هذا الاعلان الدستورى المصرى ينصّ على شريعة الوهابية وليس على شريعة الاسلام ( 6 )
المبدأ الخامس من مبادىء الشريعة الاسلامية : حق الحياة وحصانة النفس البريئة

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٠ - يوليو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

قلنا إنّ مبادىء للشريعة الاسلامية هى : (1 ) المساواة ،و(2 ) الديمقراطية المباشرة أو الحرية السياسية وحّكم الشعب ، وتحريم الاستبداد ، و(3 ) الحرية المطلقة فى الدين ، و (4 ) العدل ، و( 5) حق الحياة ، و (6) التخفيف والتيسير فى إصدار التشريعات . ونتوقف الان مع المبدأ الخامس : حق الحياة وحصانة النفس البريئة الذى ينبع من الاسلام دين الرحمة

أولا : الوهابية دين الغلظة والقسوة :

1 ـ الغلظة والوحشية الدموية إشتهر بها الاخوان النجديون الوهابيون الذين أقاموا لعبد العزيز آل سعود دولته الراهنة ، وتسلل عبد العزيز آل سعود الى مصر فتحولت ( الجمعية الشرعية ) من التصوف الى الوهابية ، ثم أنشأ الشيخ حامد الفقى جمعية أنصار السنة لنشر الوهابية تحت مسمى السنة والسلفية ، وكان الشيخ رشيد رضا هو اليد اليمنى لعبد العزيز آل سعود فى مصر ، وهو مهندس نشر الوهابية فى مصر بديلا عن التصوف السّنى ، وقد أنشأ جمعية شبه عسكرية للشباب باسم ( الشبان المسلمين ) ، ثم إختار أنجب شبابها وهو حسن البنا وأقام له ( الاخوان المسلمين ) لتعمل بالسياسة تحت رداء الدين مستفيدة من نشر الجمعيات الأخرى للسلفية الوهابية . ومن عام 1928 وحتى الآن نجح الاخوان وما تمخّض عنهم من حركات ارهابية فى نشر الوهابية بوجهها الدموى ، وتحول التدين المصرى الصوفى المسالم الى تدين وهابى متزمت غليظ دموى، فانتشر الارهاب والاغتيال على يد الاخوان وما تمخض عنهم من جماعات وجمعيات من الأربعينيات حتى وقتنا هذا ، حيث نرى الآن وحشية الاخوان وغلظتهم ممتزجا بنفاقهم وكذبهم ، يستأسدون على الناس فى عنفوانهم ويصطنعون البراءة فى وقت ضعفهم ، ، يذبحون الأبرياء من الاطفال والنساء والرجال ، ويقتلون غدرا ويغتالون إثما ، ويسلبون الممتلكات وينتهكون المحرمات : ( جهاد المناكحة ).  

2 ـ ينطبق عليهم وصف رب العزة للمنافقين الذين كانوا يزعمون الايمان وما هم بمؤمنين ويزعمون أنهم مصلحون وهم مفسدون ، يواجهون الناس بوجه باسم مخادع وهم متآمرون:( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)( البقرة ). الاخوان أيضا على سُنّة اليهود يسيرون ، واليهود فى المصطلح القرآنى هم العصاة من بنى اسرائيل ، ولقد كانوا يتآمرون على النبى عليه السلام فى المدينة يزعمون الايمان وقلوبهم أشد قسوة من الصخر ، يخاطبهم رب العزة فيقول :(  ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة ) ثم يحذّر رب العزة المؤمنين منهم ومن خداعهم وألا يثقوا فيهم : ( أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) البقرة ) وإذا كانوا يفترون على الله كذبا عمدا وهم يعلمون فكيف بهم فى خداعهم للمؤمنين ؟!. لذا يقول جل وعلا يفضح تآمرهم :( وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (76)( البقرة ). أى هى نفس مسيرة النفاق والخداع وسياسة الوجهين والقلوب القاسية المتحجرة . ولهذا يحذّر رب العزة المؤمنين من سُنّة المنافقين واليهود ، يقول جل وعلا بعد أن حكى ما سيحدث للمنافقين يوم القيامة  :( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)( الحديد ).

3 ـ الاخوان يؤدون الصلاة ، وينطقون الفاتحة ،ويتلفظون بالبسملة (بسماللهالرحمنالرحيم) ومع ذلك فليس لهم حظّ فى الرحمة التى يجب أن يتّصف بها المؤمن. والشاهد هو تاريخهم الماضى وإجرامهم المسجل بالصوت والصورة .  هذا نقيض الاسلام ، والاسلام دين الرحمة.

