الثورة مع الفوضى

كمال غبريال في الثلاثاء ١٦ - أبريل - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

تشترك "الثورة" مع "الفوضى" في أن كليهما قلب للأوضاع القائمة، لكن الفرق بينهما أن للثورة أهدافاً محددة تحاول قدر الإمكان السير باتجاهها، والفوضى حركة عنيفة في كل الاتجاهات، والحقيقة أن هبَّة 25 يناير تحمل القليل من مقومات الثورة، والكثير من ملامح الفوضى.
• أغلب رجال مبارك كانوا أصحاب جدارة، والبعض منهم كان فاسداً، وآخرون كانوا رجالاً شرفاء، لكن البعض الفاسد تخرج منه روائح كريهة تزكم الأنوف، فيما الشرفاء يعملون في صمت وتجاهل. . الآن انعدمت الجدارة، ولم يتبق سوى الجهل والفساد، لنشتم رائحة الموت والخراب. . أعيب على الفريق/ أحمد شفيق استعداده للتحالف مع أمثال حمدين وعمرو حمزاوي ووحيد عبد المجيد وسائر الراقصين على كل الحبال، فهؤلاء لا نفع ولا جدوى منهم تحت أي مبررات!!

نقول كمان: لا أكاد أعرف لمبارك خطيئة ينفرد بها غير محاولته توريثنا لابنه، وما خلا ذلك من خطايا نحن كشعب لنا الضلع الأكبر بها، حاكم يقود شعباً فاشلاً فاسداً، ولم تتوفر له المقدرة أو الرغبة في استنهاض القوى القادرة على إحداث تغيير حقيقي في ثقافة هذا الشعب وسلوكياته. . تلفيق القضايا لمبارك لا تجعله "يصعب علي"، لكن ما يعز علي أن العالم الذي احترمنا وقت الثورة ينظر إلى الثورة الآن باحتقار!!
• خطورة أفكار كل من حمدين الصباحي وخالد علي ومن ينهج نهجهما لا تقل كثيراً عن خطورة الإخوان على مستقبل مصر، ولعلني أتمنى عدم سقوط الإخوان قبل انصراف الناس عن ترديد أفكار هؤلاء، حتى لا نخرج من حفرة لنذهب لمصيبة. . لا يحدثني أحد عن ضرورة وحدة صفوف المعارضة الآن، ولندع التفاعلات الفكرية والمجتمعية تأخذ مجراها، فلن يسقط الإخوان قريباً، ولدينا من الوقت ما يجب علينا استغلاله لحرق النفايات والأشواك التي تراكمت وترعرت من طول الانكفاء. . هو موسم التطهر لنخرج لصباح جديد مختلف تماماً عن كل ما كان.
تعبت من الكلام لكن نقول كمان: "الانحياز للفقراء" قد يعني الانحياز للمقاطيع وتنابلة السلطان، وهذا يتأتى حقيقة بإعادة تأهيلهم نفسياً ومهارياً ليتحولوا إلى أيدي عاملة ماهرة مستعدة لبذل الجهد والعرق من أجل حياة أفضل، وقد يعني الانحياز للكادحين من محدودي الدخل مقارنة بمستوى الأسعار لسائر مقومات الحياة، هؤلاء يتحقق الانحياز لهم برفع إنتاجيتهم وبتقاضيهم الأجر المتناسب مع عملهم لا أكثر ولا أقل، وفي الحالتين لا يكون هذا الانحياز ذا جدوى ومردود إيجابي حقيقي إلا بالانحياز للرجال القادرين على خلق فرص عمل للملايين، وليس باعتبار رجال الأعمال كما لدى دراويش اليسار أعداء للشعب وسارقين لقوته. . ياريت نفهم!!
إصرارنا على أن العالم الحر يتآمر علينا ليضعفنا، يعني أننا نرى أننا خطر عليه، وعندما نكون خطراً عليه فهذا يعني أننا خطر على الحضارة التي يمثلها، وإذا كان ذلك كذلك، فإن أي متحضر لابد وأن يأخذ صف الحضارة ضد الهمج والبرابرة.
