1 ـ .. وحلّ العام العتيد ، وأهل مصر فى ضنك شديد. فالخبز فى حُكم المفقود ، والغموس هو فقط هو الموجود ، فقط للفتى الموعود . وصار الفول والطعمية من المحرمات الطبيعية . وأصبح الجاز والبنزين محرما على الأقباط والمسلمين . وشحّت الكهرباء ، فعاش الناس فى ظلام وعماء . وبسبب ارهاب البوليس ، من الاربعاء الى الخميس . إمتنع الناس من الجهر بالشكوى، وأخذوا فى الهمس والنجوى. ومن لديه الجنيهات مكدّسة ، أضحت مجرد أوراق مفلسة . لا تكفى لوجبة طعام ، أو لشراء السجائر والدخّان . حتى اللصوص والحرامية، لم يجدوا ما يسرقونه بالكلية ، فقدّموا استقالة جماعية ، وانتظموا فى طوابير التسول اليومية ، وأمام مصلحة الشئون الاجتماعية . وانتشرت أكثر وأكثر اللحى والذقون ، لتوفير اجرة الحلاقة وثمن الصابون. ووصل الناس الى حتمية الاختيار، بين الموت جوعا أو الانتحار . فخزينة الدولة خاوية ، وخزائن الحبوب خالية . والمجاعة على الأبواب ، تهدد أهل مصر بالدمار والخراب . هذا بينما ينهمك رئيس الجماعة ، فى مفاوضات ساعة بساعة . مع الرئيس السابق ، السارق . الذى نهب البلايين ، وهرّبها ذات الشمال وذات اليمين ، فى كل بلاد العالمين . والاشاعات تقول إن الجماعة ، تستخدم المجاعة. لالهاء الشعب المسكين ، عن تلك البلايين . ليلهفها الرئيس والجماعة ، بكل خسّة ونطاعة . أما قادة العسكر فهم عن الشعب لاهون ، وبهمومه لا يعبأون . فامتيازاتهم محفوظة ، وشخصياتهم محظوظة . وقد أعلنوا انهم ينتظرون ساعة الصفر ، عند طلوع الفجر . بلا تحديد وبلا تعيين ، خداعا للشعب المسكين .
2 ـ ولكن روح الشعب المصرى لا تستكين ، مهما بلغ استبداد الطّغاة الظالمين . فهو شعب حويط ، وغويط ، وعميق كالمحيط . وهو شعب عجوز ، والاستسلام التام عنده لا يجوز . وكم شهد من حقارات الملوك والسلاطين ، الذين ماتوا قتلا وسجنا فى الزنازين . فالشعب دوما فى النهاية يثور ، ويجعل الظالمين أسرى القبور .
3 ـ لذا ففى عتمة اليأس ، اجتمع أولو الشجاعة والبأس. علماء وخبراء وشخصيات ، من مختلف التيارات ، والتخصصات والطبقات . وتكونت منهم قيادة حكيمة ، وضعت خطة عظيمة . وفى ساعة الحسم إقتحموا السجن . وسيطروا على قيادته ، وحراسته . ثم دخلوا على الرئيس السابق ، السارق . وفى قبضتهم أسرته ، ومعهم العجوز زوجته . فصرخوا جميعا فى نفس الوقت والأوان ، من حسنى الى سوزان . وتم حجب الأخبار ، عما يجرى داخل الأسوار . فلم يعرف أحد فى مصر ، من العشاء حتى مطلع الفجر . بما يحدث للرئيس السابق الحرامى ، وشلته من الأحذية والصرامى . هذا بينما كان الرئيس الحالى يتشاور مع عشيرته ، وأرباب جماعته . كانوا يتهامسون ، ومع بعضهم يدبرون ، فى كيفية توزيع أموال الرئيس السابق ، السارق . ثم اتفقوا على طلب المزيد من البلايين ، مقابل بعض الامتيازات له والتكريم .
4 ـ أما الثوار ، الأحرار ، فقد نقلوا الرئيس السابق ، السارق . من مستشفى السجن ، الى قاعة كبيرة للحبس . هى زنزانة كبيرة عادية ، ولكن مجهزة بكل أدوات التعذيب الاعتيادية. وأدخلوا الرئيس السابق العتيد ، ومعه أسرته مكبلين بالحديد ، وجميعهم فى حالة من الهلع الشديد . يشبه الذعر العظيم ، الذى أذاقه لملايين المصريين ، وقيل لهم بكل عزم وتصميم ، أنهم سيذوقون طعم التعذيب المهين ، الذى أذاقوه لملايين الأبرياء المساكين ، وأن هذا هو العدل المكين . فى كل الشرائع السماوية ، والقوانين الأرضية . واستعرضوا أمامهم آلات التعذيب ، فى سجون "الاصلاح والتهذيب ". وشرحوا لهم ما ينتظرهم من آلام ، وأوجاع ، أمامها أقوى قلب يرتاع .وما ينتظرهم من ذل إهانة ، وتحقير ومهانة . يعرفها المصرى البرىء المسجون ، وقد تصل بهم للموت وحافة الجنون . وفرقعت أمامهم آلات التعذيب الكهربائية ، وأسواط الجلد السلكية ، وأوضاع الاغتصاب الهمجية ، وكلها من الأمور الروتينية، فى السجون المصرية . وقالوا أنه لا بد من تطبيق العدل التام ، ولو أدّى للموت الزؤام ، ولا بد أن يذوقها الرئيس السابق وأسرته ، كما أذاقها لشعبه وأمّته .
