انتقد المرجع الشيعي العراقي آية الله الإمام حسين المؤيد "الموقف الضعيف" لمرجيعات بلاده إزاء ما تتعرض له نساء مدينة البصرة من "قتل وانتهاكات من قبل الميلشيات بحجة السفور وفرض الحجاب على المسيحيات"، واصفا هذه الأعمال بـ"الإجرامية والتي لم تحصل حتى في زمن صدام حسين".
وكانت تقارير صحفية غربية ذكرت أن الطالبات المسيحيات في جامعة البصرة يتعرضن للملاحقة من قبل طلاب ينتمون للمليشيات المسلحة الذين يخيرونهن بين ارتداء الحجاب داخل الحرم الجامعي أو الموت. وقد شهدت الأشهر الخمسة الماضية مقتل نحو 40 امرأة على أيدي عناصر الميليشيات وألقيت جثثهن على قارعة الطريق بسبب "السفور والتبرج"، حسب تأكيد اللواء عبد الجليل خلف قائد شرطة مدينة البصرة.
وقالت 3 طالبات مسيحيات إن طالبا من الميليشيات طالبهن بارتداء الحجاب وذلك في أول يوم للدوام بجامعة البصرة، بحسب تقرير نشرته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية الأحد 9-12-2007.
ضعف المرجعيات
وأرجع آية الله حسين المؤيد، خلال حديث خاص لـ"العربية.نت"، عدم صدور فتوى عن علماء الشيعة تندد بما يقع على نساء البصرة حتى الآن "بضعف المؤسسة الدينية، وقصور في أداء المرجعية الدينية وتحملها لمسؤولياتها وواجباتها في إرشاد وهداية المجتمع".
وقال: "السفور لا يعالج بأعمال إجرامية، وإنما عبر طرق شرعية وهي إشاعة الثقافة الصحيحة التي تحفظ للمجتمع أمنه الاجتماعي وأن تتصدى المرجعيات الدينية من خلال حالة مؤسسية لممارسة هذا العمل إذا أهملت الدولة واجبها إزاء هذه القضية".
وتابع "منذ انطلاق هذه الافعال أدنتها وأدينها، وأعتقد أنها تخل بالنظام الاجتماعي والسلم الأهلي ومن يقوم بهذه الاعمال لا يمتلك أي صلاحية شرعية كما أنه لا يوجد في الشرع ما يبرر ارتكابها".
انتهاكات غير مسبوقة
وأكد آية الله المؤيد أن ما يقع على نساء البصرة "لم يحصل على مر التاريخ، خاصة مثل هذا النوع من الاستهداف، خاصة وأن البصرة كانت مفتوحة لمدارس متنوعة عقدية وفقهية، وبرزت فيها شخصيات استطاعت أن تكون محاور في الفقه والعقيدة".
وتابع "وبعد تأسيس الدولة، حتى الاحتلال لم تشهد البصرة ولا العراق شيئا من هذا القبيل لأن هيبة الدولة كانت موجودة. وحتى في زمن صدام لم يسمح بهذه الاعمال خاصة أنه لم تكن هناك ميلشيات وعصابات قادرة عليها".
دعوة النساء للمعروف بـ"اللسان"
ورأى المؤيد أن "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون من خلال اللسان، ولا يجوز لأي فئة أن تحوله إلى اليد والقتل، ولهذا الأمر ضوابط وينهض بذلك الحاكم الشرعي والدولة التي تلتزم بالقانون الاسلامي".
وأضاف "إن كان الأمر بالمعروف هو واجب كل مسلم إذا توفرت شروطه، إلا أنه لا يجوز أن يرقى لحد الجرح وما شابه، وما هو أعلى من ذلك".
وردا على سؤال "من اين تأتي الفتوى والأوامر للقيام بهذه الاعمال"، أجاب الشيخ المؤيد "كل هذه الأعمال هي من تداعيات احتلال العراق الذي حول السلطة من سلطة الدولة إلى سلطة لقوى سياسية الكثير منها له أجنحة عسكرية، وحوّل المناطق العراقية إلى إقطاعيات عسكرية لهذه القوى".
واعتبر ما يقع على النساء هو "مؤشر على فقدان سلطة القانون والفوضى والتسيب وهذه أعمال مدانة وإجرامية وليس في القراءة الصحيحة للدين الاسلامي ما يبرر ارتكابها".
ويعتبر آية الله حسين المؤيد من أبرز المراجع الشيعية في العراق، وينحدر من عائلة شيعية عريقة. درس العلوم الدينية في الكاظمية ببغداد، وتتلمذ في قم الإيرانية عام 1982 على يد كبار علماء الشيعة، ونال درجة الاجتهاد المطلق التي تعتبر أرفع الدرجات العلمية في الحوزة.
بعد ذلك كوّن حلقة علمية تخرج منها المئات من طلاب الدراسات العليا. وتميز خطابه بعد عودته للعراق عام 2003 برفض التدخل الإيراني والسياسة الأمريكية في العراق، منتقدا مواقف مرجعية النجف حيال التدخل الإيراني والوجود الأمريكي.
وكان الشيخ المؤيد كشف في وقت سابق من هذا العام في تصريح للعربية.نت عن تهديده من قبل الميلشيات العراقية، بسبب "رفضه المحاصصة الطائفية والاثنية ودعوته لحفظ الوحدة السنية الشيعية والتقريب بين المذاهب ومعارضة المشروع الأمريكي ووقوفه ضد الميلشيات في العراق والحكومات المتعاقبة".