كتاب الحج ب 4 ف 11 : ( عُمر) العميل الأكبر لأبى سفيان

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٢٣ - أبريل - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب الحج بين الاسلام والمسلمين

الباب الرابع : إنتهاك المسلمين للبيت الحرام والشهر الحرام

الفصل الحادى عشر :  ( عُمر)  العميل الأكبر لأبى سفيان  

مقدمة : أيهما الأعزّ والأقدس الاسلام أم عمر ؟ القرآن أم الروايات السّنية التى تقدس عمر كذبا وإفتراءا . لا زلنا نتلقى السباب واللعنات بسبب مقالنا المنشور فى التسعينيات عن ( المسكوت عنه من تاريخ عمر فى التراث السّنى ) . كان التركيز على (عمر ) فى خلافته . وهنا نكشف المسكوت عنه فى عمر قبل خلافته أساسا . ونثبت فى ضوء القرآن الكريم ومن التراث السّنى نفسه أن عمر كان أكبر عميل لأبى سفيان .

أولا : نبدأ بتقرر الحقائق القرآنية الآتية  :

1 ـ  وجود منافقين مردوا على النفاق ، عاشوا عليه وكتموا أمرهم عن النبى فظل مخدوعا بهم حتى مات ، وهم لم يرتكبوا فى حياتهم حول النبى ما يشى أو يشير الى نفاقهم ، وبالتالى لم يكن هناك داع لأن يفضحهم رب العزة ، فلم يرتكبوا ما يستوجب فضحهم . ولكن لأن الله جل وعلا يعمل سريرتهم ويعلم غيب ما سيفعلونه فى المستقبل بعد وفاة النبى عليه السلام فقد أكّد رب العزة أنه سيعذبهم فى المستقبل مرتين فى الدنيا ، ثم بعدها فى اليوم الآخر : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) ) ( التوبة ).

2 ـ تناقض الفتوحات مع تشريعات الاسلام .ويترتب على ما سبق أن صحابة الفتوحات قد إرتدوا عن الاسلام طالما أن ما فعلوه باسم الاسلام يناقض الاسلام . هذا بالرغم المكتوب عنهم فى التراث السّنى .!

3 ـ إن من هؤلاء الصحابة من وصفهمرب العزة بأنهم (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ ). وإن كان النبى لم يعرفهم فى حياته فقد فضحتهم سيرتهم بعد مماته عليه السلام . وبتطبيق ما سبق على سيرة عمر بن الخطاب فى التراث السّنى نراه ضمن الذين  ( مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ ) . وأنه كان من عملاء أبى سفيان ، والدليل أنه كان فى حياة النبى أكبر عدو لأبى سفيان ، ثم أنقلب بعد موته أكبر حليف لأبى سفيان ، ولأنه فى بداية أمره كان أبرز أعداء النبى بل كان على وشك أن يقتل النبى ، ثم فجأة ـ أسلم .. هذا الاسلام المفاجىء تكرر فى سيرة خالد وعمرو . وهو دليل على أنّ أبا سفيان استعمل هؤلاء وغيرهم فى مكر تزول منه الجبال ، نتج عنه تغيير هائل فى تاريخ العالم ، لا تزال آثاره باقية حتى الآن ، وتؤثر فى تاريخ العالم واستراتيجياته حتى الان . ونعنى به الدين السنى وتجلياته الوهابية الارهابية المعاصرة .

4 ـ الروايات عن الصحابة خصوصا الخلفاء مُتخمة بالأكاذيب والمّبالغات ، وبعضها لا يخلو من الصدق ، وبعضها يتداخل فيه الصدق مع الكذب . وتمييز هذا من ذاك يحتاج الى باحث متخصص ليس فقط فى البحث التاريخى فى هذا العصر ولكن أيضا فى تاريخ علم التاريخ ومناهج المؤرخين القدماء ومدارسهم  وتنوع المادة التاريخية ، مع خبرة فى التدبر القرآنى .

