حوار بين اخوانجي و .. فلولي!

محمد عبد المجيد في الإثنين ١٧ - يونيو - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

كان لقاؤهما عن غير قصد، فالأول ينتظر أمام المسجد بعد صلاة العصر ليراه أكبر عدد ممكن من الناس، والثاني عائد لتوّه من لقاء مع حثالة ( إحنا آسفين يا رَيّس )، وتحادثا لبعض الوقت فتسرب الحديث إلينا.. أيضا عن غير قصد!
الاخوانجي: أراك ضعفت، ونحفت، وهزلت، وامتصت الهمومُ حــَـمْرة دماء وجهك فبدوتَ مثل يتيم فقد كل عائلته حتى الجدّ الثالث، ألا زلت تعتقد أن مبارككم سيلعب الإسكواش في قصر عابدين مرة أخرى؟
الفلولي: وأنا أراك سمنت كأنك أسمنت، وحككت جبهتك في حصيرة قديمة مُعــَــجّلا ظهور زبيبة دائرية لتتفتح لك أبوابُ الدولة بعد أن فتح الشيطانُ لكم أبوابَ السجنِ في ليلة الهروب الكبير.
الاخوانجي: مسكين ذلك الذي زعمتم أنه بطل الضربة الجوية الأولى فإذا به يتمارض، ويرقد على فراش في المحكمة ولا يدافع عن نفسه دفاع الفرسان، فأخفى وجهَه خلف نظارة سوداء ثمنها يُطعم ستين أسرة مصرية، وأخفاه ولداه خلف ظهرهما فترجل قبل أن يمتطي صهوة جواده، لأن الجبان يحتفظ بقلب فأر ولو قضى ثلاثين عاماً يزعم أنه ملك الغابة و.. منتجع شرم الشيخ!
مبارككم بــَــرَك على قدميه أمام أول غضبة شبابية، وتأجل حُلم سيدة مصر الأولى في أن تكون الملكة الأم بعدما كانت الملكة الزوجة، وظهر الوجه القبيح لمجرم ولص ومهرب وفاسد وطاغية وأحمق، ولم يُصَدِّق أن مُحبيه كارهوه، وأنَّ عبيدَه مُبغضوه، وأنَّ كلابــَــه مُفترسوه!
مبارككم تأرّنــَــبَ في ثمانية عشر يوماً أعقبت تأسُّـدَه ثلاثين عاماً، فتحول الزئيرُ إلىُ ضــَـغيب، وبكى شبلــُـه الأصغر على مُلــْـك أعدته له أمُّه في إعلام أعمى، وبين كبار صغروا أمامه لسنوات طويلة فوصلت قاماتهم إلى طرف حذائه.
الفلولي: تتحدث كأنك ترى نفسَك في المرآة، فمرشدُك معبودك، وكلابه أسيادك، وأنتم الذين أوصلتم محبوبنا الرئيس مبارك إلى تثبيت حُكمه بطاعتهم المقززة، وقناعاتكم مع سلفييكم أنَّ وليَّ الأمر يأمر برموش عينيه، وتلتهب أقفيتُكم دون أنْ يلمسها، وتــُــقـَـبـِّـلون يدَه اليــُــمنىَ وقدمــَــه اليُسرى بزعم أنَّ طاعتكم إياه واجبٌ ديني وليس عبودية مختارة.
أنتم أطلتم في عمره، ولعبتم دور السجين المظلوم الذي زنــْـزَنَه في قبو تحت الأرض سجّان بشع، وكنتم تمتدحون فيه إذا أمسك الكرباج، وتــُـصدرون فتاوى باسم السماء ضد من يخرج مناهضا حُكمه، وتكتفون بالدعاء بينما مــَـرَّ علىَ سجون سيدنا وتاج رؤوسنا ربع مليون مواطن مصري في أقل قليلا من ثلاثة عقود.
حتى 25 يناير نال منكم الهجاء والقدح والذم قبل أن يعرف أول شاب ثوري طريقه إلى ميدان التحرير.
