بين الحين والآخر، يخرج علينا رؤوس الفتنة من المتنطعين والمتطاولين على السنة، من أجل الطعن فى الكتب الصحاح، من أجل تضليل الرأى العام والبعد عن صحيح الحديث، والطعن فى أصحاب النبى ورموز علم الحديث، من أصحاب الأقلام المُضللة المعتمدة فى استقاء معلوماتها على كتب المستشرقين والعلمانيين، وأرادوا من خلال ذلك اغتيال علماء أمتنا وقممها الشامخة.
كانت آخر هذه المحاولات ما قام به المستشار أحمد ماهر، المحامى بالنقض، من مطالبة مجمع البحوث الإسلامية بإعادة النظر فى صحيح البخارى، مؤكدا أن صحيح البخارى يحتوى، على حد قوله، على أحاديث غير صحيحة تطعن فى كتاب الله، مطالباً الأزهر وبالأخص مجمع البحوث الإسلامية بتنقية كتب التراث للتناغم مع صحيح الشريعة، وما ورد بكتاب الله، مؤكداً أن كل ما ورد بكتب الصحاح لا يتناغم مع كتاب الله!
بل وجدنا بعض الناكرين للسنة كالدكتور أحمد صبحى ومن على شاكلته، استغلوا الفرصة وصعدوا حملتهم ضد رموز الحديث، وسار على نهجهم أحمد راسم النفيس، والذى قال فى تصريح مستفز: "إن التسليم بدقة الصحيحين "بخارى" و"مسلم" أسطورة ينبغى إعادة النظر فيها، فالكتابان يحتويان على أحاديث ضعيفة".
وتناسى هؤلاء المفرطون أن "كتاب صحيح البخارى هو أصح كتاب بعد كتاب الله، ومن يقول غير ذلك فهو لم يفهم معنى الحديث الذى تلقته الأمة سلفاً وخلفاً بالقبول"، كما أن كتاب صحيح البخارى له عدة شروح ولا يوجد به حديث واحد ضعيف، وآخر كتاب لشرح البخارى كان كتاب "فتح البارى" الذى وضح معانى الأحاديث بشكل صحيح، وبعيداً عن محاولة البعض لتفسيرات خاطئة ومفاهيم مغلوطة.
والخطير فى الأمر أن هؤلاء الكتُُّاب يدعون أنهم باحثون إسلاميون، ويلبسون ثوب الدفاع عن الإسلام، رافعين سيوفهم فى وجه من يخالفهم، مكيلين لهم عشرات التهم الملىء بها قاموس الإرهاب، مثل "الغلاة والمتشددين والإرهاب الفكرى ومصادرة الإبداع... وغيرها"، وبذلك نجح أعداء الأمة فى إيجاد صف جديد يحمل أتباعه رايات التغريب من بنى جلدتنا، دون الحاجة لهجمة جديدة للمستشرقين.