أتابع منذ أيام الحرب الدائرة فى الفضائيات والصحف دون استثناء عقب كتاب ألفه قاض سابق، ذهب فيه إلى عدم صحة الكثير من الأحاديث الواردة فى كتاب صحيح البخارى ومنها الحديث الخاص بعذاب القبر.
ولا أريد الدخول فى هذا الجدل من قريب أو بعيد، لعدة أسباب أهمها أننى لا أمتلك الثقافة الدينية الكافية للحكم على صحة حديث من عدمه، فهذا أمر ينبغى أن يتصدى له أساتذة الأحاديث والعقيدة، الذين أفنوا عمرهم فى تحصيل المعارف الدينية حتى اكتملت لديهم القدرة ليس فقط على شرح الأحاديث ومقاصدها، وإنما التبحر وراء صحة نسب الأحاديث من عدمه.
وهذا يقودنى إلى القضية المهمة فى هذا الجدل، وهى استسهال الفتوى الدينية لدى الكثيرين، حتى أن العامة أصبحوا يفتون فى أمور الدين، وهو أمر فى غاية الخطورة، لأنه يحدث نوعا من البلبلة بين الناس ويؤدى إلى التشكيك فى الدين.
وقد شاهدت حلقة فى قناة الفراعين كان فيها القاضى صاحب هذه الضجة موجود على الهواء، وجرى الاتصال بنائب رئيس جامعة الأزهر، الذى أشار إلى ملاحظة مهمة، وهى أن القاضى صاحب الكتاب والضجة يخطئ فى اللغة العربية، صحيح أن مقدمة البرنامج لم تترك العالم الأزهرى يكمل حديثه، لكن المعنى بدا واضحا: كيف يمكن لإنسان لا يجيد اللغة العربية التصدى لتفسير الأحاديث، التى تعتمد فى جانب منها على الدراية الفائقة باللغة العربية واستخداماتها.
ولا أعرف إذا كانت الأحاديث الواردة فى البخارى صحيحة أو ضعيفة، وهذا ليس دورى أو عملى، لكن فى كل الأحوال لا تجوز مناقشة ذلك على الهواء مباشرة، ويتم تلقى اتصالات هاتفية من الناس العاديين ليدلى كل بدلوه فى الموضوع، وكأننا تحولنا إلى شعب من مشايخ.
وأعتقد أن مثل هذه الموضوعات يجب ألا تناقش مع العامة، وإنما تدار فى المجالس العلمية الفقهية بمشاركة علماء الحديث وأصول الدين، لأن هذا ما يطلق عليه فقه الخاصة، وليس فقه العامة، كما أن مضار مناقشة هذه الأمور على العوام أكثر من نفعها.. والله أعلم.