• شهادة براءة مبارك كتبها مرسي وجماعته بدماء عشرات الشباب الثائر الذين تم اغتيالهم بدم بارد، وبقصف الكاتدرائية بالخرطوش والقنابل المسيلة للدموع. . طلب الحماية الدولية للأقليات يعني ضغط المجتمع الدولي على النظم الفاشية لتقوم بواجبها لحماية الأقليات من مواطنيها، ولا يصل الأمر لتدخل عسكري دولي لحماية الأقليات إلا إذا قامت مذابح تطهير عرقي واضحة وأكيدة، ومن يصل ببلاده إلى هذه الحالة هو المجرم الذي ينبغي استئصاله، وليس من قد يستجير طلباً للحماية. . واضح؟!!. . قصة قصيرة: ذات مساء حالك السواد انعقد مجلس القبيلة لأهل القتل والإرهاب، لمناقشة إشاعه وصول صراخ وأنين ضحايا الإرهاب إلى خارج القبيلة، مما يقد يدفع قبائل عدوة للمجيء تحت مسمى إنقاذ هؤلاء الضحايا، وقد استقر الرأي على ضرورة تكميم أفواه الذباح قبل عمليات الذبح والسلخ، حتى لا يتكرر وصول صراخها إلى مسامع الغرباء. . قتلوا د. فرج فودة وتحولت محاكمة قاتله لمحاكمة الذبيحة التي نحروها، والآن يقتلون الأقباط ويهددون نشطاءهم إذا وصل صراخهم إلى من قد يستطيع الحيلولة بين سيوف المجاهدين ورقاب الذبائح!!. . مسألة الرهائن الأقباط الذين توجه إليهم تهم بعد كل اعتداء طائفي، فيذهب الأقباط صاغرين للصلح حلها بسيط، مرة واحدة يسترجلوا ويستمروا في الإجراءات القانونية، وهيطلع المظلومين براءة بعد كام أسبوع أو حتى كام شهر، بعدها سيحسب الغوغاء ومحرضوهم ألف حساب قبل القيام بغزواتهم، فحتى الآن القضاء المصري مازال قادراً على التزام العدالة وسيادة القانون. . ونجرب ونشوف!!
• اشترك عبد الناصر والسادات ومبارك في أنهم كانوا رؤساء لجمهورية مصر، لكن عبد الناصر كان أيضاً زعيماً جماهيرياً استطاع دغدغة عواطف الجماهير فكسب قلبها وخدر عقولها، وحاول السادات أن يكون زعيماً جماهيرياً ففشل، وانقلب عليه وقتله من لجأ إليهم ليكونوا ظهيراً جماهيرياً له، أما مبارك فلم يحاول أن يصل إلى زعامة لم يكن يمتلك مقوماتها، وبقي في حدود الحاكم أو القبطان الذي يبحر بسفينته في المسالك التي لا تعرضها للغرق أو التحطم في صخور الواقع، ما قد أدى به إلى ضياع الهدف، ونسيان أنه ينبغي أن يكون للسفينة ميناء وصول، فكان ما كان من "تمرد على ظهر السفينة مصر"، ومازال التمرد والشجار مستمراً، ومازالت السفينة تترنح وحتى إشعار آخر.
• قرض صندوق النقد الدولي ضروري لإصلاح الاقتصاد المصري بذات قدر ضرورة الإطاحة بالوزارة الحالية، وتشكيل وزارة تكنوقراط مقطوعة الصلة بالإخوان واليساريين، مع التزام الجميع بمن فيهم الحرافيش والمهيجين ودراويش الأيديولوجيات بتأييد خطوات الوزارة لتعويم السفينة، ذلك قبل أن نصل لنقطة لا ينفع فيها ندم.
• الغباء لا دين له، فكما أن هناك أغبياء من الأقباط يتصورون نقدي لرجال الكنيسة عداء لها وللأقباط، فهناك جرائد مهووسة دينياً تتصورني كذلك، وتطلب مني أحاديث صفحية لتحقيقاتها المأفونة. . هذا هو قدر الناقد في شعب يعتبر النقد عداء وكراهية بل وخيانة!!

اجمالي القراءات 9165