كانت طــُـزُّ مرشدكم السابق رسالة إلى الاخوان المسلمين في مصر كلها التي ترونها تعيش في جاهلية، وحاولتم إخفاء كراهيتكم للوطن على حساب الدين، فخسرتم الآخرة في مقابل عدة أشهر فوق البساط الأحمر وعدة أيام في فندق طابا تتمتع خلالها أم أحمد وأهلها بزقازيق الرفاهية قبل العودة لزقازيق الأزقة والحواري.
الوطن محبة، والدين تسامح، وأنتم فرطتم في الاثنين معاً، ثم سرقتم الثورة من أفواه شباب غنــّـوا، ورقصوا، ورفضوا الخروج من ميدان التحرير قبل أن يخرج سيدنا أبو علاء من القصر الجمهوري.
الاخوانجي: أنت مثل عاهرة تــُـلقي موعظة الثورة، ودماء تزعم أنها احمرار الخدّين، وقاتل يُصلي في الصفوف الأمامية وبدلا من أن يتوب إلى الله، يعتذر لمُدرّبه على الافتراس ( إحنا آسفين يا ريس )!
أنتم قملة الدلفين التي كانت تعيش على تنظيف جسده وأكل ما تبقـَّـىَ من طعامه، فيحميكم و.. تــُـلـَـمعونه.
أنتم أعداء شعبنا ووطننا، وسرقتم في ثلاثة عقود أموالا لو أنفقتموها على أصحابها لأكلتْ مصرُ من فوقها ومن تحت أرجلها، وأسقاهم ربهم ماءً غدقا.
أنتم أصحاب مشاريع الوهم، وفتحتم بطن مصر ليستخرج اللصوص أمعاءها، وبعتم ذهبــَـها الأسود في اليوم الأسود بثمن بخس لأعدائها، وصدّرتم غازها لغــُـزاتها، واختار مخلوعكم أفشل وجوه مصر وأقبحها لتشويه وطن لم تحافظوا عليه حفاظ الرجال، فكشف جيشكم عذرية بناتنا أمام العالم أجمع.
الثورة قامت لتكنسكم حتى لو حــَــكم على سيدِكم بالبراءة سبعون قاضياَ عن يمين ويسار كل منهم سبعون مستشاراً.
أنتم دودُ ينتظره الدود على أحرّ من جمر، وأنتم حشرات سيحشرها حفارو القبور يوما ما وهو متأفف من النتن الخارج من الجسد والتاريخ.
الفلولي: وأخيرا سمعنا أصواتكم بعد عقود من الصمت الجبان، ودخلتم القصر والمجالس وأنفقتم من بيت المال وأطــَّـلعتم على أسرار الدولة، وانحنى أمامكم أبناء أبطال العبور، واستأذن الجنرالات في الدخول على الارهابي خيرت الشاطر وهو يمزق رسائل عبد الناصر، ويقهقه ضاحكا على أوراق المخابرات المصرية ومحاكمات 54 و65 قبل أن يحرقها ومرشده وعريانه وكتاتنه وبلتاجه.
أنتم مغول مصر الجــُــدد، ولصوص ثورة الشباب، ومخربو وادي النيل، ومحتقرو من تظنون أنه لا يعتنق عقيدة الجماعة، ولا يــُـقدس مرشدكم المعتوه.
أنتم حالة من الكراهية التي قــَـسَّمت الوطن إلى وطنيـّـن: واحد يكذب على السماء والثاني يرجو السماء أن تخسف بكم الأرض.
أنتم نصَّابون في لعبة الثلاث ورقات، فتضعون في واحدة آية سامية، وفي الأخرتين تعليمات مُرشدكم، وتــُـقسمون أنه العدل الالهي، لكن إبليس اعترف بأنه يقف خلف كل واحد منكم يوسوس له فإذا به أبلغ من الشيطان لسانا وفصاحة وكذباً.
أنتم حالة شاذة في التاريخ والجغرافيا والدين والزمن، ولن يمر طويلُ وقتٍ حتى يصبح خروجُ أحدكم إلى الشارع أصعب عليه من الموت مع الفئران.
أوصلتــْـكُم إلى الحُكم سذاجة الطيبين الذين لوّحتم لهم بالمصحف فصدّقوكم، ولما حققتم أغراضكم الدنيئة، تلذذتم بدماء المصريين أمام "الاتحادية" وفي السجون وفي الميادين، وحمل كل منكم سيفه وخنجره وقلبــَــه الأسود.