ثانيا : الاسلام دين الرحمة

1 ـ (الرحيم) من أشهر صفات رب العزة فى القرآن الكريم .ومن خلال سورة البقرة فقط نرى صفة (الرحيم) تأتى مقترنة بالرحمن:(وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) وبالتواب:(إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ )(37) (54)( إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)( وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)وبالرءوف:(إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)وبالغفور( إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182)( فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)( وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)(أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)(فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) البقرة ).

2 ـ ورحمة الله جل وعلا ليست للمجرمين بل هى للمحسنين :( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الاعراف)، ومع أنها وسعت كل شىء فهى تخصّ المتقين :( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)(الأعراف) . وبهذه الرحمة التى وسعت كل شىء يغفر الله جل وعلا يوم القيامة للتائبين وينجيهم من الجحيم:( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)(غافر). ونزل القرآن الكريم الرسالة الخاتمة فيه الشفاء والرحمة لمن يشاء الايمان ويسلك طريق التقوى ، وفيه أيضا الخسار لمن يتلاعب بآيات القرآن ، ويستخدم دين الله مطية للوصول والثروة ويشترى بآيات الله جل وعلا ثمنا قليلا ، فالقرآن شفاء ورحة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا :( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء).

3 ـ ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء ):

أرسل الله جل وعلا رسوله بالقرآن رحمة للعالمين فتستّر الوهابيون بالاسلام وارتكبوا تحت إسمه العظيم المجازر فأصبح اسم الاسلام إرهابا للعالمين .!. فى تشريعات القتال فى الاسلام تأكيد على الوجه السلمى للاسلام ، وكتبنا فى هذا كثيرا ، ولكن حمامات الدم فى ( الجهاد) الوهابى غطّت على كل شىء، وفاز أعداء الاسلام الوهابيون بلقب ( الاسلاميين)،وفُزنا نحن بلقب ( إنكار السّنة ) ونحن نؤمن بالسّنة الحقيقية للرسول عليه السلام وننكر أن ينسبوا له أقوالا لم يقلها ولم يعرفها تشوه الاسلام دين العدل والحرية والرحمة . والتناقض هائل حين تقرأ قوله جل وعلا ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)الأنبياء )، وأنت تنظر الى شاشات التليفزيون ومواقع اليوتوب وترى فظائع الجهاديين الوهابيين ، يقتلون الأبرياء وهم يهتفون ( الله أكبر ).! ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء )، يؤكدها رب العزة حين يحذّر من يقنط وييأس من رحمة الله جل وعلا :(  قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ (56) (الحجر). وحين يدعو المذنبين للتوبة مهما أسرفوا على أنفسهم ، لأن رحمته تتسع للغفران لهم لمن يتوب وهو فى حياته :( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) الزمر )

السّنة الحقيقية للرسول هى الرحمة والرأفة  

1 ـ ولأنه جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن رحمة للعالمين فقد كان النبى عليه السلام فى حياته رحمة تسعى على قدمين . لم يكن فظّا غليظ القلب كالوهابيين بل جعله الله جل وعلا لينا سمحا طيب القلب :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)( آل عمران ). كانت تتجلى رأفته ورحمته أكثر مع خصومه فى المدينة حين كان قائدا لدولته . كان المنافقون يؤذونه يتهمونه بأنه (أُذُن ) أى يسمع ما يقال له ، وكان عليه السلام يسمع هذا التقوّل عليه فيصفح ، الى أن نزل الوحى الالهى يدافع عنه ، ويأمره أن يرد عليهم بالحق : ( وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61) التوبة )، أمره ربه جل وعلا أن يقول لهم عن نفسه أنه سمّاع للخير ، يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين أى يثق فى المؤمنين ، وأنه رحمة للمؤمنين . وكان يستغفر لبعض المنافقين الذين يسخرون من المؤمنين الفقراء الذين يتطوعون بالقليل مما يملكون فنزل الوحى الالهى يعاتبه بأنه مهما استغفر لأؤلئك المنافقين فلن يغفر الله لهم :( الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79) اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (80) التوبة ). ويكفى أن الله جل وعلا وهو الرءوف الرحيم وصف خاتم النبيين بأنه عليه السلام بالمؤمنين رءوف رحيم :( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) التوبة ). وهو عليه السلام الوحيد من البشر الذى يوصف بهاتين الصفتين .   2 ـ هنا الفارق بين السنّة الحقيقية للرسول الذى كان رءوفا رحيما وبين السّنة الوهابية المؤسسة على الافتراء والكذب وسفك الدماء والغلظة والقسوة والتزمت والتشدد والتطرف . ومن السّنة القرآنية نبع المبدأ التشريعى بحصانة النفس البشرية وحق الحياة ، ومن السّنة الشيطانية الوهابية نبعت شريعة الوهابية بالقتل العام للأفراد ( قتل المرتد والزنديق وتارك الصلاة والزانى المحصن والمعارض للمستبد وفى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.) وبالقتل العام بحجة الجهاد .  

