نداء لأهل القرآن بالاعراض عن أولياء الشيطان :

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٦ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

مقدمة

1 ـ جاءتنى الرسالة التالية من أحد الأحبة من أبنائى أهل القرآن : ( أرجو ان تسامحنى على غلطتى الكبيرة في حقك وحق اهل القران .فلقد حاولت ان اتحاور مع بعض اصحاب الدين الوهابى على البالتوك وفشلت فشلا ذريعا ، واستطاعوا ان يجتمعوا عليّ كالضباع ، وكأنهم وجدوا فريسة ضمنت لهم طعام العشاء ، وتسببت في سبّك وسب اهل القرآن بحماقتى .وخرجت والجراح تثخننى والالم يعتصرنى .سامحنى شيخى الجليل . وارجو من كل اخوانى القرآنيين ان يسامحونى لأنه لم يكن يجدر بى ان اتكلم باسم القرانيين وانا لما اصل الى درجاتهم في العلم . واعاهد الله ان تكون مناظرتى القادمة معهم أشد وطأة عليهم . والله غالب على أمره ).

2 ـ تأثرت بشدة بكلماته فكتبت اليه : ( بعد السلام عليك . أرجو ألّا تعاود الجدال معهم ، لأن الجدال حرام ، ومحظور بأمر رب العزة ، فهم يجادلون فى آيات الله ، وما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا ، ولئن أطعناهم ودخلنا معهم فى جدال سنكون مثلهم مشركين :(وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الانعام  ). أرجو أن تتدبر قوله جل وعلا (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) غافر ) الله جل وعلا يأمرنا بالاعراض عنهم ، وهجرهم ، وليس بالاحتكاك بهم .طريقك فى التفوق عليهم أن تؤهل نفسك لتكون كاتبا فى موقع أهل القرآن بالمزيد من القراءة لمئات المقالات والأبحاث ، وبعد أن تتكون لك حصيلة معرفية تبدأ فى الكتابة مسلحا بالعلم . أرجوك ثانيا ألا تضيع وقتك معهم . العمر قصير يا بنى ويمضى سريعا ، و العاقل هو الذى يستثمره فيما ينفعه فى الدنيا والآخرة ، وطريقنا فى الاصلاح والجهاد السلمى من أنجح الطرق فى تحقيق السعادة فى الدنيا والآخرة .  ) .

3 ـ جاءت رسائل متشابهة من بعض الأحبة الذين شغلوا أنفسهم بالجدال فى الانترنت مع السلفيين والسنيين وغيرهم بلا جدوى . لذا أكتب هذا المقال نداء للأحبة بالاعراض عمّن يجادل فى آيات الله جل وعلا ، موضحا هذا بما جاء فى كتاب الله ، جل وعلا .

أولا : لا أمل فى هداية من يصمم على الضلال والاضلال :

1 ـ أكّد جلّ وعلا للنبى عليه السلام إنه مهما بلغ حرصه على هداية المضلين فإن الله لا يهدى المضلين : (إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ ) ألنحل 37 ).وتكرّر هذا المعنى كثيرا فى القرآن الكريم. 2 ـ مشيئة الهداية ترتبط بالانسان إبتداءا . وتأتى مشيئة الله تؤكد ما شاءه الانسان لنفسه .  إنّ الانسان إذا شاء الهداية وسعى اليها ، فتأتى له مشيئة الله جل وعلا فتهديه وتزيده هدى ، أما الذى ارتضى الضلال ورفض الهداية فقد زيّن له الشيطان سوء عمله فيريه سوء عمله حسنا ، يقول جل وعلا فى استحالة هداية هذا الصنف من البشر: ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ  (8)( فاطر )  أى إن الله جل وعلا (  يُضِلُّ ) من البشر ( مَنْ يَشَاءُ ) منهم الضلال ( وَيَهْدِي) من البشر ( مَنْ يَشَاءُ ) منهم الهداية. ولذلك فلا ينبغى للنبى ان يتحسّر على من زين له الشيطان الضلال فرآه حسنا:  ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) .

