الخطاب الذي قد يُلقيه مُرسي!

محمد عبد المجيد في الأحد ٢٣ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

أيها الاخوة المواطنون،
ملايين منكم، منهم من أعطوني أصواتهم في الانتخابات الرئاسية ومنهم من انحازوا إلى أحمد شفيق، قرروا تصعيد مناهضتهم إياي ورفضهم للمشروع الإسلامي الذي جعلني المرشد مؤتمنا عليه، والخروج في 30 يونيو للتعبير عن رفض الشعب لرئيسهم المنتخب.

وخرج أتباعي في ميدان رابعة العدوية بعدما أتينا بهم من كل فج عميق، وركبوا حافلات من محافظات بعيدة وقريبة، وأصيبوا بلوثة هستيريا الصياح والصراخ والتكبير كأنهم مُقــْــدمون على حرب في جبال أفغانستان، أو سيحررون حلب من الاستعمار السوري الذي يقوده بشار الأسد.

أنتم تعلمون جيداً أنني كغيري من الجماعة لست أكثر من خادم يتابعُ لسان المرشد، إذا شتم شتمنا، وإذا لعن أكلنا غريمه، وإذا مدّ يده قبــَّـلناها، وإذا خلع حذاءه حملناه له، وإذا أمــَـرَ أطعنا، ولو خاض بنا لــُـجّة البحر وظلماته، خضناه معه حتى ننتهي إلى قاعه أو جوف سمك القرش.
الثلاثون من يونيو يقترب، وأتباعي تحولتْ ألسنتُهم إلى سكــّـين جزار قبل جــَـزِّ الرأس، والخلافة الإسلامية علىَ مرمىَ حجر، بل أكاد أرى العرشَ في استانبول يهتز فرحاً بقرب لمـْـسِ مؤخرتي لملمسه الحرير، وزعماءُ الدنيا يستعدون لوضع أوراق اعتمادهم علىَ حــِـجـْـري، وأنفحُ كل واحد منهم صُرةَ بها مئة دينار إسلامي من ذهب ومثلها من .. فــِـضــّـة.

أيها الاخوة المواطنون،
عام كامل مَضــَـىَ وأنتم ومرشدي وصانعو الطغاة في الفضائيات تنفخون تجويفَ جمجمتي حتى أيقنتُ أنَّ الورمَ عبقرية، وأنَّ الهواءَ بــِــناء، وأنَّ الكون دان لي فسـَـمـِـعـَـتْ الكواكبُ خــُــطـَـبي فصـَحـَـحــَـتْ مسارَاها.
وفجأة شعرت بأن نيزكاً أتاني من حيث لا أوُتــَـىَ، وضربني ضربة قلبت حياتي عاليها سافلها، فتصــَدَّرَ ضميري كلَّ مشاعري، وأنار إيماني بالله عقلا كان المرشدُ قد أطفأه، فحلــَّـقـَـتْ الملائكة فوق رأسي، وعلمتُ أنني تحررتُ من أسياد الجن والإنس، فرأيت الآتي:
رأيت مــِــصرَنا مُقبلة علىَ حربٍ أهلية ستجعل رواندا نــُـزهة بجانبــِـها، ورأيتُ المتسابقين إلىَ الحور العين يطيحون بسيوفهم وخناجرهم رؤوس الناس دون رحمة أو شفقة، فنحن لو صــَـمتنا علىَ معارضتهم إيانا فسوف نعود إلى سجون هربنا منها، وزنزانات تشهد أننا كنا ساكنيها على مر العصور والعهود والحُكــَّـام.

بحثت عن حل يحفظ ماءَ وجهي قبل أنْ يتحول إلىَ دماء، ومَخرج ينقلني من سحل في الشوارع إلى بطل في عيون أعدائي، ومن قزم أمام المرشد والشاطر والعريان إلى فارس ألغى قاموسَ التهكم الشعبي ضده ليتحول إلى مديح في ملحمة نبيلة بدلا من أن تحكي عن تمرد في الشارع، تقــُــصّ على التاريخ تمرداً في القصر وفي الجماعة، فكنتُ الأرنبَ الذي تــَـضــَـبــَّـعَ، والفأرَ الذي تذئــَّـب، والقط َّالذي خربش من حاول قطع ذيله.

لقد قررت، أيها الاخوة المواطنون، الطلبَ من ملايين الأتباع والاخوان والعبيد أن يلزموا ديارهم، ويغلقوا عليهم بيوتهم، ويراقبوا مشهد 30 يونيو من بعيد لأعرف شعبية وحجم ومساحة وقوة جماعتنا في الشارع المصري، وأتأكد أن طــُـزَّنـَـا العاكفية أكبر من الاخوان، وأنَّ أرض الكنانة صغرت بنا في عام كامل فتقزّمت في عيون جيرانــِــنا، وصغرت في تقارير سفراء العالم في قاهرتنا.

لن أسمح لمرشدي وزُمـُـري وشاطري وجماعتي أنْ يجعلوني سفــَّـاحَ العصر، ودراكيولا الخلافة، لذا فإنني أحقن دماء الناس من كل الأطراف، فهي حرام في يومنا هذا.. في شهرنا هذا.. في تمردهم وتجردنا.
إذا توقف مريدونا وأتباعنا وأغنامنا من مصّاصي الدماء الذين شربوا من مخاط وجدي غنيم، وبصاق عاصم عبد الماجد، ورذاذ البلتاجي عن دعوات الجهاد والنصر على الأعداء المصريين وجعلوا يوم 30 يونيو وما بعده استعراض قوة رَفــْــضِ الموقـّـعين علىَ ( تمرد) فقد انتقلنا من مذبحة الوطن إلى إنقاذه، ورضي الله عنا جميعاً، فالشيطان سيلطم وجهه سبعين مرة على قراري هذا.
إنني أدعو كل من يحبني من أعضاء الجماعة أو المتعاطفين معها أن يتركوا شوارع وميادين مصرنا الحبيبة يرتع فيها المعارضون، وتنقل الفضائيات صور حشودهم، وتعرف الدنيا أن الوعي عائدٌ إليَّ، وأن الضمير استيقظ، وأن إيماني بالله منع نقطة دم واحدة تسقط من جسد متمرد أو متجرد.

أيها الاخوة المواطنون،
هذا خطابي الذي تخيله صاحب هذه الرسالة فإذا ألقيته على مسامعكم سترون جناحي ملاك يخرجان من بين أضلعي، ونورَ ربي أشرق على وجهي، وإذا كان هذا الخطاب أضغاثَ أحلام خائفٍ على مصر، وأنني ماضٍ في طريق دفــْـع أتباعي لمنازلة ومقاتلة الملايين في 30 يونيو، فأنا والمرشد وكل قيادات جماعة الاخوان الملعونين نستحق السحلَ في شوارع القاهرة، ثم القاء ما تبقى من جثثنا لتماسيح النيل الأزرق.
قراري هذا هو الحل الوحيد .. الوحيد .. الوحيد لتتفتح أبوابُ الجنة لي، وإذا خرَس لساني فأحسب أن نار الجحيم ستضاعف شهيقها وهي تفور، فأنا وقيادات جماعتنا الارهابية العفنة سنكون طعاماً شهياً لجمر جهنم و .. شواظ ســَـقــَـر.

أيام قليلة لتتأكدوا أنني فارس، نبيل، مؤمن، حكيم، حُرٌّ، عاشق لوطني وديني، أو أنني مصّاصُ دماءٍ و.. ابن كلب!

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 22 يونيو 2013  

اجمالي القراءات 8523