو ما تحقق أخيراً بعد أكثر من عامين ونصف قي المعتقل ذاق خلالها أبو فجر كل أنواع الانتهاكات الحقوقية ودهس لكرامته البشرية لا لشيء إلا لأنه أراد أن يعبر عن رأيه بحرية دون قيود تكبله.