خبراء: أقسام الشرطة تحولت إلى (سلخانة).. وإلغاء قانون الطوارئ الحل
احد قوات الأمن يضرب مواطن في الشارع - مصراوي
كتب- سامح عبد الحي - بعيداً عن ما يقال حول خلفيات قتل شاب الإسكندرية، خالد سعيد، الذي أطلقت عليه منظمات حقوق الإنسان " شهيد قانون الطوارئ"، وبغض النظر عن ما يقال من ان له سوابق وان عليه أحكام، فالقضية ليست حول كونه مجرم ام برئ.. القضية فى الأساس، حول التعذيب وطريقة التعامل الوحشية التى يلقها البعض منا داخل وخارج أقسام الشرطة من بعض رجال الأمن.
لا نريد في هذا التقرير ان نعمم ونطلق الأحكام المسبقة على اي طرف... نريد فقط أن ندق ناقوس الخطر ونلفت الأنظار بشدة لخطورة قضية " التعذيب" بدون تهوين او تهويل.. فغياب الثقة والاحترام بين رجل الشرطة والمواطن ينذر بكارثة لن تحتملها مصر في ظل عشرات الملفات الملتهبة بين جميع طوائف الشعب.. محامين وقضاة.. وعمال وأصحاب عمل.. طلبة وأساتذة جامعة.. والقائمة ممتدة من.. "اصغر لأكبر مواطن فيكي يا مصر".
لا يمكن أن نحصر حوادث التعذيب والاستخدام المفرط في القوة من قبل رجال الشرطة على الحصر العصر الحالي فقط،، ويعود سبب انتشار او إحساسنا بان تلك الحوادث متكررة ومنتشرة يعود بدرجة كبيرة، في تطور أدوات الكشف عن تلك الجرائم، بفضل انتشار، الكاميرات الرقمية في اجهزة "الموبايل"، ولعبت الانترنت والشبكات الاجتماعية مثل "فيس بوك" و"اليوتيوب" في انتشارها بدون اي سلطة من أجهزة الدول لوقف هذا الزحف الحقوقي من الانتشار.
بفضل استخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة، تصاعدت قضية الشاب خالد، ووصلت الي مستويات دولية رفيعة، وتفاعل الشباب معها بعد ساعات قليلة من وقوع الجريمة وقاموا بتأسيس حملة على موقع "فيس بوك" لمعاقبة الجناة، وصل المنضمون إلي هذه الحملة خلال يوم واحد 45 ألف شخص.
وصف حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، خالد سعيد محمد قتيل الإسكندرية، ب"شهيد قانون الطوارئ"، مؤكداً أن هذا القانون المشبوه، الذي تم فرضه منذ عام 1981 يعطي الحق لكل فرد امن أن يتصرف كما يشاء مع من يشتبه فيهم.
وهاجم النظام المصري الذي يمنح رجال الشرطة والأمن السلطة الواسعة غير المقيَّدة والصلاحيات الكثيرة دون رقابة أو سؤال حتى تحولت أقسام الشرطة إلي "سلخانة" على حد قوله.
وصف حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، خالد سعيد محمد قتيل الإسكندرية، ب"شهيد قانون الطوارئ"، مؤكداً أن هذا القانون المشبوه، الذي تم فرضه منذ عام 1981 يعطي الحق لكل فرد امن أن يتصرف كما يشاء مع من يشتبه فيهم
ورغم أن قرار تمديد قانون الطوارئ، الذي اقره مجلس الشعب مؤخراً يقصر تطبيق قانون الطوارئ إلا في جرائم الإرهاب والمخدرات، فان أبوسعدة يرى أن القانون حتى بعد تعديله مازال يحتفظ بمواد تهدد الحقوق والحريات لكل المواطنين دون تمييز أو اقتصار الإجراءات على مرتكبي جرائم الإرهاب والمخدرات".
وضرب مثال بالحق الذي يعطيه القانون لرجال الشرطة بإيقاف وتفتيش أي مواطن، والمفترض إلا يتم ذلك إلا في حالات التلبس فقط !!