3 ـ ومن فى قلبه مرض الضلال يزيده الله جل وعلا ضلالا ومرضا (  فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً )(10)( البقرة ). والذى يسعى للهداية مخلصا يهديه الله جل وعلا الى سُبُل الهداية : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69)( العنكبوت ) . أى يزيد الله جل وعلا المهتدى هدى ، ويزيد الضال  ضلالا . يقول جل وعلا : (قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً ) (75) ( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى )(76) مريم) (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) محمد ) .

4 ـ هؤلاء المصممون على الضلال حتى وقت الاحتضار والموت سيأتون يوم القيامة يكذبون أمام الله جل وعلا ، ينكرون أنهم كانوا مشركين فى الدنيا ، يقول جل وعلا : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) الانعام ). ويأتى التعليق من رب العزة بالتعجب من كذبهم على أنفسهم وضلالهم وإفترائهم : (انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) الأنعام ) .

5 ـ ومن ضلالهم التلاعب بآيات القرآن الكريم بالانتقاء والتجاهل ومزاعم النسخ والتكذيب بآيات الله والتأويل ليسوغوا أديانهم الأرضية فلا يزدادون بالقرآن إلا ضلالا . وهذا موجز تراث المسلمين فى الفقه والحديث والتفسير و( التوحيد ) والتصوف وما يعرف بعلوم القرآن . وبهذا يكون القرآن هدى وشفاءا للمؤمنين به ، ويكون خسارا على أولئك الظالمين أولياء الشياطين : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) ( الاسراء ).

ثانيا : تناقض موقفهم من الجدال فى آيات الله الى الاعراض عن آيات الله :

1 ـ مهما عاندوا ففى داخلهم تأثر بالقرآن لأن الله جل وعلا سلكه فى قلوبهم رغم أنوفهم ورغم عدم ايمانهم الكامل به : (  كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ (13) الحجر ) (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (201) الشعراء ). ويترتب على هذا أن يرتاب المشركون بالقرآن الكريم وأن يجحدوا بآياته  .

2 ـ  معنى جحودهم بآيات الله ، أى ينكرون الحق مع إنه كامن فى داخلهم ، لذا قال جل وعلا للنبى عليه السلام ألّا يحزن من عنادهم ، فهم فى الحقيقة لا يكذبونه ولكنهم يجحدون الحق عنادا واستكبارا: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) ) ( الأنعام ). أما الريب والشك فهما نقيض الايمان الراسخ لدى المؤمن الحقيقى . وقد تكرر وصف المشركين بالشك وبالريب فى قوله جل وعلا : (  إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) سبأ ) ( بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي  (8) ص )(  بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) ( الدخان )(  وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) ( التوبة ). ( وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) (23) البقرة  )

3 ـ وهذا الموقف المتناقض بين الإنكاروالريب والشك مع إستشعارهم القلبى بأن القرآن حق ـ  يترتب عليه تناقض فى موقفهم من القرآن وأهل القرآن ، إذ يحرصون على جدال المؤمنين ، وفى نفس الوقت ينهون عن الاستماع للهدى القرأنى ويبتعدون عنه ، يقول جل وعلا : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ (25) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) (26)( الانعام ). أى يسعون الى استماع القرآن مع تكذيبهم العلنى به ، لذا زادهم الله جل وعلا ضلالا ، وجعل على قلوبهم أكنّة وحُجُبا تحول بينهم وبين التفقه بنور القرآن ، ومهما يسمعون ومهما يرون من آيات الله فلا يؤمنون بها . ومع ذلك كانوا يأتون للنبى يسعون للجدال معه ، ويتهمون القرآن بأنه اساطير الأولين . ثم هم ينهون الناس عن الاهتداء بالقرآن وينأون ويبتعدون عن الاهتداء بالقرآن . هو ( ولع ) بالقرآن ، يريدون الجدال فيه ، وفى نفس الوقت يأمرون أتباعهم بالابتعاد عمّن يدعو بالقرآن طالما يفضح بالقرآن مفترياتهم .