5 ـ ونعطى لمحة تخص تاريخ أبى بكر وعمر . فقد كانت هناك لمحات من العدل فى عصرهما ، ولكن عندما تحكّم الأمويون لم تأخذهم فى الباطل لومة لائم ، فصادروا العدل وحرية القول ، وطاردوا من يعترض عليهم بمجرد القول ، وقضوا على حركات المعارضة ، وفى نفس الوقت أنشأوا وظيفة القصص أو ( القصّاصون ) الذين يجلسون فى المساجد يحكون الروايات ليجتذبوا قلوب الناس ، ثم ينشرون أكاذيبهم فى مدح معاوية وبنى أمية ولعن أبى تراب ( على بن أبى طالب ) . وبعد هزيمة القرّاء أو الفقهاء على يد الحجاج فى موقعة دير الجماجم أسرف الحجاج فى قتل من يشتبه فى ولائه ، وكان يقتل بمجرد الظن ، وخصوصا أن الذى عيّنه وهو عبد الملك بن مروان قد هدّد علنا فى المدينة عام 75 بقتل من يقول له: إتّق الله .! وأصبحت مطاردة أصحاب الرأى الحر سياسة أموية دينية إذ تعززت بالجبرية ، التى تجعل ظلم الخليفة قدرا الاهيا محتوما وأن الاعتراض عليه هو اعتراض على قضاء الله وقدره . ورفض هذه المقولة مفكرون أحرار مثل غيلان الدمشقى ، وأطلق عليهم لقب القدرية لأنه قالوا (لا قدر ، وإنما الأمر أنف) أى إن الظلم ليس بقدر الله ولكنه بالقمع والقهر وإرغام الأنوف . وحارب الأمويون ثم العباسيون ( القدرية ) لمقاومتها الظلم ، وسبكوا أحاديث فى لعنهم والتحذير منهم . والتفاصيل فى بحثنا المنشور هنا عن حرية الرأى بين الاسلام والمسلمين .

ولنا سلسلة بحثية لم تكتمل عن ( وعظ السلاطين ) تبين لنا منها أن بعض الوعّاظ بسبب الرهبة من السلطان قاموا ومن خلال القصص بتأليف روايات عن عدل من جعلوهم ( الخلفاء الراشدين ) تمييزا لهم عن الخلفاء ( الظالمين ). أى كان القصص من جانب المعارضة المغلوبة على امرها نوعا من الحرب الفكرية بين الطرفين ، ففقهاء السلطان يسبكون روايات وأحاديث ترفع من شأن الحاكم ، والمعارضة تؤلف القصص عن عدل عمر بن الخطاب وعمر ابن عبد العزيز لتهاجم بطريق غير مباشر ظلم الخلفاء الأمويين والعباسيين .وما لبث أن تمّ تدوين روايات القصاص فى العصر العباسى الأول فى شكل أحاديث نبوية وروايات تاريخية . ولكن لم يتوقف القّصّاص فى عصر التدوين عن أختراعاتهم، ولم يتوقف المؤرخون اللاحقون فى النقل عنهم ، بل كان من الوعّاظ القصّاص من كان مؤرخا مشهورا كابن الجوزى، فكتاباته تعكس هذا التنوع بين التاريخ والقصص وكتب المناقب والوعظ والفقه والحديث . ولهذا نجد تضخما مطردا فى العصر العباسى الثانى فى تلوين شخصية عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز صنعته روايات القصّاصين . وفارق هائل بين المناقب القليلة التى كتبها ابن سعد  فى العصر العباسى الأول عن عمربن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وبين المكتوب عنهما فى عصور لاحقة . هذا يستلزم البحث التاريخى . وهذا ما نفعله الآن فى تجلية تاريخ عمر .

