حكم الاشاعات فى القرآن

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ٢٥ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

حكم الشائعات فى الاسلام
الشائعة هى اطلاق خبر بين مجموعة من الناس تنقله لمجموعات أخرى لهدف فى نفس مطلق الشائعة قد يكون هدفا شريرا وهو الأكثر شيوعا وقد يكون هدفا نبيلا وهو وهو الأقل تواجدا. وللاشاعات قواعد فى القرآن: القاعدة الأولى : حكم الاشاعة صحيحة أو خاطئة هو أن سامعها أو من تصل له لابد أن يتبين والمراد يفكر فى صحة الخبر مصداق لقوله تعالى بسورة الحجرات: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" وسبب التبين هو ألا يندفع سامع الخبر إلى ارتكاب جهالة أى خطيئة مثل قتل برىء أو جرح برىء أو تخريب مكان ما وبعد أن يرتكب الجهالة يندم ويتحسر على الجهالة وهى الاثم الذى ارتكبه وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات : " أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " ونلاحظ أن صاحب الخبر الذى يجب التبين منه هو الفاسق والمراد الكافر وهو قوله فى أول الآية "إن جاءكم فاسق " لأن المسلم لا يطلق خبرا غير صحيح لأنه لو أطلقه لا يكون مسلما وإنما كافرا ساعة فعلته لأن من صفات المسلمين اجتناب قول الزور كما فى قوله تعالى بسورة الحج " واجتنبوا قول الزور" وقوله فى سورة الفرقان ""والذين لا يشهدون الزور " وقد كرر الله أمر التبين فى الحرب فكل من يلقى السلام والمراد يعلن أنه مسلم على المؤمنين ألا يقاتلوه لأنهم فى تلك الساعة يكذبونه من أجل غرض دنيوى هو عرض أى متاع الدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة النساء : "يا أيها الذين أمنوا إذا ضربتم فى سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا" فهنا يخاطب الله المؤمنين طالبا منهم التبين وهو التثبت من المعلومات إذا ضربوا فى سبيل الله والمراد إذا خرجوا للجهاد لنصر دين الله قبل أن يحاربوا حتى لا يصيبوا قوما مسلمين دون أن يدروا ،وينهى الله المؤمنين أن يقولوا :لست مؤمنا أى مصدقا بحكم الله وذلك لمن ألقى لهم السلام والمراد لمن أعلن لهم إسلامه لأنهم إن فعلوا هذا فهم يبتغون عرض الحياة الدنيا والمراد فهم يريدون من خلف قتل المؤمن متاع الحياة الأولى وهو مال الرجل ،ويبين لهم أن عنده مغانم كثيرة والمراد أن لديه منافع كبيرة لمن يطيع حكمه ويبين لهم أنهم كانوا كذلك من قبل والمراد أنهم كانوا كفارا قبل إسلامهم فمن الله عليهم أى تفضل الله عليهم برحمته ،ويكرر لهم طلبه بأن يتبينوا أى يتثبتوا من المعلومات قبل حربهم أى قتلهم للناس ويبين لهم أنه خبير أى عليم بالذى يعملون أى يفعلون وسيحاسبهم عليه ومن ثم عليهم الحذر من مخالفته والقاعدة الثالثة فى الاشاعات هو طلب الناس من مشيع الخبر المجىء بالشهود على صحة قوله وإلا اعتبر مفتريا يستحق عقوبة الافتراء وهو رمى الأبرياء والبريئات وهى ثمانين جلدة وترفض شهادته حتى يتوب من ذنب الافتراء كما قال تعالى بسورة النور "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم " والقاعدة الرابعة أن مطلق الاشاعة بلا شهود كاذب وفى هذا قال تعالى بسورة النور : "لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإن لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون " والقاعدة الخامسة فى الاشاعات هى أن الناس يصدقون الاشاعات مؤمنين وغير مؤمنين وينقلونها بسهولة وكأنها ليست ذنبا عظيما وفى هذا قال تعالى بسورة النور : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته فى الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " ومن ثم محرم على سامع الاشاعة نقلها قبل تبين صحتها فإن تبين صحتها بالشهود والأدلة لا ذنب فى نقلها والقاعدة السادسة هى تعذيب مطلق الاشاعة وهى الافك عن طريق تطبيق حد الافتراء عليه أولا فإن كانت الاشاعة قد أسفرت عن ارتكاب جرائم كالقتل أو الجرح أو التخريب أو ما شابه فإن مطلق الاشاعة يكون شريكا فى الجريمة فإن قتل أحد يقتل مطلق الاشاعة وإن جرح أحد يجرح مثله وإن خرب شىء يتشارك هو ومن خرب فى اصلاح