وطالب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بتعديل بعض مواد قانون العقبات والإجراءات الجنائية، وضرب مثلاً بالمواد 126، 129، 280 من قانون العقوبات. والمواد 63، 232 من قانون الإجراءات الجنائية. ودعا الحكومة المصرية بالتصديق والالتزام بالمادتين 21 و22 من الاتفاقية الدولية لمناهضه التعذيب.
يذكر أن الحكومة المصرية ترفض التصديق منذ فترة علي هاتين المادتين، لكي لا تضع نفسها تحت رحمة لجنة مناهضه التعذيب بالأمم المتحدة، حسب قول دكتور سعدة.
وطالب بأن يكون هناك تحقيق فوري من قبل النيابة العامة في البلاغات المقدمة من الهيئات والأفراد عن الاعتداءات التي يتعرض لها المحتجزون في السجون وأماكن الاحتجاز، فضلاً عن ضرورة التفتيش الدوري من قِبل رجال النيابة العامة على أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز وضبط الأدوات المستخدمة في التعذيب ومحاسبه مستخدميها.
وتعجبت الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، من الحالة التي وصلت إليها العلاقة بين المواطنين ورجال الآمن، المفترض فيهم أن يكونوا درع الأمان والحماية للمواطنين وللوطن. ووصفت التبريرات الرسمية حول جرائم التعذيب بانتا غير مقبولة، وقالت:" هذه تبريرات غير مقبولة حتى لو كانوا مجرمين ومسجلين خطر".
ورغم إقرارها بان حوادث التعذيب داخل أقسام الشرطة تمثل حالات فردية، إلا أنها غير مقبولة على الإطلاق لأنها تأتي من أشخاص مهمتهم حفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وليس إزهاقها".
وطالبت الدكتورة فادية أبو شهبة، بإعطاء دورات تدريبية في مجال حقوق الإنسان لجميع ضباط الشرطة لتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم تجاه المواطنين".
وأضافت:" القانون لا يفرق بين أي مواطن وأخر والجميع متساوي أمام القانون فمن باب أولي أن يكونوا أيضا متساويين في أقسام الشرطة".
لم تجد الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، غير عبارة " الكيل بمكيالين" لتصف بها تعاملات الأمن مع المواطنين في مصر، فالتعامل حسب قولها يتم وفقاً لسياسية "أنت مين، ولا ابن مين"، وهو ما ادي ألي نشر الفوضى والعشوائية في كل شئ، فالظلم وغياب العدالة بداية طريق المجتمعات المنهارة".
وقالت "عندما يخرج العيب من آهل النظام، الذين من المفترض فيهم أن يكونوا أكثر التزاما واتزانا في تصرفاتهم.. فقل علي المجتمع السلام".
وحذرت استاد علم الاجتماع بجامعة عين شمس من تنامي مشاعر الغضب التي تعترى الكثير من المواطنين الآن من أفعال رجال الشرطة. وقالت:" مشاعر الكراهية تتزايد بكثرة، مما ينذر بمواجهات دموية في المستقبل، مشيراً إلي أن بعض المواجهات بدأت الفعل من حالات تجمهر ومهاجمة بعض أقسام الشرطة، نتيجة لاختفاء عنصر الاحترام والثقة بين جميع الإطراف".
وحذرت استاد علم الاجتماع بجامعة عين شمس من تنامي مشاعر الغضب التي تعترى الكثير من المواطنين الآن من أفعال رجال الشرطة
ودعت مؤسسة الشرطة في مصر أن تعيد النظر في طرق التعامل مع عموم الشعب، لكي يحكم العلاقة الاحترام والتقدير لدور كل طرف بعيداً عن الامتهان، والحساس بالأفضلية والقوة والجبروت من بعض عناصر الشرطة".
ويتفق معها الدكتور سعيد عبدالله أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، في التحذير من خطورة المرحلة التي وصلت إليها العلاقة بين الشرطة والمواطنين، وقال:" أجيال الشباب لم ترى إلا صورة الشرطي المعتدي نتيجة لتكرار حوادث التعذيب والقتل التي قام بها رجال الشرطة، مما سيجعل أجيال المستقبل معقدة نفسياً من كل من يرتدي " البدلة" الميري لرجال الشرطة، التي تراهم اقرب لشخصية المعتدى ومن شخصية الحامي".