 ثانيا  : ابو جهل هو خال عمر بن الخطاب

1 ـ أم عمر بن الخطاب  هى حنتمة بنت هشام ، أخت أبى جهل ‏واسمه ( عمرو بن هشام ).‏ وحاول بعضهم التقليل من خطورة هذا الوضع فزعم أنها حنتمة بنت هاشم ، أى جعلها  بنت عم أبى جهل . ولا يعنينا أن تكون حنتمة أخت أبى جهل أو إبنة عمّه ، ولا يعنينا حتى أن يكون عمر إبنا لأبى جهل نفسه، فالنبى نفسه كان ابن أخ أبى لهب. الذى يعنينا  هل كان عمر عدوا أم صديقا لأبى جهل ؟ وهل كان عمر فى بدايته عدوا أم مُناصرا للنبى عليه السلام ؟

2 ـ وعمر ينتمى الى (بنى عدى) وهم ليسوا فى مكانة بنى هاشم أو بنى أمية أو بنى مخزوم هم فى نفس المستوى المتواضع لبنى تيم ، قبيلة أبى بكر ، لذا كان عمر فخورا بأخواله من بنى مخزوم ، وقد تزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام المخزومية، وأنجب منها ابنته فاطمة. وكان عمر قرينا لخاله أبى جهل فى التطرف فى عداء النبى والاسلام وفى إيذاء المسلمين . لذا تقول الروايات أن النبى كان إذا رأى عمر وأبا جهل كان يدعو الله أن يهدى أحبهما اليه الى الاسلام :( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلامبأحب الرجلين إليك بعمر ابن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام . قال فكان أحبهما إليه عمر بنالخطاب )، ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عمر بنالخطاب أو أبا جهل بن هشام قال اللهم اشدد دينك بأحبهما إليك . فشدد دينه بعمر بنالخطاب ) (.. اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلينإليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام ). وعلى زعمهم فقد كان عمر هو الأحب الى الله فدخل فى الاسلام . المستفاد من هذه الروايات أن عمر كان قرينا لخاله أبى جهل فى التطرّف فى عداء الاسلام . ثم دخل ـ فجأة ـ فى الاسلام .....يا سلام .!!

ثالثا :إسلام عمر المفاجىء

1 ـ شخصية عمر الحازمة الجادة لا يتفق معها أن تكون هوائية عاطفية متقلبة تتحول فجأة من الشىء الى نقيضه . بل المناسب لها ان تكون خُطاها مرسومة ومضبوطة ومنضبطة . وهكذا فإنّ عمر ، لم يتغير موقفه الحقيقى . كان على وشك أن يضحّى بنفسه ويقتل النبى محمدا ، فالتقطه الداهية أبو سفيان ، وحوّل مسار التضحية بأن يدخل فى دين محمد بمظاهرة (إعلامية ) ليكون من أقرب أصحاب محمد اليه ، وليكون فى نفس الوقت عينا عليه.