حكمة الله في وصولكم لخروجكم، ومعجزة الخالق في صعودكم لسقوطكم، وفي كشفكم لتعريتكم.
الاخوانجي: فلولي وحكيم، هذا شيء عجيب!
حرامي وفيلسوف، هذه توصيفة مدهشة!
الزمن لا يعود إلى الوراء، والتاريخ يكتبه المنتصر حتى لو كان واقفا فوق جثث المنهزمين.
نحن وصلنا إلى الحُكم لأن الهُبل أكثر من الـــْـهَمِّ على القلب، ولم نستدع أكثر من بعض السُكر والدقيق والزيت وآيات قرآنية كريمة يقرأها مزيــِّـفونا على أسماع الساذجين فيظنون أننا أصحاب مشروع خلافة إسلامية، ويحلم كل منهم بعروس تركية بيضاء إذا لمستها وقفتْ شعيراتُ الجسد، وإذا تنفسْتَ أمامها .. فقد عشقتها.
لم نسرق الثورة لكننا تسلمناها وفوقها قــُــبْلـَـة من المشير، وقنا بأننا شركاء في الثورة فصفق لنا الملايين، وخطفناها فخرج شباب الثورة يتنافسون معنا في الانتخابات.
لن نعود مرة أخرى إلى الضعف والمَسكنة، فمرشدنا سيأمرنا بذبح الخراف رغم أنكم تطلقون علينا هذا الإسم.
نحن وأنتم لا نهتم بمصر وشعبها، وأيدينا وأيديكم ملوثة بنفس الدماء، ومرشدنا معبودنا كما مخلوعكم سيدكم.
نحن أيضا فلول اخوانية وأنتم اخوان الشيطان.
نحن وأنتم في مركب واحد إذا غرق لن تفرق أسماك القرش بيننا، وكراهيتكم للمصريين لا تقل عن بغضنا لهم.
أنتم تستخدمون الأرض للتحايل على السماء، ونحن نستعمل السماء لخداع أهل الأرض.
نحن وأنتم سبب خراب مصر، فلا تعايرني ولا أذمك، فالمقصلة التي سيستعين بها المصريون ستقطع رقبتي ورقبتك في نفس الوقت.
أنتم أنذال ونحن أنذل. أنتم جبناء ونحن أجبن. أنتم ولاد كلب ونحن ولاد ستين ألف كلب.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 12 يونيو 2013
حوارات أخرى للكاتب

حوار بين جاهل و .. مثقف!
حوار بين وافد و .. كفيل
حوار بين عزرائيل و .. الرئيس حسني مبارك
حوار بين زعيمين عربيين في غرفة مغلقة
حوار بين الشيطان و .. ضيوف الرحمن
حوار بين حُرٍّ سجين و .. سجينٍ حر
حوار بين حمار و .. زعيم عربي
حوار بين مواطن مصري و .. ضابط شرطة!
حوار بين مستشار مصري و .. ابنه!
حوار بين منقبتين في أحد الأسواق الشعبية!
حوار بين كلب الشارع و .. كلب السلطة!
حوار بين الرئيس حسني مبارك و .. الرئيس جمال مبارك!
حوار بين جواز سفر عربي و .. جواز سفر أوروبي!
حوار بين سلفي و .. قبطي!
حوار بين السيدة سوزان والشيخة موزة!
حوار بين الرئيس جمال مبارك و .. الرئيس بشار الأسد
حوار بين حمار و .. رئيس لجنة الانتخابات!
حوار بين مبعوث الحكومة و .. صدام حسين في قبره!
حوار بين رئيس يحتضر و .. رئيس يرث!
حوار بين علماني و .. سلفي!
حوار بين زنزانتين في سجن عربي!
حوار بين إبليس و .. الرئيس حسني مبارك!
حوار بين مواطن خليجي و .. إعلامي عربي!
حوار بين قملتين في شعر رأس صدام حسين!
حوار بين المشير و .. المخلوع!
حوار بين المشير و ..السفيرة الأمريكية!
حوار بين الرئيس مرسي و .. مواطن مصري
حوار بين الرئيس القادم و .. مواطن مصري

اجمالي القراءات 8691