5 ـ صرخ الرئيس السابق بكل قوته ،وصرخ معه أعوانه واسرته . وأبدوا الانصياع التام ، لأى إشارة وكلام . وبذلوا كل فروض الطاعة ، لأى أمر تأمرهم به الجماعة . فقيل لهم أنهم الآن ليسوا تحت سيطرة الجماعة المحظورة، الحاقدة الفاشلة الموتورة ، بل هم رهن إشارة الشعب الضحية ، الذى عانى القهر والذل والأسية . وقد آن له أن يسترد منهم كل ما سرقوه ، وجميع ما هرّبوه . ويجب أن يحدث هذا الآن وفى الحال ، وبلا انتظار أو إمهال . وأنهم كقادة الشعب قد أعدوا لكل شىء عدته ، وجهزوا لكل أمر وسيلته . وأن معهم الخبراء ، من الفنيين والعلماء . بدءا من متخصصين فى التعذيب والاغتصاب ، للنساء والشيوخ والشباب . الى خبراء الاقتصاد والاتصالات ، ومن جهابذة القانون والأسهم والسندات ، الى أساتذة البنوك وشتى المعاملات . كلها لاستعادة أموال مصر ، الآن وقبل مطلع الفجر . وكل ما على الحرامية هو الطاعة ، بلا أدنى تردد أو نطاعة . وأن يقوموا الآن بالاتصالات، لتحويل الأرصدة الى البنك المركزى بالذات . وأعطوهم خمس دقائق للتسليم ، وإلا فسيبدأ التعذيب الأليم . وسارع الحرامية بالموافقة التمام ، وبدأت الاتصالات ببصمة الصوت وبالارقام . وأفشوا كل ما كان لديهم من معلومات ، وما خبأوه من أرصدة وعملات ، وقصور وأراض وفيلات ، ومنتجعات ، وشركات ، وأسهم وسندات ، كلها تم استرجاعها فى عدة ساعات . قبل مطلع الفجر ، وبكل سهولة ويسر ، الى ..مصر .
6 ـ وفى اليوم التالى صحا المصريون ، على ما يذيعه التليفزيون . فالرئيس السابق ، السارق . يعترف وبدموع الندم ، بكل ما سببه للمصريين من مهانة وفقر وألم . ويطلب من الشعب الصفح والغفران ، على ما ارتكبه من جرائم وآثام . ثم يفضح الجماعة المفترية على أعمالهم الخسيسة الدنية . وكيف كانوا يساومونه ، ويفاوضونه ، بالترغيب والترهيب كى يأكلوا كل أموال التهريب . أى يسرقون منه تحويشة العُمر وتعب السنين والتى سرقها فى أعوامه الثلاثين ، ليأكلوها فى لمحة عين . وإنه تاب ،وأناب . وفضّل أن يعيد للشعب المصرى المسكين ، ما نهبه من بلايين . ويرجو منهم الصفح والغفران ، والأمن والأمان .
7 ـ بذيوع هذه الأنباء والأخبار ، فى كل شارع وبيت ودار. أسرعت قيادات الجيش الوطنية ، بإعتقال كل أعضاء الجماعة المفترية ، وأقامت لهم محاكم ثورية ، وسياسية ، بلا رحمة ولا حنّيّة . وحاسبتهم على كل الجرائم المعلنة والمخفية ، من نهب وقتل وطغيان وهمجية ، وانتهاكات شرعية ، وقانونية ، ودستورية ، وخصوصا الجرائم السياسية ، بإهانة الرئاسة المصرية ، فى المحافل الدولية ، والاستقبالات الرسمية ، والمؤتمرات العالمية ، وبالتسول من الدول والمنظمات الدولية ، وكيف صيروها مسخرة فى أجهزة الاعلام العالمية ، وجعلوها تابعة لإمارات خليجية ، من أميرة قطر الى نساء الأسرة السعودية . وأقام الثوار فى مصر، حكومة تنبض بنبض العصر ، بلا سلفية ولا وهابية ، ولا ابن القيم وابن تيمية ، بل بمرجعية مواثيق حقوق الانسان الدولية ، وهى الأقرب الى قيم الشريعة الاسلامية ، الحقيقية ، وقامت بتطهير التشريعات المصرية من كل القوانين الاجرامية، التى تنتهك الحقوق الفردية، والكرامة الانسانية.
8 ـ وبهذا تخلصت مصر من الأشرار ، وعادت لأبنائها الأحرار ، واستعادت مكانتها الرائدة ، وسُمعتها الخالدة ، وتعانق حاضرها الجديد مع مجدها التليد . وصار حُكم العسكر والفلول والاخوان ، من مواعظ وعجائب الزمان ، مثل مصباح علاء الدين ، وعلى بابا والحرامية الأربعين . وتقرر اعتبار هذا اليوم يوم 36 شهر 15 عام 2020 عيدا قوميا لكل المصريين .
9 ـ وصارت الأجيال اللاحقة من المصريين ، فى تعجب وغضب وحنق وأنين . وهم يتساءلون ، ويتعجبون ، فى جنون . كيف صبر أجدادهم على هذا العذاب المهين ، وكيف سمحوا للإخوان المجرمين ، الكاذبين، المفترين ، السنييين ، الوهابيين ، بقهر المصريين ، من أقباط ومسلمين .!.
10 ـ وهذا من عجائب الأمور، فى كل الدهور ، والعصور ، كما قال الشيخ أحمد صبحى بن منصور ، فى تاريخه المذكور .!.