 2. ـ والروايات عن اسلام عمر تؤكد نفس القصة . يروى ابن سعد فى الطبقات الكبرى تحت عنوان : (إسلام عمر رحمه الله ): (  قال أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال أخبرنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك.. ) . لو سمحتم : نتوقف مع السّند هنا . فالراوى ليس عمر ، وليس واحدا من الصحابة من قريش ، بل هو ( أنس بن مالك ) الأنصارى ، وهو من أواخر من مات من الصحابة . وحين اسلم عمر فى مكة كان أنس طفلا فى المدينة لا يعلم شيئا عن النبى والاسلام ، فكيف يروى هذه الحكاية وهم لم يشهدها أصلا ؟   . لكن لا مانع من تصديقها ، فربما سمعها من بعض الصحابة المهاجرين . ونتابع ما يقول أنس : (  قال خرج عمر متقلدا السيف ، فلقيه رجل من بني زهرة ،قال : أين تعمد يا عمر ؟ فقال : أريد أنأقتل محمدا .قال : وكيف تأمن في بني هاشم وبني زهرة وقد قتلت محمدا ؟ قال فقال عمر : ماأراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه ؟ قال : أفلا أدلك على العجب يا عمر ؟ إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه . ) . أى خرج عمر مصمما على قتل النبى ، وفى الطريق علم ( فجأة ) بأن أخته وزوجها قد أسلما ..يا للهول .!!. عندها تغيّر المسار ، وتوجّه عمر بسيفه الى بيت أخته . وجرى مشهد سينمائى يفوق أفلام حسن الإمام : ( قال : فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما ، وعندهما رجلمن المهاجرين يقال له خباب ) قال يعنى أن الراوى لا يعرف الصحابى خباب بن الأرت .!! . بل يصفه بأنه من المهاجرين ، وكان خباي وقتها فى مكة ولم يهاجر هو أو غيره... بعد ..!!( قال فلما سمع خباب حسّ عمر توارى في البيت ، فدخل عليهما فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم ؟ قال كانوا يقرؤون طه.  فقالا : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال : فلعلكما قد صبوتما ؟ قال فقال له ختنه : أرأيت يا عمر إن كان الحق فيغير دينك ؟ قال فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا ، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها ، فنفحهابيده نفحة فدمى وجهها .!! فقالت وهي غضبى : يا عمر إن كان الحق في غير دينك اشهد أن لاإله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله . فلما يئس عمر قال : أعطوني هذا الكتاب الذيعندكم فأقرأه . قال وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته : إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون،فقم فاغتسل أو توضأ . قال فقام عمر فتوضأ . ). ملاحظة : فرض الوضوء نزل فى المدينة ( النساء 43 المائدة 6 )وليس فى مكة . وقراءة القرآن لا تستوجب الطهارة ، وقوله جل وعلا :( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79)الواقعة ) يعنى أن القرآن لا يمسّ ولا تصل أنواره إلّا للنفوس والقلوب المطهرة من الشرك ، أما القلوب التى عليها غُلف وحجاب فلا يمسها القرآن . نعود الى الرواية  :( ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى قولهإنني أنا الله لاإله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ، قال فقال عمر : دلوني على محمد) هنا ظهر خباب المختفى خلف الباب : (  فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسولالله صلى الله عليه وسلم لك ليلة الخميس اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام . ). وتنتقل الكاميرا للشارع وعمر يسير فيه حاملا سيفه (فانطلق عمرحتى أتى الدار)، وتنتقل الكاميرا الى داخل الدار ونرى حمزة مع النبى وبعض الصحابة: ( قال وعلى باب الدار حمزة وطلحة وأناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر قال حمزة : نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمرخيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا . ..  قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال : أما أنت منتهيا يا عمر حتى ينزل الله بك من لخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة !. اللهم هذا عمر بن الخطاب. اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب قال فقال عمر: أشهد أنك رسول الله .فأسلم.!!) . والرواية فى مُجملها صادقة ، ولكن بسبب تداولها عبر السنين لحقها تحريف وتخريف فى بعض تفصيلاتها ، وتؤكد أنّ دخول عمر الاسلام كان بمظاهرة علنية تجعل المسلمين المستضعفين يفرحون باسلامه ، وحتى لا يتشكّك أحد فى هذا التحوّل المفاجىء والخطير .

3 ـ هو بلا شك ( فيلم مبهر ) نرى الأبطال فيه ، ولا نرى المخرج . المخرج هو أبو سفيان . كان هناك توزيع للأدوار . أبو جهل هو للعداء السافر الفظّ الغليظ ، وكان معه ابن أخته عمر ابن الخطاب الذى لا يقل عن خاله فظاظة وغلظة . فى الجانب الاخر كان أبو سفيان للمكر والدهاء . وقد رأى تهورا من عمر يجعله على وشك أن يقتل النبى ، ولو حدث فسيضطر بنو عبد مناف ( أى بنوهاشم وبنو امية وعبد شمس ) للثأر من عمر وبنى عدى ، ويكون موقف بنى مخزوم أخوال عمر شائكا ، وتنقسم قريش بسبب تهور عمر . لذا كان التخطيط الأسلم هو أن يدخل عمر الاسلام ليكون عينا لهم على النبى والمسلمين .

رابعا : فرح المسلمين باسلام عمر

1 ـ ولأنّ عمر مشهور بعدائه الشديد للاسلام والمسلمين فلا بد من مسرحية مبهرة تجعل المسلمين يبتلعون هذه المكيدة . وهذا ما حدث. وبدلا من الريب والشكوك حلّ الفرح والسرور . وسمحت قريش للمستضعفين بالتعبير عن فرحهم باسلام عمر والتشفى فى قريش .!!

