أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي الثلاثاء في باريس أنه لا بد من "دولة ديمقراطية واحدة" إسرائيلية فلسطينية معتبرا أنه "لا يجوز فصل" الإسرائيليين عن الفلسطينيين. وأضاف القذافي في تصريحات أدلى بها بالعربية وترجهما مترجم خلال استقباله في الجمعية الوطنية "لا بد من دولة ديمقراطية واحدة، ان الذين يدعون الى اقامة دولتين يريدون الهروب من مسؤولية تلك القضية". وتابع امام نحو ثلاثين برلمانيا فرنسيا انه "يستحيل اقامة دولتين في المنطقة" مؤكدا ان "الفلسطينيين والاسرائيليين مندمجين على الارض" وانهم "مختلطين" و"لا يجوز تفريقهم".
كما انتقد الثلاثاء في باريس "تدويل النزاع في دارفور" معتبرا ان "هذه الازمة ستنتهي من تلقاء نفسها" اذا تركت الاسرة الدولية السكان "يتدبرون امورهم بانفسهم". وقال القذافي خلال زيارته للجمعية الوطنية "ان نوايا حسنة وراء اهتمام العالم بقضية دارفور لكنه مخالف لما ارادوا اصلا". واضاف "اذا تركنا سكان دارفور يتدبرون امورهم بانفسهم فان ازمة دارفور ستنتهي وحدها". ومطلع كانون الثاني/يناير يتوقع ان تنتشر قوة مشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي قوامها 26 الف عنصر في دارفور لتحل مكان القوة الافريقية وعديدها سبعة الاف عنصر لكن الامم المتحدة تتهم السودان بعرقلة هذا الانتشار.
في المقابل ستنتشر قوة الاتحاد الاوروبي (يوفور) وقوامها 3500 عنصر وتضم اساسا عسكريين فرنسيين كما هو مقرر في شرق تشاد المتاخم لدارفور. واسفر النزاع في دارفور وتداعياته الى سقوط حوالى 200 الف قتيل خلال خمس سنوات بحسب منظمات دولية ونزوح 2،2 مليونا. وتحتج الخرطوم على هذه الحصيلة وتشير الى سقوط تسعة الاف قتيل.
واعلن انه لم يبحث موضوع حقوق الانسان مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في مقابلة اجرتها معه شبكة فرانس 2 الفرنسية وبثت مقطعا منها ظهرا. وردا على سؤال للمقدم دافيد بوجادا حول اشارة ساركوزي الى انه طلب من الزعيم الليبي "احراز تقدم في مجال حقوق الانسان" اجاب "اولا لم اتطرق والرئيس ساركوزي الى هذه المواضيع". واضاف "نحن اصدقاء ومقربون ونتعاون". وستبث القناة العامة المقابلة في نشرتها المسائية.
وكان ساركوزي المح الاثنين الى انه تطرق الى مسألة حقوق الانسان خلال اجتماعه الاول مع الزعيم الليبي. وقال ساركوزي خلال مؤتمر صحافي في قصر الاليزيه انه طلب منه "احراز تقدم في مجال حقوق الانسان".
ورغم الانتقادات اللاذعة لزيارة القذافي لقي الزعيم الليبي استقبالا رسميا حافلا قبل ظهر الثلاثاء في المقر الرسمي لرئيس الجمعية الوطنية شارك فيه الحرس الجمهوري. الا ان القذافي لم يتمكن من تحقيق امنيته بالقاء كلمة من على منبر الجمعية الوطنية امام اعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وهو شرف لم يحظ به حتى الان سوى قلة من الزعماء الاجانب مثل الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. والتقى القذافي رئيس الجمعية الوطنية برنار اكواييه لمدة عشرين دقيقة قبل ان يلتقي عددا من المسؤولين البرلمانيين في الاتحاد من اجل حركة شعبية.
ومطلع كانون الثاني/يناير يتوقع ان تنتشر قوة مشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي قوامها 26 الف عنصر في دارفور لتحل مكان القوة الافريقية وعديدها سبعة الاف عنصر لكن الامم المتحدة تتهم السودان بعرقلة هذا الانتشار.
وقاطع نواب المعارضة اليسارية زيارة القذافي الى مقر الجمعية الوطنية وقام بالمثل عدد من نواب الاكثرية اليمينية. وتساءل زعيم الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند "عما يمكن ان يفعله" العقيد القذافي في الجمعية الوطنية التي تعتبر "مقر الجمهورية والمكان الذي صدر منه اعلان حقوق الانسان". وانتقد النائب الاشتراكي بيار موسكوفيسي مجيء "ديكتاتور الى هيكل الديموقراطية". وطلب القذافي ابعاد الصحافيين خلال زيارته الى الجمعية الوطنية ولم يقبل سوى بوجود كاميرا واحدة قام عناصر الامن التابعون له بالتحقق منها قبل نقلها الى المكان لتصوير الزيارة.
وكان اكواييه اعلن صباح الثلاثاء انه سيتطرق مع ضيفه الى "المسألة الاساسية المتمثلة بانتقال ليبيا الى الديموقراطية". وفي ختام عشاء رسمي اقيم في قصر الاليزيه على شرف الزعيم الليبي تم التوقيع مساء الاثنين على سلسلة من العقود شملت بشكل خاص تزويد ليبيا بمفاعل نووي واحد على الاقل لتحلية مياه البحر، وبلغت قيمة هذه العقود مليارات اليوروهات. كما اكدت ليبيا طلب شراء 21 طائرة ايرباص.
وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية ان ليبيا تنوي ايضا شراء 14 طائرة "رافال" التي لم تنجح مجموعة داسو المنتجة لها في بيعها في الخارج من قبل، الى جانب 35 مروحية ومعدات عسكرية اخرى تبلغ قيمتها مجتمعة 5،4 مليارات يورو. واكدت الرئاسة الفرنسية بدون تقديم تفاصيل ان القيمة الاجمالية للعقود تبلع عشرة مليارات يورو. الا ان هذه العقود لم تبدد التساؤلات حول صوابية زيارة الزعيم الليبي الذي بقي لسنوات طويلة معزولا من قبل المجتمع الدولي .
ويلتقي القذافي بعد ظهر الثلاثاء شخصيات ثقافية قبل ان يلقي كلمة في مقر منظمة التربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) امام اعضاء في الجالية الافريقية في فرنسا. ويلتقي القذافي الرئيس الفرنسي مرة ثانية الاربعاء. ولم يغير القذافي عاداته واحضر معه خيمته التي ضربها امام اوتيل ماريني المقر الرسمي لزعماء الدول الاجانب خلال زيارتهم الى باريس. ويعود القذافي الى طرابلس السبت.