أفكار مفخخة

خالد منتصر في السبت ٠٧ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

لا تدع الأفكار «السائدة» تمنعك من ابتكار فكرتك «السيّدة»!

· لا تُفكر.. نحن نفكر عنك: شعار لكل سلطة.

· لا تؤجر عقلك لأفكار الآخرين.. مهما كانت أسعار الإيجار مرتفعة، ومهما كانت إغراءات المستأجرين الجدد!

· لا يوجد شىء أخطر من الإرهاب المسلح.. سوى الإرهاب الفكرى.

· «أنا أفكر.. إذن أنا موجود».. عبارة شهيرة لـ«ديكارت»، «أنا أفكر.. إذن أنا مشبوه».. عبارة أشهر لأى مواطن عربى!

· تفكير/تكفير: كم هى فاضحة بعض الأخطاء المطبعية!

· فكّر قليلاً.. واكتشف أيهما أخطر: السيارة المفخخة فى شارع مكتظ بالمارة، أم الفكرة المفخخة فى شارع مكتظ بالأتباع!

تذكرت هذه الاقتباسات التى كتبها الكاتب السعودى محمد الرطيان الذى عانى مجتمعه من الإرهاب بل صدر الفائض منه إلى العالم، وخرج من رحمه زعيم قاعدة الإرهاب ومفرخته الشيطانية الشيخ المجاهد «بن لادن». تذكرت كلمات «الرطيان» وأنا أشاهد أخس وأحقر وأنذل وسائل الإرهاب وهى السيارات المفخخة التى استخدمت فى حادث وزير الداخلية. ها هى عراق جديدة تولد، وها هى فتنة جديدة تطل، وها هى هدية صندوق «باندورا» شيطانى جديد يهديه الإخوان إلى مصر، ستخرج منه كل رؤوس الأفاعى وألسنة التنين وذيول العقارب! بالفعل الأخطر من السيارة المفخخة هى الأفكار المفخخة التى زرع بذورها الإخوان، وحصدناها نحن جماعاتِ تكفير وعصابات جهاد وقطاع طرق، تستحل وتروع وتسحل وتذبح وتملأ ذاكرتنا وشاشاتنا أشلاء مبتورة وأطفالاً محروقة ووجوهاً مشوهة وصرخات ثكالى وأرامل وأيتام.. الفكرة المفخخة ليست بالضرورة نابعة من فكرة دينية، وإنما من الممكن أن تنبع من فكرة عادية سياسية أو اجتماعية تحولت بالتدريج وبالسمع والطاعة وتزييف الوعى وغسيل المخ وتربية القطيع وقيم القبيلة إلى عقيدة شبه دينية، وأشهر مثال هى عقيدة الكاميكاز اليابانى، عندما تحولت عبادة الإمبراطور وتأليه أفكاره إلى صناعة جندى يابانى انتحارى تحول جسده إلى قذيفة والتحم نسيجه بفولاذ الطائرة حتى صار قنبلة تفجر ميناء بيرل هاربر فى الحرب العالمية الثانية، فتذوب أشلاء الجندى اليابانى على أسفلت الميناء وفى حديد السفن، يذوب ويحترق ويتبخر وهو يظن ويتخيل ويتوهم أنه يخدم عقيدة أو أيديولوجية أو فكرة ترسخت فى الوجدان حتى تحولت إلى دين.. أخطر الأفكار المفخخة هى الأفكار التى يبثها تجار الدين وسماسرته عندما يضمّنونها أطماعهم السياسية الرخيصة ويبثونها من على منابرهم المتشنجة وشاشاتهم التحريضية وكتبهم الصفراء. ما الأفكار المفخخة التى تجعل من إنسان المفروض أن همه ودوره الأساسى أن يعمر ويبنى العالم إرهابياً انتحارياً يرتدى حزاماً ناسفاً أو يدخل بعربة متفجرات فى مبنى أو يحول نفسه إلى شحنة ديناميت يختار لتفجيرها شارعاً مزدحماً ومحصول ضحايا ضخم لا مانع من وجود أطفال فيه لإضفاء البهجة على هذا الشو الدموى الدراكولى؟! ما الذى يجعله كارهاً للحياة عاشقاً للموت؟ الأفكار المفخخة هى من تخلق هذا المسخ البشرى، فكرة أنا النقى التقى المؤمن وغيرى هو الكافر النجس، فكرة أنا المكلف من الرب شخصياً عبر أميرى وشيخى أن أصلح هذا المجتمع الكافر الجاهلى، وكل من يمشى فى هذا الشارع أمامى الآن مجرم فى حق الله ومشارك فى الجريمة حتى ولو بالصمت، فكرة الحشرية والتفتيش فى الضمائر والنوايا وإقامة محاكم تفتيش تدخل هذا الجنة وذاك النار على الهواء مباشرة وأون لاين بدون انتظار يوم الحساب واغتصاب سلطة الله فى حساب البشر، فكرة أن الماضى هو الرائع الذهبى المجيد التليد والحاضر هو الواقع المتردى والمستقبل ملخصه ليس فى الإمكان أبدع مما كان والمطلوب فقط هو تعليب هذا الماضى وتحنيطه ونقله «فوتوكوبى» واستنساخه طقوساً وسلوكاً وبشراً وأفكاراً والضغط على زر كيبورده السحرى لتتحول حياتنا إلى فردوس أرضى! إنها الأفكار المفخخة التى تتوالد كخلايا السرطان وتنفجر مثل ألغام صحراء العلمين ولا تحتاج إلى سيارات لنقلها وإنما هى تنتقل بمجرد أن تجد أميراً أو مرشداً تاجراً يمارس الدجل وتلميذاً أو أخاً زبوناً منوماً مغيباً يفتح مسامه لهذا الدجل.

اجمالي القراءات 10370