2 ـ تقول الروايات فى الطبقات الكبرى لابن سعد ( سمعت عبد الله بن مسعود يقول : ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر) ( قال محمد بن عبيد في حديثه:  لقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي بالبيت حتى أسلم عمر.فلما أسلم عمر قاتلهم حتىتركونا نصلي)أى إن عمر قاتل المشركين وهزمهم ( فى معركة وهمية تمثيلية طبعا ) حتى سمحوا للمسلمين بالصلاة فى البيت الحرام .. عظيم هذا المكر السفيانى .!!.  

3 ـ وانتهزها أبو سفيان فرصة فأدخل عملاء جددا له زعموا الاسلام وزرعهم بين المسلمين فى هذه الهوجة . تقول الرواية : ( ..فما هو إلاأن أسلم عمر فظهر الإسلام بمكة).أى ظهر الاسلام بمكة بعد إسلام عمر. وهذا هو الذى سمح به أبوسفيان ورضى به أبو جهل ..

4 ـ بل رضيت قريش بأكثر من ذلك ، تقول الرواية : (.. عن صهيب بن سنان قال لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودُعي إليه علانية . وجلسنا حول البيت حلقا ، وطفنا بالبيت . وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به ). !! هل كل هذا بسبب عمر؟ أم إنّ إسلام عمر هو فى الأصل مكيدة قرشية ، آثرت معها قريش أن تُحنى رأسها لتنجح المكيدة ؟ .

4 ـ وانتهزالقصّاصون الفرصة فإخترعوا هوجة أخرى فى السماء، فزعموا أن أهل السماء حين وصلتهم الأنباء(عن طريق السى إن إن) باسلام عمر (انبسطوا وزقططوا ). تقول الرواية: ( أخبرنا محمد بن عمر قال حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصينقال وحدثني معمر عن الزهري قالا : أسلم عمر بن الخطاب بعد أن دخل رسول الله صلى اللهعليه وسلم دار الأرقم ،وبعد أربعين أو نيف وأربعين بين رجال ونساء قد أسلموا قبله. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بالأمس اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلينإليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام . فلما أسلم عمر نزل جبريل فقال يا محمد لقداستبشر أهل السماء بإسلام عمر ). آه يا بقر.!!

5 ـ وكما أسلم فى ( زفة ) و ( موكب )  و (بالطبل البلدى )، فقد هاجر علنا ومتحديا لقريش ، فالرواية المشهورة تقول إنه  عندما خرج من مكة مهاجرا ، طاف بالبيت ، ثم اتجه لزعماء قريش ، فأعلن لهم عزمه على الهجرة ، وهددهم بأن من يريد أن تثكله أمه وأن يتيتم ولده فليلقه خلف الوادى.! وطبعا ارتعب زعماء قريش ، وربما حدث لبعضهم تبول لا إرادى.!

6 ـ وهناك رواية اخرى تضيف أن عمر قد صحبه فى رحلة الهجرة إثنان سرا، ربما ليحتميا به ، ولحقا به فى الطريق، وهما عياش بن أبى ربيعة وهشام بن العاص بن وائل ، ووصلوا الى قباء ونزلوا فيها ..(.. حتى أتينا قباء فنزلنا على رفاعة بن عبد المنذر ، فقدم على عياش بن أبي ربيعة أخواه لأمه أبو جهل والحارث ابنا هشام بن المغيرة . وأمهم أسماءابنة مخربة من بني تميم . والنبي صلى الله عليه وسلم بعد بمكة لم يخرج ، فأسرعا السيرفنزلا معنا بقباء . فقالا لعياش : إن أمك قد نذرت ألا يظلها ظل ولا يمس رأسها دهن حتىتراك . قال عمر : فقلت لعياش : والله إن يرداك إلا عن دينك فاحذر على دينك .! قال عياش : فإنل لى  بمكة مالا لعلي آخذه فيكون لنا قوة وأبر قسم أمي . فخرج معهما ، فلما كانوا بضجنان نزل عن راحلته ، فنزلا معه ، فأوثقاه رباطا ، حتى دخلا به مكة ، فقالا : كذا يا أهل مكة فافعلوا بسفهائكم . ثم حبسوه ). هنا يهاجر رجلان مع عمر سرا ، أحدهما وهو عياش هو أخ من الأم لأبى جهل والحارث . وأبوجهل وأخوه يتعقبانهم فى هجرتهم السرية ، ثم يخدعان عياش ، ويعودان به الى مكة ، بينما يتركان عمر ، وهو كما نعرف ابن اختهما . فمن أخبر أبا جهل بموعد ومسار الرحلة ؟ ولماذا حرص ابوجهل على استعادة أخيه من الأم (عياش ) وترك ابن أخته عمر ؟ وما هى مصلحة أبى جهل فى ترك عمر يهاجر الى المدينة وعدم ترك أخيه يهاجر ، والمفهوم أن عياش إحتمى بعمر وهاجر سرا معه ؟! فمن الذى وشى بعياش ؟  