الخراب وهكذا وفى هذا قال تعالى بسورة النور "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذى تولى كبره منهم له عذاب عظيم " القاعدة السابعة فى الاشاعات التى تتعلق بالسمعة ما لم تثبت بالقضاء ظن الخير فى المؤمن والمؤمن الذين تعلق بهم الخبر وقول : هذا إفك مبين وفى هذا قال تعالى بسورة النور : "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين " القاعدة الثامنة هى أن رمى البرىء بالاشاعة صاحب الاشاعة يحتمل البهتان والمراد يكتب عليه ذنب الافتراء ويكون عليه الاثم وهو العقاب البين كما قال تعالى بسورة النساء "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا" القاعدة التاسعة هى أن الكفار والمنافقين هدف اشاعاتهم هى اضلال المسلمين لاضرارهم ومن ثم لا يجب تصديقهم كما قال تعالى بسورة النساء : "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شىء " اشاعات: فى القرآن عدد من الاشاعات أولها اطلقها اخوة يوسف (ص) باعلان مقتله بأكل الذئب له وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف : "وجاءو أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين" وكان رد فعل الأب يعقوب (ص) هو عدم التصديق بسبب القميص وفى هذا قال تعالى بنفس السورة : "وجاءوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون "وكان هدف الاخوة من الاشاعة هو الحصول على حب الأب كما يزعمون وهو خلو وجهه وهو قلبه لهم بعد ابعاد يوسف (ص) وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف""اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخلو لكم وجه أبيكم" ثانى الاشاعات هى اشاعة الخدم فى بيت العزيز خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف (ص) والتى استغلتها نسوة المدينة الكبار فى اهانة امرأة العزيز وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف : "وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها فى ضلال مبين " وهى اشاعة كانت صحيحة ولكن الهدف منها كان شريرا وهو اذلال امرأة العزيز من قبل النسوة الغنيات فى المدينة الاشاعة الثالثة هى اشاعة سرقة يوسف (ص) وهى اشاعة لم يرض يوسف (ص) بالوقوف ضدها فى ذلك الوقت ليحقق الهدف النبيل وهو لم شمل الأسرة بعد أن يعرف اخوته أن الفضل بيد الله يعطيه لمن يريد الله ولا يقف فى طريقه أحد حتى ولو كان المكر والخديعة وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف : "قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف فى نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصنعون " الاشاعة الرابعة هى اشاعة فرعون أن موسى (ص)ومن معه مجرمون قليلون وأن الواجب هو التجمع لقتلهم وقد أرسل فرعون نقلة الاشاعات فى البلاد حتى يحمس الناس ضد موسى(ص)ومن معه وهو ما نجح فيه عندما جمع الجيش وفى هذا قال تعالى "فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون " الاشاعة الخامسة هى مقتل النبى محمد(ص) فى الحرب وكان الهدف منها هو القضاء على الدولة الناشئة من خلال ادخال الاحباط واليأس فى قلوب الكثير من المؤمنين وهو ما حدث بالفعل لذا بين الله لهم أن الاسلام لا يعتمد على إنسان حتى ولو كان رسولا لأن الكل مصيره الموت وأما الاسلام فهو الحى الذى يجب أن يتمسك به الأحياء وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران: "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين " الاشاعة السادسة وهى اشاعة صادقة وهى خبر الهدهد عن قوم سبأ وفى هذا قال تعالى بسورة النمل : "إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون " ونجد فى القصة أن سليمان (ص) تبين أولا حتى لا يعاقب الهدهد وكانت الوسيلة هى ارسال الهدهد نفسه برسالة لقوم سبأ فلما ذهب بالرسالة وأتى سليمان(ص) الرد أعفى الهدهد من عقاب ترك مكانه كجندى فى الجيش لأنه أتى بخبر نافع صادق فى الدعوة وفى هذا قال تعالى بسورة النمل :
"قال سننظر أصدقت أم كنت كنت من الكاذبين اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون "

اجمالي القراءات 22544