ويحلل الدكتور سعيد أسباب لجوء بعض رجال الشرطة لاستخدام العنف، فيقول:" بعض رجال الشرطة يرون أن استخدام القوة في التعامل هو الأسلوب الأمثل للحصول على اعترافات من المتهمين، ومن ثم يحصل على رضاء رؤسائه، وهذا يرسخ لديه اعتقاد بان هذه هي الطريق الأفضل للتعامل، لأنه لم يري أحد يلفت نظره أو يعاقبه عند استخدام القوة".
وطالب أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، بإخضاع أفراد الشرطة وكل من يدخلون كليه الشرطة لاختبارات نفسية دقيقة، وعلل ذلك بأن كل شخص لديه نقطة ضعيفة في تركيبته النفسية، والاختبار النفسي سيجعلنا نعرف، أي الشخصيات الأقرب لاستخدام العنف".
قصة "شهيد الطوارئ" ليست الأولي ونعلم انها ليست الأخيرة، وهناك عشرات الحالات من التعذيب والاعتداء على الحقوق المدنية لمواطنين أبرياء او حتى متهمين، رصد بعضها مركز "ماعت" للدراسات الحقوقية والدستورية. مثل قضية المواطن (ع.ع) 35 سنه، الذي تعرض للتعذيب داخل قسم الشرطة، ووصل الأمر الى وضع العصا مع كهربتها في مؤخرته لإجباره على الاعتراف بجرائم لم يقم بتنفيذها بحجة انه مسجل خطر، وهي جريمة تتكرر كثيراً مع المسجلين خطر، باعتبارهم اقرب الشخصيات المشتبه بهم حال اي وقوع اي جريمة بنفس طريقة عملهم.
ولم تغب عن ذاكرتنا الجريمة البشعة التي ارتكبها أمين شرطة عندما تعدي على فتاة فى الإسكندرية بالسيف على وجهها وجسدها عقابا له على تقديم بلاغ ضده. وذكرت المحني عليها( ر .أ) انهم ابلغوا قسم العامرية بما فعله امين الشرطة ( ه.خ) وأخوه الجزار من تشويه وضرب فرفض امين الشرطة الموجود في القسم اخذ أقوالنا لان الجاني زميله وقدم لهم محضرا جاهزا وأمرهم بالتوقيع عليه فلما اعترض زوج أختها رد امين الشرطة "عشان تحرم تتعرض لسيادة الأمين تانى ...".ولم يكتفي بسبه فانهال عليه بمساعدة عدد من المخبرين بالضرب، واكتشف وكيل نيابة العامرية عدم وجود اى اتهام فى المحضر لامين الشرطة واكتشف اختفاء التقرير الطبى الذى يثبت إصابات الفتاة بالسيف.
ولم تخلو أقاليم مصر الهادئة من مثل تلك الحوادث، فرائد الشرطة الشاب في دمياط وصلت به الجراء لهتك عرض مدرس لإجباره على الاعتراف بجريمة سرقة أجهزة كمبيوتر من مدرسة وقال الضحية في تحقيقات النيابة: فجئت بالشرطة تقتحم مركز الكمبيوتر الذى املكه وتفتش محتوياته ثم اقتادوني الى قسم الشرطة في راس البر، وبعدها قام ظابط الشرطة بمساعدة المخبرين بضربي وتقيدى، وقاموا بعدها بتجريدي من " بنطلوني" وعلقوني كما تعلق الذبحية.. وبعها هتكوا عرضي باستخدام عصا خشبية لاجبارى على الاعتراف بتهمة السرقة...
ولم ينجو ضباط الشرطة أنفسهم من التعذيب علي ايدي زملائهم، ففي الإسماعيلية قام اربع من رجال شرطة بالاعتداء اللفظي والجسدي على ضابط متقاعد برتبة عقيد أمام أولاده وزوجته. وعندما وصلت القضية لمحكمة جنايات الإسماعيلية قضت بسجن الجناة بعد إدانتهم باستخدام القسوة وإحداث عاهات مستديمة لضابط متقاعد.