7 ـ قبل أن نغادر هذه النقطة ، نقرّر أن عمر وثّق علاقته سريعا بأبى بكر الذى كان صاحبا للنبى ، ومن أوائل من أسلم ، وظلت صداقتهما مستمرة ، وارتبط كل منهما بالآخر . وقد قالوا  أن النبى حين هاجر آخى بين أبى بكر وعمر، وبعدها قام عمر بتزويج النبى من ابنته حفصة،  فأسّس له مكانة قريبة من النبى عليه السلام وبين ( كبار الصحابة ). ولم يكتف بهذا بل حافظ عمر على شخصيته المتطرفة ولكن فى الايمان، وبطريقة كان يزايد فيها أحيانا ليس على أبى بكر فقط بل على النبى نفسه . وهذا مفهوم ممّن يقوم باستزراع نفسه جاسوسا بجوار النبى.     خامسا :علاقة عمر بأبى سفيان فى حياة النبى

1 ـ  كانت شبكة الجواسيس التى كوّنها ابو سفيان تحيط بالنبى وفى تواصل مستمر بأبى سفيان . ولا تسعفنا الروايات التاريخية بما يشفى الغليل الذى يفسّر هذا الانقلاب الذى حدث فجأة بموت النبى عليه السلام وأصبح  به أبو سفيان يقود المسلمين من خلف ستار ، ثم أسس ابنه أول ملكية وراثية فى تاريخ المسلمين ، وأكبر امبراطورية عربية فى التاريخ . نحن نرى النتيجة ساطعة مذهلة ، ولكن لا نرى من المقدمات سوى النُّذر اليسير .

2 ـ  وبرغم ما فيها من خلط ـ فإنّ فى السيرة المكتوبة ما يتفق مع القرآن الكريم ، ومنه أنه كان هناك جواسيس حول النبى ، يبعثون لأبى سفيان بالأخبار الحربية الهامة ، ومنها مثلا أن أبا سفيان وهو يقود القافلة جاءته أنباء بأن النبى مع أصحابه ينتظرونه عند بدر ، فأسرع بتغيير طريقه . فمن الذى أخبر أبا سفيان مقدما وحدّد له موقع النبى ؟ . كان مع النبى وقتها أبو بكر وعمر وعلى وجماعة من المهاجرين والأنصار. ولا نتصور أن يكون الخائن من الأنصار ، ولا بد أن يكون من المهاجرين . لا نستطيع الجزم بأنه كان عمر ، ولكن نؤمن بأنه كانت هناك خيانة وأن الخائن من بين المهاجرين ، لأن الله جل وعلا قال بعد موقعة بدر يحذّر : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)، وتأتى إشارة الى العامل الاقتصادى والقرابة فى الاية التالية ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28)، ولأن الخطاب موجّه للمهاجرين فإن الله جل وعلا يذكّرهم فى البداية فيقول (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)( الانفال ).