ثالثا : الانتحار بين تشريع الاسلام والتشريع الوهابى  

1 ـ فتح العالم المعاصر عينيه عجبا ورُعبا وهو يشهد نوعا جديدا من الارهاب ، يقوم فيه المجرم الارهابى الوهابى بتفجير نفسه ليقتل الناس عشوائيا . جريمة دنيئة بكل المقاييس يرتكبها أولئك الوهابيون على أنها جهاد فى سبيل الله ، ويقتنع الارهابى المنتحر بأنه وطبقا لأحاديثهم الضالة سيجد بمجرد موته عشرات الحور العين يفتحن أحضانهن له . هنا أسفل الحضيض فى الانتحار؛ أن تقتل نفسك عدوانا وظلما لكى تقتل الأبرياء عدوان وظلما . هنا العدوان والظلم مركّب ومتشعب .

 2 ـ فى مقابل هذا الحضيض الوهابى نقرا هذا التشريع الالهى الذى يعبّر عن مبدأ الرحمة الالهية بنا : ( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (29) النساء ) هنا نهى وتحريم للإنتحار لأن الله جل وعلا رحيم بنا. !. فماذا إذا إنتحر بعضهم عدوانا وظلما كالارهابيين الوهابيين ؟ يقول جل وعلا : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)النساء ). ليس من حقك أن تقتل نفسك إلا إذا كنت مضطرا متيقنا أن مصيرك القتل وأنت بين أعداء شرسين يعذبونك لتعترف . والله جل وعلا هو الذى يعرف سريرتك . إن لم تكن فى حالة ضرورة فأنت تنتحر عدوانا وظلما ومصيرك الخلود فى النار . الحضيض أن تنتحر لتقتل معك أبرياء كالجهاد الوهابى .. حضيض الحضيض هم أرباب الوهابية من الشيوخ والقادة الذين يخدعون الشباب ، ويحولونهم بالافتراء الدينى الوهابى من شباب مُقبل على الحياة الى شباب يضحى بحياته ويقتل الأبرياء .! بينما أولئك القادة مع عائلاتهم يمرحون .!

رابعا : التأكيد على تحريم قتل النفس البريئة الزكية فى التشريع الاسلامى  

1 ـ المقصود بالنفس البريئة الزّكية هى التى لم ترتكب جريمة قتل تؤاخذ بها بعقوبة القصاص .

2 ـ وفى السور المكية كان التركيز على الدعوة الى ( لا اله إلا الله ) باخلاص الدين لله جل وعلا والتربية الاخلاقية السامية.ولم يتسع المجال حينئذ للتفصيلات التشريعية التى نزلت فيما بعد فى المدينة. نزل فى السور المكية الكليات التشريعية والقواعد التشريعية الأساس،بما يشبه فى عصرنا (الاعلان الدستوى ) الذى يمهد لدستور قادم يحوى التفصيلات .

2 ـ  الكليات التشريعية : مثل قوله جل وعلا :( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33)( الأعراف). هنا تحريم عام ومُجمل للفواحش (الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)،وهى تشمل الزنا ومقدماته والشذوذ ، وتحريم (وَالإِثْمَ) والإثم يشمل الخمر ، ثم جاء فى المدينة تشريع تحريم الخمر لأنها (  إِثْمٌ كَبِيرٌ )البقرة 219 )، وتحريم (وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ)، والبغى بغير الحق يشمل التعدى بالقتل والسلب والنهب والاغتصاب . ، وتحريم الشرك وإفتراء الأحاديث الكاذبة تقوّلا على الله ورسوله.

3 ـ ونزلت فى مكة القواعد التشريعية ضمن الوصايا الأخلاقية والدعوة لاخلاص العقيدة لله جل وعلا وحده : 3/ 1 :فالوصايا العشر جاءت فى ثلاث أيات فى القرآن الكريم ( الأنعام 151 : 153 ) ، فى الآية الأولى منها يقول جل وعلا ( قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)الانعام ) . وهنا تحريم لقتل الأبناء بما يشمل الاجهاض لجنين ينبض بالحياة،مع قاعدة تشريعية تحرّم قتل النفس إلا بالحق :(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )

3/ 2 : وتكررت هذه القاعدة التشريعية (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) فى سورة الاسراء المكية ضمن منظومة من الوصايا الايمانية العقيدية والاخلاقية تكرر وتفصّل الوصايا العشر، بدءا من قوله جل وعلا  :(لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23)( الاسراء ) ، وفى ضمنها يقول رب العزّة : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )(33) ( الاسراء ).