على موقع " اليوتيوب"، ستجد بسهولة اكثر من فيديو لفتاة المنصورة التي تعرضت للتعذيب داخل احد الأقسام لكي تعترف بارتكاب جريمة خطف وسرقة ذهب من طفلة و قتلها وبعد مسلسل التعذيب الذي استمر ليلة باكلمها اعترفت الفتاة بالجريمة، الغريب ان رجال الشرطة الذين قاموا بتعذيبها وهتم عرضها قاموا بتصويرها باحد كاميرات "الموبايل"، وبطريقة او بآخري انتشر الفيديو، لينفضح أمرهم.
وهناك واقعة تعذيب أخرى داخل قسم شرطة السويس حيث اتهم احد المواطنين ضباط مباحث قسم عتاقة باحتجازه لمدة 5 ايام داخل دورة مياه القسم وهو مقيد اليدين والأرجل ومعصوب العينين، وذكر المتهم ان ضباط المباحث بالقسم قاموا بالتبول عليه وصعقة بالكهرباء و تهديده باغتصاب والدته وشقيقته البكر، وهددوه حسب قوله بتلفيق قضية الاعتداء علي مساعد الشرطة والذى تمت سرقة سلاحه الميرى.
ويوجد واقعة أخري راح ضحيتها مواطن على يد الشرطة بعد وصلة تعذيب طويلة فقد اقتحم اهل المجني عليه مشرحة المستشفى بعد رفض المستشفى إدخالهم المشرحة لرؤية ابنهم فوجدوا به اثار تعذيب من جروح وكدمات في مختلف إنحاء جسمه ودماء تسيل من انفه وقبل ان يتحركوا من المشرحة تم القبض على واقتادوه الى قسم مصر الجديدة وتعرض للتعذيب لرفضه تسلم جثة ابن اخيه على ان يكون سبب الوفاة هو تعاطى الحبوب المخدرة لكن العم وافق ووقع على محضر الاستلام من شدة التعذيب فاطلقت الشرطة سراحه وألقت القبض على شقيق المجني عليه الأكبر واجبروه على التوقيع على المحضر بنفس سبب الوفاة وتبدا
وقبل عام، تكررت قصة مشابهة لشاب الإسكندرية، عندما كان احد الشباب برفقه أصدقائه خارجين من احد النوادي الرياضية، فتم إيقافه وطلب بطاقته الشخصية وموقفه من التجنيد، وعندما اعترض على الأسلوب الذي تعاملوا به معه، قام احد الأمناء بضربه على وجه، فما كان منه الا ان اشتبك معه، وتم سحبه بعد ذلك لقسم الشرطة، لكي ينال درساً في التأديب، كانت نتيجته حياته.
وعندما علم أهله بوفاته، ووجود اثار التعذيب على جسده في المشرحة، تم القبض علي أخيه وعمه لإرغامهم علي التوقيع علي محضر يفيد بأنه توفى اثر جرعه مخدر زادة، وبالفعل وقعوا بعد إرغامهم، ولكن النيابة علمت بالواقعة، وتم التحقيق فيها.
لمعلوماتك:
- تنص المادة 126 من قانون العقوبات على معاقبة المواطنين أو العاملين بالوظائف العامة الذين يرتكبون أعمال التعذيب أو يأمرون بارتكابها. وتعريف التعذيب في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب يشمل كافة المواقف التي يلحق فيها الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو اى شخص أخر يتصرف بصفته الرسمية.
- تنص المادة 129 من قانون العقوبات أيضا على أن أي مسئول عامل أي شخص بقسوة بما في ذلك الأذى البدني أو التعدي على الكرامة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز 200 جنيه وتنص المادتان 63 و232 (2) من قانون الإجراءات الجنائية على تخويل جهاز النائب العام السلطة الحصرية للتحقيق في ادعاءات التعذيب و سوء المعاملة حتى في عدم وجود شكوى رسمية، وتوجيه الاتهام لضباط الشرطة و مباحث أمن الدولة و الطعن في الأحكام القضائية.