3 ـ وقبيل فتح مكة نقض نفر من قريش العهد مع النبى . وحسبما تذكره السيرة فقد بدأت تحركات فى المدينة سرعان ما عرف بها أبوسفيان فأقبل الى المدينة يستوثق منها بنفسه . وقابل النبى كى يجدّد العهد فرفض النبى وتكلم أبو سفيان مع أبى بكر فرفض أن يساعده ، وتكلم مع عمر ، وحسب ما تقوله السيرة فإنّ عمر أغلظ لأبى سفيان وقال له مستنكرا : أنا أشفع لكم إلى رسول الله فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم .!. أما ( على ) فقد كان ليّنا مع ابى سفيان وخاطبه بأنه ( سيد كنانة ) أى سيد قريش . رجع ابو سفيان فقال لقريش نتائج مباحثاته   :( جئت محمدا فكلمته ، فوالله ما رد علي شيئا . ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد عنده خيرا ، ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى القوم، ثم جئت علي بن أبي طالب فوجدته ألين القوم ..). وأخفى النبى تحركاته الحربية عن قريش وهو متوجّه لفتحها ، ومع ذلك ، فقد وصل الخبر الى أبى سفيان ، فأسرع يتحسّس الأخبار ، والتقى بالجيش فى الطريق ( فمن أعلمه بسير الجيش )، وقابل أبو سفيان صديقه العباس عم النبى، وكان العباس يركب بغلة النبى فأركبه العباس معه ليستأمن له النبى ، يقول ابن عباس راويا عن أبيه العباس : ( فخرجت به أركض بغلة رسول الله نحو رسول الله ، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين ونظروا إليّ قالوا :عم رسول الله على بغلة رسول الله ، حتى مررت بنار عمر بن الخطاب ، فقال لأبى سفيان : الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد . ثم اشتد نحو النبي ، وركضت البغلة وقد أردفت أبا سفيان حتى اقتحمت على باب القبة وسبقت عمر ..فدخل عمر على رسول الله فقال : يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه . فقلت : يا رسول الله إني قد أجرته . ثم جلست إلى رسول الله فأخذت برأسه فقلت : والله لا يناجيه اليوم أحد دوني . فلما أكثر فيه عمر قلت : مهلا يا عمر فوالله ما تصنع هذا إلا لأنه رجل من بني عبد مناف ولو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا . فقال مهلا يا عباس ، فوالله لإسلامك يوم اسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم ، وذلك لأني أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب لو أسلم . فقال رسول الله : اذهب فقد آمناه . ) . هنا نجد عمر يزايد على العباس ، ويطلب من النبى أن يقتل أبا سفيان ، بينما كان العباس حريصا على حياة أبى سفيان وتأمينه . وعمر يعرف أن النبى لا يمكن أن يقتل من يأتيه يطلب الأمان ، فلماذا صمّم عمر على طلب يعلم أنه مرفوض مقدما ؟ ولماذا يزايد عمر على عم النبى  ويتطرّف فى عدائه لأبى سفيان ؟ الأمر واضح ، فلأنه مرد على النفاق يريد أن يؤكّد للنبى إخلاصه. ويكفى قوله ينافق العباس:( فوالله لإسلامك يوم اسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم،وذلك لأني أعلم أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب لو أسلم ).

4 ـ كان هذا فى حياة النبى . ولو ظل عمر على نفس موقفه من أبى سفيان بعد موت النبى وإنقطاع الوحى نزولا لوقف ضد أبى سفيان كما فعل مع سعد بن عبادة وسعد بن أبى وقاص والزبير وأبى هريرة، ولكن موقفه تناقض، فبمجرد موت النبى عليه السلام وتولية أبى بكر فى إجتماع السقيفة  بمساعدة عمر ـ كان عمر على وشك أن يحرق بيت السيدة فاطمة الزهراء ، وفيه زوجها وابناها الطفلان الحسن والحسين ، وبعض  المؤيدين لحق ( علىّ) فى الخلافة . كان هذا بتخطيط أبى سفيان . هنا ظهر  ( عمر ) على حقيقته .

5 ـ انتظرونا..

اجمالي القراءات 15069