4 ـ هذا ما كان عليه مشركو العرب فى عهد خاتم النبيين عليهم جميعا السلام . وهذا ما هو عليه أولياء الشياطين فى عصرنا من أساطين السلفية خصوصا، بل إن مشكلتهم أكبر ، إذ يزعمون الايمان بالقرآن ، وبعضهم كالاخوان يرفع شعار ( القرآن دستورنا ) كما يرفع شعار ( الحرية والعدالة ) وهى الأسس الأولى للاسلام ، ولكنهم يتناقضون مع ما يزعمون . وهم يصدّون عن سبيل الله من آمن يبغونها عوجا ، ولأننا ـ أهل القرآن ـ نحتكم الى القرآن طلبا للإصلاح السلمى فهم ينهون أتباعهم عن قراءة ما نكتب ، وفى نفس الوقت يسعون للجدال ليثبتوا لأنفسهم أنهم على الحق ، ويستخدمون كل الوسائل للتشويش على الحق.   ونتوقف بالتفصيل مع جدالهم فى آيات الله ومع إعراضهم عن كتاب الله .

ثالثا : بين الحوارالقرآنى والجدال فى آيات الله

1 ـ فى القرآن الكريم آيات كثيرة فى الحوار العقلى مع المشركين ، وللحوار القرآنى أسئلة تستلزم إجابات محددة ، أساسها إن المشركين لا ينكرون فى أعماق قلوبهم بأن الله جل وعلا هو خالق السماوات والأرض وخالق كل شىء ، وبالتالى فليس هناك أى أساس لآلهتهم المزعومة . ونعطى أمثلة لهذا الحوار القرآنى : (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)( الرعد )( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِي اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِي اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) ( الزمر )( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (64) ( النمل )(  وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ (61)العنكبوت ) ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (63) ( العنكبوت )(  وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (25)  ( لقمان (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ قُلْ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) ( سبأ ).( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) ( الزخرف ) .

2 ـ وهذه الأسئلة القرآنية يمكن توجيهها لمشركى الأديان الأرضية السنية والشيعية والصوفية والبوذية والكاثولوكية والأرثوذكسية ..الخ .. هل البشر المقدسون عندهم ( محمد ، عيسى ، بوذا ، على ، الحسين ، أبو بكر ، عمر ، أبو هريرة ، البخارى ، الشافعى ، روح الله ، الغزالى " حُجّة الاسلام بزعمهم ، السيد البدوى ، الجيلانى ، الدسوقى .ابن تيمية ، ابن عبد الوهاب ...الخ ) هل أحدهم هو الذى خلق السماوات والأرض ؟ هل هو الرازق ؟ هل خلقوا خلقا غير خلق الله فتشابه الخلق علينا ؟ الاجابة واحدة ومحددة . ( لا ) . إذن هم بشر مثلنا فكيف نرفعم الى مستوى التأليه ونجعلهم شركاء لله جل وعلا فى الالوهية ونعطيهم ما لا يستحقون من التقديس الواجب للخالق جل وعلا وحده ؟ .

3 ـ لذا يتجنب المشركون هذا الحوار ، ويفتعلون جدالا بالباطل .

رابعا : ـ سمات الجدال الباطل : 

1 ـ هم يخترعون وحيا شيطانيا ينسبونه للرسول أو لله جل وعلا ، ويجادلون بهذا الباطل الحق القرآنى مع إعراضهم عن حقائق القرآن التى تنفى هذا الوحى الشيطانى الباطل ، فعل هذا مشركوا العرب فى عهد نزول القرآن ، وفعله ويفعله المشركون بعد نزول القرآن ، لذا جاء التعبير عن هذا بالفعل المضارع الذى يفيد الاستمرار (وَيُجَادِلُ ) ، يقول جل وعلا : ( وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57) الكهف ). والسلفيون هم التجسيد الحىّ الناطق لهذه الآيات الكريمة حين يحتجّون بأحاديثهم  وسنّتهم وأقوال أئمتهم وآلهتهم ضد القرآن ، مُعرضين عن القرآن ، يتهمون آياته بالنسخ ، ويقومون بتحريف مفاهيم القرآن لتوافق أهواءهم .