3/ 3 : وتكرر هذا وتأكّد ضمن صفات عباد الرحمن السامية العالية ، وتبدأ بقوله جل وعلا :( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً (63)الفرقان ). ونلاحظ التناقض هنا بين أتباع الشيطان وعباد الرحمن .وضمن الصفات السامية عنهم يقول جل وعلا :( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )(68) الفرقان ). ويلاحظ أن التعبير القرآنى جاء بصيغة واحدة فى تلك القاعدة القرآنية ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ﴾، ﴿وَلاَ يَقْتُلُونَ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالْحَقّ﴾.ومعناه أن الله تعالى حرم قتل النفس، وتلك هى القاعدة الأساسية، والاستثناء الوحيد هو القصاص الذى نزل فى كلام الله الحق ، يقول تعالى عن القرآن ﴿وَبِالْحَقّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقّ نَزَلَ﴾ (الإسراء 105). فالحق هنا هو القصاص ، وهو الذى نستطيع به الاستثناء من القاعدة القائلة ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ النّفْسَ الّتِي حَرّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقّ﴾ ، فالحق هو كلام الله تعالى الحق فى القرآن الحق الذى نزل بالحق . المستفاد مما سبق أن قاعدة (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) تكررت فى التشريع المكى ثلاث مرات دليلا على الحرص البالغ على حق الحياة وحصانة النفس البريئة الزكية .  ثم جاءت التفصيلات التشريعية فى السور المكية سواء فى القتل الجنائى أو فى القتال الدفاعى .

خامسا : التخفيف والرحمة فى تشريع القصاص فى جريمة القتل  

1 ـ ليس هناك مبرر لقتل النفس إلا إذا قتلت النفس نفساً أى فى القصاص. وقاعدة ( النفس بالنفس ) نزلت فى التوراة ، وذكرها رب العزة فى سياق تحاكم بنى اسرائيل للنبى فى سورة المائدة ، وهى من أواخر ما نزل فى القرآن . يقول جل وعلا للنبى عنهم : (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ) (44) المائدة ) بعدها يقول جل وعلا عن عقوبة القصاص فى التوراة : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)المائدة).

هذا هو المكتوب عليهم ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ). أما المكتوب علينا أهل القرآن فهو تحديد وتقليص للقصاص ، وإمكانية العفو عن القاتل بالدية تخفيفا من الله جل وعلا ورحمة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)البقرة).أى فى التشريع الخاص بنا نحن المسلمين نزل تخفيف واستثناء ينجو به القاتل من القتل إذا رضى أهل القتيل بالدية ، فالتخفيف هو الأداء للدية بإحسان بعد عفو أهل القتيل أصحاب الدم. إذن فقاعدة ﴿النّفْسَ بِالنّفْسِ﴾ نزل فيها استثناء هو إعطاء الدية أى أن القاتل لا يقتل فى كل الأحوال..وذلك (تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ).

 سادسا : القصاص فى تشريع القتال فى سبيل الله :

1 ـ وحتى فى القتال فى سبيل الله فإن القصاص هو القاعدة الأساسية لأن تشريع الله تعالى حياة للناس وعدل ورحمة وإحسان.والقصاص فى حد ذاته يؤكد عدم الاعتداء لأنك لا تعتدى بل تقتصّ من المعتدى الذى سبق وإعتدى عليك ، ومفهوم القرآنى للقصاص إنه عقاب بالعدل بلا تجاوز فى الانتقام . إنّ الله سبحانه وتعالى يمنع الاعتداء ويجعل القتال فى الدفاع عن الدولة فقط ضد من يهاجمها يقول تعالى: ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة 190). وجاء تشريع القصاص فى القواعد الأصولية للقتال فى قوله تعالى: ﴿الشّهْرُ الْحَرَامُ بِالشّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ﴾ (البقرة 194).أى يحرم الله تعالى على المسلمين مجاوزة القصاص فى حربهم مع المعتدين فإذا قتلوا من المسلمين عشرة فيحرم على المسلمين أن يقتلوا منهم أكثر من عشرة.. وذلك هو تشريع القصاص الذى هو حياة لنا ولغيرنا.  

2 ـ وإذا كان ذلك فى تشريع القتال مع العدو الذى يعتدى علينا فالأمر يكون أكثر أهمية فى التعامل مع الإنسان   الذى لا يرفع سيفاً، إذ لا مبرر لقتله إلا فى حالة واحدة، وهى أن يرتكب هو جريمة قتل ويصمم أهل القتيل على القود منه أى على قتله ويرفضوا أخذ الدية.

3 ـ ومن أفظع الظلم أن نحكم بقتل نفس لسبب آخر خارج القصاص ثم ننسبه لدين الله تعالى، ودين الله تعالى يرىء من هذا الافتراء .

4 ـ وهناك تفاصيل أكثر فى أبحاث سبقت لنا ، مثل (  حد الردة ) و( الاسلام دين السلام )و ( المسكوت عنه من تاريخ عمر ) و ( إضطهاد الأقباط بعد الفتح ( الاسلامى ) ..

اجمالي القراءات 15865