2 ـ ولأنها عادة سيئة للبشر فى كل ومان ومكان ، ولأنها ستعود بعد نزول القرآن فإن الله جل وعلا يقول : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) الحج ). أى حيثما يوجد مجتمع وناس فمن الناس من يحترف الجدال فى الله جل وعلا بغير علم قرآنى أى بالباطل متبعا الشيطان الذى يضله ويهديه الى عذاب السعير . هذا الصنف المُضلّ من الناس بالباطل وبلا كتاب منير موصوف بالاستكبار والتعالى ، وجزاؤه عذاب الحريق يوم القيامة : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10)  الحج ).

3 ـ هذا الصنف المُضلّ من الناس بالباطل وبلا كتاب منير موصوف بأنه يتبع ما وجد عليه آباءه ، أى ما وجد عليه السلف ، أى تراث السابقين ، ويرفض أن يتبع هدى القرآن طالما يتعارض مع دين السّلف ، يقول جل وعلا : (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) لقمان ). هذا الصنف المُضلّ من الناس بالباطل وبلا كتاب منير الذين يصفون أنفسهم بأتباع السلف  هم السلفيون فى عصرنا . وجودهم فى حدّ ذاته تأكيد للإعجاز القرآنى وآيات القرآن التى نبّأت مقدما بوجودهم ضمن العادات السيئة للبشر فى الجدال بالباطل فى آيات الله دفاعا عمّا وجدوا عليه ( سلف الأمة ) وحربا وكفرا بآيات الله جل وعلا وكتابه المنير .

4 ـ يكفى أن تقرأ قوله جل وعلا فيهم : (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4)( غافر ). هنا اسلوب قصر ، أى لا يجادل فى آيات الله إلّا الذين كفروا : ( مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) هذه هى الحقيقة الأولى ، والتى تنطبق أولا واساسا على السلفيين فى عصرنا . ثم هم الذين لهم الآن السلطة والنفوذ فى البلاد ، والذى يغُرّ ويغترّ به ضعاف العقول : ( فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ ) . وكل أئمة الأديان الأرضية تأتى لهم الفرصة للسيطرة ، لأنهم كهنوت السلطة المستبدة ، ولأنهم حُماة ثقافة الاستبداد والاستعباد ، ولأنهم حُماة التقليد وما وجدنا عليه آباءنا . فى العصر العباسى من عهد المتوكل العباسى سادت ( السّنة الحنبلية ) ، وفى العصر المملوكى كانت السلفية هى التصوف السنى ، وفى عصرنا أصبحت الوهابية السنية الحنبلية ، وفى عصور مضت ـ وحاليا ـ فى ايران كانت السلفية الشيعية الامامية الاثناعشرية ، وفى مصر الفاطمية كانت السلفية الإمامية الاسماعيلية . فى كل عصر يسيطر فصيل من السلفية يتحكم بدينه الأرضى فى الناس ، ويتقلب فى البلاد ، والمؤمن الحقيقى لا يغترّ ولا ينخدع بتقلبهم فى البلاد . فى النهاية هو متاع دنيوى قليل ، وبعده الخلود فى النار ، وهذا ما قاله رب العزة لخاتم النبيين عن قريش وعبادتهم لما وجدوا عليه آباءهم و( السلف الصالح ) : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)آل عمران ) لهم متاع قليل زائل ثم  جهنم ، بينما للمؤمنين الأبرار جنات النعيم  ( لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198)  )

5 ـ هم مستحقون فى الدنيا لمقت الله جل وعلا ومقت المؤمنين الحقيقيين بسبب تكبرهم وجبروتهم :

( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) ( غافر ). هم أولياء الشيطان ، نستعيذ بالله جل وعلا من شرورهم ، فهذا ما أمر الله جل وعلا به رسوله الكريم :  (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) غافر  ) . نحن مأمورون بالاستعاذة بالله منهم وليس بالجدال معهم .!

6 ـ وفى تفاصيل لعذابهم يوم القيامة يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذْ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) ( غافر ) . أرجو التمعّن فى هذه الآيات للعظة والاعتبار .!!

 7 ـ فهل بعد هذا نجادل معهم فى آيات الله جل وعلا ؟ لقد نزل تحريم الجدال فى آيات القرآن مع المشركين أولياء الشيطان حتى لا نكون مثلهم مشركين، يقول جل وعلا : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الانعام  )

خامسا : إعراض المشركين عن القرآن يجب مقابلته بالاعراض عنهم

1 ـ عن إعراضهم عن الحق القرآن يقول جل وعلا :(  حم (1) تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4 ) ( فصلت )(حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنْ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) الاحقاف  )

2 ـ مقابل هذا يجب الاعراض عنهم : وجاء هذا أمرا للنبى عليه السلام نفسه : (  فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ( النجم ). فالنبى ليس عليهم حفيظا وليس مسئولا عنهم ، فليس عليه سوى التبليغ : ( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ ) (48) الشورى ). هى مسئولية شخصية . فالقرآن نزل منيرا ونورا وبصائر للناس ، فمن اهتدى وأبصر فلنفسه ، ومن عمى وضلّ فعلى نفسه : ( قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (106) الانعام ). وهم بأحاديثهم الشيطانية يمارسون حريتهم التى شاء الله للبشر أن يتمتعوا بها ليكونوا يوم الحساب مسئولين عنها:( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) الانعام ). قال تعالى للنبى أن يذرهم وما يفترون لأنها مشيئة الله فى جعل البشر أحرارا فى عقائدهم ، إن ضلوا أو إن إهتدوا .

3 ــ مصير من يُعرض عن القرآن هو الخلود فى الجحيم :  (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً (101)(   وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)) ( طه )(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ (22) ( السجدة )  (  وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً (17)) ( الجن )

4 ـ والاعراض عنهم يعنى قول الحق كاملا ثم الاعراض عنهم بعد ذلك ، أى أن نصدع بالحق ثم نُعرض عنهم، وهذا ما كان مأمورا به النبى عليه السلام  :(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ (94) ( الحجر )( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199)   ) ( الاعراف ).

5 ـ الاعراض عنهم يعنى توضيح الحق والجهر به دون أدنى تحرّج (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (3)  ) ( الاعراف ). بعدها نحترم حريتهم فيما يختارون لأنفسهم ، نرضى لهم ما يرتضونه لأنفسهم ، وننتظر يوم الحساب ليحكم علينا وعليهم رب العزة فيما نحن فيه مختلفون.

6 ـ الاعراض عنهم يعنى أن نقول لهم :إعملوا على مكانتكم إنا عاملون . وهذا ما تكرّر فى القرآن الكريم : (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)( الزمر )(قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135)  ) ( الأنعام )(  وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) (هود)(وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) ( هود ).

أخيرا :

1 ـ أكرر النداء لكل أبن من أبنائى من أهل القرآن : ( بعد السلام عليك . أرجو ألّا تعاود الجدال معهم ، لأن الجدال حرام ، ومحظور بأمر رب العزة ، فهم يجادلون فى آيات الله ، وما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا ، ولئن أطعناهم ودخلنا معهم فى جدال سنكون مثلهم مشركين: :( وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) الانعام ) . أرجو أن تتدبر قوله جل وعلا (مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (4) غافر ) الله جل وعلا يأمرنا بالاعراض عنهم ، وهجرهم ، وليس بالاحتكاك بهم .طريقك فى التفوق عليهم أن تؤهل نفسك لتكون كاتبا فى موقع أهل القرآن بالمزيد من القراءة لمئات المقالات والأبحاث ، وبعد أن تتكون لك حصيلة معرفية تبدأ فى الكتابة مسلحا بالعلم . أرجوك ثانيا ألا تضيع وقتك معهم . العمر قصير يا بنى ويمضى سريعا ، و العاقل هو الذى يستثمره فيما ينفعه فى الدنيا والآخرة ، وطريقنا فى الاصلاح والجهاد السلمى من أنجح الطرق فى تحقيق السعادة فى الدنيا والآخرة .  ) .

2 ـ اللهم بلغتُ ..اللهم فاشهد .!!

اجمالي القراءات 17092